أبعاد ورؤى القطاع الخاص والحكومي في مكافحة الفقر
صوت الأمل – علياء محمد
يواجه اليمن أسوأ الأوضاع وأكثرها صعوبة؛ جراء الصراع القائم المتسبب في انهيار الاقتصاد اليمني، إذ فقد عدد كبير من الناس مصادر رزقهم.
في توقعات لتقرير صادر عن مشروعات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سبتمبر من العام 2019م، أن اليمن سيعاني بحلول عام 2022م من أكبر فجوة فقر، وأن 78% من اليمنيين سيعشون في فقر مدقع إذا استمر الصراع حتى العام 2030م، ونتيجة لهذه المؤشرات المخيفة، يعمل عدد كبير من القطاعات الخاصة والحكومية بالتعاون مع الجهات المانحة ومنظمات المجتمع المدني على التخطيط والبحث عن الطرق والوسائل التي بإمكانها مكافحة مشكلة الفقر والحد من انتشاره في المجتمع.
دور مشترك
بيَّن تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي 2020م أن قطاعا الصناعة والخدمات يقومان بدور مهم في النشاط الاقتصادي حيث ساهما في المتوسط ب 17.6 % و 63.0 % من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي خلال الفترة من 2014 ـ 2019م ، وفي مسار موازٍ يشغل قطاع الصناعة 12.2 % من إجمالي قوة العمل ويشغل قطاع الخدمات 46.9 % .
كما بيَّن التقرير أن بيانات الحسابات القومية أشارت إلى انكماش الناتج المحلي لقطاعي الصناعة والخدمات في الأعوام 2011 و 2014 و 2015م وكان الانكماش أشدَّ حدة عام 2015م حيث انكمش قطاعا الصناعة والخدمات ب 23.6 % و 25.1 % على التوالي بسبب الأزمات المختلفة ومنها أزمات في الطاقة والسيولة وسعر الصرف، حيث يقدر الانكماش التراكمي لعام 2019م بنسبة 55.3 % و 43.1 % مقارنة بما كان عليه عام 2014 على التوالي.
أكدت سيدة الأعمال (ورد الريمي) أن هناك دورًا مشتركًا يجب أن تقوم به القطاعات الخاصة والحكومية للقضاء على مشكلة الفقر التي أرهقت وأنهكت الجميع.
مضيفة، أن للقطاع الخاص أهمية بالغة في التخفيف من معاناة الناس، وأنه وجب العمل المشترك مع القطاع الحكومي لسن قوانين واضحة ومصرحة للعلن تعمل على تيسير عملية دمج القطاع الخاص والحكومي، وتسخيرهما للخدمة المجتمعية.
في حين يرى الناشط المجتمعي (عبد المعين الحماطي)، أن الدور الرئيس في التخفيف من الفقر يقع على عاتق الحكومة عن طريق سياسات عامة تعتمد على تنمية موارد الدولة والتوسع في مشروعات التنمية، التي من شأنها توفير فرص العمل للكوادر ذات الكفاية المهنية وفرص التشغيل للعمالة الكثيفة ووضع التشريعات الداعمة التي تؤسس لبيئة آمنة وجاذبة للمشروعات الاستثمارية مع حزمة من التسهيلات المشجعة والمستقطبة للاستثمار.
ويضيف الحماطي، أنه كلما تحسن اقتصاد البلد، زادت موارد الدولة وبدأت بسياسة الضمان الاجتماعي والتشغيل للأفراد والمجموعات والأسر المنتجة، وتوفير فرص القروض الحسنة والميسرة.
مؤسسات تنموية تحدُّ من الفقر
تؤكد زهور الواقدي (رئيس مؤسسة سحابة خير للإغاثة والتنمية)، أن للمؤسسات الخيرية والتنموية دورًا كبيرًا في التخفيف من معاناة الفقراء والمساكين والتخفيف من ظاهرة الفقر المدقع وتحقيق التكافل الاجتماعي ومراعاة الأسر بأسعار القوت الضروري من المواد الغذائية، كما أن ارتفاع أسعار هذه المواد يفاقم من مشكلة الفقر، بالإضافة إلى إدماج أفراد من هذه الأسر في الأعمال المناسبة لهم وإعطاء الفرصة لهم في التوظيف.
وعن دور (سحابة خير) في الحدِّ من انتشار مشكلة الفقر في المجتمع تقول الواقدي: إن المؤسسة قدمت العديد من السلال الغذائية الشهرية لكثير من الأسر، وتقف مع الأسر المعدمة والمستحقة في مجالات عديدة، منها الجانب الصحي عبر إجراء الكثير من العمليات الجراحية لأطفال ونساء بعد أن عجزت أسرهم عن معالجتهم أو إجراء العمليات لهم وشراء الدواء اللازم لهم.
مردفة، كما تقديم المؤسسة المستلزمات الإيوائية للأسر المعدمة والمتضررة من السيول والنازحين، وتقديم مشروعات صغيرة للأسر ابتداءً من إقامة دورات تدريبية للأمهات التي تعول أسرة وإعطائهن مكنات خياطة وانتهاءً بتمويل تجهيز بقالات للمواد الغذائية وشراء الطاقات الشمسية لهم.
وفي السياق ذاته، يقول عبده نبيش (رئيس مؤسسة المستقبل للتنمية وبناء تعز): “قدمت العديد من منظمات المجتمع المدني والقطاعات الخاصة خططًا عديدة لمكافحة الفقر في المجتمع، كان أهمها: التمكين الاقتصادي والتعليمي، ونحن لأننا مؤسسة استهدفنا عددًا من الشباب والشابات لتمكينهم اقتصاديًّا وإخراجهم لسوق العمل ودربنا عددًا من النساء في مجال الخياطة والكوافير والنقش، كما أدخلنا عددًا من الشباب إلى الجامعات”.
مكافحة الفقر إيمان بالفكرة
يرى حمود عبد الكريم حمود (خبير صناعي)، أن موضوع مكافحة الفقر في المجتمع اليمني من الموضوعات المهمة والضرورية التي تحتاج إلى إدارة ميدانية مؤمنة بالفكرة والتمويل والبحث والتنفيذ على الواقع، و حينها سيخرج الناس من مرحلة العوز والفقر إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.
ويضيف حمود، أنه لضمان مستقبل أفضل ومجتمع خالٍ من الفقر يجب أن يُعمَل على أفكار ومشروعات ذات رؤية بعيدة قابلة للتطوير والتوسع، ولنجاح ذلك يُشترط أن يكون هناك فريق مؤهل وكادر متكامل قادر على المتابعة في الميدان لكل فكرة ولكل مشروع.
ويتابع القول: «هناك الكثير من الأفكار والدراسات التي باستطاعتها الحد من انتشار الفقر، ولكن للأسف تحبس في الأدراج وتُدْفن؛ كونها تخدم الضعفاء والمحتاجين لا أصحاب النفوذ والتجار العايشين اصلًا على شريحة الضعفاء ليزداد بذلك الفقر فقرًا”.
خطط ورؤى
عادل حسن العقبي (رئيس الغرفة التجارية الصناعية في محافظة المحويت) يقول: إن القطاع الخاص ينقصه إيجاد الحلول المناسبة والدراسات القادرة على إقناع صاحب رأس المال للاستثمار بكل جدية ومن دون تردد.
معقبًا: «الدكاترة والباحثون وأصحاب الدراسات التنموية من أهم العناصر الأساسية للنهوض بالاقتصاد اليمني بوصفهم عقولًا متميزة تستحق كل الاهتمام”.
كما أردف العقبي: أهمية تقديم رؤية ودراسات لكيفية استمرار العملية المستدامة لتحقيق النمو الاقتصادي والمكاسب التي ستحد من البطالة ومن انتشار الفقر.
وحول أهمية الدراسات التي يجب التركيز عليها لضمان سير عملية التنمية المستدامة، يقول: «نريد عمل نقلة نوعية بحيث نتحول من مستوردين إلى مصدرين ونضع في أعيننا كلمة النجاح لكل يمني، ولتحقيق ذلك هناك حاجة ماسة لعمل دراسات مستدامة ومتجددة حسب الاحتياج للسوق اليمنية وبعدها للتصدير إلى الخارج.
مضيفًا: من أبرز هذه الرؤى هي رؤية الاستفادة من المخلفات الحيوانية، ومن مخلفات القمامة البلاستيك وفضلات الأطعمة، بالإضافة إلى رؤية تطوير مزارع الدواجن و المواشي والأعلاف ورؤية التصنيع عامة، ورؤية إعادة تدوير المواد المنتهية، وإعادة تصنيعها ورؤية زيادة الإنتاج لكل مستلزمات الاستهلاك للمواطن بسعر مناسب للمستهلك أقل وأرخص من أسعار المنتجات الأجنبية.
في حين شدد أحمد سعيد شماخ (عضو اللجنة الاقتصادية) على أهمية وجود خطة أو استراتيجية للدولة يشارك فيها القطاع الخاص عن طريق استيعاب مخرجات جديدة من المتعلمين من الشرائح الفقيرة من مختلف التخصصات العلمية أو أولئك الذين يعتمدون على المجهود العضلي لاستيعابهم في مشروعات يقوم القطاع الخاص باستثمارها كمسؤولية اجتماعية تقع عليه أو عن طريق إقامة المشروعات المشتركة أو الشركات المشاركة.
وقال: “إن كل الفعاليات الاقتصادية في البلد معنية بتحسين المعاهد الفنية والتقنية والمهنية والتكنولوجية التى يمكن أن تساعد في رفد السوق الاقتصادي محليًّا وخارجيًّا بتخصصات تتوافق مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى إيجاد مؤسسات وصناديق تمويل لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بشرط تيسير الإجراءات وتسهيلها من حيث منح القروض البيضاء والقروض الميسرة بشروط هيِّنة وغير مجحفة.
مشروعات للحد من الفقر
أدَّى القطاع الحكومي والعام دورًا محوريًّا في تحريك عجلة النمو الاقتصادي وعملية التنمية المستدامة، فوفقًا للتقرير الاقتصادي الصادر في أغسطس في العام 2020م، فقد أسهم القطاع الحكومي والقطاع العام بنحو 46 % من إجمالي الناتج المحلي 52.6 % من الطلب الكلي، ووظف ما يقارب 31 % من السكان العاملين، كما مول ما يقارب 5.1 مليون حالة فقيرة بالإعانات النقدية .
وأوضح التقرير السنوي للصندوق الاجتماعي للتنمية الصادر في العام 2019م أهم البرامج والمشروعات التي قدمها الصندوق لمكافحة الفقر، وبلغت 554مشروعًا حتى العام 2018م حيث أسهمت تلك المشروعات في تحقیق نحو 50 ٪من المؤشرات المنجزة.
ومن ضمن البرامج التي قدمها الصندوق للحدِّ من انتشار الفقر برنامج (المعرفة القرائية والمهنية للتخفيف من الفقر)، الذي امتد إلى خمس سنوات بإجمالي مبلغ 4.21 ملیون دولار، في أربع محافظات يمنية (لحج، والحديدة، وصنعاء، والمکلا)، عن طريق تمکین الأسر الریفیة الفقيرة من إتقان القراءة والکتابة، والتدريب َالمهني الموجه للسوق، ومهارات ريادة الأعمال، والوصول إلى خدمات التمويل الأصغر واستشارات الأعمال.
استطلاع.. ازدياد ظاهرة التسول في اليمن سببه الفقر 87 %
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع رأي عام أجراه يمن انفورميشن سنتر منتصف شهر سبتمب…