العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي تحت المجهر
صوت الأمل – سماح عملاق
يشير العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي إلى جميع أشكال الأذى الموجهة إلى شخصٍ ما على أساس جنسه، أي أن النوع الاجتماعي، من ذكرٍ أو أنثى أو غيره، هو السبب الرئيس لتعرضهم إلى هذا العنف كالاغتصاب أو التجارة بالجنس. ويسمى العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي باسم العنف الجندري، وهو متجذر بعمق في عدم المساواة بين الجنسين وإساءة استخدام السلطة.
ويعد هذا العنف وفقًا لخبراء أمميين شكلًا من أشكال التمييز ضد المرأة، وهو من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، ويؤثر بصورة أكبر على الإناث مقارنة بالذكور، ويمكن أن يتعرض الرجال والفتيان أيضًا إلى هذا العنف، لاسيما العنف الجنسي.
أنواع عديدة للعنف
تذكر تقارير قسم الجندر بمنظمة انترنيوز لعامي 2018-2019 أن العنف غالبًا ما يستخدم لوصف الأذى الجسدي الفعلي، لكن التعريف أوسع بكثير من ذلك ويمكن أن يشمل الاعتداء البدني الخطير أو البسيط، والحرمان من الحرية، والقتل.
وبوصفه نوعًا آخرَ، تذكر التقارير، أن هناك العنف الجنسي الذي يشمل التحرش الجنسي والاغتصاب والاتجار بالجنس، كذلك العنف النفسي أو العاطفي كالإكراه والترهيب والإهانات اللفظية. ويضاف الاستغلال الاقتصادي بوصفه أحدَ أنواع العنف، وذلك التحكم في الوصول إلى الموارد المالية، وتلف الممتلكات، ورفض دفع النفقة.
وتقول التقارير: “يشكل العنف القائم على النوع الاجتماعي انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية والعالمية، كحقه في الحياة والأمن الشخصي والحماية المتساوية أمام القانون وعدم التعرض للتعذيب، وغيره من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
حقوق الإنسان محمية بموجب القانون الدولي، وينبغي أيضًا حمايتها بموجب قوانين كل دولة؛ إذ يحمي القانون الدولي المذكور حقوق المرأة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة حسب تقرير قسم الجندر في منظمة انترنيوز العالمية الصادر عام 2018-2019.
الدواعي والأسباب
كثيرةٌ هي العوامل التي تسهم في انتشار العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، تسردها الناشطة الحقوقية والمحامية عبير الحدي بقولها: “عدم تكافؤ الأدوار الاجتماعية، عدم التمكين، عدم وجود حماية قانونية أو شبكة دعم، قلة المعرفة بالحقوق القانونية، عمر الشخص وضعفه، إدمان المعنِّف لأي نوع من أنواع المخدرات”.
وتضيف عبير أن ظروف الصراع والنزوح والفقر والجهل، وغياب العدالة والمساءلة والشفافية وسيادة القانون والإنصاف، كلها عوامل زادت من حدة العنف القائم على النوع الاجتماعي. مشيرة إلى بعض التقاليد الضارة كالزواج المبكر أو إجبار أحد الجنسين على الزواج هي أيضًا سبب من أسباب انتشار العنف بين الزوجين.
بالأرقام
تشير إحصائيات دولية نشرتها منظمة العفو الدولية للعام 2020 إلى أن العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي يؤثر على واحدة من كل ثلاث نساء في حياتهن من جميع أنحاء العالم، وتقول إن 35٪ من النساء تعرضن فعليًا للعنف الجسدي أو الجنسي من الشريك الحميم أو الأقارب، و7٪ من النساء تعرضن للاعتداء الجنسي من قبل شخص آخر غير الشريك أو القريب؛ حيث ارتكب الشريك ما يصل إلى 38٪ من عمليات قتل النساء والفتيات. وعلى الرغم من أن النساء والفتيات هن الناجيات الأساسيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، فإنه يضر أيضًا بالعائلات والمجتمعات والمجتمع ككل.
محليًا، أكد تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان للعام 2019 أن أشد أنواع العنف هو (العنف العائلي بحق النساء)، الذي يكون ناجمًا عن أفراد الأسرة، سواء كان من الزوج أو الأخوة أو المقربين. وهناك ارتفاعًا مستمرًا في معدلات الناجيات اللواتي يصلن إلى خدمات مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ حيث بلغ معدل الارتفاع 70% في بعض المحافظات رغم صعوبة التواصل وحساسية الاعتراف بالعنف والإبلاغ عنه بسبب العادات والتقاليد اليمنية.
في سياقٍ متصل، تشير إحصائيات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى مقتل (112,000) مواطنٍ ومواطنةٍ، منهم (933) قتيلة و(1,395) جريحةً جراء النزاع. كما أشارت تقارير حقوقية إلى ارتفاع العنف ضد المرأة بنسبة 63% فترة أحداث الصراع في اليمن.
“الشركات تفضل زميلاتي باعتبارهنّ إناثًا ليكنَّ واجهة لهم”
أصيل عبدالله -12عامًا، من إب- يقول: “لازلنا نحاول الحصول أنا وإخوتي الذكور على بعض الراحة في العمل، وغالبًا ما نتعرض للتعنيف اللفظي والجسدي من والدنا لأننا ببساطة ذكور وتربيتنا ستكون بالعصي والخيزران لنغدو رجالًا كما يأمل”.
ويضيف أصيل: “أخواتنا الفتيات يحظين براحةٍ وبمصروف جيبٍ يومي، وبتعامل هادئ ومريح على عكسنا نحن الأولاد تمامًا”.
كما يشير أصيل إلى صعوبة تفوقه مع إخوانه في الدراسة العلمية، وفي المقابل له أخوات متفوقات، ويبرر ذلك ببيئة التربية غير العادلة؛ حيث إن وقته يقضيه بالعمل حين تستذكر أخواته دروسهن.
أما عبدالله علي الحاج (مغترب في السعودية من تعز) يقول: ” بحثت عن عملٍ في بلادي كثيرًا بعد تخرجي من قسم العلاقات العامة، ووجدت أن الشركات تفضل زميلاتي بوصفهنّ إناثًا ليكن واجهة لهم، وبعد أن انتظرت عامًا كاملًا بلا جدوى؛ اغتربتُ للعمل في المملكة العربية السعودية لأكون عاملًا عاديًا بعيدًا عن تخصصي”.
سهى كامل -عشرينية من صنعاء- تحكي معاناتها في الزواج المبكر عن (13) عامًا، وكيف تعرضت للإهانات والضرب من طليقها قبل أن تفر منه إلى عائلتها التي وبختها أيضًا وأعادتها مرارًا إلى زوجها.
تقول سهى: “قضيتُ عامين مع طليقي، وحين ضربني للمرة العاشرة وكنت حاملًا حينها فأجهض جنيني، نزفت كثيرًا ليسعفني الجيران، قمت بعد صدمتي تلك إلى محامية معروفة وبعت ذهبي كي أخلعه”.
عادت سهى لتكمل تعليمها، وهي حاليًا على وشك التخرج من الجامعة، وتضيف أن تجربة زواجها كانت مؤلمة لكنها تجاوزتها، وستتخذها تحديًا في سبيل نجاحها المنشود.
جهود مبذولة
تحدثت العميد الركن علياء صالح -مدير عام إدارة المرأة في قسم الشرطة النسائية بوزارة الداخلية- حول الموضوع بقولها: “نحن حريصات على إعانة كل النساء اللاتي يقدمن شكاويهن ضد ما يواجهنه من عنف قائم على النوع الاجتماعي، وبدورنا نتخذ الإجراءات القانونية لإنصافهن، كما نرشد النساء الناجيات بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني في تقديم الدعم النفسي والقانوني لهن “.
وترى إيمان محمد -نائبة مدير اتحاد نساء اليمن، فرع إب- أن الحماية من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي ضمن أولويات يعمل عليها فرع الاتحاد، إضافة إلى اتخاذ التدابير اللّازمة وتطبيق مبادئ الحماية من العنف بكل أشكاله من استغلال واعتداء جنسي ولفظي.
وقالت إيمان: “يجب أن تكون الحماية للجنسين دون تمييز، والعمل بالمساواة لجميعهم بما يضمن شراكة فاعلة لتحقيق التنمية في المجتمع”.
مضيفة: “إن الاتحاد لا يحمي النساء الناجيات؛ بل يعمل على إشراكهن بشكل فعّال ببرامج ومشاريع التمكين، حيث تساعدهن على تحسين حياتهن من خلال دعمهن من الجانب النفسي والصحي والقانوني وتمكينهن اقتصادياً بإشراكهن في دورات تدريبية تساعدهن على الاعتماد على ذواتهن، وتحسين مستوياتهن المعيشية من خلال الحرف اليدوية التي تقدم من خلال مشاريع سبل العيش، وأن الاتحاد يسعى إلى مد يد العون رغم كل الظروف والإمكانيات البسيطة له”.
استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…