الزراعة في اليمن .. عوائق أمـــام الأمــن الغذائــي المنشــود
صوت الأمل – سماح عملاق
تبلغ متوسط مساهمة القطاع الزراعي حوالي 13.7% من الناتج المحلي، ويشكل قطاع الزراعة مانسبته 16.5% من إجمالي الدخل القومي حسب ماذكره الموقع الرسمي لوزارة الزراعة والري في صنعاء.
نظراً لتنوع المناخ واختلاف مستويات الأمطار، ونظام الري ونوعية التربة ودرجات الحرارة والرطوبة؛ فإن ذلك يساهم في توزيع وتنوع المزروعات في المناطق الزراعية في الجمهورية اليمنية وفقًا لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر الصادرة في أغسطس عام 2010 عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
بيئة متنوعة وخصبة
وتصنِّف الخطة محافظات الجمهورية اليمنية على وفق مزروعاتها الرئيسة، فمناطق الأودية في السهول الساحلية تزرع محاصيل الفواكه، والمحاصيل النقدية، بينما تنمو في المرتفعات والمنحدرات محاصيل الحبوب، والأعلاف، أما مناطق المدرجات على سفوح الجبال فتضم النسبة الأكبر من الأراضي الزراعية التي تعتمد على مياه الأمطار، وتزرع فيها بعض أنواع الحبوب.
وقد صُنفت مراتب وفرة المحاصيل الزراعية في محافظات الجمهورية اليمنية حسب أكثر المحاصيل بالنسبة إلى كل منطقة ــ في أطروحة الماجستير الموسومة بـ(الآفاق المستقبلية للزراعة في الاقتصاد اليمني) للباحثة أديبة عيضة مختار الحاشد، والصادرة عن معهد البحوث والدراسات الاقتصادي في القاهرة عام 2003م ــ فكان لمحافظة الحديدة المرتبة الأولى من حيث زراعة محاصيل الحبوب، والخضروات، والفواكه، والبقوليات، والأعلاف، بينما تحتل صنعاء المرتبة الأولى من حيث المحاصيل النقدية، ومحافظة حجة في زراعة الحبوب، والفواكه، والمحاصيل النقدية، في حين تتركز في ذمار محاصيل الحبوب، وتعمّ زراعة الخضروات في محافظتي إب وتعز، أما الأعلاف فتزرع في محافظتي شبوة ومأرب.
زراعة الحبوب تتصدر
تذكر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2017م، تصدُّر الحبوب الغذائية لقائمة المحاصيل الزراعية في اليمن بنسبة 47% من إجمالي المساحة المزروعة بالبلاد، وتستحوذ الحبوب- تحديدًا- على مساحة تقدر بـ 512,666 هكتارًا من إجمالي مساحة المحاصيل الزراعية لليمن البالغة 1,084,008 هكتارات؛ أي ما يقرب نصف إجمالي مساحة الأراضي الخصبة للبلاد.
ويذكر مدير الإرشاد الزراعي بمكتب الزراعة في محافظة أبين فرج الشراء :”أن مساحة زراعة الحبوب تقلّصت منذ أحداث الصراع في اليمن، حيث كانت مساحة مزارع الحبوب المزروعة تبلغ نحو 585,658 هكتارًا في 2015م، ما يعني تصحّر 72.992 هكتارًا من الأراضي الزراعية التي كانت مزروعة بأنواع الحبوب الغذائية من الذرة الشامية، والدّخن والقمح، والشعير وغير ذلك”.
ويحتل القات المرتبة الثانية من حيث المساحة المزروعة في اليمن، إذ تبلغ مساحة زراعته 16% من إجمالي المساحة الزراعية، وتليه زراعة الأعلاف التي تبلغ مساحة زراعتها 12% من إجمالي المساحة المزروعة في اليمن، في حين تصل مساحة زراعة الفواكه بأنواعها إلى نسبة 8% . وفقًا لما نشره الجهاز المركزي للإحصاء في موقعه الرئيس عام 2019م.
أكثر من 37 ألف مهاجر
يقول الشاب موسى سعد (مزارع للكوسا والخيار في محافظة إب):” لقد اغتربتُ منذ أن كان عمري 13 عامًا، وعدتُ إلى اليمن عام 2015م لأرى وسائل عيش أسرتي ذهبت أدراج الرياح بسبب الأحداث، فوالدي معلم فقد راتبه، وإخوتي أطفال، لذلك بدأتُ باستزراع أرضٍ استأجرتُها لتعول عائلتي وتكفي من يحتاج إلى الخضار في البلدة”.
ويضيف لحديث موسى المزارع المقيم في مديرية السياني بإب، محمد ناجي عبدالله، فيقول: “لقد أسهمت أحداث الصراع والحصار في عودة كثير من الشباب والمواطنين المغتربين أو الذين تركوا أرضهم رغبةً في حياة المدينة، هؤلاء عادوا للفأس، ولولا خيرات أرضنا لماتوا مع أسرهم جوعًا”.
ومع عودة أكثر من 37 ألف مهاجرٍ إلى اليمن خلال عام 2020م، اتجه قطاعٌ عريضٌ منهم- لم يقدّروا بالنسبة بعد- إلى العمل في الزراعة، حسب إعلان المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، ونتاجًا لذلك استجدَّت مشكلاتٌ ونزاعات تتعلق بملكية الأراضي التي كانت مهجورة منذ سنوات.
تحديات وحلول
يسرد المهندس يحيى علي محسن إدريس (مدير إدارة الري الزراعي بمكتب الزراعة بمحافظة إب) أبرز المشكلات التي تواجه الزراعة في إب قائلًا: “التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، والانتشار الواسع لشجرة القات على حساب المحاصيل الأخرى خصوصًا الحبوب، واستنزاف المياه الجوفية في سقي القات، ونزوح العديد من الأسر من مناطق الصراع إلى المحافظات الأخرى، وتدني عمل الإرشاد الزراعي في توصيل المعلومة الحديثة للمزارعين بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي تثقل كاهل المزارعين، مشكلاتٌ تواجه القطاع الزراعي”.
ويذكر الباحث في مكتب هيئة البحوث الزراعية(إب-تعز) محمد النزيلي تحدياتٍ عديدة في القطاع الزراعي تقف أمام الأمن الغذائي، بقوله: “نقص العناصر السمادية في الأراضي الزراعية؛ نتيجة التطور وما رافقه من انخفاض في استخدام المواد العضوية سواء البشرية أم الحيوانية، والانخفاض الحاد في تربية الثروة الحيوانية، أيضًا الصرف الصحي الحديث، وضعف الوعي في الطرق السليمة لإعداد واستخدام الأسمدة العضوية، والارتفاع الحاد في أسعار الأسمدة الكيميائية، والتغير المناخي، والإهمال للمدرجات، وارتفاع أجور العمل و ندرة في إعداد المعدات الزراعية كلها تحديات أمام الزراعة”.
ويضيف إدريس: ” لقد قامت الجهات المختصة بدورها في تحسين الإنتاج الزراعي، وذلك بتزويد المزارعين بالبذور المحسنة ذات الإنتاجية العالية، ومنع تصدير الحبوب، وتشجيع جمعيات منتجي الحبوب، وتنفيذ عدد من الحواجز والخزانات التي تحفظ مياه الأمطار، كذلك تشجيع المبادرات المجتمعية كالحراثة، ومحاربة تجار المبيدات المهربة والمنتهية والممنوعة، إضافةً إلى تفعيل دور الإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية، وتوزيع خلايا نحل حديثة للأسر الفقيرة في المناطق البعيدة مثل القفر وفرع العدين.
ويسهب أيضًا: “ينبغي تفعيل دور المؤسسة العامة للخدمات الزراعية تفعيلًا أفضل، فهي تمد المزارعين بمستلزمات الإنتاج بأسعار زهيدة، و الاهتمام أكثر بزراعة وإنتاج شتلات البن، فمثلًا: عندنا في إب(مشتل إب) ينتج أكثر من 500 ألف شتلة، ويبيعها للمزارعين بسعر التكلفة 200 ريال، بالإضافة إلى الشتلات الأخرى من زينة وفاكهة وغيرها”.
70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي
أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…