المرأة في مواجهة مع البيئة والتغير المستمر للمناخ
صوت الأمل – حنين الوحش
سميرة سعيد (40عامًا، أمٌّ لـ 4أطفال، من عدن) تقول: “تعرضنا لسيول جارفة دخلت إلى منازلنا في نهاية العام 2019وتسببت في دمار شامل في المنزل وركود المياه فيه، الأمر الذي أثر في حياة أسرتي سلبيًّا من الناحية الصحية والاقتصادية والمعيشية، حيث قمت بمعالجة أطفالي الذين أصيبوا بمختلف الأوبئة كـ(حمى الضنك، والملاريا، وحمى فيروسية)، جراء المياه الراكدة وانتشار البعوض، كما قمت بدفع تكاليف تفوق طاقتي لإصلاح أضرار المنزل من السيول”.
أما رؤى هشام ( 32 عام، من تعز)فتقول: إني متزوجة، وزوجي مغترب، ولدي طفلان، أصبحت مكلفة بالقيام بكل شيء في المنزل وخارجه.
وتضيف: البيئة والتنوع المناخي أثر سلبًا وإيجابًا في حياتنا، فمثلا عند نزول الأمطار فإن الآبار الموجودة والقريبة تمتلئ، ويكون من السهل جلب الماء وسقي المحصول جيدًا، ولكن عند نزول الأمطار بغزارة فإن المحاصيل تدمر، وأحيانًا يتضرر منزلنا بسبب غزارة الأمطار، وتبتلّ بعض المواد الغذائية الأساسية وتنتهي.
تقارير
“تفاقم أزمة تغير المناخ تلحق أضرارًا وتهديدًا بمستقبل اليمن الاقتصادي إذ يتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد اليمني على المدى المتوسط بنسبة تصل إلى 24% بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ الذي يؤثر في فرص العيش، وتفاقم أزمة الغذاء والأمن الغذائي وزيادة الأوبئة والأمراض في ظل الوضع الصحي المتدهور”. هذا ما جاء في تقرير لوزارة التخطيط والتعاون الدولي لشهر نوفمبر من العام 2020.
وأوضح التقرير، أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة ومنذ العام 2015 ضربت اليمن أعاصير عديدة منها (تشابالا، ومكونو، ولبان) وتسببت بفيضانات واسعة النطاق وأودت بحياة العشرات وأسفرت عن خسائر بالمليارات في الممتلكات المادية والبشرية وأيضا تأثر القطاع الزراعي بذلك.
فيما أشار التقرير إلى، أنه خلال العام 2020 أدت الأمطار الغزيرة والسيول التي استمرت من شهر أبريل إلى أغسطس إلى تضرر نحو 599,95 أسرة, العديد منهم نازحون، حيث تأثرت 21 محافظة يمنية ونحو 189 مديرية متضررة، وتوفي 44 شخصًا من المنخفض الجوي وهطول الأمطار الشديد, وتضررت العديد من المملكات الخاصة والعامة. وذلك وفقًا لما ذكره تقرير الأوتشا بعنوان (لمحة إنسانية حول السيول 4 أكتوبر 2020).
وفي وثيقة للنظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في اليمن صدرت للعام 2021 وحَّدها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، جاء فيها: أن اليمن صُنفت ضمن الدول الأقل تأهبًا للصدمات المناخية وبين الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ، فقد تضرر 4.609 هكتار من الأراضي الزراعة بسبب الجراد والتنوع المناخي الذي سبب خسائر زراعية تقدر بنحو 222 مليون دولار أمريكي.
وحول النتائج التي تسبب بها التغير المناخي ركزت الوثيقة على وجود تفاقم في انعدام الأمن الغذائي، يهدد المناطق الجافة والساحلية خصوصًا لدى الأسر التي تحترف الزراعة وتربية المواشي، بالإضافة إلى نضوب في مصادر المياه ببطء والتصحر الناجم عن الضغوط الزراعية الذي ستؤثر في توافر الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة والحصول على مياه الشرب الآمنة.
وعن الخطر القائم من هذه التغيرات أوضحت الوثيقة أن هناك خطرًا على الأسر عمومًا وعلى النساء والأطفال على وجه الخصوص؛ كونهم الفئة الأكثر تضررًا, هذه التغيرات تتسبب في سوء التغذية وما يرتبط به من وفيات وآثار أخرى طويلة الأمد على نمو الطفل لا يمكن تداركها. كما أنها تتسبب في كثرة حالات الهجرة الداخلية وتمثل ضغطًا وإنهاكًا للبنية التحتية.
المرأة والتغيرات المناخية
تقول فاطمة الغولي (مديرة الإدارة العامة للمرأة والبيئة التابعة لهيئة حماية البيئة): إن التغيرات المناخية أثرت في البيئة الاجتماعية تأثيرًا كبيرًا، فهي تؤثر في المرأة عامة والمرأة الريفية على وجه الخصوص، فيكون التأثير من ناحية جلب المياه ومن جانب الزراعة والرعي، كذلك يكون التأثير صحيًّا، حين تنتشر الأوبئة المصاحبة للتغير المناخي عبر جلب النفايات التي تجرفها السيول إلى الآبار والأحواض والأراضي فتكون بؤرة للأوبئة، وتؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للمرأة والطفل.
وترى الغولي “أن المرأة تتحمل جزءًا كبيرًا من المشاركة المجتمعية وفي إحياء هذه الأرض، فتقوم بالحفاظ على مواردها الطبيعية بشتى الوسائل الممكنة، حيث تتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على بيئة محيطة نظيفة وصحية خاصة لأسرتها، وتساعد نفسها على عملية الاكتفاء الذاتي عبر إعادة تدوير الأشياء المستخدمة، وعملية الزراعة المنزلية التي قد تحقق لها اكتفاء من ناحية توفير سبل العيش”.
وتضيف «لصوت الأمل»: نحن بوصفنا «إدارة امرأة” نقوم بعمل برامج توعية حول كيفية التعامل مع نوعية الأغذية والحفاظ على الطفل والتعامل مع التنوع المناخي والانسجام معه، وبرامج عن أهمية الزراعة المنزلية في الأسطح والحدائق المنزلية، والكثير من البرامج الأخرى التي تساعد المرأة في أخذ تدابير تساعدها في حياتها اليومية.
التنوع المناخي للمرأة الريفية
وعن الحديث عن المرأة والأضرار التي تصيبها بفعل التنوع المناخي كان للمرأة الريفية تأثيرات عديدة ذكرتها المهندسة نادية حميد (مديرة إدارة التنمية الريفية بوزارة الزراعة والري والثروة السمكية- عدن) قائلة: إن التغير البيئي والمناخي أثر سلبيًّا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة الريفية، وأنتج أضرارًا كبيرة عليها ضمن مجتمعها في مختلف المستويات، وذلك لعدم التهيؤ والاستعداد لمواجهة تلك التغيرات.
وتشرح نادية: المرأة الريفية تعدُّ عنصرًا أساسًا في إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ عليها وذلك في حال تمكينها واستغلالها استغلالًا أمثل.
مؤكدة، أن الوزارة قصرت كثيرًا في دعم البرامج والأنشطة التي يجب تقديمها، لعدم توفر الميزانية المعتمدة لدعم الأنشطة.
وأشارت نادية إلى الدور الكبير الذي تقدمه المنظمات والمؤسسات المانحة مثل الفاو، والصليب الأحمر، والهجرة الدولية وغيرها، لتقديم الدورات التدريبية والمشروعات والبرامج المختلفة لدعم المرأة الريفية.
وتقترح المهندسة نادية توصيات للحدِّ من الأضرار التي تواجه المرأة الريفية، قائلة: لابد من وجود تنسيق مباشر مع الإدارة العامة لتنمية المرأة الريفية، لتزويد الجهات المعنية بالحاجات الأساسية والضرورية كونها المعنية بمعرفة الأضرار المختلفة التي تواجه المرأة خاصة من ناحية التغير المناخي، وتقديم دعم مادي مباشر للمرأة الريفية عبر مشروعات التنمية المستدامة لمواجهة التغيرات المناخية والبيئية.
تفاقم عدم المساواة
غادة عبد الغفور المقطرى (مدير عام وحدة التغيرات المناخية بالهيئة العامة لحماية البيئة) تقول لـ»صوت الأمل» : إن المرأة لها دور في إدارة الموارد الطبيعية والحد من استنزافها ويتجلى ذلك في الوضع الاجتماعي البارز الذي تحتله في المجتمع، حيث إنها في المنزل تدير الموارد الطبيعية المتوفرة كالماء والطعام والطاقة، ولها دور في الحدِّ من الإسراف الأمر الذي يسهم في التقليل من المخلفات البيئية.
وأضافت: المرأة الريفية لها دور كبير في الحفاظ على السلامة البيئية خصوصًا العمليات الزراعية المتنوعة بشقيها النباتي والحيواني، كما تحرص على تلافي أضرار الإفرازات البيئية في الحقل.
«للتغير المناخي تأثيراته الكبيرة والواضحة في النساء، نتيجة لعدم المساواة بين الجنسين فيؤدي تغير المناخ إلى تلف المحاصيل الزراعية، ومن ثمَّ قلة الغذاء وزيادة أعباء المرأة، وندرة المياه المنزلية واللجوء إلى المياه الملوثة وقضاء المرأة وقتًا أطول في توفير المياه على حساب رعايتها لنفسها وأسرتها وتعليمها.» حسب لما استعرضته غادة المقطري.
وواصلت قولها: إن التغير المناخي يؤدي إلى زيادة النزوح والهجرة الإجبارية، مما يزيد من ضعف المرأة ومعاناتها، ويؤدي إلى نشوء صراعات على الموارد الطبيعية بخاصة الموارد المائية، وهذا يُحدث خسائر في الأرواح، ويزيد من العنف ضد المرأة، كما يزيد من معدل الوفيات بين النساء.
ولتقديم معالجات تخفف من معاناة المرأة مع التغيرات المناخية والبيئة أكدت المقطري أهمية التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والأفراد؛ لأجل التصدي للتحديات البيئية والتغيرات المناخية عبر حزمة من الإجراءات والأنشطة التي تسهم في الحدِّ من انعكاسات المشكلات البيئية وتغير المناخ والإسهام في التنمية المستدامة للمجتمعات .
استطلاع.. ازدياد نسبة التلوث في البيئة بنسبة 89 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر …