‫الرئيسية‬ غير مصنف مقاييس حجم الفجوة الغذائية في اليمن: احتياج الفرد، عجز الميزانية، الفارق بين الإنتاج والاستهلاك، الصراع وطرح المعالجات

مقاييس حجم الفجوة الغذائية في اليمن: احتياج الفرد، عجز الميزانية، الفارق بين الإنتاج والاستهلاك، الصراع وطرح المعالجات

صوت الأمل – رجاءمكرد

خمسة ملايين شخص على حافة المجاعة و50،000 شخص يُعانون من ظروف تشبه المجاعة” هذه آخر إحصائية أوردها الجهاز المركزي للإحصاء في شهر مارس 2021م. ويُعد انعدام الأمن الغذائي من المشكلات التي تفاقمت بسرعة هائلة في الفترات الأخيرة، سواء بسبب الصراع أو ارتفاع سعر السلة الغذائية، الأمر الذي يستدعي طرح الحلول والمعالجات هروبًا من اتساع دائرة الفجوة الغذائية.

بلغ عدد السكان الذين هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والمساعدة في مجال الحماية نحو 20.7 ملايين شخص، كما أن أكثر من 2.25 مليون طفل (دون الخامسة من العمر)، ومليون امرأة (حامل أو مرضع) يُتوقع أن يعانون من سوء التغذية الحاد خلال العام الحالي 2021م، %45 من السكان الذين أُجرِيت دراسات عن أوضاعهم خلال الفترة من أكتوبر – ديسمبر 2020م يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الثالثة ومافوق من التصنيف المرحلي المتكامل). وفقًا لـ كمال الخامري (استشاري قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي).

   إن أهم المؤشرات التي تُسهم في اتساع الفجوة الغذائية، وعدم حصول حالة الاستقرار الاقتصادي هي تضخم أسعار المستهلك وسط عجز ميزانية الدولة، إذ يؤثر ذلك على احتياج الفرد ومستوى دخل الأسرة وحصولها على الخدمات الأساسية، وهُنا يشير الخامري إلى أن نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي بسعر الصرف الموازي للعام 2019م بلغ نحو 364 دولارًا، في حين أن العجز الكلي في الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي عام 2019م مقارنة بنسبة 4.8 % عام 2014م بلغ 909%، وخلال الفترة من 2019-2014م بلغ متوسط نسبة الدَّين العام الداخلي من الناتج المحلي الإجمالي 85.1%، والمتوسط السنوي لمستوى انكماش الناتج المحلي 11.7-)%).

   تتأثر عملية الاستهلاك والإنتاج تبعًا لاختلاف سعر العملات، إذ يُعدُّ صرف العملات الأجنبية من أهم المؤثرات في مستويات المعيشة الإنسانية ومستويات الأمن الغذائي والفقر، وهذا ما أكَّدته إحصائية منظمة (الفاو) خلال العام 2018 – 2020م.

      إن العملة اليمنية شهدت تدهورًا ملحوظًا في سوق الصرف الأجنبي، فبعد أن كان 215 ريالًا/ للدولار عام 2015م، بلغت قيمته إلى 718.5 ريالات/ للدولار في 2020م على المستوى الوطني.

سلة الغذاء واستراتيجية التكيُّف

    في بيان صُحفي (نشرة مراقبة السوق الشهرية يناير 2021م) حصلت عليه صحيفة “صوت الأمل” عن طريق مدير السكرتارية الفنية للأمن الغذائي في صنعاء الدكتور عبدالواحد مكرد الذي صرَّح قائلًا: بلغ متوسط تكلفة أدنى سلة غذائية في شهر يناير 46،565 ريالًا، مسجلًا انخفاضًا في 2021م  بنسبة 1% مقارنة بشهر ديسمبر الماضي 2020م، وأن تكلفة السلة في المحافظات الجنوبية سجل ارتفعًا بنسبة 18% مقارنة بالمتوسط الوطني وأعلى بنسبة 34% مقارنة بتكلفتها في المحافظات الشمالية، وظلت التكلفة الأكبر في سقطرى 63،600 ريالٍ، و61،300 ريالٍ في شبوة، و 55،750ريالًا في عدن، فيما كانت صعدة 34،300 ريالٍ وهي الأقل تكلفة.

    كما جاء في البيان أنه خلال شهر يناير للعام الحالي اُسْتُورد 354،992 طنًا متريًّا من المواد الغذائية المختلفة إلى البلاد عبر مواني عدن والمكلا وسقطرى والمواني البرية شحن، المهرة، الوديعة، حضرموت، منها 183،533 طنًا متريًّا تضم السلع الغذائية الأساسية الرئيسة كحبوب القمح والدقيق والسكر والأرز والحليب وزيت الطبخ، والباقي عبارة عن مكمل غذائي بازلاء صفراء مجروشة وعدس وسلع أخرى متنوعة، وقد وصلت الواردات الإجمالية للمساعدات الإنسانية إلى نحو 3،139 طنًا عبر ميناءي عدن وسقطرى.

وتحوي السلة الغذائية التي تكفي سبعة أشخاص شهريًّا المكونات(75كجم من الدقيق الأبيض، 10 كجم من الفاصوليا الحمراء،  8لترات من زيت الطبخ النباتي(مستورد)، 2.5 كجم من السكر، وكجم من الملح المضاف إليه اليود).

يقول عبداللَه الحفافي (مسؤول في السكرتارية الفنية للأمن الغذائي- صنعاء): إن ارتفاع الأسعار سبب في اتساع الفجوة الغذائية، فكلما زادت الأسعار لجأ الناس إلى اتخاذ استراتيجية معينة تُسمى بـ (التكيُّف) مثلًا: بدلًا من أن يشتري المواطن أرزًّا بجودة عالية وليكن “أرز بسمتي”، يشتري أرزًّا آخر بجودة أقل ولكن سعره مناسب لدخل المواطن، الأمر الذي يحقق لهُ قيمة غذائية أقل وهكذا في باقي السلع.

الصراع والحلول

    ويضيف الحفافي قائلًا: “إن الصراع أثر تأثيرًا كبيرًا ومباشرًا في حياة المواطن اليمني، أقل هذه التأثيرات انقطاع الطرق الرئيسة التي يمر بها الغذاء إلى مناطق النزاع، إذ يضطر موردو الغذاء إلى أن يسلكوا طرقًا طويلة وملتوية وشاقة؛ لإيصال الغذاء وهذا يؤدي إلى رفع أسعار الغذاء أوعدم الوصول إليه فضلًا عن عدم مقدرة المواطن على شرائه”.

   ويرى عبداللَه الحفافي أن من الحلول الممكنة لحلِّ أزمة انعدام الأمن الغذائي تكون بإنهاء الصراع والعمل على تشجيع الإنتاج والتصنيع الغذائي ورفع مستوى المزارعين وعمل معالجات لتدهور العملة؛ لأن العملة هي المسؤولة عن خفض القدرة الشرائية للمواطن وتدمير الاقتصاد.

من جانبه الدكتور بسام عبدالله (مشرف مديرية القفر لدى مؤسسة نظراء الإغاثة والتنمية) يختصر المعالجات لتحقيق الأمن الغذائي بـ (الحصول، الوصول، الوفرة، الاستمرارية، وسد الفجوة الإنتاجية، تقليل هدر الطعام، استخدام السماد بطريقة صحيحة، رفع إنتاجية المياه) مؤكدًا أن أولى الخطوات لتحقيق الأمن الغذائي هي وجود دولة قوية  قادرة على ممارسة صلاحياتها الكاملة وعلى جميع أراضيها، وتتحكم بمواردها “وهذا غير موجود لدينا” حسب قوله.

ويضيف عبداللًه أنه سيتحقق الأمن الغذائي في اليمن عندما يتمتع الناس جميعهم وفي كل الأوقات بالقدرة البدنية والاجتماعية على الحصول على كميات كافية من الغذاء السليم؛ لتلبية حاجاتهم الغذائية وما يفضلونه من طعام يضمن لهم حياة نشيطة وصحية.

ويوجز الدكتور بسام عبداللًه النقاط الآتية لتحقيق الأمن الغذائي:

١ – توفير الغذاء بكميات تكفي الأسرة وتلبي حاجتها من الغذاء، وهذا الدور يقوم به العائل للأسرة، وكذلك الأنظمة في الدول، والمنظمات، والجمعيات الخيرية وغيرها.

٢ – الحصول على الغذاء، ويكون عبر اللجوء إلى الإنتاج والمخزون المنزلي وشراء الأغذية عبر مصادر الدخل، والتحويلات النقدية، والرواتب الشهرية وغيرها. 

٣ – تناول الغذاء، ويكون بتناول العائلة للغذاء التي حصلت عليه، بما في ذلك حفظه وتجهيزه وإعداده وتوزيعه توزيعًا سليمًا.

٤ – سبل المعيشة ، ويشمل القدرات والموارد سواء أكانت طبيعية أم مادية أم اجتماعية.

٥ – التغذية، وهذه العمليات التي يرصدها تناول الطعام والهضم واستفادة الجسم منه.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.