أبحاث وتقارير محلية: إعادة الإعمار عملية شاملة ومنظمة
صوت الأمل – علياء محمد
التكلفة الاقتصادية التي يكابدها اليمن بسبب الصراع باهظة، فالصراع ألحق أضرارًا واسعة طالت البنية التحتية والمرافق والممتلكات، وتسبب في انهيار الاقتصاد انهيارًا كبيرًا في دولة كانت تعاني قبلُ من ضعف في اقتصادها، ليزيد الصراع من ضعفها وعجزها.
من هذا المنطلق ظهرت الحاجة الملحة إلى العمل المشترك لأجل التعافي الاقتصادي وعملية إعادة الإعمار كجزء من عملية منظمة تشمل كل مؤسسات ومرافق الدولة. “صوت الأمل” تستعرض عددًا من التقارير والأبحاث والدراسات التي أُعدَّت وأقيمت في عدد من الندوات وكانت تهدف إلى تحقيق عملية إعادة الإعمار في اليمن.
الأمن والاستقرار
” إن الأمن والاستقرار شرطان مسبقان حاسمان لإعادة الإعمار في اليمن في مثل هذه الظروف، ونجاح العملية قائم على إشراك النخب من جميـع أطراف النـزاع (المحلية والخارجية) وذلك في جهود توزيـع المساعدات، بالإضافة إلى تصميـم وقيادة الترتيبات المؤسسية للتعمير على الصعيد الوطني”. وذلك وفقًا لدراسة علمية بعنوان(إطار عمل مؤسسي إعادة إعمار ما بعد النزاع في اليمن ) الصادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، في مايو 2018م للكاتب خالد حميد.
واستنتج الدكتور خالد في دراسته أن الحكومة افتقرت إلى رؤية واضحة لإدارة الأزمات وإعادة الإعمار والاستقلالية، من خلال تجاربها السابقة، الأمر الذي أضعف قدرتها على أداء وظائفها الأساسية، حيث إن جميع المبادرات السابقة التي تتعلق بإعادة الإعمار افتقرت إلى إعداد الأليات الأساسية للشفافية والمساءلة، ولم يوضع لها تمويل كافٍ لتنفيذ برنامج الإعمار، وكذلك وجود تدخلات من مختلف الجهات في عمليات الإعمار.
وطرح الباحث مقترحات لتنفيذ برنامج إعماري يسهم في التخفيف من معاناة البلد، حيث وكَّد في دراسته أن عملية الإعمار في اليمن يجب أن تتبع نموذجًا محليًّا أو عالميًّا يستجيب للحقائق على الأرض، ويبنـي قـدرة الدولـة، ويضمن الشفافية، وينسق بين الأطراف ذات العلاقة بكفاية عالية، ويجـب أن تعزز الثقـة بين كل الجهات المانحة والسلطات السياسية وعموم المواطنين، والتركيز على جهود اليمنيين عمومًا، عن طريق توفير الخدمات الأساسية وخلق فرص عمل في جميع المناطق المتضررة.
استخدام طرق ابتكارية
“إعادة الإعمار لا تحتاج إلى هيئة أو جهة رسمية أو مستحقات شهرية”. هكذا أبدى رأيه الأستاذ الدكتور عبدالخالق هادي طواف (أستاذ إدارة الأعمال في جامعة عمران) في تصريح خاص لصحيفة “صوت الأمل”.
حيث أشار ـ بعد اطلاعه على أهم التقارير والأبحاث المحلية القائمة على موضوع العمل على التعافي وإعادة الإعمارـ إلى أن الكثير من الدراسات تؤكد أهمية الإعداد لخطة استراتيجية طويلة الأجل، تسهم في تنفيذ برامج ومشاريع عملية إعادة الإعمار، وتتضمن رؤية وطنية شاملة يكون القطاع الخاص هو الشريك الأكبر في تنفيذها.
وشدد على أهمية استخدام طرق ابتكارية في إشراك القطاع الخاص ووضع الضمانات الكافية له، مع تغيير طرق الإدارة الحكومية إلى إدارة خدماتية تقوم على الاستعانة بالتجارب السابقة للدول التي نجحت في مشروع إعادة الإعمار، وقياس مدى نجاحها في اليمن، بدلًا من وضعها الحالي.
أوضح طواف للصحيفة أن الصراع لا يزال مستمرًا يعاني منه المواطن بدرجة رئيسة من نقص في الموارد في جميع القطاعات الخدمية والصناعية والتنموية، الأمر الذي جعل من الصعب علينا البناء والإعمار مقارنة بما نُفِّذ في تجاربنا السابقة من مشاريع لإعادة الإعمار، فنحن اليوم في صراع مازال مستمرًا نفتقد فيه المصالحة الوطنية والتوافق و نفوذ الدولة، ولن يتحقق شيء مالم يتغير كل ذلك.
خلق مرحلة تحول
شدَّد منتدى رواد التنمية في 2019، على ضرورة البدء الفوري بجهود التعافي وإعادة الإعمار حتى مع استمرار دائرة الصراع، وضرورة أن يرتبط التدخل الإنساني العاجل بالإصلاح الاقتصادي طويل الأمد. ويجب أن تهدف جهود التعافي وإعادة الإعمار في اليمن إلى خلق مرحلة تحول في البلاد اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا.
وقدم معالجات قد تسهم في تنفيذ خطة التعافي وإعادة الإعمار، وذلك عبر تعزيز مبادئ إرشادية تُعنى بخلق وظائف جديدة، والعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية لكل القطاعات المتضررة، وتعزيز سيادة القانون، وطرح استراتيجيات تعزّز الحكم المحلي وإشراك السكان المحليين في عملية إعادة الإعمار، لا سيما في عملية التخطيط وتحديد الأولويات.
ويرى المنتدى أن الأوضاع المتدهورة في اليمن تتطلّب استجابةً فورية من كل القوى الموجودة على الأرض، واقترح البدء بإعادة الإعمار في المناطق المؤمّنة والمستقرة أمنيًّا، فيمكن أن تختبر التدخلات صغيرة النطاق مدى فعالية نظامي التمويل والتنفيذ.
إسهام البنوك في إعادة الإعمار
من جانبه وضَّح الباحث الدكتور منير أحمد العبادي في دراسته الصادرة حول (الإسهامات الممكنة للبنوك الإسلامية اليمنية في إعادة الإعمار في اليمن) حصُلت صوت الأمل على نسخة منها؛ وضَّح أن عددًا من التصورات العلمية والمهنية قد تساعد على تفسير واقع إسهام البنوك الاسلامية ومشاركة التمويلات المالية الأخرى في إعادة الإعمار.
وأسهمت الدراسة في اقتراح الحلول لإعادة الإعمار إذ تعد أهم المشكلات في اليمن في الوقت الحالي، مستعرضة تجربة البنوك الإسلامية في مجالات الإعمار والتنمية واستثمارها في اليمن، وبالأخص في التمويل السكني.
وخرجت الدراسة بتوصيات علمية تدعو إلى أهمية دور الجهات الرسمية ذات العلاقة بإعداد خطط استراتيجية في مشاريع إعادة الإعمار، وبذل أقصى الجهود الممكنة في التعاون والتنسيق مع القطاع المصرفي الخاص لدفعه إلى الإسهام الفعّال في إعادة الإعمار، بالإضافة إلى إقامة الندوات والمؤتمرات وورش العمل الهادفة لإظهار القدرات الوطنية المختلفة، وإبراز دورها في التعجيل والبدء بعمليات التعافي الاقتصادي والاجتماعي وإعادة الإعمار، وتأسيس مصرف مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص تحت اسم (المصرف الاتحادي للتنمية وإعادة الإعمار).
المدن التاريخية
وفي دراسة بعنوان (مقارنة سياسة إعادة الإعمار لمراكز المدن التاريخية ما بعد الحروب بالتطبيق على مركز مدينة صنعاء القديمة) صادرة في مارس 2021م للدكتورة نسيم يحي عبد الولي، تناولت فيها سياسة إعادة الإعمار للمدن التاريخية القديمة وذلك ما بعد الانتهاء من الصراع، واستعرضت أهم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية.
واتَّخذ البحث منهجية لتحقيق الأهداف عن طريق مراجعة الأدبيات والنظريات التي تتناول سياسة إعادة الإعمار وعلاقتها بمراكز المدن التاريخية، والاعتماد على المنهج التحليلي المقارن للتجارب العالمية التي تعد أكثر فاعلية، وذلك للوصول إلى نتائج يمكن تطبيقها على الحالة الدراسية في مركز مدينة صنعاء القديمة.
وتتلخص نتائج البحث في تحديد مجالات اقتصادية واجتماعية وعمرانية تسهم في تفعيل سياسة إعادة الإعمار لمراكز المدن التاريخية عمومًا، ومركز مدينة صنعاء القديمة بوجه خاص.
73.3% البنية التحتية والنسيج المجتمعي اليمني مدمر كليًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبيان إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر أكت…