ضريبة النجاح.. العزيمة بداية المشوار

صوت الأمل – رجاء مكرد

      هي الصداقة جمعت رفيقي درب “فن الديكور والزخرفة” في عملٍ واحد، شقَّا دربيهما معًا، وأسسا مشروعهما الخاص، ليبدآ بخوض غمار الحياة، ويعلقا أزهى معاني الفن والتقنية، وما أن شرعا في العمل حتى شتَّت خطأ كهربائي شملهما فتوفي أحدهما وظل الآخر حبيس تلك اللحظة.

    قصة اليوم مستوحاة من عالم “التعليم الفني والتدريب المهني” ومخرجاته وتجارب ذويه في اليمن، حكاية جمعت زميلين في المهنة بعد رحلة عناء طويلة للبحث عن عمل وتأسيس مشروع خاص، حصلت الصدمة التي يروي تفاصيلها الأستاذ علي الحجاجي.

    من القفر محافظة إب الخضراء ينتمي الشاب ذو الثلاثين سنة، الحجاجي أب لطفلتين، وخريج المعهد اليمني الصيني للعلوم التقنية والتطبيقية عام 2014م، درس في قسم عمارة داخلية فن الديكور والزخرفة، مستوى تقني بعد الثانوية المهنية، تخصص نجارة أثاث.

بداية المشوار

    يقول الأستاذ علي: إن الدراسة في المعهد كانت جيدة من ناحية المنهج والتطبيق، الصعوبات التي واجهته بعد التخرج، هي البحث عن عمل، وبداية حياته العملية عانى كثيرًا. ثلاث سنوات وهو يبحث عن أصحاب الأعمال والمقاولين، فكانت بداية دخوله سوق العمل مع صديقه المرحوم شكري النجار، حيث بدآ بعمل تصاميم ديكورات لبعض المحلات وبأجرة قليلة جدًا، استمرا مدة عام، حتى جاءت لهما فرصة لتصميم مول تجاري وتنفيذه في شملان اسمه (هايبر شملان) ومنه بدآ دخول السوق وعملا مشروعهما الخاص.

    قال علي: “كنا ناجحين بكل ما تعنيه الكلمة من نجاح وبطريقة مبهرة،  كان شكري عليه التصميم وأنا التنفيذ، وكنا نساعد بعضنا في أغلب أوقات الفراغ”.

قصة نجاح مشروع

    استمر علي وشكري بمشروعهما الخاص (هايبر شملان) مدة سنتين، صار لديهما مكتب خاص وورشة عمل خاصة بهما، وبدآ بتكوين إدارة، ووظفا مجموعة من الشباب والشابات، منهم مسوقين ومصممين ومنفذين، وفي السادس من ديسمبر عام 2018م حدثت الفجيعة، هذا اليوم الذي لن ينساه علي الحجاجي.

    يقول علي: “كان آخر يوم أرى فيه صديقي الذي كان بمنزلة أخ لي، في ذلك اليوم كنت أعمل ديكورًا لأحد محلات الصرافة في شارع الحصبة، وشكري مع أربعة من العمال ينفذون لوحة لمحل الشيشة أو المعسل في شارع الخمسين جوار مكتبنا الخاص، تعرض شكري وزملاؤه لمسٍّ كهربائي أودى بحياة اثنين منهم”.

ذهاب بلا عودة

     يواصل علي سرد سبب الخطأ الذي وقع لصديقه، حيث يقول: “إن العمال كانوا واثقين من عدم وجود كهرباء ضغط عالي، وحين قام الثلاثة برفع السلم صعقتهم الكهرباء، ليتضح في الأخير أنه قد وُصِّلت إحدى المحطات التجارية على ذلك الخط. رُفِعت شكوى بما حدث حينها، ولكن بسبب التكاليف الباهظة لم تُتَابع القضية التي تسببت بها إحدى محطات الكهرباء التجارية”.

    كانت أصعب اللحظات التي عاشها الحجاجي، تمنى لو أنه ذهب مع أصدقائه، بعدها حاول الاستمرار في العمل جاهدًا، واستمر سنتين لكنه للأسف كره المجال والعمل ولم تعد لديه طاقة للعمل كالسابق، قائلًا: “كل مكانٍ كان يذكرني بصديقي. في يوم وأنا أعمل لوحة لمحل (الزاجل للصرافة) في شارع تعز، كنت أفكر في صديقي وأشتغل، فسقطت فوق رأسي سقالة (لوح خشبي) ترتفع بارتفاع دورين سقطتُ أثر ذلك على الأرض، وظللت بعدها فاقدًا للذاكرة مدة أربع ساعات، تحسنت بعد ذلك وجبرت الكسور والرضوض، ولكنني قرَّرت ترك مجال فن الديكور والزخرفة نهائيًّا واتجهت إلى العمل في أحد المصانع لصناعة المياه الصحية، وحاليًّا حياتي مستقرة”.

     يقول الأستاذ علي الحجاجي: بعد تخرجه أُعطِيت له ولبعض زملائه منح إلى الصين، لكنها بِيعَت من دون علمهم، وقد كلَّف هو ومجموعة من الطلاب لجنةً للمتابعة، لكنهم – للأسف- لم يتمكنوا من الالتحاق، لأن المنح قد بِيعَت ولم يستطيعوا فعل شيء، وظلوا يطالبون حتى التقوا بالأستاذة لمياء الإرياني التي وقفت معهم ونسَّقت مع منظمة Giz الألمانية لإعطائهم منحة تأهيل وتوظيف استمرت مدة ستة أشهر.

      بعد تخرَّجهم في الدورة وقَّع الحجاجي عقد عمل مع مكتب التعليم الفني والمهني؛ كي يعمل مدرسًا في فن الديكور والزخرفة في المعهد اليمني الصيني، وقع العقد واشتغل ولكن من دون راتب، استمر الحجاجي في العمل مدرسًا منذ عام 2017م إلى عام 2020م، كان يعمل في المعهد صباحًا وبعد الظهيرة واللّيل يعمل في مكتبه وعمله الخاص هو وشكري. وتابع حديثه قائلًا: “هذه هي قصتي وقصة مشروعي التقني الخاص”.

    يوجه علي الحجاجي رسالته إلى الدولة والجهات المعنية بعمل تحسينات للتعليم الفني، وبدعم الورش الخاصة بالمعاهد والمعامل بالمواد الخام، وإعطاء الطلاب مشاريع حقيقية، تشرف عليها الدولة، وتساعد على بيع منتجاتها في السوق؛ لتعود بالنفع على المتعلم والمعلم، وأن تكون هناك معارض خاصة بأعمال الطلاب، وإذا لم تستطع تلك الجهات توفير مواد خام، عليها أن تتعاقد مع قطاع خاص لتدريب الطلاب بما يتواكب مع سوق العمل، وما يحتاج إليه السوق من مهارة.

    والحجاجي يدعو الطالب إلى أن يكون قريبًا من سوق العمل، ليعرف ما يتطلبه السوق وماعليه من واجبات والتزامات؛ لكي يعمل على تحسين أدائه وكفاءته ويظهر بشيء جديد وليس مقلدًا.

    يختتم الأستاذ علي الحجاجي حديثهُ، فيقول: إن خريجي المعاهد التقنية يعتبرون ثروة بحدِّ ذاتهم، لذا يجب أن تُمدُّ لهُم يد العون وسيبدعون، فهناك شباب طموح ولديه أفكار ومشاريع مذهلة جدًا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا

صوت الأمل – رجاء مكرد     أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…