‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النوع الاجتماعي في اليمن اليمن سياق معقد لتنفيذ برامج النوع الاجتماعي

اليمن سياق معقد لتنفيذ برامج النوع الاجتماعي

صوت الأمل – عبدالجليل السلمي

أدت سنوات من الصراع إلى تآكل المؤسسات والبرامج الحكومية التي ربما كانت توفر الحماية للنساء والفئات الأكثر ضعفاً في اليمن، ومع استمرار النزاعات الأهلية، قد تبدو قضايا النوع الاجتماعي في البلاد مأزقاً لا يمكن إصلاحه؛ إلا أن المنظمات المحلية المصممة والنساء المتلهفات للهروب من قيود المجتمع كل ذلك يعمل على النهوض بحقوق المرأة في اليمن وجعل المساواة بين الجنسين حقيقة واقعة.

يشهد اليمن زيادة في عدد منظمات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة؛ حيث تظهر الأرقام نمواً سريعاً، ووفقاً لمؤشر استدامة منظمات المجتمع المدني عام 2018، قدّرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحلول نهاية العام تسجيل ما يقرب من (13,200) منظمة مجتمع مدني في جميع أنحاء اليمن، منها المنظمات غير النشطة.

وقالت ريم أبو بكر السقاف – مسؤول برامج الدعم النفسي بجمعية الهلال الأحمر اليمني- لـ”صوت الأمل”: “اليوم، يوجد لدينا العديد من المنظمات المحلية والدولية في اليمن التي تهتم بقضايا النوع الاجتماعي ومدرجة ضمن أنشطتها، ومشاريعها وبرامجها التنموية أو الطارئة ومن هذه الأنشطة التي تقدمها منظمات المجتمع المدني الاهتمام بقضايا النوع الاجتماعي”.

 وأضافت: “من البرامج التي تقدمها منظمات المجتمع المدني الدفاع عن حقوق الإنسان، وبناء القدرات القيادية لدى الشباب وتشمل الجنسين، والحد من العنف ضد النساء والأطفال، والدفاع عن حقوق الطفل والمرأة، وتغيير العلاقات النوعية داخل الأسرة والمجتمع، وتعزيز الحريات”.

وأوضحت ريم السقاف أن من أنشطة منظمات المجتمع المدني اليمنية رصدُ مكامن الاستبعاد الاجتماعي والتهميش، وإدماج النوع الاجتماعي في الأنشطة والمشاريع المختلفة، ومناصرة المرأة وتوفير الحماية القانونية للمرأة، وزيادة المشاركة السياسية للمرأة، وتدريب القيادات النسوية والهامشية، ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال والنساء.

وأشارت إلى أنه على الرغم من تنوع الأنشطة والمشاريع في المنظمات المحلية -وكذلك الدولية- التي تهتم بقضايا النوع الاجتماعي والتوعية حولها وحول أهميتها فإن كثير من القضايا ذات العلاقة بالنوع الاجتماعي  لا تزال منتشرة وفي ازدياد حتى الآن.

واستطردت بالقول: “من القضايا ذات العلاقة بالنوع الاجتماعي التي زادت بسبب الصراع العنف الأسري، والعنف الجنسي، وجرائم الشرف والاغتصاب والاغتيال، والإجهاض، والزواج القسري أو المبكر، والحد الأدنى لسن الزواج، والطلاق، ووصاية الأطفال وحضانتهم، والميراث، والجنسية، وقوانين العمل، والتحرش الجنسي في أماكن العمل، والاتجار بالبشر، والأشخاص النازحون وطالبو اللجوء، والرعاية الاجتماعية”.

وأكدت السقاف أن نحن بحاجة إلى أنشطة ومشاريع حقيقية فاعلة لمناصرة هذه الفئات بدبلوماسية إنسانية عالية حتى نتمكن من إزالة الوصمة المجتمعية حول قضايا النوع الاجتماعي، وكذلك إدماج السلطات ذات العلاقة ليكونوا فاعلين.

وعلى الرغم من تبني المنظمات المحلية برامج في القطاعات الإنسانية، وتعزيز سبل العيش للوصول الى الخدمات فإن الأوضاع الاجتماعية والمعيشية لليمنيين تزاد سوءًا، وخصوصاً بين النساء والأطفال والشباب، وتتسع فجوة النوع الاجتماعي في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى الثقافية.

احتلت اليمن المرتبة الأسوأ في العالم في المؤشرات القياسية للفجوة بين الجنسين، مع استمرار هذا الاتجاه في مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2020.

إن تصميم برامج معالجة النوع الاجتماعي في اليمن يتطلب تشخيصَ المشاكل والمعوقات؛ لتوجيه دمج مبادئ المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في خطة العمل، بما في ذلك دمج هذه المبادئ في تصميم الأنشطة وتنفيذها والتعاون والتعلم والتكيف.

يُجمع العاملون في منظمات المجتمع المدنية اليمنية أن التحدي الذي يواجه معدي المشاريع والبرامج في اليمن يتمثل في الافتقار إلى بيانات موثوقة، وفي الوقت المناسب، وفي ذلك يقول فوزي المشرقي -رئيس مؤسسة بديل للتنمية– أن هناك نقصًا في البيانات الموثوقة في الوقت المناسب التي يسهل الوصول إليها والقابلة للمقارنة، لا سيما المعلومات الخاصة بالنوع الاجتماعي، بما في ذلك حدوث العنف القائم على النوع الاجتماعي.

تشير البيانات المتوفرة على البيانات القومية اليمنية إلى أنه تم إجراء آخر تعداد سكاني في عام 2004، وآخر مسح عنقودي متعدد المؤشرات لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة في عام 2006، وآخر مسح لميزانية الأسرة في عام 2014، وآخر مسح ديموغرافي وصحي وطني في عام 2013، وآخر مسح للقوى العاملة في عام 2013-2014.

 وأوضح المشرقي أن دراسات وتحليلات وكالات ومنظمات دولية عن النوع الاجتماعي في اليمن أجمعت على أن اليمن هو سياق معقد لتنفيذ برامج النوع الاجتماعي، وهناك نقص في التعاون بين الجهات المانحة وأصحاب المصلحة، مما يحد من الجهود المبذولة لتعزيز المساواة بين الجنسين ونتائج تمكين المرأة. وينتج عن هذا الوضع ضياع فرص لتنسيق الجهود لتحقيق أقصى قدر من التأثير.

وأضاف أن الخبرة الجنسانية في المنظمات المنفذة في اليمن، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة الرائدة، ضعيفة وغالباً ما تكافح لتحقيق تقدمٍ في مواجهة القيود.

 ولفت رئيس مؤسسة بديل للتنمية إلى أن السياق المحلي يحد من قدرات الشركاء المنفذين على تعزيز البرمجة الجنسانية، وهي تتفاقم بسبب ندرة المعلومات حول تأثير النوع الاجتماعي على الإجراءات الإنسانية وتدخلات التنمية.

ترى المنظمات الدولية أن عمل الوكالات المشترك بين القطاعات والتنسيق الأفضل بين الوكالات والمانحين مهم للغاية، وسيعطي طاقة جديدة للمجموعات ويوسع الجهود إلى ما بعد إنقاذ الأرواح.

وقد كان (88) كيانًا من منظمات المجتمع المحلي قد خاطب السيد هانز غروندبرغ -المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن- في 17 أكتوبر 2021، في بيان مشترك، أن تركهم خارج المفاوضات يقلل بشدة من احتمالات تحقيق السلام على المدى الطويل، حتى لو اتفقت الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار.

وأشارت الكيانات إلى أنها تمثل الأصوات على الأرض، وعملت في جميع أنحاء البلاد في مجالات الاستجابة الإنسانية الطارئة، والتنمية المحلية، وبناء السلام، وتمكين الشباب والنساء، وتمثيل مصالح الفقراء والمهمشين والضعفاء.

ولفتت الانتباه إلى أنها حققت نجاحات ملموسة في الحفاظ على التماسك المجتمعي وحل النزاعات المحلية، وتقديم مساعدات الإغاثة، وإعادة فتح الطرق، وأصبحت المنظمات المحلية وزناً حقيقياً ومؤثراً على الأرض، ولها علاقات وثيقة مع المجتمعات المحلية في جميع أنحاء اليمن.

 ينتقد مهتمون دور المنظمات التي تقوم في عملها على تقديم العون بصورة غير مدروسة ولا تتماشى مع المتطلبات والاحتياجات الملحة والعاجلة، في حين أن اليمن تحتاج إلى مساعدات تلبي الاحتياج الإنساني والاجتماعي القائم، والمتفاقم من جراء الصراع.

ووفقًا لمصدر في وزارة التخطيط والتعاون الدولي؛ فإن كثيراً من هذه المنظمات لا تلتزم بالأحكام والقوانين المنظمة لعمل المنظمات غير الحكومية، كما أنها تعمل بعيداً عن الواقع اليمني ولا تدرس متطلبات المجتمع من برامج تخدمه تنموياً.

ويواجه دعم المانحين لمنظمات المجتمع المدني الكثير من العوائق التي تنتقص من جهودها، مما يؤدي إلى غياب المساءلة فيما يخص الالتزامات بتوطين المساعدات الإنسانية، ومن ثمَّ الحد من قدرة القطاع على تلبية الاحتياجات وبناء أسس صلبة للاستجابة إلى الاحتياجات المستقبلية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9

صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…