قطاعا الكهرباء والماء تضرُّر… مؤثر ومحاولات للنهوض بالخدمة
صوت الأمل – منال أمين
قطاعا الطاقة (الكهرباء) والمياه في اليمن من أهم القطاعات الرئيسة عند المواطن، وبسبب استمرار الصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات تفاقم الوضع السَّيء لخدمات الكهرباء والمياه على المواطنين وزاد تدهورًا مع أن مستواهما كان ضعيفًا حتى قبل الصراع، الأمر الذي كان له نتائج وخيمة على القطاعين وعلى المواطن بدرجة رئيسة.
عائلة عبد الرحمن في عدن مكونة من تسعة أشخاص يعيشون في منطقة دار سعد في منزل صغير (عشوائي)، يعانون كل يوم ـ منذ أكثر من عشر سنوات ــ من انقطاع متواصل في الكهرباء يصل في اليوم الواحد إلى أكثر من 16 ساعة.
وبسبب الربط العشوائي المتواصل في تلك المنطقة، وعدم وجود مشاريع تحديثية للشبكة منذ سنوات طويلة أدى إلى وقوع أعطال كبيرة في الكيبل الخاص بالمنطقة ليغرقوا في الظلام أيامًا وأحيانًا أسابيع وأشهرًا قبل إصلاحه، من دون اتخاذ إجراءات تحسينية وتطويرية للشبكة أو رادعة ضد الربط العشوائي، ليأتي الصراع مكملًا لسوء أوضاع الكهرباء في تلك المنطقة التي لا تمر عليها أيام إلا وخرجت عن الخدمة، وتمتد فترة إصلاحها ما بين أسبوع إلى شهر.
وتعاني هذه الأسرة والكثير من الأسر التي تقطن تلك المنطقة من عدم وجود مشروع توفير خدمة المياه في منطقتهم، حيث يقومون بجلب الماء من آبار قريبة حُفِرت بطريقة عشوائية مستغلين الوضع غير المستقر في المدينة منذ 2015.
وفي السياق ذاته تقول أمُّ داليا عبدالله (43 عامًا من محافظة تعز): إن الكهرباء منقطعة تمامًا عن المحافظة منذ أكثر من سبع سنوات جراء الصراع الذي أدى إلى توقف شبه كامل للمحطات التوليدية وسقوط أعمدة الكهرباء وتقطيع أسلاكها في مختلف شوارع مديريات المحافظة.
مستعرضة الوضع العام قبل 2015، قائلة: كنا نعاني مع وجود الكهرباء إذ كانت تعمل في اليوم ساعات قليلة وأحيانًا تختفي علينا أيامًا، ولكن من بعد 2015 وإلى الآن انقطعت من المدينة تمامًا، وأصبحنا نعتمد على الطاقة الشمسية بدرجة رئيسة، خصوصًا أن المشتقات النفطية أصبحت معدومة وبأسعار مرتفعة لم نستطع توفيرها لتشغيل المولدات المنزلية ( الماطور).
قطاع الكهرباء
بيَّن تقرير للبنك الدولي ـ التقييم المستمر للاحتياجات في اليمن ( DNA ): المرحلة الثالثة 2020ـ أن نسبة اليمنيين الذين يحصلون على الكهرباء العامة انخفضت من 66% في 2014 إلى أقل من 10% إلى نهاية 2017، وأن القطاع يعاني من أضرار مادية بنسبة 10% ولكن أكثر من 85% من المرافق التابعة للقطاع في اليمن لا تعمل بسبب نقص الوقود.
إن قرابة 55% من أصول قطاع الطاقة باستثناء الأبراج ـ الذي يبلغ عددها نحو 259 برجًا ـ تعرضت لأضرار مختلفة، وما نسبته 8% من تلك الأصول دمرت بالكامل، وتعرضت جميع محطات الطاقة الحرارية الكبيرة إلى أضرار مختلفة ولم يعمل سوى 71% منها، حيث إن مدينتي تعز وصنعاء دمِّر منهما 50% إلى 57% من أصول قطاع الطاقة بالكامل.
وقد أوضح تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي ( قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية ) 2020 بعنوان: (التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار وبناء السلام المستدام في اليمن) أن 5% من منشآت قطاع الطاقة تعرضت للتدمير كليًّا، في حين لم تتجاوز المنشآت العاملة في هذا القطاع 12 % فقط. وتعدُّ منطقة لودر(أبين)، ومدن مأرب والمخا المدن الوحيدة التي تحصل على مستوى موثوق نسبيًّا من الكهرباء.
حيث أشار التقرير إلى أن حجم الأضرار المادية التي لحقت بالهياكل الأساسية لشبكة الكهرباء الحضرية في عدد من المدن اليمنية تراوحت ما بين 541 ـ 662مليون دولار أمريكي، وقد كان الضرر الأكبر في مدينة عدن حيث بلغ حجم الأضرار 228 مليون دولار أمريكي، ومن ثم صنعاء بـ 149 مليون دولار أمريكي، ومدينة مأرب بـ 136مليون دولار أمريكي.
وأوضح التقرير أنه وُضِع تقدير للاحتياجات الإجمالية للتعافي وإعادة الإعمار لقطاع الطاقة في 16 مدينة يمنية قيِّمت وهي (عدن، والضالع، والحزم، وعمران، وبيحان، وذمار، والحديدة، والخوخة، ولحج، ولودر، ومأرب، والمخا، ورداع، وصعدة، وصنعاء، وتعز ) ما بين 2,251 و 2,752 مليار دولار على مدى 5 سنوات.
محمد الخضر عشال (الوكيل المساعد لقطاع المشاريع في وزارة الكهرباء والطاقة) يوضح لـ”صوت الأمل” أن وزارة الكهرباء والطاقة حصرت أجمالي عدد الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء في عموم مناطق البلاد حسب قدرتها وإمكاناتها، التي شملت قطاع التوليد الذي بلغ حجم الأضرار فيه إلى 68.867.718 مليون دولار، وخطوط النقل ومحطات التحويل 132 K.V مع الأبراج إلى 14.624.591 مليون دولار، فيما بلغ حجم الأضرار في شبكة التوزيع 63.967.438 مليون دولار، وفي محطات التحويل 33 / 11 KV P نحو 22.200.000 مليون دولار، وقيمة الأضرار في المباني والإدارات والمخازن ومساكن العمال في مختلف المحافظات بلغت 27.500.000 مليون دولار .
كما أوضح عشال أن الوزارة سعت منذ 2017 وإلى اليوم، إلى تنفيذ عدد من المشاريع التي أسهمت في إعادة الخدمة للمواطنين على وفق الإمكانات المتاحة لها، حيث بدأت في تنفيذ مشروع إنشاء محطة توليد غازية ( المرحلة الأولى ) بقدرة 264 ميجا وات في عدن منذ أواخر عام 2017 ومن المقرر تسليم المرحلة الأولى قريبًا، ومشروع إعادة تأهيل محطة الحسوة الكهروحرارية في عدن الذي بُدئ العمل فيه في أواخر 2017 ولم ينتهِ إلى الأن، ومشروع إنشاء محطة توليد 30 ميجاوات في منطقة زنجبار محافظة أبين مع إقامة ثلاث محطات تحويل وتصريف، وهذا المشروع توقف بسبب الأوضاع غير المستقرة في المحافظة.
وأضاف، أن هناك مشاريع نُفِّذت خلال العام 2020، والمتمثلة في إنشاء محطة لودر المركزية 10 ميجاوات، ومحطة لعبوس 5 ميجاوات، ومحطة أحور 2 ميجاوات، كما بُدِئ في تنفيذ الإجراءات اللازمة لمشروع خط النقل ومحطات التحويل 132 ك . ف في منطقة خرير ـ قريو بطول 30 كم، وإنشاء محطة توليد بالوقود الثقيل في موقع ابن سيناء ساحل حضرموت بقدرة 60 ميجاوات، وإنشاء عدد سبع محطات بالطاقة الشمسية بأجمالي 120 ميجاوات في ( عدن، ولحج، وأبين، وحضرموت الوادي، والمهرة).
من جانبه أشار المهندس عمر الفاروق باجرش (مدير عام المشاريع في وزارة الكهرباء والطاقة) إلى أن الوزارة منذ 2015 سعت من أجل إعادة إعمار قطاع الكهرباء في عدد من المحافظات اليمنية، وواجهتها الكثير من العراقيل والمشكلات ـ كان سببها الصراع ـ التي أدت الى إصابة القطاع بالشلل شبه الكامل، وتوقف عدد من المشاريع الاستراتيجية التي كانت ستخدم العديد من المحافظات اليمنية.
وبيَّن لـ”صوت الأمل” أن من ضمن المشاريع الاستراتيجية المتوقفة بسبب الصراع مشروع تصريف الطاقة من محطة مأرب ـ ذمار ـ عدن الممول من شركات أجنبية التي انسحبت بسبب الوضع غير الآمن في اليمن، ومشروع تطوير شبكة عدن المقدم من الصندوق الكويتي.
ووكَّد أن الوزارة مازالت تقوم ببعض الإصلاحات لشبكة الطرق، كما تسعى إلى التواصل مع الدول المناحة والداعمة؛ لتقديم الدعم اللازم لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية الخاصة بقطاع الكهرباء في اليمن، كما أُعِدَّت خطط وبرامج استثمارية سُلِّمت إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي فيما يخص النهوض بقطاع الكهرباء.
وحول مشروع الرئيس، يقول: إن الوزارة نفَّذت مشروع محطة توليد غازية (المرحلة الأولى) التي تسمى بمحطة الرئيس في عدن منذ نهاية 2017، وتقدر طاقتها بـ 264 ميجاوات من أصل 520 ميجاوات كمشروع كامل، وستبدأ المرحلة الثانية من المشروع في بداية 2023، وستستفيد منها محافظات (عدن، ولحج، وأبين ) بدعم حكومي، ومن المقرر الانتهاء من المشروع بالكامل في 2025 ودخول المحطة للخدمة.
قطاع المياه والصرف الصحي
يعاني أبناء محافظة تعز كسائر اليمنيين في معظم المحافظات اليمنية من صعوبة الحصول على مياه شرب نقية بسبب تدهور قطاع المياه جراء استمرار الصراع منذ سبع سنوات، حيث أصبح الناس يقومون بشراء المياه كل يوم للاستهلاك اليومي، وذلك من محطات تنقية المياه.
ووفقًا لتقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي 2021، فأن انهيار نظام إمدادات المياه العامة أثر في دخل الأسر إذ تضطر إلى شراء الماء كل يوم، حيث إن 50% من السكان يكافحون يوميًّا لإيجاد أو شراء ما يكفي من المياه النظيفة للشرب، وهذا يجعل 14.7 مليون يمني يعتمدون على المساعدات الإنسانية للحفاظ على صحتهم.
“مشكلة المياه في اليمن تعدُّ من أقدم المشكلات في البلاد، وهناك محاولات عديدة تقوم بها الحكومة اليمنية لمعالجة تلك المشكلات حسب الإمكانات المتاحة على المدى القصير والمتوسط والطويل”. وذلك استنادًا إلى ما صرح به مسؤول في وزارة المياه (فضل عدم ذكر اسمه).
100 ألف بئر في اليمن
كما أشارت وزارة المياه والبيئة إلى أن عدد الآبار في اليمن تجاوز أكثر من 100 ألف بئر، تمتلك صنعاء وحدها أكثر من 14 بئرًا، وعدد الآبار التي تغذي عدن تقريبًا 114 بئرًا تتغذى من ثلاثة حقول رئيسة تقع في قاعدة دلتا تبن.
يعاني اليمن منذ فترة طويلة من نقص حاد في المياه، حيث إن المياه العذبة في اليمن متوفرة بمعدل 80 مترًا مكعبًا فقط، في عام 2014 لم يمثل سوى 14% من متوسط نصيب الفرد (554 مترًا مكعبًا) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفقًا لتقرير البنك الدولي 2020.
المهندس نوري جمال (كبير المختصين في وزارة المياه والبيئة) أكد أن المؤسسات المحلية للمياه والصرف الصحي وهيئة مشاريع مياه الريف وفروعها في المحافظات اليمنية المختلفة عجزت عن تقديم خدمات إمدادات المياه في الحضر والريف، وصيانة تشغيل مرافق الصرف الصحي نتيجة استمرار الصراع الذي أدى إلى انعدام في المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات تشغيل شبكة آبار المياه التابعة للمؤسسات الحكومية والأهلية.
وبين التقرير الصادر عن وزارة التخطيط في 2020، أن اليمن يعاني منذ فترة طويلة من نقص حاد في المياه، وقد تضررت إمدادات المياه والصرف الصحي بما يقارب 38 % من أصول هذا القطاع، منها 10 % تعرضت للتدمير. وقد قدرت إجمالي الأضرار التي لحقت بقطاع المياه والصرف الصحي بين 283 و 346 مليون دولار أمريكي.
واستعرض التقرير المحافظات الأكثر تضررًا في قطاع المياه، موضحًا أن أعلى مدينتين تعرضت مرافقهما للضرر هما تعز والحديدة، بنسبة بلغت 60 % لكل منهما، أما إجمالي الخسائر المقدرة بالدولار فكان لمدينة صنعاء 25 % من الخسائر بمبلغ وقدره 86 مليون دولار، تليها عدن بنسبة 18 % وبمبلغ يتراوح بين 52 و 63 مليون دولار، وبين 51 و 63 مليون دولار لتعز التي بلغت نسبتها 18%، ثم الحديدة 13 %، بمبلغ يتراوح بين 36 و 44 مليون دولار. وقد قدر التقرير تكلفة الاحتياجات المقدرة للتعافي وإعادة الإعمار على المدى القصير والمدى المتوسط لهذا القطاع، بمبلغ يتراوح بين 763 و 932 مليون دولار، حصلت صنعاء على أعلى نسبة احتياجات بمبلغ 196 مليون دولار على مدى خمس سنوات، تليها عدن 159 مليون دولار، ومن ثم تعز بـ 460 مليون دولار. أما أقل نسبة احتياجات تمويل في قطاع المياه والصرف الصحي في مدينة الحزم بمبلغ لا يتجاوز 5 مليون دولار.
92.9% اللُّحمة المجتمعية أولوية لإعادة الإعمار في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكتروني أجراها ي…