المرأة الساحلية ودورها الخجول في دعم القطاع السمكي: لم تجد المرأة الاهتمام الكافي للعمل في مهنة الصيد
صوت الأمل – منال أمين
عزيزة أحمد سويد 52 عامًا أو كما يُطلق عليها (النوخذة عزيزة) تعمل صيادة في منطقة رأس العارة التابعة لمحافظة لحج المطلة على البحر الأحمر منذ أن كان عمرها 12 عامًا.
تقول عزيزة: “إنها كانت تعمل منذ صغرها في مهنة الصيد مع والدها وإخوانها؛ لمساعدتهم في عملية الجلب والاصطياد وتجميع الأسماك الصغيرة والمتوسطة الحجم وإنزالها إلى الساحل وبيعها، حيث يصطادون الباغة، والجحش، والبياض و السخلة وأسماك متنوعة، ومنذ ذلك الحين وهي تعمل في المهنة نفسها مع زوجها وأولادها البالغ عددُهم 11، وحاليًّا تمتلك قارب صيد تشرف على عملية الصيد عليه.
وحول التحديات التي تمر بها، تقول عزيزة : إنه بسبب الأوضاع التي نمر بها اليوم أصبح الوضع المعيشيُّ صعبًا للغاية لدرجة أننا لم نستطع إعادة تأهيل القارب بعد أن توقف مدة من الزمن، وقد حصلت على دعمٍ في الفترة من 2017 ـ 2018م بمحرك بحري جديد عبر وكالة المنشآت الصغيرة والأصغر. كما أقوم حاليًّا بتدريب بعض النساء في المنطقة نفسها على عملية الصيد ومساعدة أزواجهن في مواسم الصيد.
عزيزة من النساء القليلات جدًا في المناطق الساحلية باليمن اللائي يمارسن مهنة الصيد مع الرجل، تقود عزيزة قاربًا عليه بعض العاملين. ولكن المرأة لم تجد الاهتمام الكافي الذي يسهم في دعم النساء عمومًا للعمل في مهنة الصيد.
تتضمن المحافظات الساحلية في الجمهورية اليمنية عشر محافظات:(عدن، حضرموت، الحديدة، حجة، تعز، لحج، أبين، شبوة، سقطرى، المهرة) حيث يبلغ طول الشريط الساحلي لمحافظة حجة نحو 128 كيلو متر مربع على البحر الأحمر، وطول الشريط الساحلي لمحافظة الحديدة 329 كيلو متر، وتعز130 كيلو متر، ولحج 200 كيلو متر، ومحافظة عدن 181 كيلو متر مربع على ساحل خليج عدن، ومحافظة أبين 280 كليو متر على الشريط الساحلي للبحر العربي، وشبوة 380 كيلو، وحضرموت 350 كيلو متر، ومحافظة المهرة يبلغ الشريط الساحلي 550 كيلو متر مربع.
أنشطة تستهدف المرأة الساحلية
سلمه ناصر عبدان (رئيسة جمعية الساحل التنموية في منطقة عمران الساحلية)، تقول: كانت المرأة الساحلية منذُ القدم تمارس مهنة الصيد وصناعة المنتجات البحرية وبيعها ضمن إطار التقاليد المتعارف عليها في مناطقهم، ولكن منذ 2015م أصبحت هناك قيود مجتمعية فُرضت على المرأة الساحلية عن طريق تحديد مشاركتها فيما يخص القطاع السمكي، واحتكاره على الرجال فقط.
وتوضح لـ “صوت الأمل” دور الجمعية التي بلغ عدد منتسبيها أكثر من 8 نساء من منطقة عمران، فتقول: تعمل الجمعية على دعم النساء بالمشروعات التي تُسهم في تطوير مداركهن في مختلف المجالات التنموية التي تساعد على تحسين مستوى أسرهم المعيشية في المناطق الساحلية، خصوصًا أن المناطق الساحلية تفتقر إلى التعليم والصحة كما أن فرص العمل فيها قليلة.
وتوكِّد سلمه أن الجمعية تسعى إلى تنفيذ العديد من المشروعات التي تسهم في تطوير قدرات النساء في مختلف مجالات القطاع السمكي والاستفادة من المنتجات البحرية الموجودة في السواحل اليمنية، مثل تطوير الأعمال الإبداعية من المنتجات البحرية (الصدف)، ومحاولة إيجاد معمل لخياطة الشباك الخاصة بالصيد، لخلق فرص عمل للنساء بطرق سهلة وأكثر جودة، مقارنة بالشباك المستوردة التي تسبب أضرارًا على الحياة البحرية، وإنشاء مصنع لتعليب التونة يعمل بكوادر نسائية وبأسعار تساعد على التخفيف من انهيار الاقتصاد الوطني.
كما تضيف: تعمل المرأة الساحلية منذ القدم وإلى الآن في تجميع مادة (الظُفر) التي تستخدم في صناعة البخور والعطور والخُمْرة، ويستخرج من القواقع (الأصداف البحرية)، ويعد من المكونات الغالية الثمن؛ لذا نسعى إلى تدريب النساء وتأهيلهن تأهيلًا صحيحًا، لتعريفهن بعملية إخراج المنتج من الصدف وتنظيفه بطريقة صحيحة.
وفي السياق ذاته يقول رشيدي محمود (الباحث في شؤون الصيادين والأحياء البحرية في خليج عدن): “هناك بعض النساء اللاتي يشاركن أزواجهن في عملية الصيد والعمل في البحر في معظم المحافظات الساحلية، وبخاصة على الشريط الغربي في منطقة رأس عمران الساحلية، حيث مازلن يشاركن الرجل في مهنة الصيد في موسم الاصطياد و تداولها، كما يقمن بصيد سمك الوزف وتجفيفه وتحضيره بطرق خاصة قبل بيعه في الأسواق، بعد وضعه وتجفيفه تحت أشعة الشمس عن طريق رشِّه على أرض صلبة لمدة يومين ثمَّ يقمن بجمعه ووضعه في أكياس كبيرة.
تحديات ومعالجات
مديرة كيان المرأة الساحلية في منطقة الخيسة سوزان جواد، تقول: إن المرأة الساحلية تعاني من التحديات ضمن النطاق الجغرافي التي تعيش فيه، و تتمثل تلك التحديات في العادات والتقاليد وعدم الاهتمام بالعملية التعليمية للنساء، الأمر الذي زاد من نسبة الأمية لديهن.
مبيِّنة : أن النساء الساحليات في منطقة الخيسة أصبحن يركِّزن على أعمال تجميع الظفر والأصداف وبعض الأحياء البحرية؛ لتنفيذ مشروعات إبداعية يقمن ببيعها والاستفادة من مردودها المالي لتحسين مستواهن المعيشي الصعب، كما تشاركن في أنشطة تنموية مختلفة تدعمها بعض المنظمات بهدف مساعدة أزواجهن الصيادين.
دور الجهات الداعمة في استهداف النساء الساحليات في القطاع السمكي، الدكتور أوسان معروف باهرمز (كبير الاستشاريين في سلسلة القيمة في القطاع السمكي لمنظمة براجما)، يقول لـ”صوت الأمل”: تعد المرأة الساحلية من الفاعلات الأساسيات في تنمية القطاع البحري في اليمن، حيث يكمن دورها في عملية الاصطياد المباشر والمحدود، بخاصة في منطقة رأس العارة، ومشاركتها في سلاسل القيمة في القطاع السمكي، والتي تبدأ من عملية الإعداد للرحلة البحرية والصيد والتداول والإنزال والنقل والتحضير والتعبئة والتغليف والبيع ووصولًا إلى مرحلة الطبخ، وفي هذه المراحل تكون المرأة الساحلية حاضرة بالذات في مجال تحضير وتصنيع الأسماك والصناعات السمكية التقليدية مثل تجفيف الوزف وبعض الأسماك، كما أن لها حضورًا في مصانع تعليب الأسماك بمختلف المحافظات الساحلية.
ويضيف: “برنامج الانتعاش الاقتصادي وسبل العيش الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (مكون القطاع السمكي) نفَّذ عددًا من التدخلات للمرأة الساحلية عبر تدريبها وتأهيلها ومساعدتها في عملية التسويق للمنتجات البحرية، وتكوين جمعيات للمرأة الساحلية، وفي كيفية الاستفادة من الأصداف البحرية في الصناعات التجميلية الإكسسوارات والتحف، وذلك في الفترة من 2020ـ 2021م، كما نُفِّذ بازار ترويجي للمنتجات من المكلا وعدن، والعمل على تدريبها في مجال الطبخات البحرية لبعض الأسماك.
84% يؤكدون أهمية تأثير عائدات الثروة السمكية على الناتج القومي في اليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذ من قبل إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن …