دور الإعلام التوعوي للحد من زواج القاصرات يتصادم مع العادات والتقاليد المجتمعية
صوت الأمل – أحمد عُمر
ينظر إلى المؤسسات الإعلامية -بجميع أنواعها- نظرة إيجابية؛ لدورها المؤثر في رفع مستوى الوعي الثقافي وخلق رأي عام لدى المجتمعات في دول العالم، من خلال التوعية بالمخاطر التي تحدق بالشعوب. وعلى الرغم من أن ظاهرة الزواج المبكر تعد معضلة شائكة منذ زمن بعيد، فإن وسائل الإعلام لم تتمكن من إحداث تغيير إيجابي ملموس يحد من الظاهرة حسب أقوال بعض المثقفين. ويضيفون أنه لم تحظَ برامج مكافحة الزواج المبكر وغيرها من البرامج التوعوية والتثقيفية باهتمام كافٍ من وسائل الإعلام في التوقيت الحالي، وسط تصادم مستمر بين المؤسسات الإعلامية حول الصراع السياسي في البلاد.
دور الصحفيين في الحد من ظاهرة زواج القاصرات
يرى الصحفي محمد حقص أن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، ومنها ضرورة الزواج المبكر للنساء لضمان حفظها من الفتن، يتعارض كليًا مع الخطاب الإعلامي عن هذه الظاهرة، وقد ينتج عنه تصادمًا مع المجتمع المحلي المتمسك بتلك العادات.
وفي تصريح خاص أدلى به حقص لصحيفة “صوت الأمل” تطرق إلى مخاطر الزواج المبكر والآثار الصحية والنفسية على النساء اللائي يُجبرن على الزواج في سن مبكرة، مشددًا على تفعيل برامج تلفزيونية أكثر فاعلية، وتنفيذ حملات مناصرة توعوية في وسائل التواصل؛ للحد من انتشار الظاهرة، وقال: “يكمن دور الصحفيين في تغطية هذا الحملات التي تتناول ظاهرة الزواج المبكر في عمل التقارير الإخبارية التلفزيونية والصحفية وتعميمها على كافة الوسائل الإعلامية”.
وفي ذات السياق أكدت الكاتبة الصحفية والناشطة في حقوق المرأة دينا عبولان أن الإعلام بحذ ذاته توعية وتوجيه، ويحمل رسالة سامية إلى المجتمع، وعليه أن يلعب دورًا فاعلاً، من خلال الفنون الصحفية المختلفة؛ للحد من هذه الظاهرة التي تتفشى من فترة لأخرى ومن مجتمع لآخر.
في المقابل أشارت الصحفية سميرة باضاوي لـ”صوت الأمل” أن المؤسسات الإعلامية لم يكن لها دور قوي في تغطية بعض القضايا الاجتماعية؛ حيث لم تنلْ قضايا زواج القاصرات على تغطية إعلامية كافية، وإنما تُتناولُ القضية في شكل مناقشات جماعية عابرة.
ووصفت باضاوي أن التوعية عن أخطار هذه الظاهرة تشكل صعوبة كبيرة؛ كون العديد من الأسر تعتقد أن هذا الأمر يرجع إلى العادات والتقاليد، وأن التمسك بها أمر في غاية الأهمية.
التطرق الإعلامي لزواج القاصرات في اليمن
شاركت الصحفية باضاوي في عام 2019م عبر فيديو توعوي عن زواج القاصرات يحكي واقعًا مؤلمًا لقصة فتاة قاصر انتهت قصتها بالشلل. ونوهت الصحفية أن القصة مستوحاة من الواقع، ونُشر هذا الفيديو في العديد من منصات التواصل الاجتماعي بغرض التوعية.
وشارك اتحاد نساء اليمن -فرع حضرموت- في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة عام 2021م في “حملة ١٦يوم لمناهضة العنف ضد المرأة”. تطرقت مشاركة الاتحاد في الحملة إلى توعية بعض ساكني المناطق التي ترتفع فيها نِسَبُ الزواج المبكر كالأرياف.
أما برنامج “الأيادي الناعمة”، الذي عرض على قناة “الغد المشرق” عام 2019، فقد قدم حلقةً عن زواج القاصرات، واستضاف فيها أمًا لإحدى ضحايا الظاهرة، وتناول مخاطره الكارثية على الفتاة اليمنية.
وناقش تلفزيون “العربي” عبر تحقيق استقصائي في العام الماضي الآثار والمآسي التي تلحق بالفتيات في اليمن نتيجة الزواج المبكر. فيما تناول المسلسل اليمني “شر البلية”، الذي عرض في عام 2017، في إحدى حلقاته قضية الزواج المبكر بشكل درامي.
انعكاسات البرامج الاعلامية على المجتمع:
لم تحدث البرامج الإعلامية أي انعكاسات إيجابية على الصعيد المحلي في مستوى التوعية المجتمعية بمخاطر وآثار زواج القاصرات الصحية والنفسية. وعلى العكس من ذلك، لا تزال الظاهرة مستمرة في الانتشار، والسبب يكمن -وفقا لآراء صحفيين- في العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية الجاثمة منذ عقود.
يستبعد الصحفي حقص أن يكون الجانب الإعلامي المناهض لانتشار ظاهرة زواج القاصرات في المجتمع المحلي قد أحدث أي تغيير، معللًا ذلك بالعادات التي ارتبطت بغالبية المناطق اليمنية.
ومن جهتها، ترى الصحفية باضاوي أنه لم يكن هناك أي انعكاسات إيجابية قد حدثت تُنسب إلى الوسائل الاعلامية، بل إن الأعداد في تفاوت وازدياد، ليس على مستوى المناطق الريفية وحسب، بل وفي المجتمعات المدنية أيضًا.
في المقابل، قالت الناشطة عبولان لـصحيفة “صوت الأمل” إن البرامج الإعلامية اليوم تدرك فِكر الفتاة وتطلعاتها، غير أن هناك جهات معادية -لم تُسَمِّها- للبرامج الإعلامية، تعمل جاهدة على عدم حصول الفتاة على حقوقها وتدافع باستماتة عن الزواج المبكر .
وفي التقرير الذي نشره الموقع الرسمي للأمم المتحدة في 8 مارس 2021م إشارة إلى أنه في الفترة التي سبقت تفشي جائحة كـوفيد-19 تعرضت 100 مليون فتاة لخطر التزويج المبكر، رغم الانخفاض الكبير لهذه الممارسة في بعض الدول خلال الأعوام الماضية. وذكر التقرير أنه “في الأعوام العشرة الماضية، انخفضت نسبة الشابات على مستوى العالم اللائي تزوجن في سنّ الطفولة بنسبة 15%، أي من حوالي 1 من بين كل 4 فتيات إلى 1 من بين كل 5 فتيات، وهو ما يعادل 25 مليون زيجة تم تفاديها”.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة “صوت الأمل” مع المديرة التنفيذية لـ”مؤسسة حضرموت الثقافية” شروق الرمادي عن دور الدراما اليمنية في معالجة قضايا الزواج المبكر، قالت الرمادي إن الدراما اليمنية تعد ضعيفة، ونادرًا ما تكون هادفة في القضايا التي تتناولها، كزواج القاصرات وغيرها. منوهة أن الدراما اليمنية غالبًا ما تكون مرتبطة بالسخرية أو الكوميديا السوداء.
وأشارت الرمادي إلى أن الإعلام المحلي لم يقدم الشيء المأمول حول هذه القضية، وإذا قدَّم شيئًا فبصوت خافت وعلى استحياء. مؤكدةً أن القضية مهمة ويتطلب من الإعلام اليمني تسليط الضوء عليها إلى أن يصل المجتمع إلى حلول حقيقية.
مع تزايد حدة الصراع بين الفصائل اليمنية واهتمام وسائل الإعلام بإشعال فتيل الصراع بينهم، تصرخ من ذهبت طفولتها وارتمت في أحضان مقبرة الزواج المبكر لكن لا سامع لاستغاثاتها ولا مجيب.
الفتيات اليمنيات أكثر عرضة لخطر الزواج المبكر من الفتيان
صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجرته (وحدة المعلومات واستطلاع الرأي) …