تأثير النظرة المجتمعية في ذوي الإعاقة
صوت الأمل – حنين الوحش
“المعاناة ليست في فهمنا للمجتمع وفهمه لنا فقط، ولكن هناك معاناة أخرى وهي في عدم تقبل المجتمع لنا “.هذا ما أوضحه ماجد عبد السلام البالغ من العمر 32 عامًا – عدن، من فئة الصم والبكم .
ماجد خريج برمجة الحاسوب للعام 2014م، ظل في حالة اكتئاب وانعزال بعد تخرجه ليأتي الصراع ويكمل عليه، حيث اضطر أهله إلى النزوح إلى القرية هربًا من الصراع ومن نظرة المجتمع له.
مكث ماجد خمس سنوات في القرية ليعود إلى عدن مضطرًا، عاد للبحث عن عمل يحسسه بأهميته في المجتمع، وليتحمل مسؤولية ابنه البالغ من العمر سنتين.
ويؤكد ماجد، أنه طوال عام كامل ظل يبحث عن عمل وكان طلبه يقابل بالرفض لأنه أصم وأبكم، وبعد هذه المدة وجد عملًا في إحدى الجمعيات الخيرية التي أسهمت في التخفيف من معاناته أمام المجتمع وأمام نفسه.
معاملة مختلفة
وفي الجانب الآخر نلتقي بمحمد السقاف (14 عامًا من حضرموت مقيم في صنعاء) يجيد القراءة والكتابة والترجمة من العربية إلى الإنجليزية بطلاقة، وله مشاركات عديد في مؤتمرات وندوات عديدة كان له كلمة فيها من كتابته.
يقول السقاف المصاب بالتوحد: إنه كان يعاني من نظرة المجتمع له، فالناس يعاملونه بطريقة مختلفة وكأنه غير باقي البشر.
ويضيف السقاف: “ الحياة مليئة بالعقبات، لكني أحصل على الدعم والتحفيز دائمًا من والدي ووالدتي ومعلماتي لأتجاوز هذه العقبات “ .
من جانبها تحكي أم محمد معاناتها هي وابنها منذ أن بدأت تكتشف أعراض التوحد، وهو في عمر الخامسة تقريبًا، بقولها: “لاحظت في محمد أعراضًا مختلفة عن بقية الأطفال في مثل عمره، كالرغبة في البقاء منعزلًا، وعدم الخوف من الظلام وغيرها من الأعراض التي تشير إلى طيف التوحد.
عُرِض محمد على أطباء واختصاصيين اجتماعيين ونفسيين طوال فترة علاجه، وخضع لاختبارات عديدة، وشُخِّصت حالته، وبعدها بدأنا في تأهيله وعمل معالجة لسلوكياته ودمجه مع بقية الأطفال الطبيعيين.
يحكي محمد نظرة المجتمع المحيط به الذي ظل يسخر منه كثيرًا، سواء على طريقة كلامه أم سلوكياته، وكيف أنه استخدم الضغط عليه بالأشياء يتجنبها الطفل التوحدي كالصوت المرتفع والزحمة وغيرها.
وقال: إنه تحدَّى إعاقته وطور من نفسه بدعم من أهله ليصبح الآن ذا شأن مهم، محملًا المجتمع ضعف الوعي في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة الذي قد يسبب لهم مشكلات كثيرة.
آراءٌ مجتمعية
حول آراء المجتمع في كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة في بلادنا، والدور القائم عليهم لمساعدة هذه الشريحة من المجتمع، كان لعبد الغني عبد الله (33 عامًا من تعز) وجهة نظر خاصة به، قائلا: “لا يوجد أيُّ مبرر ليكون هناك تفريق بين الشخص السليم وذي الإعاقة، إلَّا في عقول بعض الأشخاص الناقصة، سواء بالتعامل الشخصي على مستوى الأهل أم المدارس أم الجامعات وحتى المؤسسات.
وأكد، أن ذوي الإعاقة هم أناس طبيعيون لهم القدرة على إنجاز الأعمال إنجازًا صحيحًا، وبذكاء مميز خصوصًا إذا ما ساندناهم ورعيناهم رعاية صحيحة، ومن المهم جدًا التعامل معهم بصورة طبيعية لا بعين الشفقة.
أما بشار محمد ابن 29 عامًا من تعز، يرى أنه من المهم جدًا التعامل مع ذوي الاعاقة بأسلوب متساوٍ مع بقية أفراد المجتمع؛ لتجنب الأضرار النفسية التي تؤثر في حياتهم عمومًا، ومن المهم جدًا أن تُخصَّص مساحة مريحة في التعامل معهم ليستطيعوا الإنتاج من دون أن يشعروا بوجود اختلاف في التعامل، ويكونوا قادرين على التخلص من العوائق التي فرضت عليهم من دون إرادتهم.
ومن وجهة نظر أديب عبد الصمد (31عامًا من تعز) الإعاقة تكمن في عقول بعض أفراد المجتمع الذين يرون أن هناك حواجز في التعامل مع ذوي الإحتياجات الخاصة، والذين لا يراعون إمكاناتهم وقدراتهم التي يتميزون بها عن باقي فئات المجتمع.
بأعين المختصين
تقول رانيا خالد (أخصائية في علم الاجتماع) لصوت الأمل: “إن نظرة المجتمع في الغالب تؤثر تأثيرًا سلبيًّا في ذوي الإعاقة، وتجعلهم يشعرون بأنهم مختلفون، وهذ الشعور يؤدي إلى بروز مشكلات عديدة واضطرابات نفسية تجعلهم ينعزلون عن المجتمع، غير متفاعلين أو مشاركين فيه، متقوقعين في عالمهم الخاص.
وحول المعالجات والإجراءات التي يجب أن تتخذ لمساندة ذوي الإعاقة تقول: “من الضروري أن يوجه لهذه الفئة الدعم النفسي اللازم لرفع معنوياتها وعزيمتها وجعلها تتقبل نفسها ولا تشعر بالنقص مقارنة بالأسوياء، وبث روح الهمة فيها واكتشاف قدراتها وتطويرها وجعلها فئة مشاركة منتجة متداخلة مع المجتمع تداخلًا طبيعيًّا.
“وضرورة العمل على توعية المجتمع وتوجيهه بعدم النظر إلى هذه الفئة نظرة مؤذية، وعدم المزح في صفات العجز التي تميزهم؛ لأن ذلك قد يعود بضرر كبير عليهم وعلى المجتمع». وفقًا للدكتورة .
دمج في المجتمع
من جانبها وكَّدت ليلى باشميله (أخصائية علم الاجتماع ومديرة مركز التأهيل المهني لذوي الاحتياجات الخاصة في عدن) أن النظرة المجتمعية لذوي الاحتياجات الخاصة قد تغيرت كثيرًا عن السابق، حيث كانت الأسر تخفي أبناءها المعاقين لأسباب اجتماعية، أما في وقتنا الحالي فالعائلة هي من تدفع بأبنائها إلى العلاج، وتساعد في عملية تأهيلهم وتدريبهم، ليحدث بعد ذلك إدماجهم في المجتمع، وذلك بسبب إدراكهم بأهمية دورهم في الحياة.
وأشارت لصوت الأمل، أن هناك استجابة من هذه الفئة، فيوجد الكثير من المعاقين قد تحصلوا على درجات علمية كبيرة، وهم قادرون على المنافسة والمشاركة والظهور في المجتمع ظهورًا مشرفًا.
“ إن الإعاقات لها أشكال مختلفة ومستوى إدراك مختلف، فأصحاب الإعاقات الحركية ذوو مستوى طبيعي من الذكاء والإدراك ويتأثرون تأثرًا سلبيًّا وكبيرًا بنظرة المجتمع لهم، فيتجنبون الخروج والاندماج خوفًا من نظرات الشفقة من بعض أفراد المجتمع”. هذا ما أشارت إليه وفاء طلحة معالجة نفسية في مركز التنمية والإرشاد الأسري لصوت الأمل.
ووكدت وفاء، أن المعاق يستطيع التكيف مع إعاقته ــ حسب نوع الإعاقةــ إذا ما حصُل على الاهتمام والرعاية الكافيين وبالأسلوب الصحيح والمؤثر.
ومن نظرة قانونية وكَّد القاضي سليمان عبد الله غالب (رئيس دائرة شؤون الأعضاء والمشاريع بنادي قضاة اليمن) لصوت الأمل، أن هناك نصوصًا تحمي ذوي الإعاقة في أحكام الهبة والوصية فقط، وفيما يتعلق بالقضاء فلم ينظم القانون أيَّ رعاية خاصة لكفالة الحصول على الخدمة، وجميع المقرات لم توفر الممرات الخاصة بذوي الإعاقة وفقًا لقانون رعاية المعاقين، فيجد المعاق صعوبات وتحديات كثيرة في الحصول على الخدمات اللازمة له.
استطلاع.. انخفاض دور ذوي الإعاقة في النشاط الاقتصادي إلى 25%
صوت الأمل – رجاء مكرد وجد استطلاع الرأي العام الذي أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر سبتم…