الزواج المبكر .. وملامح العمل للتعامل مع الظاهرة
صوت الأمل – فاطمة مشهور (رئيسة دائرة الدراسات والبحوث في اتحاد نساء اليمن)
تعد ظاهرة الزواج المبكر إحدى الظواهر الاجتماعية التي لها أبعادها الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، وتشكلها منظومة الثقافات المحلية الفرعية، ويعززها الموروث الاجتماعي الثقافي الشعبي، الذي يتجلى في الأمثلة الشعبية المتداولة لدى الناس في المجتمعات الريفية، وبين أوساط النساء والرجال الذين يعانون الأمية والجهل، ومن تلك الأمثلة التي كان يتداولها هؤلاء الناس: “زوِّج بنت الثمان وعلي الضمان”
هذه الظاهرة التي تتمدد ويتسع حجمها، ولم تعد قاصرة على الريف والمناطق النائية فحسب، بل إنِّ الأوضاع الاقتصادية المتردية، واتساع دائرة الفقر بين الأسر –لا سيما تلك الأسر التي تعيش حالة الفقر المدقع أو تحت خط الفقرـ أدت إلى انتشارها حتى في المدينة، حيث يمثل تعرض الأطفال –خاصة- الفتيات الصغيرات لهذه الظاهرة مشكلة كبيرة تؤرق المجتمع والتي اضطرت لها هذه الأسر التي تواجه حالة الجوع المدقع في ظل انعدام مصادر الدخل.
كما يتزايد حجم الظاهرة لدى الأسر التي تعاني من الجهل والأمية، والذين يريدون التخلص من عبء الإنفاق على أطفالهم ومنهم الفتيات في هذه المرحلة العمرية المبكرة؛ فقد صارت العناية بهن أمرًا صعباً يخرج عن نطاق قدرتهم على الرعاية، وعجزهم عن الاهتمام بتلبية احتياجاتهن وحقوقهن الإنسانية الأساسية كحقهن في الالتحاق بالمؤسسات التربوية التعليمية، ناهيك عن عدم قدرة الأسر على توفير الرعاية الصحية والغذائية وغيرها، وتأمين أبسطها وتدل الشواهد والحقائق والدراسات الاجتماعية والاقتصادية على ذلك.
إنَّ ظاهرة الزواج المبكر تتسع اليوم وتتعدد وتتنوع أسبابها، ولعل السببين الاقتصادي والاجتماعي، هما الأكثر بروزًا وتأثيرًا ويطغيان على الأسباب الأخرى –لا سيما- بعد تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية وارتفاع حالات الطلاق التي تؤدي إلى حالة من التصدع الأسري، إذ يصبح زواج الفتيات الصغيرات بالنسبة لهؤلاء الأزواج (الآباء والأمهات) -في ظل هذه الظروف- مخرجًا لمواجهة جزء من مشكلاتهما الأسرية المعقدة.
وتولي الكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية اهتمامًا واضحًا؛ للتعامل مع ظاهرة الزواج المبكر بالتعاطي مع الأوضاع التي تعيشها الأسرة اليمنية في ظل تزايد ظاهرة الفقر واتساع رقعته، وبعد أن وصلت نسبتها إلى ما يقارب الــ 70% لأولئك الذين يواجهون المخاطر الناجمة عن تعرضهم للفقر-خاصة- في المناطق الريفية والنائية حيث يكون عدد أفراد الأسرة كبيرًا.
لذلك جعلت عدد من هذه المنظمات من أولوياتها دعم احتياجات الفتيات القاصرات (صغيرات السن اللاتي يتم تزويجهن مبكراً) بتوفير مخطط عمل لها؛ للدفع بمثل تلك المسائل، وصاغت العديد من البرامج والمشروعات الاستراتيجية بعد أن قامت بتحليل وتشخيص العوامل المحيطة بهذه الأسر التي خضعت لضغوط، وشرعت إلى اتخاذ سياسات وإجراءات وتدابير داعمة لأي توجهات تعزز من قدراتها على التعامل مع ظاهرة الزواج المبكر.
وكما أنَّ البعض منها خطا خطوات متقدمة بعد وضع خطط استراتيجية، وتنفيذ وتقييم تلك الخطط ومراقبة أدائها فيما يخص هذه المشروعات، وحددت أبرز الأنشطة التي يجب أن تحتويها تلك المشروعات المنتجة نحو تطوير بنائها المؤسسي، وبناء قدرات كوادرها الذين يتعاملون مع هذه الظاهرة، ووفرت أرضية ملائمة لحشد وتعبئة الموارد المالية والمادية والفنية الكافية.
والبعض الآخر اتجه نحو وضع مشروعات قوانين لحماية الفتيات القاصرات اللاتي تم إجبارهن على الزواج، ووفرت الإمكانات المالية لدعم هؤلاء الفتيات في ساحات المحاكم والقضاء، ممن واجهن مشكلات زوجية بعد زواجهن وتعرضن لأقصى صور العنف، ومنهن من لجأت إلى تنفيذ برامج وحلقات للتوعية والتثقيف الأسري والاجتماعي، علاوة على توفير الدعم المالي، والغذائي والمساعدات النقدية لأسر هؤلاء الفتيات؛ لتمكينهن من الالتحاق بالمدارس، والحول دون تزويجهن، مع الأخذ بالاهتمام توجيه هذه المساعدات وتوزيعها وفقًا لاحتياجات الأسر الأشد فقرًا، وبهذا تكون تلك الخدمات قد توزعت بناء على دراسات نوعية شملت الأسر الأكثر فقرًا؛ لاحتواء هذه الظاهرة والحد من تفاقمها وما تزال تلك الجهود تتوالى.
الفتيات اليمنيات أكثر عرضة لخطر الزواج المبكر من الفتيان
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجرته (وحدة المعلومات واستطلاع الرأي) …