زواج القاصرات.. ظاهرة من الماضي تعايش الحاضر لتهدد المستقبل
صوت الأمل – أحمد عُمر
غياب الرادع القانوني والوعي المجتمعي، سمح لظاهرة الزواج المبكر أو ما يُعرف بزواج القاصرات أن يستفحل في أوساط المجتمع اليمني بشكل كبير خلال عقود من الزمن، مع عدم مراعاة المخاطر الناتجة عنه على مستوى الفرد أو المجتمع.
يوضح مواطنون أنَّ القانون اليمني لم يجرؤ على تحديد سن معين لتزويج الفتاة، بل ترك الباب مفتوحًا على مصراعيه دون رقابة أو محاسبة تُذكر.
ظاهرة الزواج المبكر
عرَّفت منظمة الأمومة والطفولة “اليونيسف” الزواج المبكر بأنَّه زواج الأطفال بشكل رسمي أو ارتباط غير رسمي بين طفلٍ تحت سن الـ 18 عاماً وشخص بالغ أو طفل آخر من نفس العمر.
من جهتها عرَّفت علياء الحامدي(مسؤولة الدائرة القانونية في اتحاد نساء اليمن بساحل حضرموت) لـ”صوت الأمل” الزواج المبكر بأنَّه تزويج البنات والأولاد في سن مبكر قبل بلوغهم سن الـ 18 سنة؛ مما يسبب أضراراً صحية جسيمة على الضحية بشكل خاص، وأضراراً اجتماعية على الأسرة والمجتمع بشكل عام.
خلفية عن الزواج المبكر في اليمن
أقر البرلمان اليمني عام 2009م تحديد سن زواج الفتاة بـ17 عاماً، وقضى التعديل القانوني الذي أقره البرلمان بعقوبة الحبس بما لا تزيد على سنة، أو بغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال -آنذاك- بحق كل شخص خوله القانون سلطة عقد الزواج، وخالف الشرط الجديد.
وأوضحت راوية فؤاد بن هبش (محامية) في تصريح خاص لـ “صوت الأمل” أنَّ أسباب انتشار ظاهرة الزواج المبكر بشكل كبير في اليمن؛ يعود لعوامل كثيرة أبرزها النزاعات المشتعلة في البلاد، وأيضًا الفقر والوضع الاقتصادي المتدهور للأسر والعادات والتقاليد في الأرياف –تحديدًا-.
إحصائيات متتالية عن الظاهرة
ذكر تقرير للمركز الدولي للدراسات نشره موقع “مصر360” -في 22 سبتمبر عام 2020م- أنَّ اليمن احتلت المرتبة 13 من بين أسوأ 20 دولة في زواج القاصرات، وتصل نسبة الفتيات اللاتي يتزوجن دون الثامنة عشرة 48 .4%، بجانب الفجوة العمرية بين الزوجة وزوجها.
وتشكل نسبة زواج القاصرات نحو 21% من عدد الفتيات حول العالم، إذ تتزوج سنويًا 12 مليون فتاة دون سن الـ18 سنة، وفقًا لإحصائية صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في 11 فبراير 2019م.
وتصف “اليونيسف” أي زواج يحصل قبل سن الـ18 بأنَّه انتهاك لحقوق الإنسان، وحذرت المنظمة في بيانها من أنَّ أكثر من 150 مليون فتاة أخرى سيتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة بحلول عام 2030م، في حال عدم الإسراع بمعالجة هذه الظاهرة، وتمثل اليمن واحدة من البلدان العربية، التي ينتشر فيها زواج القاصرات على نطاق واسع.
ووفقاً لبيانات صدرت عن الأمم المتحدة والحكومة اليمنية عام 2011م، فإنَّ هناك نحو 14% من الفتيات اليمنيات يتزوجن وهن دون سن الـ 15 عاماً، بينما يتزوج 52 % منهن وعمرهن 18 عامًا، وتوضح البيانات الرسمية أنَّ اليمن تشهد ثمان حالات وفاة يومياً لقاصرات؛ بسبب الزواج المبكر والحمل والولاد.
ورصدت دراسة أعدَّها مركز الرصد والحماية في منظمة سياج اليمنية للطفولة في تقريرها عام 2009م، أنَّ ما لا يقل عن 60% من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة سنة، في حين تتزوج أخريات بنسبة تتراوح ما بين 30% و40% قبل بلوغهن سن الـ 15 عاماً.
وذكرت الدراسة نسب المناطق التي يكثر فيها زواج القاصرات، فهي تتفاوت من منطقة إلى أخرى، وتنتشر بشكل أكبر في المناطق الريفية، التي ينتمي إليها نحو 70% من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية، البالغ نحو 24 مليون نسمة غالبيتهم من فئة الإناث.
وفي ذات السياق أعد مركز دراسات المرأة والتنمية في جامعة صنعاء دراسة ميدانية لعام 2000م، تثبت أنَّ 52% من الإناث يتزوجن قبل سن الـ15، وأظهر المسح القاعدي أنَّ 24.6% من النساء الريفيات في اليمن تزوجن بين سن الـ10 والـ14 عامًا.
ظاهرة الزواج المبكر بين الماضي والحاضر
توضح المحامية “بن هبش” لصحيفة “صوت الأمل” أنَّ في السبعينات من القرن الماضي كانت هناك نصف مادة في القانون اليمني تحدد سن زواج الفتيات بـ 15عامًا، لكنَّ هذه المادة عُدِّلت عام 2000م؛ لتجعل سن الزواج مطلقاً، وفي الوقت الحاضر وبعد الصراع، انتشرت ظاهرة الزواج المبكر على الرغم من وجود حملات للتوعية بأضرارها ومخاطرها، ولكنَّ هذا لم يحد منها وإنما ساهم بجزء صغير في ذلك، فهي ما زالت منتشرة بشكل كبير في الأرياف اليمنية.
وتسرد علياء الحامدي (مسؤولة الدائرة القانونية في اتحاد نساء اليمن بساحل حضرموت)، جملة من الأسباب التي ساهمت في انتشار ظاهرة الزواج المبكر في الفترة الحالية، أهمها الصراعات المشتعلة منذ ثمان سنوات فقد نتج عنها وضع اقتصادي سيئ؛ جعل الأسر تعمل على تزويج بناتها؛ حتى تتخلص من مسؤولياتها تجاههن والمتمثلة في التعليم واحتياجات الفتاة الخاصة، وشددت أنَّ الأعراف والتقاليد في اليمن أخذت الحيز الأكبر في تشجيع زواج الصغيرات.
وتفيد بيانات أعدتها الشبكة اليمنية لمناهضة العنف ضد المرأة “شيماء” عام 2007م، أنَّ 24 % من الفتيات و5% من الأولاد يتم تزويجهم وأعمارهم ما بين الـ (15-19) سنة مما يؤدي إلى تسرب ما لا يقل عن 47% منهم من التعليم وإنَّ مؤشرات التنمية الألفية في اليمن تشير إلى أنَّ نسبة الأمية بين الشباب في الفئة العمرية ما بين الـ(15-24) قد بلغت 32.2 %، فيما تبلغ نسبة الأمية بين النساء 67%.
مما سبق، يتبين أنَّ العوامل الاقتصادية والصراعات المحلية، إضافة إلى التمسك بالعادات والتقاليد المتوارثة منذ عقود من الزمن، كل ذلك ساعد على استمرار انتشار ظاهرة الزواج المبكر في عموم المحافظات اليمنية جيلًا بعد جيل.
الفتيات اليمنيات أكثر عرضة لخطر الزواج المبكر من الفتيان
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجرته (وحدة المعلومات واستطلاع الرأي) …