‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الثروة السمكية في اليمن الدكتورة هناء رشيد: أهمية الدفع بالاستثمارات لانتشال القطـــــــاع السمكي من وضعة الراهن ورفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة

الدكتورة هناء رشيد: أهمية الدفع بالاستثمارات لانتشال القطـــــــاع السمكي من وضعة الراهن ورفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة

صوت الأمل – منال أمين

ضرورة إعادة بناء القطاع السمكي على وفق رؤية علمية واضحة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع السمكي 2012ـ 2025م “. بهذه الكلمات وكَّدت الدكتورة هناء رشيد أحمد (رئيس الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية) أهمية معالجة المشكلات التي تواجه القطاع السمكي في اليمن من ناحية علمية، وذلك في الحوار الذي أجرته معها صحيفة “صوت الأمل” لمعرفة أهمية دور الهيئة في تنمية القطاع السمكي في البلاد.

في البداية دكتورة هناء، هل من ممكن أن تعطينا لمحة مختصرة حول نشاط الهيئة؟

   تأسست الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية في 13 أغسطس  2007م، تضم في إطارها المؤسسي كلا من مركز أبحاث علوم البحار في جزيرة العمال مديرية خور مكسر في عدن، ومركز تربية الأحياء المائية ومركز دراسات البيئة البحرية والتلوث في مديرية البريقة، وفرعي الهيئة في حضرموت والحديدة.

   وإجمالًا تُعنى الهيئة بدراسة علوم البحار وتغيرات الوسط المائي لوجود الأحياء البحرية والأملاح الغذائية  المؤثرة لتكوين الإنتاج البيولوجي للأحياء البحرية، ودراسة الهوائم البلانكتون والزوبلانكتون والأحياء القاعية والبنتوس،  ورصد الحالة الاشنوجرافية، وكذا حالة الموارد وتصنيفها وتوزيعها حسب موائلها الطبيعية، وديناميكيتها ورصد حالة المخزون السمكي ومتغيرات البيئة البحرية وأثر معدات الصيد في استدامة المخزون، وأبحاث الاستزراع السمكي والبيئة البحرية ودراسات التلوث البحري ودراسات أخرى.

– ماهي طبيعة البحوث والدراسات التي تستهدف القطاع السمكي في البلد ؟

   تستهدف الدراسات والأبحاث التي تجريها الهيئة على المصايد السمكية استدامة موارد البيئة البحرية وتوازنها الإيكولوجي، والرفع بالتوصيات إلى قيادة الوزارة لإصدار قرارات ملزمة التنفيذ من الهيئات العامة للمصايد السمكية  والجمعيات بهدف حماية الموارد البحرية من الاستنزاف، وإعطائها الفرصة للتجديد والتكاثر، كما سعت الهيئة أخيرًا إلى تنفيذ تجارب لاستزراع (خيار البحر) لقدرة هذا المورد على التكيف والنمو بكل الظروف المتوفرة، فضلًا عن قيمته المادية المرتفعة التي ستسهم في رفع المستوى المعيشي للصيادين، بوصفهم أقل شرائح المجتمع فقرًا،  وتنمية قراهم الساحلية الريفية، فضلًا عن أن الاستزراع والتربية في أحواض ساحلية أو عائمة سيسهمان في دعم المخزون السمكي للموارد المستهدفة.

   وهنا نوكِّد على توجيه الدعم لنقل الاستزراع من مرحلة التجارب إلى مرحلة التنفيذ الفعلي في الميدان، وتجدر الإشارة إلى وجود مشروع استزراع سمكي واعد ينفذه شريك محلي لاستزراع سمكة السخلة.

– فيما يخص البنية التحتية للهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية،  كيف تقيمينه عمومًا؟

   تمتلك الهيئة بنية تحتية متكاملة أنشئت بموجب قرض من البنك الإسلامي وافتُتح  مبنى مركز أبحاث علوم البحار في العام 1983م، وكان مركزًا بحثيًّا متكاملًا،  كان يُخطَّط له أن يكون مركزًا إقليميًّا في تلك الفترة، ويتكون من مختبرات تخصصية ومكتبية صغيرة، ومكتبة مركزية، ومكاتب إدارية، وقاعة اجتماعات ومستودعات ومساحات إضافية للتوسع المستقبلي، ومنذ تدشين العمل البحثي في المبنى إلى الآن لم يُحدَّث المبنى حتى العام 2019م حين أصدر مجلس الوزراء قرارًا بإعادة تأهيل المبنى إلَّا أن المشروع متعثر لأسباب غير واضحة.

    إجمالًا مكونات البنية التحتية لأبحاث علوم البحار تحتاج إلى إعادة تأهيل عاجل (مبنى الهيئة، مبنى مركز تربية الاحياء المائية، مركز دراسات البيئة البحرية والتلوث، مبنى فرع الهيئة في حضرموت)، وفي السنوات السابقة لعام 2014م  وُضِعت خطط لإنشاء خمس محطات بحثية لرصد التغيرات المناخية إلا أن العمل  توقف بالمشروع ولم ينجز منه سوى محطة بحثية في محافظة المهرة تعمل بعيدًا عن خطط الهيئة لعدم تنسيق نشاطها.

– ماهي أهم التحديات التي تواجه عمل الهيئة في مثل هذه الظروف مقارنة بما قبل الصراع ؟

    توجد العديد من الصعوبات المتراكمة التي حالت دون تنفيذ الهيئة لمهامها بموجب قرار إنشائها خصوصًا أن الهيئة مكون بحثي ميداني يحتاج إلى الكثير من الدعم والإمكانات أهمها: استكمال مشروع إعادة تأهيل مبنى الهيئة بتمويل حكومي، و توفير موازنة لخطة العمل  البحثي لتتمكن الهيئة من تنفيذ المسوحات الميدانية ودراسات الظواهر والملوثات، وتنفيذ النزول الدوري  لمتابعة ورصد الكميات المسحوبة من المخزون السمكي، وإنشاء مزرعتين سمكيتين نموذجيتين للجمبري وخيار البحر في رأس العارة وعمران، وتحديث مختبرات وإعادة تجهيزها  لتمكين الباحثين من تحليل العينات، وإعادة تأهيل ورفع كفاية  الكادر ونقل الخبرة، ورفد الهيئة بكوادر متخصصة.

  وإعادة النظر في تشريعات القطاع السمكي والقطاعات الخاصة ذات العلاقة بهيئة الأبحاث بما يمكِّن الهيئة من الحصول على مقابل نظير تقديمها للاستشارات العلمية،  والحصول على إيرادات للإنفاق على مسوحاتها الدورية الخاصة بفتح مواسم الاصطياد وغلقها أو النزول لدراسة حالات التلوث البحري أو نفوق الأسماك.

– برأيكم،  ماهي أهم المشكلات التي تواجه القطاع السمكي في اليمن في الوقت الراهن؟

   من وجهة نظري يعاني القطاع السمكي  من  صعوبات عديدة أهمها:

 • عدم التزام الدولة عمومًا وقيادة الوزارة خصوصًا برؤية علمية موحدة اتجاه تنمية القطاع السمكي لسنوات طويلة، فكل قيادة جديدة تأتي للوزارة لا تقوم بربط ما أنجز واستكمل، أو تفكيك الصعوبات المتداخلة مثل معالجة أوضاع  البنى التحتية المتهالكة للقطاع، وإحالة العديد من الكوادر المؤهلة للتقاعد وعدم السعي للاحتفاظ بهم، وعدم معالجة الخلل في بعض التشريعات السمكية التي ظهرت في أثناء التنفيذ.

 • افتقاد القطاع السمكي للكوادر المتخصصة المؤهلة، فلا توجد مرجعية علمية ترفد القطاع السمكي بالخريجين المتخصصين على الرغم من توسع وتنوع سوق العمل في مختلف الأنشطة السمكية، وهنا تكمُن الفجوة في تخطيط التعليم الجامعي لتلبية سوق العمل.

• ضعف الاعتمادات والموازنات التشغيلية للقطاع السمكي عمومًا، وهنا ينبغي التأكيد على أهمية الدفع بالأموال والاستثمارات حتى ينتشل القطاع السمكي من وضعه الراهن، ويحقق قفزات مهمة في تنميته ليكون قطاعًا إيراديًّا يغطي متطلبات السوق المحلية من الغذاء، ويرفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة.

• انعدام التنسيق بين كل الجهات الحكومية ذات العلاقة بالقطاع السمكي منها المالية، والتخطيط على وفق ما استُهدف في الاستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع السمكي 2012 ــ 2025م.

    حيث وضعت الاستراتيجية بموجب مطالبات المانحين الذين وكَّدوا على وجود رؤية تحدد محاور تنمية القطاع السمكي بحسب المدى الزمني والكلفة التقديرية ضمن جدولة المشروعات المرفقة لكل مرحلة، وأن جميع المشروعات الممولة من المانحين خلال العقود السابقة لم تكن مشروعات حيوية استراتيجية للقطاع السمكي.

ماهي المعالجات للمشكلات التي تواجه القطاع السمكي في اليمن من ناحية علمية ؟

    من وجهة نظري أرى أن يعاد بناء القطاع السمكي على وفق رؤية علمية واضحة، وأرى أن الكثير من الطرح الإيجابي قد تضمنته الاستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع السمكي (2012 ـ 2025م) التي علق العمل بها بسبب الأحداث التي تمر بها البلاد، ومع هذا يمكن الاعتماد عليها في إعادة تأهيل القطاع في مختلف جوانبه.

– هل أسهمت الجهات الداعمة والمنظمات الدولية في تنمية القطاع السمكي في البلاد؟

   عند الاطلاع على مكونات المشروعات المقدمة من المانحين نستنتج أن المانحين والمنظمات الدولية لم يكونوا جادين  في تنمية القطاع السمكي، وكانت هباتهم المحدودة تذهب في استقدام الخبراء وعمليات التدريب، وكان الجانب الحكومي يخوض مباحثات لفرض مكونات لا يقبلها المانح، ولم يُحقَّق شيء يذكر، وتوجد مكونات حيوية لم يوفَّق الجانب الحكومي في الحصول على دعم المانح لصيانتها فمثلا ثلاجة 2000طن وثلاجة800 طن ومصنع التعليب في شقرة،  وميناء الاصطياد في عدن، جميعها انتهت من دون أن يتقدم أي مانح بدعم تأهيلها وصيانتها وإعادة تشغيلها، وبدلا من تغير سياسة المانح اتجاه تفاقم وضع البلاد بعد 2015م لإيجاد شريك محلي من منظمات المجتمع المدني يعمل كوسيط لامتصاص أموال الدعم والهبات وأكثر من 50% تذهب للشريك المحلي وهذا الإجراء ينبغي رفضه رسميًّا من الحكومة ووزارة التخطيط لعدم الجدوى فيه، ولدوره في إضعاف الأنشطة المستدامة.

– هل هناك مؤشرات  حكومية أو إحصائيات تبين نسبة الإنتاج السمكي في البلاد خلال هذه الفترة؟

    إذا تحدثنا عن مؤشرات حكومية أو بمعنى أدق إحصائيات سنوية عن الإنتاج السمكي فلا توجد إحصائيات معتمدة من الوزارة بسبب عدم وجود آلية موحدة ونظام إحصائي لجمع البيانات من مراكز الإنزال أو من الجمعيات السمكية ، و وجود خلل في آلية ربط  كميات وقيم الإنتاج بتحصيل الإيرادات على الصياد التقليدي التي تكون قيمة إنتاجه الأقل مقارنة بكل مراحل البيع والحراج  وصولًا للمستهلك.

   هنا نوكِّد ضرورة اعتماد آلية لفصل الإحصاء السمكي  عن تحصيل الايرادات، وإن يُربط الإحصاء بالأبحاث ويخصص 3% من الإيرادات، وعليه ستُجمع البيانات وتُحلل بفرعيها: الإحصاء البيولوجي الذي يُعني بجمع البيانات على وفق الأطوال السائدة في المصيد ومناطق الصيد وعدد القوارب وأيام الاصطياد. والإحصاء التنموي الذي تجمع فيه البيانات حسب النوع والقيمة ومراكز الإنزال والجمعيات والمحافظات ونوعية قوارب الصيد وقيمة الصادرات ونوعها والدولة المستوردة.

– لماذا لم تفعَّل شعبة علوم البحار في كلية العلوم التطبيقية لإنشاء كوادر متخصصة في قطاع الأسماك؟

    لقد توجهنا لجامعة عدن وكلية العلوم والتقينا بعمادة الكلية وبوزير التعليم العالي والبحث العلمي نحثهم على تفعيل شعبة علوم البحار وأن الهيئة مستعدة لدعمهم بالباحثين، وإعطاء محاضرات تخصصية، حيث قدمنا  محاضرات نحث الطلاب للالتحاق بشعبة علوم البحار، وأن هناك أسواق عمل مفتوحة ومتنوعة في القطاع السمكي، كما قدمنا ملفًا متكاملًا حول مشروع إنشاء كلية علوم البحار لوزير التعليم العالي والبحث العلمي وفي الحقيقة لم نلقَ أيَّ اهتمام يوازي اهتمامنا، حيث إن مخرجات قسم أو شعبة علوم البحار سيُستَوعب في القطاع السمكي بالكامل ولسنوات طويلة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

84% يؤكدون أهمية تأثير عائدات الثروة السمكية على الناتج القومي في اليمن

أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذ من قبل إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن …