عن محمد سليم.. مخترع أجهزة تعويضية للحركة
صوت الأمل – رجاء مكرد
بين ليلةٍ وضُحاها تحول محمد من رجلٍ سليم مُعافى إلى شخص يعيش على كرسيٍّ متحرك. حادث سير بسيط وخطأ طبي فادح في العملية ــ تحديدًا في العمود الفقري ــ تسبب في شلِّ حركة الطرفين السفليين طوال 13 سنة، لكنه لم يستسلم للمعاناة، فصنع من ضعفه قوة لهُ ولذوي الإعاقة، وبدأ اختراع وصُنع أجهزة تعويضية للحركة على الرغم من إعاقته الحركية.
محمد سليم الزراعي 30 عامًا من أبناء محافظة تعز، درس علوم الحاسب المستوى الأول، ولكن بعد الحادث توقف مشواره التعليمي، فالإعاقة غيرت مسار حياته، يقول محمد: «كنت أتوقع أن أقف على قدمي خلال سنة من الحادث، ولكن مرت سنوات ولم تتحسن حالتي».
المعاناة والتغلُّب عليها
يعيش سليم مع أمه وأخته وزوجته، ما يعوله وعائلته مبلغ لا يسد ربع متطلباته الشهرية، إذ يعتمد على قرض تراكمي بنسبة 75 % شهريًّا؛ لتغطية احتياجاته واحتياجات أسرته اليومية، ويمتلك محمد قدرات مهنية يعجز عنها كثير من المتخصصين في مجال الهندسة.
مرت أعوام على سليم وهو يقعد على كرسيه، لكنه استطاع أن يكسر اليأس، حيث يتنقل محمد بسيارته – التي حول قيادتها إلى يدوية – كل يوم إلى مقر عمله في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، ويسعى باختراعاته إلى التخفيف من معاناة ذوي الإعاقة، وذلك بصناعة كرسيٍّ يتكيف مع نوع الإعاقة الحاصلة لهم.
يقول المهندس محمد: «قمتُ بصناعة جهاز لسيارتي من نوع هنداي للتحكم في قيادتها عن طريق اليد بتصنيع مثالي يفوق المستورد من الخارج، كما أقوم بصناعة الكرسي من قصب الماء».
خطة للنهوض
قبل الحادث كان سليم يعمل حدادًا في ورشة خاصة به، وبعد إصابته وتعطل عمله ودراسته اخترع عجلة تركَّب على كرسيٍّ متحرك، بديلًا للمعاقين من ركوب وسائل النقل، صُنِّعت لزيادة سرعة الكرسي والتنقل بدلًا عن التكاسي، وحقق الاختراع نتائج مذهلة، إذ إن الكرسي الكهربائي المخترع يمشي خمسة كيلو في الساعة، والعجلة التي صنعها سليم تمشي 50 كيلو بشحنة واحدة وسرعتها 25 كليو في الساعة.
لم يحصل سليم على أيِّ جوائز للتصنيع الذي قدمه، لكنه حصل على توظيف في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، وأخيرًا قدم سليم مشروعي (ورشة تصنيع وصيانة الأجهزة التعويضية)، (الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة بعين الإنسانية).
مساعدة ذوي الإعاقة
مع وضعه الصعب إلا أن المهندس محمد أطلق مشروعه التصنيعي الذي تولدت فكرته من رحم معاناته – كونه مُعاقًا حركيًّا- ومعاناة آلاف المعاقين.
يضعُ سليم مشروعه بين يدي المنظمات والجهات الداعمة، الذي سيسهم إسهامًا كبيرًا في حل المشكلات والصعوبات اليومية لذوي الإعاقة، فهدف المشروع إخراج المُعاق من سجن الإعاقة إلى واقع الحياة والإنتاج؛ ليشارك المُعاق مجتمعه في البناء والإعمار.
وعن الصعوبات التي يواجهها محمد سليم في مشروع صناعة الكراسي والأجهزة التعويضية، يحددها بـ: قلة المال، وعدم وجود معامل مهيئة للمعاقين في مجال الهندسة والتصنيع ، ومجتمع لا يعمل للمعاق إلا إذا أعطى المعاق أكثر مما سيأخذ.
طموح
لدى المُهندس محمد سليم طموحات يسعى إلى تحقيقها، وهي فتح ورشه تصنيع كراسي للمعاقين إنتاج محلي بجودة عالية، صيانة الكراسي والأجهزة التعويضية بأشكالها المختلفة، وتوفير قطع غيار لها لم يسبق توفيرها في اليمن إلى الآن.
كما يسعى سليم لتحقيق مراده بصناعة سيارة صغيرة، لتنقل المعاقين للمسافات الطويلة قيادة ذاتية أرخص من قيمة الكرسي الكهربائي الذي أصبح اليوم قيمته تصل لقيمة سيارة.
بعد خمس سنوات من اليوم، يرسم المهندس محمد مخططاته بأنه إذا حصل على ممولين لفتح الورشة الخاصة بالتصنيع، يتوقع أن يحتلَّ المركز الأول على مستوى اليمن في تصنيع وصيانة وتقديم وابتكارات تخدم المعاقين بدرجة لا تصفها الكلمات.
رسالة
رسالة وجهها سليم لذوي الإعاقة، «لا تتخلَّ عن حلمك لمجرد أنك ترى جزءًا فيك غير مكتمل، أكمل العجز بالإرادة، وتحلَّ بالصبر، لا تظن أن هناك شخصًا مكتملًا، فهناك من ينقصه العقل، وهناك من لا يستطيع أن يفكر، عليك أن تثق في نفسك، وتصنع المعجزات».
أما رسالته للمجتمع وللجهات المعنية فقد اكتفى بقوله: «لن يخدم شريحة المعاقين إلا المعاقون أنفسهم، و نتمنى فتح مؤسسات يترأسها معاقون خلال ثلاث سنوات، ثم تُغيَّر بأصحاب همم جديدة».
أقوى ثلاث عبارات ترددها لنفسك دائمًا:
– سأكون صاحب يد بعون الله.
– ضني بالله يفوق طموحي.
– سيشار إليّ في البنان.
استطلاع.. انخفاض دور ذوي الإعاقة في النشاط الاقتصادي إلى 25%
صوت الأمل – رجاء مكرد وجد استطلاع الرأي العام الذي أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر سبتم…