‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة العمل الانساني في اليمن كيف ساهم القطاع الخاص في الأعمال الإغاثية في اليمن؟

كيف ساهم القطاع الخاص في الأعمال الإغاثية في اليمن؟

صوت الأمل – فاطمة رشاد

علق اليمنيون آمالهم على الجهات المعنية لتدخل في الإغاثة الإنسانية لشعب منكوب منذ سنوات. لم تكن الرؤية واضحة، لا سيما في عمل بعض الأطراف العاملة على تقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها.

مساهمة منظمات الأمم المتحدة

لا أحد يغفل مساهمة منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الدولي في محاولة التخفيف من معاناة الشعب اليمني، ورغم الجهود التي بذلت في إعداد خطط الاستجابة الإنسانية خلال السنوات الست الماضية؛ فإن مستوى التنفيذ لهذه الخطط لم يلامس حجم الطموح المتواضع في تلك الخطط. وهنا يمكن التفريق بين عوامل خارج سيطرة تلك المنظمات، وعوامل داخلية تعزى إلى القصور في الإدارة والتنسيق.

وخلال التصريحات التي قدمتها منظمة تنسيق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة (OCHA) التي تعد من أهم المكونات المؤسسية للعمل الإنساني في اليمن، تبين أن حجم المساعدات والعمل التنسيقي بين المنظمات الدولية والمنظمات المحلية العاملة في المجال الإنساني والمساعدة في حشد التمويل الكافي من المساعدات الخارجية كبير جدا، إضافة عمل الأوتشا في تنظيم قاعدة البيانات المحدثة لمجمل القطاعات الإنسانية. ويعمل في إطار هذه المنظمة عدة قطاعات رئيسة أهمها: قطاع الصحة، قطاع التعليم، قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، قطاع سوء التغذية، قطاع الأمن الغذائي، قطاع التغذية، قطاع الحماية وحقوق الإنسان، قطاع المأوى والمواد غير الغذائية وإدارة وتنسيق المخيمات، القطاع المتعدد (اللاجئين والمهاجرين).

وحسب قول سهى أحمد -إحدى العاملات في المجال الإغاثي-: “يوجد العديد من الاطراف الفاعلة في العمل الإنساني التي يفترض بها أن تعمل بصورة تكاملية ومنسقة للوصول إلى تحقيق أهداف ملموسة، والحد من التدهور في المؤشرات الإنسانية، وقد شهدت سنوات الصراع زخماً في العمل الإنساني الذي صاحب تدهور المؤشرات الإنسانية منذ 2015، وقد ظهرت العديد من التطورات على الصعيد السياسي والاقتصادي التي أثرت سلباً على بيئة أداء العمل الإنساني، وحالت دون تحقيق الكفاءة المنشودة من مختلف الأطراف، خاصة في ظل غياب معايير الرقابة والتقييم والمساءلة. وهناك تحديات تواجهنا في عملنا لإيصال المساعدات الإنسانية وبالذات في الأماكن التي يكثر الصراع فيها مما يضطرنا إلى عدم الوصول لتلك المناطق رغم الحاجة الماسة للمساعدات”.

وتضيف سهى قائلة: “تسعى كثير من المؤسسات العاملة في الجانب الإغاثي إلى توزيع المساعدات بشكل عادل في المناطق الأكثر احتياجا والأكثر تضرراً. كنا قد وصلنا في العام الماضي إلى محافظة الحديدة وتم رصد الاحتياجات التي يحتاجها سكان وادي تهامة الذي تضرر الناس هناك بشكل كبير”.

  منظمات المجتمع المدني المحلي:

يوجد في اليمن عدد كبير من منظمات المجتمع المدني، من مؤسسات وطنية وجمعيات خيرية ومنظمات إنسانية، في مختلف المجالات وعلى مستوى جميع مناطق ومحافظات الجمهورية، وتعمل الكثير من هذه المنظمات بشكل مستقل عن منظمة الأوتشا وتقوم بتمويل مشاريعها الإنسانية تمويلاً ذاتياً من المؤسسين لها أو من خلال جمع التبرعات من القطاع الخاص والأهلي والمغتربين خارج الوطن. وعلى الرغم من أن مساهمة هذه المنظمات يشكل نسبة مهمة من التدخلات الإنسانية فإنها غير موثقة؛ نظرًا لكثرتها من ناحية، وقصور عمليات التوثيق وغياب قاعدة للبيانات من قبل الجهات الحكومية المعنية بتنظيمها والرقابة عليها من ناحية أخرى.

مساهمة الجهات الحكومية في العمل الإنساني والإغاثي في اليمن

قال جمال بلفقيه -المنسق العام للجنة العليا للإغاثة في اليمن-: “تلعب المؤسسات الحكومية ذات العلاقة دوراً محورياً في توجيه العمل الإنساني نحو المسار الذي يخدم الكفاية والحيادية والسلامة لإيصال المساعدات إلى المواطنين الذين هم بحاجة ماسة للتدخل الإنساني بكل أنواعه، إلا أن الممارسات على أرض الواقع أظهرت أن دور الحكومة هو الأضعف والأقل تأثيراً، خاصة في الأجل القصير وفي المراحل الحرجة”.

وواصل قائلا: “إن المؤسسات الحكومية المعنية بالقضايا الإنسانية، ومواجهة حالات الطوارئ غير كفؤة أو غير مفعلة، ولا توجد جهة معنية ببناء قاعدة بيانات لحصر جميع الحالات الإنسانية أو حتى للتنسيق بين مختلف الوزارات المعنية، على غرار ما تقوم به منظمة تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة”.

وشاركه الرأي ماجد الشاجري -مدير مكتب صندوق الرعاية الاجتماعية- حيث قال: “إن مهام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لا بد أن يكون هناك ممارسات على أرض الواقع، لكننا نرى أنه يقتصر على إصدار تصاريح المنظمات وتقديم بعض الخدمات الحكومية في مجالات التنمية الاجتماعية. نحن بحاجة إلى الدور الرقابي المفترض من قبل وزارة التخطيط والتعاون الدولي على المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة؛  فهو ليس على المستوى المطلوب، ونحن نسعى من خلال صندوق الرعاية الاجتماعية إلى المساهمة في إدراج كل الكشوفات الموجودة لدينا للمستفيدين من المساعدات المالية المقدمة من الجهات الداعمة، ورغم التحديات التي نواجهها في عملنا فإننا نحاول تفادي أي عقبة تقف أمامنا وتحد من وصول المساعدات النقدية للمستفيدين”.

المانحون

أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن الجزء الأكبر من التمويل (63٪) يأتي من أربع دول فقط: الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة العربية السعودية، المملكة المتحدة، ألمانيا.

وبحسب إحصائية الإدارة العامة للمنظمات بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، بلغ عدد المنظمات غير الحكومية العربية والأجنبية في اليمن 74 منظمة، تعمل في العديد من المجالات التنموية والاجتماعية والاقتصادية، لكن نصفها قد توقف منذ بدأ الصراع.

دور القطاع الخاص في العمل الإغاثي

الناشطة الحقوقية والعاملة في الإغاثة الإنسانية في اليمن  أمل ناصر قالت لـ”صوت الأمل” عن دور القطاع الخاص في العملية الإغاثية: “رغم الإهمال والتخلف الذي عانى منه القطاع الخاص من قبل النزاع والأضرار التي لحقت به أثناء النزاع؛ فقد ظل أحد العوامل الرئيسة التي منعت الأزمة الإنسانية المريرة في اليمن من أن تكون أسوأ بكثير”.

وتضيف أمل ناصر قائلة: “من يناير إلى مارس عام 2017م تم نقل ما يقارب 1,3مليون طن من إجمالي شحنات الأغذية من قبل مستوردين تجاريين، وشكلت شحنات المساعدات الإنسانية النسبة المتبقية. وفيما يتعلق بالوقود فإن ما يقارب من 526,000 طن من الوقود المنقول إلى اليمن جاء عن طريق مستوردين تجاريين.

ولتسليط الضوء على أهمية القطاع الخاص في جهود الإغاثة كما ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإنه لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تعوض المؤسسات العامة؛ لأنها هي الأخرى لا يمكن أن تعوض الواردات التجارية والأسواق المحلية العامة لتلبية الغالبية العظمى من احتياجات البقاء على قيد الحياة”.

وقالت أمل أيضًا إن هناك دراسة مسحية عن الأعمال التجارية الخاصة  التي أجريت في عام 2017م، وأن أربعة من خمسة من أصحاب شركات يرون أنفسهم متخرجين في جهود إغاثية، وأن أشكال المساعدات الأولية لهم كانت مالية وغذائية ورعاية صحية، كما أن للقطاع الخاص دورًا حاسمًا في تسهيل التوزيع والتخزين والخدمات اللوجستية للجهات الفاعلة في المجال الإنساني، فضلا عن تسهيل التحويلات النقدية من الجهات المانحة إلى المستفيدين.

دعم المانحين من القطاع الخاص والصعوبات التي يواجهها

يقول تقرير صادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بوضوح: “إن الأزمة الإنسانية في اليمن هائلة ومعقدة، وهي تشمل مجموعة واسعة من العوامل المترابطة والمتداخلة. ومع ذلك، يبدو واضحاً أنه رغم التوسع الكبير لعمليات الجهات الفاعلة الدولية في المجال الإنساني لمعالجة هذه الأزمة منذ عام 2015، فإن القطاع الخاص اليمني هو الذي أنقذ الوضع من تدهور أسوأ بما لا يقاس؛ فقد منع أصحاب الأعمال اليمنيين –عبر تسهيل كل شيء من الواردات إلى النقل والإمداد والتحويل النقدي– من انزلاق البلاد إلى المجاعة الجماعية. وقد قدمت شركات القطاع الخاص على نحو مماثل إجراءات إغاثية عوضت عن انهيار الدولة الذي عجله تبخر الإيرادات الحكومية وتعليق معظم نفقات التشغيل في القطاع العام، مثل رواتب معظم موظفي الخدمة المدنية في اليمن البالغ عددهم 1.2 مليون شخص”.

في حين اعترف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في عام 2017 أنه لا يمكن للمساعدات الإنسانية تعويض غياب المؤسسات العامة تماما؛ فإنها لا يمكنها أيضاً أن تحل محل الواردات التجارية وعمل الأسواق المحلية لتلبية الغالبية العظمى من احتياجات اليمنيين للبقاء على قيد الحياة.

وقد ساهم القطاع الخاص في إيقاف  تآكل الخدمات وعلى رأسها  انخفاض إنتاج الكهرباء في القطاع العام إلى ما يقرب الصفر في معظم أنحاء البلد. وسهلت الأعمال التجارية عملية انتقال سريعة وواسعة نحو الطاقة الشمسية بالنسبة للكثير من الأسر في العديد من المناطق، مع توفير الوصول إلى المولدات والمعدات وقطع الغيار الصناعية والخبرات للإبقاء على مختلف شبكات المياه ومرافق الرعاية الصحية في المدن اليمنية الرئيسة، وخاصة صنعاء والحديدة وتعز. كما ظلت العديد من المرافق الطبية الخاصة مفتوحة –غالباً- لتقديم خدماتها للأشخاص غير القادرين على الدفع في المناطق التي شهدت إغلاق العيادات العامة. وقد سهلت الشركات اليمنية تدفق الإمدادات الطبية إلى الصيدليات والمرافق العامة والخاصة والإنسانية في جميع أنحاء البلاد.

استبيان للأمم المتحدة

في استبيان أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أغسطس 2017 ضم 53 ممثلًا لمؤسسات القطاع الخاص -الصغيرة والمتوسطة والكبيرة- في اليمن في جميع القطاعات الصناعية، أفاد أن أربعًا من بين كل خمس من هذه المنظمات تساعد الأشخاص المتضررين من النزاع.

كما ذكرت هذه المؤسسات أن أهم أشكال المساعدة التي تقدمها تشمل الخدمات المالية والغذائية والصحية.

كذلك أفاد الاستبيان الذي أجراه الباحث الاقتصادي والخبير علي العزكي مع أصحاب الأعمال اليمنيين في نوفمبر 2017 أن جميع المشاركين يرون أنفسهم مساهمين في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية. تراوحت هذه المحاولات بين التوزيعات النقدية، وإعداد سلال الأغذية وتوزيعها، وصولاً إلى توريد المستلزمات الطبية للمصابين بالكوليرا.

وعلى الرغم من محدودية الطلب في السوق على سلعهم، فإن جميع أصحاب الأعمال قالوا إنهم احتفظوا بأغلبية القوى العاملة –ولو من خلال استراتيجيات تكيف سلبية، كخفض الرواتب والاستحقاقات، وأيضاً تقليل ساعات العمل– كجزء من إجمالي جهودهم للتخفيف من حدة الأزمة.

المشاركة في أعمال توزيع المساعدات

يعتقد غالبية أصحاب الأعمال أن مشاركتهم في أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات هي نوع من مساهمتهم في العمل الإنساني؛ وقد أفاد أحدهم أنه يملك مؤسسة خيرية، في حين يقوم الآخرون بتوزيع الدعم من خلال شركاتهم. وفيما يتعلق بهؤلاء الأخيرين، قامت الشركات لأغراض توزيع المعونة بتطوير وحماية قواعد بيانات للمستفيدين باستخدام شبكات غير رسمية من أسر وأصدقاء وجيران. وبشكل عام، يقدم موظفو الشركات من ذوي الخبرة في مجال الإغاثة الإنسانية الدعم؛ وهذا ينطبق على حال كثير من التجار الذين لهم لمسات خاصة في العمل الإنساني، حيث قال أحد رجال الأعمال في محافظة عدن: “لا بد من تفعيل مبدأ التكافل الإنساني، خاصة ونحن نمر بظروف صعبة في البلاد”.

القطاع الخاص والعلاقات مع الجهات الفاعلة الإنسانية الدولية

لعبت الشركات الخاصة دوراً أساسيًا في توزيع المساعدات الإنسانية الدولية في اليمن، بما في ذلك التحويلات النقدية والسلع المادية؛ فعلى سبيل المثال سجل أحد مصارف التمويل الأصغر في اليمن عام 2017 نحو 1.5 مليون تحويل نقدي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 29.5 مليار ريال يمني لمستفيدين من المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء اليمن. وفي مثال آخر، من عام 2015، كانت لدى الوكالات الإنسانية 63 شاحنةً تحمل إمدادات الإغاثة، بما في ذلك السلال الغذائية والأدوية تقطعت بها السبل في صنعاء بسبب العمليات القتالية. وقد تدخلت شبكات الأعمال في القطاع الخاص، مما سهل المفاوضات بين الأطراف المتحاربة على الأرض، وأدى في النهاية إلى إطلاق سراح الشاحنات ووصول المساعدات إلى أربع مناطق محاصرة في تعز وأربع أخرى في عدن.

 كما أشارت مقابلات مع أصحاب أعمال يمنيين وعدد من موظفي الوكالات الإنسانية الدولية إلى أن الجهات الفاعلة في المجال الإنساني تعتمد على القطاع الخاص لتوفير خدمات سلسلة الإمداد، مثل النقل والتخزين وخدمات التخليص الجمركي وإعادة الشحن. وبين أبريل وسبتمبر 2017، اعتمدت معظم الجهات الفاعلة الإنسانية العاملة في جهود الاستجابة للكوليرا على الشركات اليمنية للحصول على المستلزمات الطبية اللازمة، يرجع ذلك إلى تفاقم الأزمة وعدم قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على شراء الإمدادات اللازمة بسرعة من خارج اليمن.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. الغذاء أهم الاحتياجات الإنسانية لليمنين في ظل الصراع بنسبة %36.9

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر ينا…