التعليم الفني والمهني في اليمن بين تألق الأمس وتحدي اليوم
صوت الأمل – منال أمين
قطاع التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن كغيره من القطاعات التعليمية والتنموية والاقتصادية التي تأثرت كثيرًا جراء الصراع الدائر في اليمن منذ سنوات عديدة، ونال هذا القطاع ما أصاب القطاعات الأخرى من تدهور فانعكس ذلك على خريجي هذا القطاع ووسعت رقعة الفقر والبطالة بين أوساط المجتمع في جميع المحافظات اليمنية.
ولمعرفة واقع التعليم الفني والتدريب المهني في اليمن كان لابد من النظر إلى هذا القطاع نظرة تاريخية توضح أهمية هذا القطاع في تنمية المجتمع ودوره في التصدي لكل النكبات التي واجهت وتواجه البلاد.
واقع الأمس
تاريخيًّا.. أُسِّست أول مدرسة صناعية في صنعاء عام 1859، أمّا في عدن فقد أُسِّس المعهد التجاري عام 1927، وفي 1936 أُسست أول مدرسة زراعية ومدرسة صناعية للنسيج في صنعاء، وفي 1949 افتتحت الكلية الفنية في عدن، وتأسس مركز التدريب المهني في عدن في عام 1954، وتأسس المعهد الصحي بصنعاء العام 1957. وشهدت فترة السبعينيات والثمانينيات نموًّا ملحوظًا لمنظومة التعليم والتدريب المهني والتقني عبر استحداث إدارة للتعليم المهني في وزارة التربية والتعليم في العام1976، ومن ثم أُنشِئت وزارة العمل والتدريب المهني التي كان ضمن هيكلتها قطاع التعليم الفني والتدريب المهني في العام 1990، وفي عام 1992 أنشئت الهيئة العامة للتدريب المهني والتقني، وفي عام 2001، أنشئت وزارة التعليم الفنّي والتدريب المهني. وفقًا لتقرير حكومي بعنوان: (تنفيذ التوصيات المشتركة لليونسكو ومنظمة العمل الدولية في مجال التعليم والتدريب التقني والمهني للدول العربية ـ 2004م).
عصام عبده علي (مستشار وزارة التعليم الفني والتدريب المهني) يقول لـ”صوت الأمل”: إن واقع التعليم الفني والتدريب المهني في هذه المرحلة التي تمر بها البلد يعد واقعًا سيِّئًا للغاية، وذلك بسبب الصراع الذي استهدف محافظات كثيرة وأثر في أغلب القطاعات المهمة منها قطاع التعليم الفني خاصة في عدن وأبين والمحافظات الجنوبية.
وأشار إلى أن قطاع التعليم الفني والمهني قبل عام 1990 كان يعد جزءًا لا يتجزَّأ من منظومة التعليم في البلد خصوصًا في جنوب اليمن، حيث كان الطالب يتخرج في الثانوية التقنية مدة خمس سنوات ثمَّ يواصل تعليمه في سنة ثانية جامعة مباشرة؛ لأنه كان ضمن منظومة تعليمية متكاملة.
صعوبات اليوم
يعاني خريج التعليم الفني من صعوبات عديدة لعل أهمها عدم تمكّنه من الالتحاق بالدراسة الجامعية. هنا يؤكد المستشار عصام أن الطالب اليوم لا يستطيع مواصلة دراساته العليا في أيِّ تخصص علمي في الجامعات الحكومية بعد تخرجه في أي معهد من معاهد التعليم الفني، وذلك بسبب الثقافة الخاطئة المنتشرة التي ترى أن التعليم الفني لا يعد تعليمًا أكاديميًّا، بالإضافة إلى أن التعليم في المعاهد الفنية يعتمد على الجانب التطبيقي في حين أن الجامعات تعتمد على الجانب النظري العلمي، هذا الأمر يعد تحدّيًا من جملة التحديات التي يواجهها قطاع التعليم الفني والمهني.
وفي دراسة للباحث الاجتماعي أحمد علي الحاج بعنوان “مسيرة التعليم والتدريب المهني والتقني في اليمن 2008” أوضح أنّ التعليم المهني والتقني في اليمن يعاني من استمرار مظاهر الازدراء والاحتقار في العديد من تكوينات المجتمع، حيث ينظرون إلى التعليم الفني على أنه تعليم يقود إلى مهن يدوية وحرفية موجهة إلى الفقراء.
ويؤكد في دراسته أن التعليم الفني ما زال بحاجة ماسة إلى دفعة قوية تتضافر فيها الجهود الرسمية والشعبية والقروض الخارجية والإدارة السياسية الفاعلة لقلب الوضع الحالي لنظام التعليم اليمني رأسًا على عقب، لتصل نسبة التعليم المهني إلى حدود 60% من طلاب التعليم العام والمتوسط.
وحول ما تواجهه مؤسّسات التعليم الفنّي من صعوبة في تحديث الأجهزة والمناهج وبرامج تدريب الكادر، يقول عصام لـ”صوت الأمل”: إن استمرار الصراع يعدُّ تحديًا كبيرًا يمر به القطاع الفني في اليمن، فقد أصبح من الصعب توفر معلومات ودراسات تحليلية عن احتياجات سوق العمل في الوقت الراهن، وهذا يسبب قصورًا لعدم تحديد المهارات المطلوبة لمخرجات هذا القطاع، وعلى الرغم من أن القطاع قبل عام 2015 كان يعاني من قصور وإهمال إلا أنه كان يعُد مستقرًا نوعًا ما.
وضع قوانين جديدة
ويؤكد عصام ضرورة الاهتمام والتركيز على قطاع التعليم الفني لتنمية المجتمع وتطويره اقتصاديًّا وتنمويًّا، فلا يمكن أن تكون هناك أيُّ تنمية مستدامة في أي دولة في العالم إلا والتعليم الفني والمهني يؤدي دورًا فيها. هناك نظرة دونية لقطاع التعليم الفني في اليمن، والقطاع غير موجود في المنظومة التعليمية اليمنية. وهذه النظرة لا نجدها في الدول المتقدمة؛ لذا نجد أن مخرجات التعليم الفني والمهني في بعض الدول 70% منها تتصل بسوق العمل، وهذا سر التطور والتنمية لدى تلك الدول، فدول العالم تهتم بهذا القطاع اهتمامًا كبيرًا.
وأضاف لـ”صوت الأمل” أنه من الضروري وضع قوانين جديدة وتطبيقها على أرض الواقع للإسهام في تحسين منظومة العملية التعليمية التي تشمل التعليم الفني والمهني كونه قطاعًا شاملًا ومتكاملًا.
محاولة لمعالجة الفجوة
يقول عيدروس ثابت (المدير العام لإدارة الإعلام والعلاقات العامة في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني): إن واقع التعليم الفني والمهني في هذه المرحلة يعد متوسطًا في بعض المعاهد وبعضها الآخر يعدُّ ضعيفًا للغاية ويحتاج إلى الكثير من الدعم لإعادة تفعيله من جديد.
وبيَّن لـ”صوت الأمل” أنه بسبب الوضع الصعب ـ الاقتصادي والاجتماعي والتنموي ـ الذي كان يعاني منه اليمن منذ سنوات عديدة، عوّلت البلاد كثيرًا على قطاع التعليم الفني كمرتكز أساس للنهوض بالموارد البشرية والقضاء على النسبة الكبيرة من الفقر والبطالة، عبر محاولة لمعالجة الفجوة الحاصلة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل، إلا أنَّ الصراع جاء ليكمل على ذلك الوضع السيء فأصبح متردِّيًا للغاية.
“إن من أهم التخصصات التي يجب التركيز عليها في هذا الوقت التخصصات الصناعية التي ينبغي تحويلها إلى نظام (البكالوريوس التطبيقي) لأهميتها في تنمية الاقتصاد في البلد”. هذا ما أشار إليه عيدروس لمحاولة إيجاد معالجة لتحسين وضع التعليم الفني في اليمن.
كما أكد أنه في مرحلة ما بعد الصراع والبدء في عملية التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار سيكون هناك طلب للحصول على الأيادي العاملة الماهرة في مجال التعليم الفني والمهني، نظرًا لاحتياج السوق للعامل المحترف وصاحب المهارات الإنتاجية المؤهلة.
58.3% حاجة سوق العمل لمخرجات التعليم الفني والمهني كبيرة جدًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكترونية أجراها يمن انفورميش…