المرأة اليمنية ودورها في عملية إعادة إعمار ما خلفه الصراع
صوت الأمل – أرواد الخطيب
مع الكلفة الباهظة للصراع المستمر في اليمن منذ سبع سنوات على كل المستويات، إلا أن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في البلد الواقع ضمن البلدان الأشد فقرًا في الشرق الأوسط يعكس حجم التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار، ويكشف عن الكلفة الباهظة للصراع الذي يتطلع اليمنيون إلى أن تساعد التحركات الدولية المكثفة على إنهائه والتوصل إلى اتفاق للسلام.
والمرأة اليمنية كانت الفئة الأكثر تضررًا من الصراع، وتمثل النسبة الأعلى بين ملايين النازحين داخليًّا، وهي القاعدة الأساسية في مرحلة بناء السلام وإعادة الإعمار، ولن يكون هناك إعمار حقيقي إذ تجاهل المجتمع هذه القاعدة، ومع التهميش والتراجع الكبير الذي لحق بالحقوق التي كانت تحصل عليها قبل الصراع إلا أنها تأمل أن تكون مرحلة إعادة الإعمار بداية إقرار بفداحة الصراع، وأهمية دورها في عملية السلام.
العمل على تفعيل القوانين
وترى لمياء يحيى الإرياني (رئيسة منظمة مدرسة السلام، عضو التوافق النسوي للأمن والسلام) أن إعادة الإعمار لا يقصد به فقط الإعمار الاقتصادي، بل ما دمَّره الصراع خلال سبع سنوات كالنسيج المجتمعي، وحقوق المرأة، وكل الاستحقاقات التي كانت قد حصلت عليها في العقدين الماضيين.
موضحة لـ ” صوت الأمل ” أن أهم المجالات المتعلقة بالمرأة في مرحلة إعادة الإعمار تتمثل في العمل على تفعيل القوانين؛ من أجل الدفع بها وانخراطها في مواقع صنع القرار.
وتحدد الإرياني الاحتياجات في مرحلة إعادة الإعمار فيما يخص المرأة، بمراجعة الأنظمة والقوانين الخاصة بالمرأة، ومدى ملاءمتها للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها بلادنا، ومحاولة إعادة تفعيل تلك القوانين، ليس فقط إلى ما كان عليه قبل ٢٠١٥م وإنما إلى المستوى الذي تستحقه المرأة اليمنية، وتمكينها اقتصاديًّا، كونها برزت خلال المرحلة الماضية في ريادة الأعمال وفتح مجالات اقتصادية متعددة متحدية كل العقبات.
وتوكِّد الإرياني أن الأمر لا يقتصر على ضرورة تفعيل القوانين والتمكين الاقتصادي فقط، بل أيضًا على التمكين السياسي ومنحها مواقع في صنع القرار، وتقول: أما عن متطلبات إعادة الإعمار فأنه لا بد – خلال الفترة القادمة- من العمل على وقف الصراع، وبث روح المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، والجلوس على طاولة المفاوضات من أجل الخروج باتفاقية سلام شامل ودائم.
تعزيز إشراك المرأة
“للمرأة اليمنية القدرة على المشاركة الفاعلة والمؤثرة في مرحلة إعادة الإعمار في كل القطاعات والمجالات سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم تشريعية أم قانونية، إذا أعطيت الفرصة في ذلك”. وذلك وفقًا للإرياني.
ووكَّدت أن المنظمات النسوية لها دور بارز ومهم في عملية التوعية من أجل إيقاف الصراع والعودة إلى المفاوضات، والبدء في عملية بناء السلام، والتوعية أيضًا بأهمية تحقيق المصالحة الوطنية والنظر في كل الانتهاكات السابقة.
وتقول رئيسة منظمة مدرسة السلام: إنه حتى في المجال التشريعي والقانوني يمكن أن تؤدي المنظمات النسوية دورًا فاعلًا في تعزيز إشراك المرأة على المستويات المحلية والدولية، ولتعزيز هذا الدور يجب إقناع السلطات المحلية وأصحاب القرار بأهمية دور المرأة المؤثر في عملية المساءلة وفض النزاعات المجتمعية.
دور الجهات المعنية
وبخصوص تقييمها لمدى استعداد الجهات المعنية لمرحلة إعادة الإعمار قالت: الجهات المعنية – للأسف الشديد- منشغلة بالصراع الذي لا أحد منتصر فيه، والمهزوم الأول والأخير هو المواطن والشعب المكلوم، ومن ثمَّ ليس هناك استعداد من الجهات المعنية في إشراك المرأة في إعادة الإعمار.
وتابعت حديثها بقولها: يجب خلال المرحلة القادمة العمل المشترك من جميع الأطراف على تنفيذ خطوات إيجابية تسهم في إيقاف الصراع الذي دمر البشر والحجر والجلوس للمفاوضات، لأنه لم يعد هناك جدوى من استمرار هذا الصراع الذي لم يحقق أهداف أيِّ طرف من الأطراف، لذلك يجب أن يقتنع الجميع أنه من المهم الاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار عن طريق وقف الصراع أولًا والبدء في عملية بناء السلام.
وبيَّنت الإرياني أن لدى منظمات المجتمع المدني في اليمن أوراق سياسات عامة حول أهمية دور المرأة في مرحلة إعادة الإعمار في مختلف الجوانب، خصوصًا في الجانب الاقتصادي، يجب الاستفادة منها. وعن الأطراف المتصارعة فأن لديها محورًا خاصًا بإعادة الإعمار، ولكنه سيظل حبرًا على ورق ما دام الصراع مازال مستمرًا.
تنفيذ مخرجات الحوار الوطني
يرى وليد عبدالحفيظ (الاستشاري المتخصص في قضايا السلام والأمن والنوع الاجتماعي) أنه من الضروري الاتفاق على الذهاب نحو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني فيما يخص إعادة الإعمار ومشاركة المرأة في عمليات السلام، وأن تسير مرحلة إعادة الإعمار سيرًا متوازنًا ومتصلًا مع تنفيذ مخرجات الحوار بما يضمن وجود المرأة في مجلس النواب وفي كل مواقع صنع القرار بنسبة 30٪، لأننا بذلك نضمن وجودها في كل المجالات والقطاعات المهمة خصوصًا في الجانب التخطيطي والتنفيذي لعملية إعادة الإعمار.
وفي نظره أن الأولويات بالنسبة للمرأة في هذه المرحلة التمكين الاقتصادي، لأن الشعب اليمني بأكمله يجب عليه أن يخرج من مرحلة المساعدات المالية وانتظارها والمعونات والسلال الغذائية إلى مرحلة الاعتماد على الموارد الطبيعية لتمويل المشاريع التي ستسهم في تمكين البلاد اقتصاديًّا، وأن تكون الأولوية دائمًا للمرأة كونها الأكثر تضررًا من الصراع .
وأضاف قائلًا: في الجانب الأخر أثبتت المرأة في مرحلة الصراع أنها أكثر قدرة على العمل في المجال الاقتصادي، فقد استطاعت المرأة إعاده تفعيل القطاع الزراعي والتنموي والاقتصادي والسمكي أيضًا، ومن المهم جدًا أن تُعطى مِنحًا لدعم المشاريع في هذا الجانب، وأعتقد أنها ستكون أجدر في إعادة تفعيل القطاع الزراعي مما يجعلنا قادرين على الاكتفاء الذاتي، ويجب تعزيز المساواة بين الجنسين.
كما يوكِّد أن المرأة بحاجة إلى كسب الثقة من المجتمع وصناع القرار كشريك فاعل ومؤثر في تحقيق الاستقرار والتنمية، وتعزيز سبل العيش الكريم للمواطن اليمني عن طريق دعمها في إشراكها داخل مختلف المؤسسات الحكومية المؤثرة التي تستطيع عن طريقها تقديم رؤية النساء والمشاركة بفاعلية ودور حقيقي في تحقيق السلام المستدام.
أما عن دور منظمات المجتمع المدني، قال عبدالحفيظ: من المعروف أنه من أهم أدوار منظمات المجتمع المدني التوعية، و إعداد الدراسات والبحوث الخاصة بقضايا المجتمع، وتنفيذ حملات المناصرة والضغط على صناع القرار في كثير من القضايا التي تتطلب تحقيقها في هذه المرحلة، ومن أهم أدوار المنظمات النسوية التي تتصدرها النساء عملية الرقابة والتقييم، نحن بحاجة إلى عين ثالثة تنظر وتقيم وتضع آراءها بكل بساطة؛ لنخرج من جانب التشكيك في قطاعات التنمية ما بين المجتمع المدني والحكومة والقطاع الخاص وننتقل إلى مرحلة الشراكة.
ويوكّد أن الجهات الرسمية لا تمتلك أيَّ استعداد للبدء في تنفيذ مرحلة إعادة الإعمار، ولا توجد أيُّ خطط أو دراسات تعكس وجهة نظر المرأة أو شراكتها بواقعية وبفاعلية، ومن المهم جدًا أن يقوم أطراف الصراع بالاستفادة من قدرات المرأة بدلًا من استبعادها، والانتقال إلى خطوات متقدمة في عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن.
92.9% اللُّحمة المجتمعية أولوية لإعادة الإعمار في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكتروني أجراها ي…