القطاع الخاص.. دور حيوي أثناء الصراع
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
بات القطاع الخاص –الجريح أصلاً- اللاعب الرئيس في الاقتصاد اليمني، وارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 80 %، بجانب جهود المنظمات الإنسانية التي تحاول سد جزء من الفراغ الذي تركه القطاع العام في تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وجدت دراسة مسحية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن الأعمال التجارية أجريت صيف عام 2017 أنَّ أربعة من كل خمسة أصحاب شركات يعدون أنفسهم منخرطين في جهود الإغاثة، وأنَّ أشكال المساعدة الأولية لهم كانت مالية وغذائية ورعاية صحية.
وانكماش القطاع العام بمعدل أكبر من معدل انكماش القطاع الخاص خلال سنوات الصراع، وارتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 80% عام 2018، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وأوضحت وزارة التخطيط والتعاون الدولي، أنّ ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لا يعود إلى زيادة القيمة المطلقة للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص وإنَّما إلى أنَّ القطاع العام تراجع بمعدل أكبر من القطاع الخاص.
كما أثبت القطاع الخاص نفسه شريكاً أساسياً للمنظمات الإنسانية الدولية الناشطة على الأرض، حيث عمل على تسهيل حركة البضائع والمال من المتبرعين إلى المستفيدين، إضافة إلى تقديم يد العون للجهات الإنسانية فيما يتعلق بأمور التخزين وغير ذلك من اللوجستيات.
ويمثل القطاع الخاص اليوم مصدر دخل هام لملايين اليمنيين بالرغم من محدودية عمله، في وقت لا يستلم فيه مئات الآلاف من موظفي القطاع العام رواتبهم بشكل منتظم منذ سنوات.
وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية الرئيسة، يهيمن القطاع الخاص على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطاع الزراعة بنسبة 100 %، وفقاً لنشرة الحسابات القومية، 2016، الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء.
ويبرز تنامي الدور الحيوي للقطاع الخاص في الاقتصاد اليمني خاصة وأنَّ قطاع الزراعة يوفر حوالي 25% من إجمالي الأغذية المتوفرة في البلاد، ومساهمته في الصناعة التحويلية والبناء والتشييد
وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء إلى أنّ مساهمة القطاع الخاص، بلغت 52% في قطاع الصناعة التحويلية، و47% في قطاع البناء والتشييد.
فيما بلغت مساهمة القطاع الخاص في قطاع الخدمات 66%، والتي تضم قطاعات: تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والنقل والتخزين والاتصالات والتمويل والتأمين والعقارات والخدمات الشخصية وخدمات المجتمع، والخدمات الحكومية.
وعلى صعيد التعليم والصحة، كان القطاع الخاص يمتلك 899 مدرسة في التعليم العام من أصل 16,730 مدرسة عام 2016، ولديه 101 جامعة وكلية في التعليم العالي تستوعب 83,177 طالب من أصل 310,340 طالب عام 2014، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
وبحسب التقرير الإحصائي السنوي لوزارة الصحة العامة والسكان لعام 2014، كان القطاع الخاص يمتلك أكثر من 60% من المرافق الصحية في البلاد عام 2014.
ومنذ أواخر 2016، تسارعت وتيرة انهيار النظام التعليمي والصحي العام متأثراً بتداعيات النزاعات الجارية بما فيها أزمة مرتبات موظفي الدولة وتعليق تكاليف تشغيل المرافق العامة في أكثر المحافظات بينما واصل القطاع الخاص دوره في تقديم خدمات التعليم والصحة للمواطنين.
تشير الدراسات إلى أنّ القطاع الخاص اليمني ما زال صغير الحجم وفعاليته محدودة، لعوامل موضوعية وذاتية عديدة، الذاتية منها تتمثل أهمها في ضعف بُناه المؤسسية وشحّ التمويل وصغر حجم منشآته، وانحصار شركاته في النطاق العائلي.
ووفقاً لبعض التقديرات، فإنَّ عشر أُسَرٍ كانتْ تسيطر على 80٪ من الاستيراد، والصناعة، والمصارف، والاتصالات، والنقل، وفقاً لتقرير اليمن: الفساد وهروب رأس المال والأسباب العالمية للصراع، الصادر عن تشاتام هاوس 2013.
تؤكد المسوحات الرسمية أنّ معظم منشآت القطاع الصناعي صغيرة جداً وأجور العمالة فيها متدنية، إذ تصنف منشآته إلى ثلاث فئات، منشآت صغيرة، ومنشآت متوسطة، ثم منشآت كبيرة، الأمر الذي يبين مدى محدودية حجم منشآت القطاع الخاص الصناعي وصغرها الشديد.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، تمثل المشروعات الصغيرة 88% من إجمالي عدد المنشآت الصناعية، وإذا أضيف إليها المشروعات المتوسطة ستصل نسبتها إلى 97% .
وقال صادق عبد الرحيم صلاح – وكيل وزارة الصناعة والتجارة: إنَّ القطاع الخاص هو القطاع الرائد الذي يقوم بدوره في المجال التجاري والصناعي، وهذا يتوافق مع دور الدولة في الوقت الحاضر الذي لا يعدو كونه إشرافيًّاً ورقابياً.
وأكّد صادق عبد الرحيم أنّ دور القطاع الخاص لم يقتصر على توفير السلع الأساسية وضمان تدفقها، بل كان لها دور كبير في تقديم الخدمات والعمل على توفير المشتقات النفطية في ظل توقف الشركات المنتجة.
وأضاف:» الوزارة قامت على إجراءات وخطوات لتأسيس طلبات الشركات التضامنيَّة والشركات المحدودة التي بلغ عددها ١٠٨ شركة محدودة و١٤٧ شركة تضامنية، فيما بلغ عدد الشركات المساهمة المقفلة ٨ شركات، خلال ٢٠١٨-٢٠٢٠م».
وقالت دراسة « منظمات المعونة الدولية والقطاع الخاص اليمني» إنّ « القطاع الخاص ظل أحد العوامل الرئيسة التي منعت الأزمة الإنسانية المريرة في اليمن من أن تكون أسوأ بكثير».
وأضافت» تقدم القطاع الخاص في العديد من المجالات للمساعدة في سد الفجوة، وشمل ذلك تسهيل تحول واسع النطاق إلى الطاقة الشمسية في مواجهة الشبكة الوطنية الفاشلة ونقص الوقود اللازم للمولدات، بالإضافة إلى التدخل حين انهارت خدمات المياه والرعاية الصحية.
لكن دراسة «آثار الصراع على القطاع الخاص” إبريل 2021، الصادرة عن شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، خلصت إلى أنّ طبيعة نشاط مؤسسات وشركات الأعمال اليمنية انتقائية «تركز على المردود السريع والمضمون».
وأضافت» إنّ تركيز الشركات اليمنية على الربح أمراً طبيعياً في ظل غياب الإجراءات والسياسات الحكومية المنظمة لها، لكنه يسبب انخفاض أو غياب المساهمة في تطوير البنى التحتية لتحقيق التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة».
ولفتت الدراسة إلى أنّ القطاع الخاص في اليمن، كما في العديد من البلدان، يسعى غالباً إلى تعظيم أرباحه وتحقيق مكاسب كبيرة لا تتناسب مع العائد الاجتماعي المفترض، إذ أن أرباحه المحققة لا تعكس في الواقع مساهمة ملموسة في الإنتاجية وخلق فرص العمل في جوانب التنمية المستدامة.
وأوضحت دراسة “آثار الصراع على القطاع الخاص” أنّه حتى مع تفشي جائحة كورونا وحالة الصراع وتفاقم حدة الفقر والبطالة، كانت مساهمة القطاع الخاص تجاه هذه الكوارث محدودة وتكاد تكون رمزية.
وأشارت إلى أنّ العلاقة بين المستثمرين الأجانب ومؤسسات الأعمال المحلية تفتقد إلى الروابط إلا في ما ندر، مرجعةً ذلك إلى أسباب تفشي الفساد في العديد من المستويات، بما فيها القضاء، وغلبة النزعة الفردية والطابع العائلي لمؤسسات القطاع الخاص.
وقد كانت هناك محاولات لتأسيس إطار قانوني لشراكة اختيارية للقطاعين العام والخاص للاستثمار في البنى التحتية، أهمها كان عام 2014، بإعداد كل من الهيئة العامة للاستثمار ووزارة المالية والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية “مشروع قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص»
وحددت المادة رقم ثلاثة أهدافه بتشجيع القطاع الخاص وجذب تمويلاته للاستثمار في مشاريع البنى التحتية، وتنظيم عمليات الإشراف والرقابة على إجراءات الشراكة، بما يضمن خلق فرص العمل وجذب التكنولوجيا والابتكارات إلى مشاريع البنى التحتية.
ومن ضمن الأهداف للإطار القانوني، الحد من المخاطر البيئية وتعزيز التنمية المستدامة في تنفيذ جميع مشاريع الشراكة، لكن تلك المحاولات، وللأسف، تجمدت ولم تستكمل إجراءات إقرارها لدى الحكومة والبرلمان.
ويعتمد اليمن عادة على الواردات لتلبية ما يصل إلى 90 % من احتياجات سكانه الغذائية- ووفقاً لمجموعة اللوجستيات التابعة للأمم المتحدة- واصل القطاع التجاري استيراد ما نسبته 96.5 % من الأغذية التي تدخل البلاد، في حين شكلت الجهات الفاعلة الإنسانية نسبة 3.5 % المتبقية.
43% : الصراع أبرز العوائق امام عمل القطاع الخاص في اليمن
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر لصالح صحيفة صوت الأمل، في ش…