إعلاميات بين عائق العادات والتقاليد و التهميش الوظيفي
صوت الأمل – فاطمة رشاد
لا يقل دور الإعلامية في اليمن عن أي إعلامي اتَّجه للعمل في هذا المجال وإن اعترضتها الكثير من العادات والتقاليد الظالمة لأنَّها اختارت هذا المجال.
المرأة الإعلامية بين هموم العمل وبين تقاليد وعادات مجتمع يقف حجر عثرة أمام طموحاتها في الوصول إلى مناصب عليا في مجال عملها، ويظل التهميش لها هو ما يحد من سقف أحلامها وطموحاتها بأن تكون ذات يوم في منصب قيادي، ورغم التحديات والصعوبات التي تواجهها إلا أنَّها تحاول أن تجتازها من خلال عملها الإعلامي المميز سواء بالكلمة أو بالصورة أو بالصوت.
وفي تقرير رصده مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وصدر في 6 نوفمبر 2017 يبين أنَّ العاملات في الإعلام من النساء يشكلن نسبة 20% من إجمالي العاملين في وسائل الإعلام و11% من أعضاء نقابة الصحفيين اليمنيين فقط، مشيراً إلى أنَّ العاملات في الإعلام كنَّ عرضة للتمييز خلال فترة ما قبل الصراع في اليمن، حيث تتعدد مظاهر عدم المساواة بين الجنسين في المؤسسات الإعلامية باستحواذ الرجال على المناصب القيادية في المؤسسات الإعلامية، وضعف الرواتب الشهرية للنساء مقارنة بالرجال، وعدم التساوي في فرص التدريب وعدم مواءمة بيئة بعض المؤسسات الصحفية للصحفيات العاملات و تخصيص بعض المجالات المحددة التي تعمل فيها المرأة كنوافذ المرأة و الحياة الاجتماعية، وتضمن التقرير تفاصيل شاملة عن الأوضاع التي تعيشها الإعلاميات اليمنيات والتحديات الماثلة أمامها أثناء مزاولتها للعمل الإعلامي أثناء الصراع.
إقصاء للإعلاميات
الصحفية نوال باقطيان التي تحدثت عن أبرز الصعوبات التي تواجه أي إعلامية في اليمن أثناء عملها قائلة : “الصعوبات التي تواجه الإعلامية اليمنية جمة ابتداء من النظرة الدونية والتمييزية اتجاهها و انتهاء بأساليب التحرش اللفظي أو الجسدي الذي تتعرض له أثناء العمل سواء من زملاء العمل أو العامة ولعل من أبرز الصعوبات التي تواجهها ليس فقط ما تم ذكره بل إلى جانب ذلك فإنَّ الإعلامية تنال النصيب المماثل والمتساوي من تكميم الأفواه والحد من حرية التعبير وذلك من خلال تهميشها وإقصائها وأيضاً من خلال التعتيم على الحقائق والمعلومات. فضلاً عن تعرضها للاعتقال وهذه سابقة خطيرة، ولعلنا نورد هنا الصحفية هالة باضاوي نموذجاً وتعرضها للاعتقال وتخاذل المجتمع إزائها. تتعرض الإعلامية لصعوبات جمة كحال الإعلامي من حيث الصعوبة في الوصول للمعلومات والحقائق حتى في المصادر المفتوحة بالإضافة إلى القيود المفروضة من المجتمع الذي يعيق تحركها وبالتالي فإنَّ أغلب الإعلاميات والصحفيات نجدهن يهتممن بالقضايا الاجتماعية ويصببن جل اهتمامهن بالصحف التي تُعنى بالمرأة والطفل».
وتتابع نوال حديثها قائلة: “هناك تهميش وإقصاء متعمد ليس فقط في المناصب القيادية في المؤسسات الإعلامية بل أيضاً في التمثيل السياسي الناتج عن النظرة الدونية والعنصرية تجاه المرأة والتي مازالت متواجدة ضمن صانعي القرار ومالكي المؤسسات الإعلامية ولهذا لن نجد تمثيل قيادي وسياسي سوى صوري حتى وإن وجد فلا فائدة من ذلك في ظل مجتمع ذكوري صرف».
وأما الصحفية فاطمة باوزير والتي قالت بغصة: “الرجل هو عدو المرأة لأنَّ هناك منافسة غير شريفة من قبل بعض الزملاء الإعلاميين، عندما يرى زميلته ناجحة وقيادية يحاول إقصاءها ويبذل كافة الوسائل؛ لإفشالها وإبعادها عن العمل، مصيبتنا في الإدارات التي نعمل تحتها، هي التي ترفض عمل المرأة وترفض ترقيتها”.
ومن فاطمة إلى الإعلامية أماني العسيري التي قالت: “تعاني الإعلامية في أي وسيلة من وسائل الإعلام سواء أكانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة من صعوبة التحرك الحر لاستقصاء المعلومات والحصول عليها من مصادرها التي أصبحت تختلط توجهاتها بحسب توجهات الأطراف السياسية المختلفة داخل البلاد، طبعاً أتحدث عن الإعلاميات في اليمن”.
وتعلل أماني أسباب معاناة الإعلاميات في اليمن قائلة: “توقف الكثير من المؤسسات الإعلامية الرسمية ومقابلها انتشار الصحف والقنوات الخاصة والمراكز والمؤسسات الإعلامية المتعددة، أصبح ضغط في الحصول على المعلومة إذ يتطلب من الإعلامية مهارات مضاعفة تمكنها من كتابة المادة الصحفية التي تراعي عدم المساس بتوجهات أو معتقدات أطراف الحكم فيها. ومن جانب آخر، فإن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحيط بالجميع، من ارتفاع الأسعار ومحدودية وجود المواد النفطية، قد صعَّب من حركة التنقلات داخلياً كما أنَّها تمثل ضغطاً نفسياً كبيراً ليس فقط على الإعلامي إنَّما بشكل عام، وكذلك مجاراة التطورات التكنولوجية وأدواتها من الكاميرا وأجهزتها… إلخ، وتطويعها في سرعة المعالجة الفنية للمادة الصحفية وإرسالها والتي تحتاج إليها الإعلامية في تطوير مهارات تعلمها من خلال دورات تدريبية.
صعوبة الأمان والسلامة لها خلال العمل وإمكانية تعرضها للأذى خاصة في ظل الفكر الرجولي السائد في مجتمعنا اليمني”.
ولكنَّها تقول في إمكانية حصول الإعلامية على المعلومات: “إنَّها من أشد الصعوبات التي تعترضها بسبب تحفظ الكثير عن الحديث أو عدم الرغبة في التحدث”.
وتواصل أماني حديثها قائلة: “أما عن توليها مناصب قيادية فهذا يرجع في كثير من الأحيان إلى الاحتكار الذكوري الذي يقف أمام قدرتها في إدارة منظومة العمل الإعلامي، قلة وعيها في المطالبة والضغط في الحصول على حقها في توليها إدارة العمل الإعلامي، التجاهل أو المماطلة في الاستجابة لمطلبها في الحصول على منصب ما يجعلها تقف محبطة عن الاستمرار في تلك المطالب، ربما أيضاً قلة ثقة منها في قدراتها وإمكاناتها في توليها مناصب وهذا نعده من أحد الأسباب».
أما الصحفية عهد ياسين التي قالت لـ»صوت الأمل”: “تواجه الإعلاميات في اليمن العديد من العقبات وهي الصراع وغياب المنظومة الأمنية وعدم المساواة بالفرص حيث لا يتم تولي المرأة مناصب قيادية؛ بسبب وجود مؤسسات إعلامية قليلة وحكر على الرجال، لكن في الآونة الأخيرة ظهرت العديد من المؤسسات التي يمكن أن تتيح الفرصة لتولي المرأة القيادة».
قيود عائلية
الإعلامية غدير العزعزي بررت أنَّ ما تواجهه المرأة هو الأسوأ في الوقت الحالي والعقبات التي تواجهها أكبر لكن القيود التي تعيق الإعلامية هي العائلة وكما تقول: “إقناع العائلة بالعمل كصحفية أو إعلامية تلفزيونية يكون صعباً قليلاً إلى جانب الوضع الراهن في البلاد، مهنة الإعلام تسبب الكثير من المشاكل لهُن كَون كل طرف وله سياسته الخاصة».
فردوس العلمي -صحفية في صحيفة الأيام- تقول: “ليس هناك فرق بين إعلامي وإعلامية أو صحفي وصحفية؛ فالصعوبات تواجه كليهما، كون مهنة الصحافة هي مهنة المتاعب لا تستثني أحداً، فقبل أن تقتحم عالم الصحافة يجب أن تدرك قدراتك فعالم الصحافة المطلوب فيه ليس أن تكون أنيق المظهر وجذاباً فقط، بل أنيق الفكر ثابتاً في مبادئك صادقاً في نقل ما تراها، الصعوبة حين تحدد لقلمك ثمن يباع ويشترى وتفقد بذلك قيمتك، لكن في اليمن الصعوبات مصطنعة للإعلاميات مثل الاجتماعات تكون في ديوان القات هنا تجد نفسها مقيدة هل تدخل أو تعود من حيث جاءت؟ إضافة إلى قلة فرص التدريب الداخلي والخارجي فعالم الصحافة في تطور مستمر. ويجب كإعلامي أن توكب هذا التطور، لأنَّ الفكر الذكوري مسيطر في المؤسسات الصحفية التي أغلبها خاص لكن الحكومي تجد فيه إعلاميات يتولين مناصب مثل رؤساء أقسام بل وصلن إلى منصب رئاسة تحرير مثل الأستاذة نادرة عبد القدوس وفي الخاص البعض تحصل على فرصة أن تكون رئيسة قسم».
الإعلاميات في خارج اليمن
الصحفية لمياء فضل -تعمل في صحيفة الجمهورية وتعيش حالياً في جمهورية مصر- تقول حول هذا الموضوع: “هناك بعض الإعلاميات يعانين كثيراً من ظروف صعبة وخصوصاً في اليمن بسبب توقف الكثير من المكاتب والمؤسسات الإعلامية المتخصصة التي كانت تعمل سابقاً وأصبح الآن هناك مرافق أو مؤسسات خاصة تعمل بالرأي الخاص لهم فقط …والظروف المعيشية غالية وعدم وتوفير الرواتب المناسبة بسبب ارتفاع الأسعار”
وعن وضع الصحفيات في الخارج تقول لمياء: “الإعلاميات خارج اليمن يفرقن كثيراً لأنَّ البعض منهن تعمل بجهد لنشر الوعي الثقافي ورفع علم اليمن وتوجد إعلاميات رائعات يحاولن بكل الوسائل الإعلامية المختلفة نشر بصمات مميزة، لكن ينقصهن الاستماع لرأيهن بوضوح أو هن حالياً في حالة تهميش لأعمالهن؛ فنحن أصبحنا في زمن الوساطة أو مبدأ المعاريف الذي يجعلهن مكتَّفات لا يقدرن على عمل أي شيء لأنَّهن فقيرات ومن الطبقات الوسطى وهن أكثر الإعلاميات ثقافة وهناك إعلاميات يمنيات في قمة الإبداع والثقافة لكنهن ينقصهن طريقة الوصول للمراكز التي تناسبهن بالشكل السليم”.
اقتناص الفرص
الإعلامي ماهر البرشاء له رأي مغاير عن الإعلاميات اللواتي اتهمن زملاءهن بأنهم لا يسمحون بأن يتقلدن مناصب قيادية يقول ماهر: “إنَّ الاعلاميات هن قناصات الفرص وجميع الفرص متاحة لهن أكثر ماهي متاحة للإعلاميين”.
دور الإعلامية في القنوات التلفزيونية
أما الإعلامي محمد باسويدان والذي أبدى رأيه عن زميلته الإعلامية بالقول: “برزت المرأة الإعلامية في القنوات الفضائية التلفزيونية بطريقة فريدة ومتميزة حيث كانت ولا تزال متصدرة نشرات الأخبار وتقديم البرامج في كثير من القنوات المحلية والعالمية لما لها من أثر ملموس في تحسين جودة العمل التلفزيوني من خلال نبرات الصوت التي تتميز وتنفرد بها المرأة الإعلامية أما من ناحية تقلد المناصب القيادية للمرأة تكمن المشكلة في ضعف اتخاذ القرارات لدى بعض النساء وكذلك عدم إشراكها في بعض البرامج التي تمكنها وتصنع منها قائدة تنخرط بشكل أساسي ورسمي في المناصب القيادية”.
نقابة الصحفيين
مسؤول الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين نبيل الأسيدي كان له رأي حول وضع الإعلاميات في اليمن وكيف يتحدين الصعوبات التي يعانين منها حيث قال: “أكثر شيء تواجهه الإعلامية في اليمن هو الصراع الدائر في اليمن لأنَّها قضت على هامش الحرية فهناك عداء أيدلوجي وفكري يلحق بعمل الإعلاميات فهناك من يحد من حرياتها في الحصول على المعلومات وهناك تضرر كبير لحق بهن بسبب إغلاق بعض المؤسسات الإعلامية أبوابها مما جعل الكثيرات يفقدن مصدر دخلهن وهناك من تتعرض للمضايقات؛ لسبب كونهن إعلاميات”.
ويتابع الأسيدي رأيه حول تولي الإعلامية للمراكز القيادية قائلاً: “تعاني الإعلامية من التسلط الذكوري خاصة أنَّ القائمين على وسائل الإعلام والمسؤولين عليها وكذلك تداعيات المجتمع نفسه الذي ينظر للمرأة بشكل دوني، ما زال هناك الكثير ممن يعد خروج المرأة عورة فكيف إذا تقلدت منصباً قيادياً كيف سيكون الوضع هنا، على الرغم من الاتفاقيات التي دعت إلى الوقوف بجانب المرأة للحصول على حصتها المنصفة الحقوقية في العمل والواجبات فإنَّها ما تزال مهمشة في كثير من المؤسسات الإعلامية -نتمنى أن تحصل المرأة على مناصب قيادية في مؤسساتها الإعلامية- رغم عدم الإنصاف إلا أننا نجد تجربة لافتة في مؤسسة أكتوبر حيث ولَّت منصب رئيس التحرير الأخت نادرة عبدالقدوس وكذلك كان هناك دور بارز في تولي الأخت نادية السقاف منصب وزير الإعلام إلى جانب ذلك هناك من شغلت منصب سكرتير تحرير ومدراء لبعض الأقسام في صحيفة أكتوبر، حقيقة تعد مؤسسة أكتوبر أكثر وسيلة إعلامية أعطت بادرة بسيطة في تولي المرأة مناصب قيادية”.
المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟
صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …