تغيب برامج ذوي الإعاقة في وسائل الإعلام المحلية
صوت الأمل – علياء محمد
تنوعت الساحة الإعلامية اليمنية بوسائل الإعلام المختلفة المسموعة, والمقروءة، والمرئية، مقدمةً دورًا حيويًّا في عملية التأثير في مُستقبل الرسالة، فأصبحت وسيلة من وسائل التعبير عن القضايا والمشكلات والهموم للأفراد بفئاتهم المختلفة.
فئة الأشخاص من ذوي الإعاقة أحد جمهور هذه الوسائل، الذين يواجهون عددًا من التحديات أهمها النظرة السلبية لهم، والجهل بحقوقهم وكيفية التعامل معهم، فهل حققت وسائل الإعلام دورها في تقديم الهدف المطلوب لخدمة قضايا الإعاقة عمومًا؟!
“ دكاكين وفوضى إعلامية» هكذا وصف الإعلامي علاء الهمداني (مذيع من ذوي الإعاقة البصرية في الإذاعات اليمنية المحلية). مؤكدًا، أن وسائل الإعلام أصبحت تؤدي دورًا ضعيفًا في مناقشة القضايا الإجتماعية المهمة، وأن مسارها أنحرف انحرافًا كبيرًا، فلم تعد تهتم بقضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة، ولا تتيح لهم الفرصة في المشاركة.
في السياق ذاته يرى الإعلامي محمد الشيباني (من ذوي الإعاقة) أن المؤسسات الإعلامية أظهرت مواهب وإبداعات ذوي الإعاقة، معتبرًا ذلك مجرد (تلميع) متناسين الحقوق المنصوص عليها في القوانين، وكذا الواجبات ودور المعاقين في التنمية.
وحول الصعوبات التي واجهها في تجربته الإعلامية في التقديم الإذاعي، يقول الشيباني: «تجربتي في الإعلام بدأت من العام 2017م، وكانت نوعًا ما جيدة وتعلمت منها أمورًا كثيرة أهمها: كسر حاجز الخوف، وواجهت صعوبات عديدة من ناحية تقديم البرامج السردية التي تحتاج إلى الإعداد والتقيد بسيناريو.
موضحًا، أن العجز يكمن في صعوبة تحويل المادة إلى طريقة برايل البارزة(نظام كتابة خاص بذوي الإعاقة البصرية)، الأمر الذي جعله يتجه إلى البرامج الحوارية.
دراسة إعلامية واستبانة
كشفت دراسة صادرة عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في يوليو 2018م عن عدد الإذاعات اليمنية، التي وصلت إلى 44 إذاعة، 15 إذاعة حكومية, و 21 إذاعة خاصة, إضافة إلى ثماني إذاعات مجتمعية.
كما أصدر المركز دراسة أخرى في العام 2017م، أوضحت ازدياد عدد القنوات التلفزيونية لتصل إلى 22 قناة فضائية يمنية حكومية وخاصة وحزبية، 14 قناة تبث من خارج الأراضي اليمنية، وثماني قنوات تبث من داخل اليمن .
الصحفي فهيم سلطان القدسي (من ذوي الإعاقة الحركية) يؤكد أهمية دور وسائل الإعلام ــ وبخاصة المرئي ـ في التأثير في الأشخاص من ذوي الإعاقة عن طريق إعطاء مساحة تطرح قضاياهم وواقعهم، وإيجاد البرامج التي تعالج ذلك الواقع والتي ربما تكون من ضمن الرسالة المنوطة بالإعلام وخاصة التلفاز.
مضيفًا: «ما يعتري وسائل الإعلام من قصور يعدُّ عائقًا يضيف كمًّا كبيرًا من الصعوبات والتحديات التي تواجه ذوي الإعاقة، ومن هنا يستلزم الأمر إعادة النظر فيما يحتاج إليه ذوو الإعاقة، ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن ذوي الإعاقة هم جزء من المجتمعات الإنسانية، فمع خصوصية أوضاعهم إلا أنها لا تشطب إنسانيتهم ولا تلغيها”.
ويوضح القدسي أن ما يقدِّمه التلفاز من برامج ومسلسلات يُفترض أن تكون موجهة لكل فئات المجتمع من دون استثناء، مع مراعاة كل فئة سواء أكانت من ذوي الإعاقة أم من غيرها، وأنه من الضروري عمل دراسة واستبانة للمحتوى المقدم.
ويشير فهيم إلى أن التأكيد على استعمال لغة الإشارة في وسائل الإعلام المرئي، هو ضمان لحق الشخص الأصم في الحصول على المعلومات والمعارف، بل من المهم ألَّا تكون الترجمة مقتصرة فقط على الأخبار المحلية، فهناك برامج يكون ذوو الإعاقة السمعية في أمس الحاجة إليها ومعرفة ما يدور فيها.
في المقابل يجب أن يكون الحق نفسه لذوي الإعاقة البصرية في مراعاة إعاقتهم في أثناء الفقرات الإعلانية للبرامج أو النشرات الإخبارية الرياضية أو الاقتصادية خصوصًا في استكمال القراءة الصوتية، وعدم الاكتفاء بالإعلان الكتابي الذي لا تصاحبه قراءة. وفقًا لـ فهيم القدسي.
متعجبًا، أن أغلب تلك الإعلانات يأتي المذيع على قراءتها إلى أن يصل إلى مواعيد البث والإعادة، ليقول: “يأتيكم في الأوقات التالية” في صمت تمامًا يجعل المسألة مأساوية وبحاجة إلى مساعدة لمن هم من ذوي الإعاقة البصرية.
متمنيًّا، أن يعمل الجميع على ما يخدم قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة، وألا يُساء إليهم في إطار من المعايير والضوابط للأعمال التلفزيونية.
عدم الثقة
أوضح دارس البعداني (مدير المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة)، أن المؤسسات الإعلامية لا تؤمن بقدرات ذوي الإعاقة وفي الوقت نفسه تتخوف منهم، ومن كيفية التعامل معهم، وكيف يستطيع الإعلامي من ذوي الإعاقة تقديم عمله بأكمل وجه ومن دون قصور، وهذه من الأخطاء الكبيرة التي تقع فيها الوسائل الإعلامية، فلمجرد إعاقة الشخص يرفضون إتاحة الفرصة له وإعطائه مكان في مؤسساتهم.
وأكد لصوت الأمل “نحن ــ ذوي الإعاقة ــ نرفض عرض قضايانا عرضًا خاطئًا، وإننا بحاجة إلى تناول وطرح مواضيع تستهدف الشخص المعاق بطبيعته، كأي فرد في المجتمع، له حقوق وعليه واجبات”.
واقع إعلامي مؤلم
ترى الإعلامية هناء جميل(مدير البرامج في إذاعة إف إم شباب) أنه لا وجود لبرامج تستهدف الإعاقة في اليمن من الجهة الإعلامية خلال الوضع الحالي، فهناك مفارقات كثيرة بين دورها الآن وما كانت تقدمه في السابق.
وتؤكد جميل لصوت الأمل، أن وسائل الإعلام اتجهت في عملها نحو منحنيات أخرى والبحث عن جوانب مختلفة خلال هذه الفترة، واتَّجه أغلبهم نحو المادة متناسين بذلك قضايا ذوي الاعاقة في رسالتهم الإعلامية، وتعاملوا معها سطحيًّا، ولم يعيروها أيَّ إهتمام .
وأشارت هناء جميل إلى أن هناك شريحة من الإعلاميين من ذوي الاعاقة موجودين وبكثرة، ولهم من الإبداع سهمٌ، ولديهم نظرة ثاقبة تفوق المبصرين، ولكن للأسف لا يلقون أيَّ دعم أو تحفيز، واتجه بعضهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب، مع أن رسائل ذوي الإعاقة تصل إذاعيًّا بنسبة 80% ــ حد وصفهاـ ولها أثر كبير، ولاحظنا ذلك من خلال تجربتنا الإعلامية في برنامج (نحن هنا)، وكذلك برنامج (لأجلك أنت)الذي كان موجه لفئة ذوي الإعاقة، وكان هناك تفاعل كبير من جميع الفئات.
أول مؤسسة إعلامية لذوي الإعاقة
(المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة) أول مؤسسة إعلامية حقوقية تهتم بإعلام الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن في الجانب الحقوقي، وجانب مناصرة الأشخاص من ذوي الإعاقة، ورصد الانتهاكات التي يتعرض لها المعاقون في وسائل الإعلام ، وذلك بإنتاج المواد التي تبيِّن كيف يجب أن تطرح قضاياهم.
يقول دارس البعداني (مدير المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة): “أُسِّس المركز بجهود مجموعة من الشباب رغبة منهم بأن يكون هناك صوت مسموع لهذه الفئة، ولتعريف وسائل الإعلام كيف تتناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوعية المعاقين بقضاياهم، وعمل شراكات مع مؤسسات إعلامية ومراكز البحوث والتطوير الأكاديمية”.
موضحًا لصوت الأمل، أن فئة ذوي الإعاقة في اليمن تمثل نسبة 15%من فئات المجتمع، ويجب أن تدرك وسائل الإعلام أهمية قضايا ذوي الإعاقة وتعطيها الفرصة والمساحة المنصفة والكافية.
نماذج مشرقة
استطاع عدد من شباب ذوي الإعاقة، التغلب على إعاقتهم والاستمرار بالكفاح، فاثبتوا للجميع أنهم كغيرهم من الأشخاص قادرين على تطوير ذواتهم وخلق تأثير فعلي في واقعهم أبرزهم:
الشاب الإعلامي دارس البعداني الذي يعاني من إعاقة بصرية، لم يستسلم لها، بل أصبح بها أكثر إصرارًا وعزيمة. أكمل دارس دراسته الجامعية وتخرج في كلية الإعلام بتقدير جيد جدًا، وواصل عمله الإعلامي وحصل على فرصة عمل في إذاعة يمن تايمز أول إذاعة مجتمعية يمنية.
كما حصل على عدد من الدورات التدريبية في المجال الإذاعي، داخل وخارج اليمن، وكان لها دور كبير في تطوير مهاراته الإذاعية والصحافية حتى أصبح يقوم بتدريبات إعلامية.
وبالثقة نفسها والإرادة استطاع الإعلامي البصير “علاء الهمداني” اكتساح عدد من التقارير بخامة صوت رائعة وجميلة، وأصبح من الإعلاميين المتمتعين بأسلوب متفرد وخاص في تقديم البرامج ودخوله عالم الإخراج الإذاعي.
استطلاع.. انخفاض دور ذوي الإعاقة في النشاط الاقتصادي إلى 25%
صوت الأمل – رجاء مكرد وجد استطلاع الرأي العام الذي أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر سبتم…