قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.. كيف ساهم المجتمع المدني بالتصدي لها؟
صوت الأمل – فاطمة باوزير
في 20 من يونيو 2022م أطلق المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان بالدول العربية حملة تحت عنوان #ليس_أمراً_طبيعياً، تسعى للتصدي لخطر عدِّ العنف القائم على النوع الاجتماعي أمراً طبيعياً.
ويعد العنف على شاكلة الإجبار أو الإكراه أو التهديد أو الخداع القائم على نوع الجنس (GBV) عنفاً قائماً على النوع الاجتماعي بحسب توصيف مفوضية الأمم المتحدة للاجئين .
وفي اليمن أدى تصاعد النزاع بين الأطراف المتصارعة إلى تزايد حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، وأدت التداعيات الإنسانية للصراعات الأهلية إلى إضعاف مكانة النساء، ومن بين 3-4 ملايين نازح حوالي النصف من النساء، ٢٧٪ منهن دون سن الـ 18 بحسب (UNFPA) .
ويرى خبراء ومعنيون أنَّ تحولًا ناتجًا عن التوعية المجتمعية التي تبنتها منظمات المجتمع المدني المحلية تجاه قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإن كان التحول بطيئًا نتيجة لأسباب اجتماعية واقتصادية وللوضع الأمني القائم بعد النزاع.
تقديم الحماية
برزت المنظمات النسائية وبرامجها كأحد الأصوات الرافضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، بوصف النساء أكثر من يتعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي وذلك لموقعهن التابع للرجال؛ ونتيجة للتمييز والسلطة غير المتكافئة بينهم.
وتقود أحلام باوزير (المدير التنفيذي لمؤسسة داؤد الجيلاني التنموية) مشروعًا لحماية النساء المعنفات -في مديرية غيل باوزير شرق مدينة المكلا- فمنذ 2019م تعمل أحلام وفريق مؤسستها في مشروع تعزيز حماية المرأة في اليمن تحت إشراف منظمة إنترسوس وبتمويل من الحكومة الهولندية وذلك في مركز الجيلاني للدعم النفسي والاستشارات الأسرية حيث يستقبل المركز فيه حالات النساء المعنفات ويقدم لهن الدعم النفسي والاجتماعي .
وتذكر أحلام أنَّ تجربة مركز الجيلاني جاءت بوصفها تدخلاً من مؤسسة الجيلاني التنموية؛ لإيجاد حلول لمشاكل النساء التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وتوضح باوزير أنَّ نوع التدخل الذي يقدمه المركز يختلف بحسب الحالة تقول: “بعض الحالات التي تأتي للمركز تحتاج لتدخل، فنعمل لها إدارة حالة وبعض الحالات تحتاج لتحسين سبل المعيشة فنلحقها بدورات مثل: الطبخ والبخور والصناعات الغذائية والخياطة وغيرها، كل حالة حسب هواياتها والتدريب المناسب لها” .
ويقدم المركز خدمات التدريب للمعنفات حيث يدرب حوالي 45 امرأة في السنة ويستقبل في الشهر كحد أقصى 15 حالة .
وفي العام الجاري توسعت خدمات المركز ليقدم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال أيضًا ولكبار السن، إضافة إلى استهداف الرجال الذين يتعرضون للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
تقول أحلام: “من الخدمات التي نقدمها في المركز خدمات الدعم النفسي والاستشارة، والخدمات القانونية، وأيضًا خدمات تحسين سبل المعيشة إضافة إلى خدمة الكاش وهذه الخدمة للحالات التي لا تقدر على دخول التدريب ولكن هذا المبلغ يقدم (بوصفه إسعافياً) مرة واحدة فقط يساعد في حل مشكلة تمر بها هذه الحالة. المجالات توسعت والخدمات توسعت أيضًا لدينا”.
وتشيد أحلام بنجاح هذا المركز حيث تخرجت العديد من الأسر المنتجة التي استفادت من الحقيبة التدريبية بعد تدريبها في برامج سبل المعيشة، ودخلت سوق العمل، وترى ذلك إدماجًا للمرأة المعنفة في المجتمع.
الخدمات المتاحة من قبل المجتمع المدني تمثل بر الأمان للمعنفة
تؤكد حكمة الشعيبي (مدربة نوع اجتماعي ومديرة الدفاع الاجتماعي بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت) على دور منظمات المجتمع المدني تجاه المعنفات وتصفه بالمهم جدًا، فقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي تتطلب تكاثف الجهود لحل مشاكل المعنفة، مشددة على دور هذه المنظمات وما تقدمه من خدمات تصب أغلبها في بناء قدرات النساء المعنفات كمشاريع سبل العيش والعون القضائي، تمثل هذه الخدمات المتاحة في المجتمع للمرأة المعنفة المساعد الأول لإيصالها إلى بر الأمان وإعادة دمجها في المجتمع.
وتوضح الشعيبي أنَّ لمنظمات المجتمع المدني المحلية دورًا فعالًا في إيصال المعنفة لخدمات الحماية، وذلك من خلال تنفيذ مشاريع وأنشطة وبرامج الحماية، فهذه المنظمات المحلية –بحسب رأي حكمة- لاقت الدعم الكبير والتمويل من قبل منظمات دولية كمنظمة إنترسوس وهيئات الـ UN وغيرها لتنفيذ مشاريع حماية المعنفات.
تقول حكمة الشعيبي أيضًا: “خلال العام الماضي في ساحل حضرموت توصلت حوالي 450 ناجية من العنف إلى خدمات الحماية، هذا فقط بالنسبة لدعم المنظمات الدولية، هذا غير الدعم الذي تقدمه منظمات محلية وتنفذ أنشطة يومية وشهرية كاتحاد نساء اليمن ومؤسسة الأمل وصنائع المعروف وغيرهم، كلٌّ حسب خدمات الحماية التي يقدمها” .
منظمات المجتمع المدني كانت السباقة في التوعية بقضايا GBV
ويشدد محمد الكثيري(الخبير المحلي في بناء السلام والنوع الاجتماعي) على أنَّ الأدوار التي تبنتها منظمات المجتمع المدني في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي وإدماج المرأة المعنفة أدوار كثيرة أولها برامج التدريب التي قامت بها الكثير من المنظمات مثل NDI التي دربت قيادات شبابية في التوعية بقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي وكذلك UN التي أقامت مساحات آمنة للمرأة مع مؤسسات محلية تعنى بشؤون المرأة كمؤسسة الأمل، والجيلاني، ومؤسسة سلام، وبناء.
يقول الكثيري: “كثير من التدريبات كان هدفها إيجاد راصدين للعنف ومحللين لدعم النوع الاجتماعي، هناك أيضًا عملية التوعية، فلولا منظمات المجتمع المدني والتوعية التي تقوم بها في المجتمع تجاه قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، لما فهم المجتمع القضية، كذلك قرار الأمم المتحدة (1325) الخاص بالنساء، سابقاً لم يكن أحد يعرف ما هو النوع الاجتماعي، فتم تفسيره على أنَّه المرأة وليس على فكرة تغيير الأدوار، هنا حصل تغيير كبير ومنظمات المجتمع المدني لها دور كبير في هذا، وإن لم يكن كافيًا”.
ويتحدث الكثيري على أنَّ الصراع أوجد تغييرًا كبيرًا في الأدوار، منها خروج المرأة لسوق العمل، ومشاكل النزوح، التي جعلت من العنف أن يصبح ظاهرة واضحة للعيان.
وعن الأدوار التي تبنتها المنظمات المحلية لإدماج المرأة المعنفة، يبدو الكثيري متشائمًا حيث يقر بأنَّ عمليات الإدماج وإجراءات الحماية للمرأة المعنفة تتطلب قيام الدولة بواجباتها، فهذه الأعمال ليست بيد المنظمات المحلية، فالمجتمع المدني قام بدوره بحسب _الكثيري _ من خلال عمليات الرصد والتوعية لكنه يتساءل عن دور الدولة في إيجاد دُور للإيواء.
قائلًا : “أين دور الإيواء؟؛ لكي يقوم المجتمع المدني بإسقاط هذه الحالات المعنفة في الدور. ودور الايواء هي عمل الدولة هناك ضغط من المنظمات المحلية على الدولة؛ لتقوم بفتح دور الإيواء ولكن لا يوجد تقدم يحرز في هذا المجال، الدولة بطيئة في الاستجابة لمطالب منظمات المجتمع المدني” .
وتعد دور الإيواء من أدوات تمكين النساء ومساندتهن على تخطي تجربة العنف دون أن يقعن فريسة لأخطار الشارع، ومع ارتفاع حدة العنف القائم على النوع الاجتماعي طالبت منظمات المجتمع المدني بإنشاء دور للمعنفات على أن تكون محمية من الدولة .
ويقدم اتحاد نساء اليمن خدمات الإيواء للمرأة المعنفة في بعض المناطق كـ عدن والمكلا وصنعاء وتعز، في حين تفتقر المناطق الأخرى لهذه الخدمة المهمة لإنقاذ حياة المرأة .
المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟
صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …