أظهر القطاع الخاص قدرة على الصمود
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
أحدثت النزاعات المستعرة منذ أواخر 2014، خسائر جسيمة في منشآت القطاع الخاص، وأضرت كثيراً بمصالحه ووتيرة أدائه، وأنتجت نزوعاً موضوعياً لتكيّف البعض مع مؤسساته في الواقع المستجد، وتوجه البعض الآخر إلى نقل رؤوس أمواله واستثمارها خارج البلاد.
لا يزال القطاع الخاص متأثراً بشكل كبير بالصراع الدائر، وكان مناخ الاستثمار باليمن يعاني أصلاً من الصعوبات من قبل الصراع، مدفوعاً بضعف الحوكمة، ويزيدها تعقيداً سياسات سعر الصرف التي كانت تعطي الأفضلية للواردات الرخيصة.
ووفقاً لمسح أجرته مجموعة البنك الدولي في أكتوبر 2018، أغلقت حوالي 25% من الشركات في البلاد، وقلصت ما يزيد عن 51% من الشركات الباقية حجم عملياتها وضيقت نطاقها.
وأرجعت ما يقرب من 73% من الشركات المغلقة سبب الإغلاق إلى المشكلات الأمنية والقيود المالية.
وأظهرت نتائج المسح، أنّه بسبب تداعيات الصراع على القطاع الخاص، ساءت البطالة – ذات المعدل المرتفع – بصورة أكبر، وزادت تكلفة ممارسة الأعمال، وتقلصت العائدات وقاعدة العملاء، وهاجر رأس المال الخاص إلى الخارج.
وأشار مسح البنك الدولي، إلى أنّ العمليات التجارية صارت أصعب، مما أثر سلباً على أسعار السلع الغذائية الأساسية المستوردة والأدوية.
وأفادت نتائج المسح السريع الذي نفذته وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر، بأن 26 % من منشآت الأعمال اضطرت إلى إغلاق أبوابها لأسباب عديدة أهمها التدمير المادي الذي خلفه الصراع الجاري في البلاد على منشآت القطاع الخاص.
وبحسب المسح، كانت المنشآت المتوسطة الحجم أكثر تأثراً، حيث اضطر35% من المنشآت المتوسطة إلى إغلاق أبوابها، يليها المنشآت الصغيرة بنسبة 27 % ثم الأصغر 24 %، في حين كانت المنشآت الكبيرة أكثر قدرة على الاستمرار والصمود، حيث بلغت نسبة المنشآت الكبيرة المغلقة 17 % من إجمالي المنشآت الكبيرة.
لقد أبدت الشركات الكبرى صموداً أكبر بالمقارنة مع الشركات الصغرى وذلك بفضل امتلاكها لموارد كبيرة داخلية وخارجية، فضلاً عن تمتعها بنفوذ سياسي أكبر، وفقاً لنتائج مسح وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر.
وكانت المنشآت العاملة في قطاع الخدمات ومنها وكالات السفر والفنادق، والمداس والمستشفيات الخاصة أكثر تضرراً من الصراع المباشر وتداعياته، حيث بلغت نسبة المنشآت الخدمية التي تم إغلاقها 35 %، مقابل إغلاق 29 % من المنشآت الصناعية الإنتاجية، وإغلاق 20 % من المنشآت التجارية.
وبحسب النوع الاجتماعي، بلغت نسبة المنشآت المغلقة التي تملكها المرأة حوالي 42%، مما يؤكد أنَّ المنشآت التي تملكها النساء أكثر تأثراً بالصراع مقارنة بتلك التي يملكها رجال.
وقالت دراسة اقتصادية إنّ الانكماش الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص بلغ 9% خلال الفترة 2015-2019، حيث تكبد القطاع الخاص خسائر اقتصادية كبيرة جراء الصراع وما رافقه من قيود مفروضة على حركة الأفراد، والتجارة وتحويل الأموال.
وقدرت دراسة» تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص» الخسائر المباشرة التي لحقت بالقطاع الخاص اليمني، خلال السنوات الثلاث الأولى من النزاع، ما بين 25 و27 مليار دولار، بسبب توقف النشاط الاقتصادي في منشآته بصورة كلية أو جزئية.
يندفع المستثمرون المحليون للتخلص من أملاكهم تحت وطأة الضغط الناجم عن تقلبات الوضع السياسي والأمني، وغياب الاستقرار الاقتصادي، إذ اتسعت ظاهرة بيع الممتلكات والأصول الاستثمارية، خلال فترة الصراع.
وتشهد المحافظات اليمنية لاسيما مدينة عدن والمحافظات المجاورة خلال الفترة الراهنة زيادة حادة في معروض مبيعات الأصول الاستثمارية بمختلف القطاعات.
وقال عثمان الذبحاني – صاحب مكتب عقارات- إنَ «موجة بيع كبيرة لاستثمارات وعقارات وأراضٍ تتبع مستثمرين ورجال أعمال ووجهات اجتماعية وبأسعار تقل عن قيمتها الحقيقية 50%، وتنقص عن نص كلفتها الاستثمارية»
وأكّد الذبحاني أنّ المشاريع والأصول الاستثمارية التي يضطر أصحابها للتخلص منها وعرضها للبيع قد شملت: عقارات وفنادق، ووسائل نقل ثقيلة، ومولات تجارية، ومدن سكنية، ومنازل، وأراضٍ بمواقع كانت تنافسية للاستثمار.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية رسمية عن جحم رؤوس الأموال الخاصة التي خرجت من البلاد جراء الصراع، للبحث عن ملاذ آمن للاستثمار؛ لكن تشير تقديرات خبراء الاقتصاد أنَّها كبيرة وكانت كافية للنهوض بالاقتصاد في حال وجود سيناريو لا صراع.
يقول خبير الاقتصاد الوطني الدكتور يوسف سعيد- أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن- إنّ تكلفة خروج رؤوس الأموال الخاصة، والأموال المغسولة إلى خارج اليمن، خلال السنوات الست الماضية، كانت باهظة على الاقتصاد، والوضع المعيشي للمواطنين.
وأوضح في تصريح سابق أنّه- منذ بدء الصراع- غادرت اليمن رؤوس أموال كبيرة قد يصل حجمها حسب بعض التقديرات المتحفظة إلى 30 مليار دولار؛ شملت أموال مستثمرين حقيقين، وآخرين جاءوا بها من مصادر قذرة كتجارة الحروب.
وقال رجل الأعمال علي محمد المطري لـ “صوت الأمل» معروف أنّ رأس المال جبان وهذه حقيقة مسلم بها، ودائماً صاحب رأس المال يبحث عن البيئة السليمة والآمنة له ولأمواله وتنميتها، وهذا حق مشروع.
وأضاف» نحن لا نستطيع أن ننجم ونقول كم الأموال التي غادرت اليمن، هي أموال كبيرة جداً من تجار كبار وتجار وسط وحتى تجار صغار، وأيضاً المغتربين في السعودية نتيجة العراقيل الشديدة خاصة على اليمنيين، أتوا إلى اليمن وواجهوا الكثير من المصاعب والمعوقات، وبعضهم صمدوا ولهم الشكر”.
وأوضح المطري أنّ اليمنيين عندما تركوا وطنهم وذهبوا لدول أخرى، منهم من دخل في مجال العقارات وبالذات في تركيا، ومنهم من دخل في التصنيع في مصر، ومنهم في أعمال تجارية أخرى.
واستدرك قائلاً:” سيظل الوطن دائماً مهما تكن المشاكل الموجودة فيه من انعدام الظروف المهيأة للاستثمار لكنَّه سيظل هو الوطن ولن ننسَ هذا أبداً”.
ودعا رجل الأعمال علي محمد المطري التجار ورجال الأعمال، الذين غادروا اليمن إلى دول مجاورة ودول بعيدة، أنّ يتركوا لهم موطئ قدم في بلدهم للمستقبل.
وأكّد بالقول: “مهما كانت الصراعات السياسية والمعوقات كثيرة، ولا أحد ينكرها أو يدافع عنها، ولكن ستظل اليمن الوطن والمتنفس والتربة التي نستنشق هوائها فلا مثيل للوطن».
43% : الصراع أبرز العوائق امام عمل القطاع الخاص في اليمن
صوت الأمل قالت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر لصالح صحيفة صوت الأمل، في ش…