‫الرئيسية‬ الاقتصادية إنشاء آلية فعالة للتنسيق بين القطاع الخاص والمنظمات المحلية ضرورة للتعافي الاقتصادي

إنشاء آلية فعالة للتنسيق بين القطاع الخاص والمنظمات المحلية ضرورة للتعافي الاقتصادي

صوت الأمل – حنين الوحش

وسط ما تقاسيه البلاد من أوضاع صعبة ومؤشرات مهولة من انهيار في الاقتصاد الوطني والبنية التحتية وارتفاع في مؤشرات الجوع والفقر والاحتياجات الإنسانية، كان لا بد من وضع حلول عاجلة تعمل على عملية إدماج القطاعات وإقامة روابط وشراكات أكثر من أي وقت مضى؛ لدعم الاقتصاد والمساهمة في تحفيز وتحريك العملية التنموية على المدى السريع.

وهذا ما أوضحه العديد من خبراء الاقتصاد والتنمية من خلال حديثهم عن التعافي وإعادة الإعمار مؤكدين ضرورة أن تتم شراكة حقيقة بين الجانب الاستثماري للقطاع الخاص وجانب المساعدات الإنسانية لمنظمات المجتمع المحلي لتنتقل من مرحلة المساعدات الإغاثية إلى مرحلة المسؤولية الاجتماعية التي تقدم مشاريع ملموسة في المجتمع.

الشراكة بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص

عن وضع الشراكة بين القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني أوضح حسين السهيلي (منسق مبادرة التنمية والتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار) أنَّ منظمات المجتمع المدني بالرغم من جهودها الحثيثة في بناء شراكة حقيقة مع القطاع الخاص في اليمن، من أجل العملية التنموية وإعادة الإعمار، فإنَّه يتنصل عن تفعيل المسؤولية الاجتماعية التي تحدث أثرًا وتغييرًا حقيقيًا في واقع المجتمعات المحلية، وتظهر الدور الوطني للقطاع الخاص تجاه هذا البلد الذي يمثل السوق المستهلك لمنتجاته والحاضن لاستثماراته.

 مضيفًا أنَّ الصعوبات والتحديات التي يتعرض لها القطاع الخاص ورؤوس الأموال متمثلة في تردي المناخ الاستثماري، وازدواجية النظام الضريبي، والزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية على البضائع غير الأساسية وغيرها من الصعوبات التي بالرغم من كثرتها لا تعفي القطاع الخاص من مسؤولياته الاجتماعية وبناء شراكة حقيقية مع منظمات المجتمع المدني، ودعم مقترحاتها ومشاريعها في التنمية المحلية والحفاظ على البيئة وريادة الأعمال، وتقديم التمويلات والتسهيلات، والقروض الميّسرة للمشاريع المتوسطة والصغيرة.

مؤكدًا أنَّه بدون بناء شراكة حقيقية بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والجهات الحكومية، سيبقى من المستبعد للغاية حدوث إعادة إعمار أو تحقيق استقرار ونهوض اقتصادي وتنموي بعد انتهاء النزاع؛ لذا على القطاع الخاص الانتقال من القيام بالأعمال الخيرية التي لا تتجاوز الصدقة والإحسان إلى تفعيل المسؤولية الاجتماعية التي تلمس نتائجها المجتمعات المحلية.

القطاع الخاص والشراكة في الأعمال الإنسانية

أوضحت مدونات البنك الدولي عن مخرجات اجتماع لشركات ورجال أعمال كان بعنوان (القطاع الخاص اليمني يوحد صفوفه لدعم الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار) -في العام 2019م في إحدى الركائز الخاصة بالموضوع- أنَّ زيادة مشاركة القطاع الخاص في الجهود الإنسانية أثناء الصراع وفي تحديد فرص النشاط خلال عملية إعادة الإعمار والتعافي، وأنَّه رغم تحديات الصراع واصل القطاع توفير الوظائف والدخل لدعم موارد العيش، ولعب دورًا مهمًا في الحفاظ على مستوى الواردات الأساسية التي تدعم مصادر الرزق وتساهم في منع حالات المجاعة في البلاد.        

ومن مخرجات الاجتماع هي اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتوصيات بموجب هذه الركيزة؛ ليتم مناقشتها وتحديد الدور الذي يلعبه القطاع الخاص الآن وفيما بعد الصراع على صعيد التنمية وجهود إعادة الإعمار والتعافي ومنها: تحديد الدعم الذي يحتاج إلى المشاركة الكاملة كونهم شركاء فعالين في التنمية والجهد الإنساني، والعمل مع الحكومة والشركاء المانحين من أجل تصميم وتطبيق المبادرات والبرامج لزيادة المشاركة مع القطاع، ووضع آلية فعالة للتنسيق مع المعنيين المهمين، ومن بينهم الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والجهات المانحة، وتقديم المشورة بشأن كيفية التواصل مع الأنشطة اليمنية في الشتات، وتقديم المشورة عن كيفية ومكان تعظيم التمويل فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية والتنموية.



تقسيم الأدوار والتعافي

 

حول الأدوار المنوطة بالقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني للقيام بأدوار فعالة في العملية التنموية وإعادة الإعمار يذكر عبد الله قائد(دكتور الاقتصاد) أنَّ الاقتصاد اليمني يمر بمرحلة صعبة منذ بدء الصراع مما يحتم إقامة شراكة حقيقة وملموسة بين كافة مكونات القطاعين العام والخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والتنسيق مع مجتمع المانحين، والشركاء والمهتمين بشأن اليمن من أجل الإسراع في تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة تتمثل في إعطاء الملف الاقتصادي الأولوية التي يستحقها في أجندة المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة؛ لإنقاذ الوضع الاقتصادي وتبني إجراءات لبناء الثقة الاقتصادية.



مضيفًا إلى ذلك أهمية تعبئة الموارد العامة للدولة وعلى رأسها الضرائب والجمارك وإنتاج وتصدير النفط والغاز، وإيجاد سلطة نقدية موحدة تمارس السياسة النقدية والمصرفية في كافة مناطق البلاد، ترفع الثقة في القطاع المصرفي، وتوسع قنوات تواصله مع النظام المالي العالمي، وتحشد دعم المانحين وعمل المنظمات الأممية والدولية والمحلية نحو برنامج التعافي الاقتصادي ومشاريع التنمية، إضافة إلى دعم تعافي القطاع الخاص بِعَدِّه المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي، والمشغل الأكبر للعمالة، والمزود الأساسي للسلع والخدمات، ووضع إطار للشراكة بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني من أجل التنمية والتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.



ويؤكد قائد بأنَّ اليمن لم يفقد كلَّ مقدرته ولكن بالنظر لما خلفته السنوات الماضية من الصراع من آثار وخيمة، فإنَّه لم يعد لدى اليمنيين وقتاً ليضيعوه، فالوضع يستمر بالانزلاق في هوةٍ عميقة؛ لذلك يجب أن يبدأ العمل على تطوير خطط دعم التنمية والتعافي الاقتصادي على نحو جاد وبدون مماحكات ولا تسويف.

 ومن جانبه أضاف حسين مقبل (الخبير التنموي) أنَّ شراكة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني  ستسهم بشكل كبير في عملية التنمية، غير أنَّ الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية وهو الجهة التي تمثل مصالح القطاع الخاص في جميع القطاعات أمام السلطات الحكومية والجهات الخارجية، تمكن في السنوات الأخيرة من الحفاظ على اتصالات وثيقة مع معظم غرف المحافظات، لكن المرحلة تتطلب تنشيط دور الاتحاد ليقوم القطاع الخاص بدوره في التنمية والتعافي الاقتصادي وإعادة إعمار اليمن.


ويوضح قائد أنَّه من الملاحظ بأنَّ الحوار بين القطاعين العام والخاص -عموماً- ضعيف جداً في الوقت الحالي إن لم يكن منعدماً ويمكن للاتحاد إنشاء قنوات تواصل وآلية فعالة للتنسيق مع حكومتي عدن وصنعاء ومنظمات المجتمع المدني، والجهات المانحة للنقاش حول القضايا التي تؤثر على أداء القطاع الخاص، ومشاركته النشطة، وإيجاد معالجات لانقسام المؤسسات المالية والسياسات النقدية، وتحديد دور القطاع الخاص على صعيد التنمية وجهود إعادة الإعمار والتعافي.

ويضيف مقبل: “لا يمكن أن يتعافى الاقتصاد اليمني بدون مساهمة القطاع الخاص ورأس المال الوطني والشركات الكبرى التي تحتاج إلى الحماية، وإصلاح بيئة الأعمال والاستثمار”، مشيرًا إلى أنَّ اليمن تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى دعم الحوار بين القطاعين العام والخاص والشراكة مع منظمات المجتمع المدني، وتحتاج إلى سياسات ومؤسسات اقتصادية قوية لتكون قادرة على الانخراط في مسار الانتعاش وإعادة الإعمار.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…