القانون اليمني وعدالة تطبيق النصوص لقضايا النوع الاجتماعي
صوت الأمل – حنين الوحش
تعددت وانقسمت القضايا الخاصة بالنوع الاجتماعي بين قضايا جنائية وقضايا الأحوال الشخصية وأخرى خاصة بالعمل، وفرضت عقوبات على جزء منها، في حين رُفعت يد القانون عن الأخرى.
وعلى سياق القضايا المجتمعية التي تخص النوع الاجتماعي في اليمن، هل ينصف ويدعم القانون اليمني المساواة بين الجنسين والحماية من العنف؟ أم أن الانتهاكات التي تحدث في مثل هذه القضايا لا يُنظر إليها من قبل القانون اليمني ومغلفة بغطاء العادات والثقافة المجتمعية؟!
القوانين المحلية
“جميع المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات العامة”، هذا ما نصت عليها بعض القوانين الأساسية المتصلة بعدالة النوع الاجتماعي في اليمن.
وفي سياق القوانين التي تنظم العلاقة بين النوع الاجتماعي، كان هناك عدة نصوص لردع أي تجاوزات، وفرض عقوبات أثارت جدلاً بين الجنسيين التي أيدها بعضهم واعتبرها عدالة قانونية، بينما اتهمها البعض الآخر بأنها غير عادلة ولا تضمن حق المرأة اليمنية من الانتهاكات القائمة عليها، مثل: قضايا العنف الأسري، أو الاغتصاب الزوجي، أو ختان الإناث لدى بعض الأسر، أو حقوق الزواج والطلاق والميراث وغيرها من القضايا التي كان فيها التمييز بين الرجل والمرأة واضح حسب رأي البعض.
وحول القضايا القائمة على هذا النوع من القضايا كان هناك عدة قوانين شملتها قوانين الدستور لعام 1991، والدستور لعام 1994، ومشروع دستور عام 2015، وقانون الجوازات لعام 1990، وقانون المنشآت الطبية والصحية لعام 1990، وقانون الجنسية لعام 1990، وقانون الإثبات لعام 1992، وقانون الأحوال الشخصية لعام 1992، وقانون العقوبات لعام 1994، وقانون العمل لعام 1995، وقانون التأمينات والمعاشات لعام 1996، وقانون التأمينات الاجتماعية لعام 1996، وقانون المرافعات والتنفيذ المدني لعام 2002، التي تم فيها تحديد الحقوق والواجبات المفروضة لكلا الجنسيين .
القوانين الدولية
وفي إطار ضمان الحقوق والحريات والعدل القائم على النوع الاجتماعي، وقعت الجمهورية اليمنية اتفاقيات دولية عدة، تشمل: اتفاقية حقوق الطفل، اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” مع وضع تحفظات على المادة رقم 29(1) المتصلة بتسوية المنازعات الخاصة بتطبيق وتفسير الاتفاقية عن طريق التحكم أمام محكمة العدل الدولية، والاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
قوانين وطنية ومعاير دولية
وفي إطار القوانين الوطنية، كان هناك بعض الاختلالات فيما يتناسب مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، فبحسب تقييم عدالة النوع الاجتماعي الذي استعرضه ملخص لاتفاقية “سيداو” في ديسمبر من العام 2019 الذي أوضح فيه القضايا التي لا ينص فيها القانون على المساواة بين الجنسين وفق المعايير الدولية، ولا يتوفر الحد الأدنى من حماية العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومنها :الاغتصاب الزوجي، جرائم الشرف، الزنا، الاتجار بالأشخاص، العمل بالجنس وقوانين مكافحة البغاء، التوجه الجنسي، الزواج والطلاق، تعدد الزوجات، الميراث والحد الأدنى لسن الزواج، الوصاية على الأطفال، القيود القانونية على عمل النساء، عاملات المنازل.
ويشير ملخص الاتفاقية إلى القضايا التي كفل القانون اليمني فيها المساواة بين الجنسيين مثل: قضايا الاغتصاب، تبرئة المغتصب عن طريق الزواج، الحق في الأجر المتساوي عن نفس العمل الذي يقوم به الرجل، الفصل من العمل بسبب الحمل، والقضايا التي لا يزال فيها قصور وأشكال من التميز واللامساواة مثل قضايا: التحرش الجنسي، ختان الإناث، ولاية الرجال على النساء، حضانة الأطفال.
آراء ذوي الاختصاص
الدكتورة ميداء عبدالله (باحثة ومحاضرة أكاديمية في مجال القانون) تقول: إن من أهم القضايا الخاصة بالنوع الاجتماعي في اليمن هي حرمان الفتاة من التعليم وختان الإناث والزواج المبكر للفتيات، حتى أن هناك قانونًا نص على ذلك مفاده “يصح زواج الفتاة لكن لا يجوز أن ترسل إلى زوجها إن لم تكن صالحة للجماع حتى وإن كان عمرها يزيد عن 15 سنة، ولا يصح زواج الصبي إلا إن ثبت أن فيه مصلحة”.
مضيفة أن القوانين لا يوجد بها اختلال يؤدي إلى إقامة عنف في النوع الاجتماعي، لكن تطبيق هذه القوانين هو الذي يؤدي إلى وجود مشكلات في النوع الاجتماعي.
وتشير الهمداني إلى أن هذا النوع الاجتماعي ليس مرهونًا على المرأة وقضاياها فقط؛ بل هو للجنسين، لكن هناك ممارسة للفهم الخاطئ لمفهوم النوع الاجتماعي.
مؤكدة عن وجود قضايا كفلها الدستور ونظمها القانون، ورغم ذلك كان هناك اختلالات سلطوية، وإدارية، ووزارية، ونيابية واجتماعية.
وحول التحديات والضغوطات المجتمعية وكيفية مواجهتها وتقديم الحلول القانونية اللّازمة لها، أفادت الدكتورة ميداء أن سلطة الأعراف المجتمعية في المجتمع اليمني أقوى من القانون؛ فهناك قوانين كفلت حق المرأة لكنها لم تنفذ؛ لأن هناك أعرافًا مجتمعية سلبية تنظر إلى المرأة ومكوناتها في صورة نمطية معينة، مما كان له الأثر الأكبر في ممارسة النوع المجتمعي على المرأة.
وتابعت بقولها: “إذا كان هناك نصوص يجب أن تعدل فسوف تعدل دستوريًا وقانونيًا عبر البرلمان بالطرق المشروعة، وإذا كانت بعض السلوكيات تحتاج إلى تغيير فستحتاج إلى مناصرة مجتمعية من أجل تغيير بعض الأعراف التي تمارس العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وفي ذات السياق، أوضح القاضي سليمان غالب (رئيس دائرة شؤون الأعضاء والمشاريع بنادي قضاة اليمن) أن قضايا النوع الاجتماعي في اليمن كانت –وما زالت- تواجه التحديات الطبقية الاجتماعية التي ترسخت في المجتمع، وتعد هي الحاكمة في تكوين النوع الاجتماعي.
مضيفًا أن من أهم القضايا المنتشرة هي للفئات الضعيفة من النساء والأطفال والفئات المستضعفة (المهمشين) وقضايا ذوي الإعاقة.
ويؤكد غالب أن هناك عدة نصوص وقوانين قد كفلت حقوقهم، لكن يظل هناك بعض الاختلالات؛ بسبب عدم تفعيل الآليات القانونية المعنية بالنوع الاجتماعي خلال فترة الصراع، وضعف التمكين للمعاقين والمستضعفين والنساء وضعف المشاركة لهم.
مشيرًا إلى أن وجود قصور في تطبيق القوانين واللوائح المطروحة على أرض الواقع (المعمول بها)؛ بسبب الضعف المؤسسي، وضعف الشفافية والنزاهة لدى البعض، وضعف التخصص في المجتمع المدني وتدني المساعدة. ولكي يتم مواجهة هذه التحديات، لا بد من تدريب النوع الاجتماعي على المشاركة والمناصرة وتعزيز الوعي القانوني، والتمكين من آليات المناصرة لسيادة القانون، وتطوير وتنظيم الإدارات المعنية بالنوع الاجتماعي في كل المؤسسات للتعلم بانتظام وتكامل.
من جانبها تقول الناشطة المجتمعية مها البيضاني: إن من أهم القضايا الخاصة بالنوع الاجتماعي هي القضايا التي تخص المرأة، ومن أهم النصوص القانونية حول القضايا الخاصة بالمرأة؛ لأنها غالبًا ما تكون مستضعفة وسط العادات والتقاليد اليمنية.
مؤكدة، أن هناك قوانين، لكن غالبًا ما يشار إليها بدون تطبيقها، وذلك يرجع إلى أن سلطة العادات والتقاليد المجتمعية هي التي تحكم في المجتمع اليمني لا القانون.
استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…