لا رقابة والتنسيق ضعيف بين المنظمات والجهات الرسمية
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
صاحبت سنوات الصراع، تقديم تمويلات مالية كبيرة من المانحين الدوليين للمنظمات الدولية لمواجهة التداعيات الإنسانية في اليمن، لكن ما يثير التساؤل هو دور الحكومة في الإشراف ودقة التقييمات للاحتياجات الإنسانية، وتنفيذ أنشطة الخطط في الميدان، ودور المؤسسات الوطنية في الرقابة والتقييم، إجابات على كل هذه التساؤلات في سياق التحقيق الذي أجرته صحيفة «صوت الأمل».
منذ اندلاع الصراع في اليمن تدعو الأمم المتحدة، مطلع كل عام، المجتمع الدولي لحشد التمويل اللازم للتدخلات الإنسانية في اليمن، وبعد تدفق المساعدات يتم تخصيصها نحو البرامج والتدخلات الأكثر إلحاحاً وأولوية، ويتم تنفيذ هذه البرامج من خلال المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة.
ووفقاً لبيان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، المقدم إلى مجلس الأمن في 15 فبراير 2022، عملت ما يقرب من 200 منظمة في اليمن عام 2021، في إطار الاستجابة الدولية للأزمة الإنسانية في اليمن التي تقودها الأمم المتحدة.
يقول صلاح العطاب – يعمل في أحد المنظمات الدولية في اليمن- لـ»صوت الأمل» إنّ منظمات الأمم المتحدة هي من تخطط وتنفذ البرامج في اليمن ولا تراقِب ولا تحاسِب، وتستلم مليارات الدولارات باسم اليمن، ولا يصل إلى اليمنيين المحتاجين إلا الفتات، في وقت تغيب الحكومة ودورها الرقابي.
وأضاف» توظف منظمات الأمم المتحدة، مئات الاستشاريين والخبراء من فرنسيين وإيطاليين وأميركيين وغيرهم، يعملون في اليمن، يتقاضون مبالغ طائلة تفوق ما ينفق على اليمنيين المحتاجين.
وأكد العطاب، أنّ بعض المستشارين في بعض المنظمات الدولية العاملة في اليمن، تصل رواتبهم إلى 20 ألف دولار، ومقر إقامتهم في جيبوتي، ويأتون بطائرة خاصة ليوم في الشهر ويعودون وكل ذلك من أموال المانحين التي قدموها للمحتاجين في اليمن، دون أي تدخل أو اعتراض من الجهات الرسمية.
يؤكد يوسف المعمري ناشط حقوقي، أنّ المنظمات العاملة في القطاع الإنساني في اليمن، تمارس عملها دون أن يتم مراقبة إدارتها أو إنفاقها المالي من قبل الحكومة، وهذا ما ينتج عنه انتهاكات مالية بحق المحتاجين.
وأضاف، يُفترض أن توجه المؤسسات الحكومية العمل الإنساني نحو المسار الذي يخدم الكفاية والحيادية والسلامة لإيصال المساعدات للمواطنين، إلا أنّ الممارسات على أرض الواقع أظهرت أنّ دور الحكومة هو الأضعف والأقل تأثيراً في الوقت الراهن.
المهندس عبد الحميد السروري –مدير إدارة العلاقات العامة والتعاون الدولي بوزارة الزراعة والثروة السمكية- يقول لـ “صوت الأمل” إنّ تمثيل الحكومة في الاجتماعات وورش العمل الخاصة ببرامج ومشاريع المنظمات لا يعد كافياً أو ذو تأثير ملموس في توجيه مسارات العمل الإنساني والذي تتحمل مسؤوليته الحكومة قبل المنظمات.
تشير تقارير المشروع الطارئ للخدمات الحضرية المتكاملة في اليمن، إلى أنّ مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في اليمن يعمل مع الشركاء المحليين: مشروع الأشغال العامة، وحدة تنفيذ صندوق صيانة الطرق، ووحدة إدارة مشروع المياه الحضرية، مستفيداً من معرفتهم بكل قطاع، وعلاقاتهم مع الكيانات المحلية والخبرة الميدانية.
وأكدت أنّ الشركاء المحليون يضطلعون بدور حاسم في الجوانب الفنية، مثل التنسيق مع أصحاب المصلحة المحليين وتحديد الاستثمارات الأولية وإعداد المواصفات الأولية، فضلاً عن تنفيذ الأنشطة المخصصة وفقاً لخطة التوريدات والمشتريات.
لكن الدكتور محمد ثابت، نائب وزير الأشغال العامة والطرقات يؤكد لـ”صوت الأمل أنّ علاقة وزارة الأشغال بالمنظمات والصناديق المانحة، تقوم بتسهيل أي عراقيل تواجه عملها، إضافة إلى التنسيق في جميع المشاريع التي تنفذها، وذلك وفق الاتفاقيات الموقعة مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
يقول عبده علي الحذيفي –رئيس منظمة ميون لحقوق الإنسان والتنمية- نتيجة لتواضع إمكانات الحكومة فقد انعكس ذلك بوضوح على الحد من دورها الرقابي والإشرافي على منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الدولي والمحلي العاملة في المجال الإنساني.
وأضاف، اتسم دور الحكومة والمؤسسات الوطنية بالقصور خلال فترة الصراع على الرغم من أنّها فترة حرجة وطارئة واستثنائية تطلبت استجابة استثنائية وحشد أكبر للجهود الوطنية للتخفيف من حدة الأزمات الإنسانية التي مرت بها البلاد، خاصة في ظل التعقيدات السياسية والأمنية والإدارية وشحة الإمكانات المالية.
وتابع، مشاركات الحكومة في بعض اجتماعات القطاعات الإنسانية المنظمة من قبل منظمة الأوتشا ليست على المستوى المطلوب أو التأثير المتوقع، فقد تكون مشاركة تمثيلية أو سطحية خاصة إذا حضرها أشخاص غير أكفاء وغير ملمين بالعمل الإنساني.
ينتقد مواطنون دور المنظمات العاملة في اليمن التي تقوم في عملها على تقديم العون بصورة غير مدروسة ولا تتماشى مع المتطلبات والاحتياجات الملحة والعاجلة، في حين أنّ اليمن تحتاج إلى مساعدات تلبي الاحتياج الإنساني القائم، والمتفاقم من جراء النزاع الذي طال أمده.
وتؤكد الدراسة على أنّ غياب التنسيق بين المنظمات والهيئات العاملة في مجال الإغاثة والمساعدات التنموية يقلل من احتمالية استفادة المجتمع من هذه المساعدات، وخاصة الفقراء المحتاجين.
وأشارت الدراسة الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، إلى أن عدم وجود تنسيق ملائم وفعال بين الوكالات، يؤدي إلى التوزيع السيئ ويزيد من تفاقم أوضاع المجتمعات الفقيرة، لا سيما أولئك الذين يعتمدون بشكل كبير على المساعدات.
ووفقاً لمصدر في وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإنّ كثيراً من المنظمات لا تلتزم بالأحكام والقوانين المنظمة لعمل المنظمات غير الحكومية، كما أنّها تعمل بعيداً عن الواقع اليمني ولا تدرس متطلبات المجتمع من برامج تخدمه تنموياً.
من جانبه رياض قراضة –موظف سابق في أحد المنظمات- يؤكد لـ “صوت الأمل» أنّ الجهات الحكومية ذات العلاقة ترفض بعض المشاريع المقدمة أحياناً لأسباب نقص في برمجة المشاريع حسب اللوائح، لكن عند دفع المال «الرشوة» يتم تمرير مشاريع تصل موازناتها إلى ثلاثة ملايين دولار، وما يتم تنفذه لا يتجاوز مليون دولار.
وأضاف، في غالب الأوقات عندما ترفض الجهات المعنية مثلاً وزارة الصحة أو وزارة الزراعة مشاريع من منظمات وتمتنع عن منحها الموافقة، يقوم أصحاب المنظمة، بإبرام اتفاق مع السلطة المحلية على مستوى المديرية، أو مكاتب الوزارة في المديرية، ويتم تمرير المشروع بهذه الطريقة.
ويرى قراضة أنّ المنظمات الدولية والوكالات الأخرى تحتاج إلى إدخال آليات تساعد في الحد من أوجه النقص التي ظهرت خلال الفترة الماضية، مع الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة للتنمية والإغاثة وإيلاء اهتمام أكبر للتنمية لضمان المساواة بين المحتاجين.
واستطرد بالقول: «يجب ضمان التنسيق القوي مع الجانب الحكومي فيما يتعلق بالآليات المختلفة التي تطبقها الجهات الفاعلة الإنسانية جنبًا إلى جنب مع خطوات التحول إلى برامج التنمية».
ودعت الباحثة الاقتصادية إيمان عبد الرحمن شريان، إلى تعزيز التنسيق بين الجانب الحكومي وجميع الهيئات والمنظمات لرفع كفاءة استخدام الموارد وتلبية الاحتياجات الأساسية للأشخاص المحتاجين وتبادل الخبرات المختلفة وتنويع طرق المساعدة وتعزيز التكامل عبر برامج التنمية.
وشددت على أهمية توجيه برامج ومشاريع المنظمات الدولية نحو تعزيز قدرات المحتاجين نحو مصادر دخل وسبل عيش أكثر استدامة، والوصول في نهاية المطاف إلى أكبر عدد ممكن من الفقراء.
وختمت بالقول: «يتوجب إعادة تفعيل الرقابة المؤسسية الحكومية على حجم المساعدات الإنسانية والتنموية من أجل استخدام أكثر كفاءة وتلبية احتياجات أولئك الذين يستحقون المساعدة».
استطلاع : 56 % عمل المنظمات الدولية في اليمن حاليًا غير مؤثر
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر مارس 2022 م حول …