عوائق تعليم الفتاة اليمنية مستمرة من الماضي إلى الحاضر
صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ
سلمى أحمد من أسرة تعصف بها ظروف مادية عصيبة، لديها أربعة إخوة (أختين وأخوين) تشهد لها معلماتها بالذكاء والتميز في دراستها، أكملت دراستها الثانوية وهي تحمل أمل الالتحاق بالجامعة قسم اللّغة الإنجليزية بجامعة الحديدة قبل اندلاع الصراع.
تقول سلمى: “تخرجت من الثانوية العامة على واقع مرير، كان أبي قد فقد مصدر دخله؛ بسبب وصول المعارك إلى نفس المكان الذي يعمل فيه، فاضطررت إلى السفر مع أمي وأشقائي إلى قريتنا في مديرية زبيد، وبقينا مدة تُقدر ما بين عام ونصف إلى عامين”.
عادت سلمى وجميع أفراد الأسرة إلى المدينة يبحثون عن منزلًا للإيجار وعن حياة جديدة في ظل استمرار الصراع، بعد أن فقدت الأسرة الحياة التي كانت تنعم بها قبله. عمل والدها الذي يمتهن هندسة المولدات بالأجر اليومي تارة، وفي العمل الحر تارة أخرى،.
تضيف سلمى وهي تتحدث عن صعوبة الالتحاق بالجامعة: “لم نتمكن أنا وأختي من مواصلة التعليم الأكاديمي؛ بسبب الظروف التي نعيش بها، فأبي يجد صعوبة في توفير كل الوجبات اليومية لنا، مما جعلنا نمحو فكرة الذهاب إلى الجامعة من أذهاننا، تزوجت أختي فور تخرجها من الثانوية، أما أنا فبقيت في البيت أعين أمي في العمل ومراجعة دروس إخوتي وواجباتهم المدرسية”.
تحديات تعليم المرأة
أشار تقرير لمؤسسة زدني للتعليم وهي(شبكة تربوية عربيّة تهتم بالتعليم في العالم العربي وتهدف إلى تطويره) بعنوان: “معوقات تعليم الفتاة في اليمن وأثرها على الأسرة والمجتمع”، والذي نشر بتاريخ2021/9/6 إلى أنَّ معوقات تعليم الفتاة في اليمن تتمثل في عدة عوامل منها: النظرة السائدة للمهمة الأساسية للإناث في المناطق الريفية، الزواج المبكر، الاختلاط، الفقر، الركود الاقتصادي، وغلاء المعيشة، الصراع والنزوح، قلة عدد مدارس البنات وبعدها عن القرى والأحياء السكنية، نقص عدد المعلمات، اليأس من الحصول على وظيفة حكومية، التحرش والاختطاف.
الزواج المبكر
ذكر تقرير تقرير لمنظمة اليونسيف ، بعنوان(معلمات المدارس الريفية في اليمن يُشجّعن الفتيات الصغيرات على تلقي التعليم)، المنشور بـ 15 نوفمبر 2021م: “زواج الفتيات اليافعات سببٌ آخر لعدم التحاق العديد من الفتيات اليمنيات بالتعليم أو إتمام تعليمهن الدراسي؛ إذ يتزوج ما يزيد عن ثلثي الفتيات في اليمن قبل بلوغهن الـ18 عامًا. تجبر الفتيات على الزواج المبكر، وبعدها يعلقن في دوامة الفقر وشحة الإمكانيات”.
حسب مراقبين محليين، يعد الزواج المبكر من التحديات التي تعيق التحاق الفتيات بالعملية التعليمية في اليمن، وهناك العديد من العوامل التي ساهمت في توسع هذه الظاهرة داخل البلاد، أرجعها الدكتور محمد كافي(أستاذ الاتصال السياسي بكلية الإعلام) إلى مجموعة من الأمور، هي: العرف، العادات والتقاليد، زواج البدل، وغياب القوانين الرادعة.
فجوة التعليم في المناطق الريفية
يعيش أحمد ابراهيم -55عامًا- في إحدى المناطق الريفية المجاورة لإحدى المديريات في محافظة الحديدة، وهو أب لثمانية أبناء، ويقول في حديثه عن التحديات التي تمنع الفتيات من الالتحاق بالتعليم: “في قريتي لا توجد مدرسة لجميع المراحل الدراسية، الموجود فقط إلى الصف السادس الابتدائي، بعد هذه المرحلة الدراسية تنزح الفتيات للتعليم، فأخرجنا بناتنا؛ لأنَّنا لا نملك إمكانيات تسمح بإيصالهن للتعليم في المدينة أو منطقه أخرى غير القرية، لا سيما وأنَّهن سوف يحتجن لسكن خاص بهن أو مع فتيات موثوقات، وهذا عكس الفتيان الذين يذهبون إلى المدينة، ويبقون عند الأقارب أو عند أصدقائهم”.
جاء في تقرير البنك الدولي بعنوان “إزالة الحواجز أمام تعليم الفتيات في اليمن” المنشور في منتصف شهر أبريل 2013م: “في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات إكمال الفتيات للتعليم الابتدائي من 33% في العام الدراسي 1999/2000م إلى 53% في العام 2010/2011م فإنَّ المعدلات المقابلة للأولاد لا تزال أعلى بواقع 20%على الأقل؛ حيث تبلغ من 73 – 77%، وذلك منذ العام الدراسي 1999/2000م وحتى الآن، تتجلى هذه الفجوة أكثر في المناطق الريفية، وتزداد سوءًا بالنسبة للفتيات على مستوى التعليم الثانوي”.
تقليص المساحة المحددة لتعليم الفتيات
ذكرت دراسة حملت عنوان “مراحل حياة المرأة اليمنية” لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، نشرت في20 أبريل2021 م مجموعة من العوامل التي أثرت سلبًا في حصول الفتيات على التعليم، ومن تلك العوامل: زواج الأطفال، وتفضيل تعليم الفتيان، وتقليص المساحة المحددة لتعليم الفتيات في مناطق المحافظات، وارتفاع نسبة العنف القائم على النوع الاجتماعي في المدارس.
وجاء في الدراسة عوامل أخرى ساهمت في تقليص فرص الفتيات في التعليم: “تكلفة أعلى للتعليم وتطبيق أكثر للزي المدرسي للفتيات، الأعمال المنزلية التي تقوم بها الفتيات إلى جانب الدراسة، ومستويات الأمن والسلامة للفتيات في المناطق المتضررة من الصراعات والتي تكون فيها المدارس بعيدة عن القرى والمساكن”.
مسؤول تربوي -فضّل عدم ذكر اسمه- أوضح أنَّ الأسباب والتحديات التي تحول دون التحاق الفتيات بالتعليم تزاحمت بعد الصراع، ومن أهم تلك التحديات: الوضع الاقتصادي المتدهور، الوضع الاجتماعي أو(الحالة الاجتماعية)، الوضع الأمني والذي ينعكس على الوضع النفسي (الحالة النفسية).
ترى إلهام أبوبكر (الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة في قسم الفنون الإذاعية والتلفزيونية بجامعة الحديدة) أنَّ من التحديات التي تحول دون تعليم الفتيات في اليمن: تدني مستوى الوعي بأهمية تعليم الفتاة، والانصياع للعادات والتقاليد التي تحمل أفكاراً سلبية تشجع على حرمان الفتيات من التعليم وتلزمهن بالبقاء في المنازل وممارسة الأعمال المنزلية، مضيفة أنَّ المجتمع الريفي بحاجة إلى حملات توعية تستخدم كافة الأساليب المتاحة؛ للتوعية بضرورة دفع الفتيات للتعليم وحصولهن على هذا الحق.
الفـــــقــر
بينما تقول معلمة -طلبت عدم ذكر اسمها- أنَّ من ضمن التحديات: الفقر والعوز وعدم وجود دخل كافٍ للأسرة، كذلك موت رب الأسرة وخروج الفتاة للعمل، أيضاً الزواج المبكر، والعادات الاجتماعية ففي بعض الأماكن من المعيب دخول الفتاة المدرسة، وتضيف في حديثها: “هدم المدارس، وعدم الشعور بالأمان جراء الصراع، والتمييز بين الأنثى والذكر، وجهل الأسرة بأهمية تعليم الفتاة”.
من جانبها تقول فردوس بازبيدي (مدير إدارة تنمية المستفيدين بصندوق الرعاية الاجتماعية) أنَّ هناك الكثير من التحديات والتي تختلف حسب طبيعة المكان، حيث نجد أنَّ التحديات في المناطق الريفية تختلف عن التحديات في المدن، وقد تكون هناك تحديات مشتركة.
تواصل حديثها بالقول: “التحديات التي تحول دون التحاق الفتيات بالتعليم كثيرة منها: الأوضاع المادية الصعبة التي يعيشها المواطنون والتي جعلتهم يعجزون عن السماح لبناتهم بإكمال التعليم، ويفضلون تزويجهن؛ حتى تقل المصاريف، وبالتالي أصبحت الفتاة تتزوج مبكرًا ولا تكمل تعليمها”.
تشير بازبيدي في حديثها إلى تحديات أخرى تواجه الفتيات في الريف وتحول دون إكمال تعليمهن، مثل عدم وجود كادر نسائي في المدارس. مؤكدة أنَّ الفتاة في المناطق الريفية تمارس بعض المهام التي تحول بينها وبين التعليم، حيث يقع على عاتقها جلب الماء والاحتطاب وغيره من الأعمال والأنشطة.
خصخصة التعليم
فيما ترى حنان المقطري (إحدى المعلمات) أنَّ التحديات تعاظمت بفعل الصراع، وباتت الفتاة محرومة من إكمال تعليمها أو عاجزة عن الالتحاق به، وأنَّ خصخصة التعليم أقوى تحدٍ يواجه التعليم سواء للمرأة أو الرجل.
تقول المقطري: “اليوم بسبب الصراع والخصخصة؛ أصبح الشباب عاجزين عن التعليم، إذ أصبحت الجامعات تسجل طلابها في نظام التعليم الموازيِ بالدولار، حتى المدارس أصبحت في حالة إضراب وفوضى؛ بسبب انقطاع الرواتب والعلاوات”.
وخلصت الآراء -حول التحديات- باتفاق الكثير من المعلمين والناشطين، الذين أُخذ رأيهم حول التحديات التي تعرقل التحاق الفتيات بالتعليم، على أنَّ الفقر من أهم التحديات إضافة إلى الزواج المبكر الذي تقرره الأسرة بغرض الستر والبحث عن من يعول الفتاة، بينما آخرون رأوا التحديات تتمثل في عدم الوعي بضرورة تعليم الفتيات وخطر الجهل والأمية على حياتهن ومستقبلهن.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…