الصيادون والحياة البحرية: لقاء مع باحث إعلامي متخصص: غيــــــــــــاب العمل الممنهج والاستثمار الأمثل للحفاظ على الثروة السمكية
سماح عملاق – صوت الأمل
تعدُّ الثروة السمكية ثروة مستدامة، ومن أهم ركائز الاقتصاد في البلاد، إذا ما استُثمِرت استثمارًا صحيحًا، وفي اليمن مازالت الثروة السمكية ثروة بكر لم يتم حتى الآن استغلالها بالشكل المطلوب الذي يحقق مردود إيجابي على خزينة الدولة وينعكس في حياة المواطن.
من اجل معرفة المزيد عن هذه الثروة الوطنية التقت صحيفة “صوت الأمل” الأستاذ رشيدي محمود رشيدي مختص في إدارة التوعية والإرشاد السمكي في خليج عدن بوزارة الزراعة والري والثروة السمكية لمحاورته حول أهمية القطاع السمكي في البلاد.
ـ استاذ رشيدي، كيف تقيمون الوضع الحالي للقطاع السمكي في اليمن؟
لا شك ان الثروة السمكية تعتبر من الركائز الأساسية لدعم اقتصاد البلاد، غير أنه في الآونة الأخيرة ــ وللأسف ــ هذا الجانب يعاني كثيرًا؛ نتيجة لغياب العمل المنظم، فمع وجود أكثر من جهة مسؤولة عن الحياة البحرية من ثروة سمكية وصيادين تقليدين وغيرها من الأمور، إلَّا أن هناك غيابًا واضحًا، فلا يوجد تنسيق فعليٌّ يمكن عن طريقه معرفة الإنتاج السنوي أولًا بأول، بداية من مراكز إنزال الأسماك وما ينتجه الصيادون.
أمر كهذا أوجد غيابًا فعليًّا، ليس فقط فيما يخص الإنتاج السمكي كمًّا ونوعًا ولكن حتى فيما يتعلق بحياة الصياد ومتطلباته، والحديث في هذا الجانب يطول وذلك فيما يخص غياب دور الجانب الحكومي وعمله، إذ هو المسؤول عن عمل وحياة الصيادين في البحر، فلا توجد رقابة على عمل الصيادين، وهناك استنزاف للثروة السمكية نتيجة الاصطياد الجائر وغير المنظم.
ـ الصيد العشوائي يهدد أنواعًا نادرة من الأسماك، أين الجهات الرقابية لتنظيمه، والإشراف عليه؟
إن الصياد – في الوقت الراهن- يصطاد في البحر ليلًا ونهارًا من دون رقيب، في ظل غياب تام للدولة والجهات المختصة، حيث جعلت الصياد يتحول إلى أداة يستنزف ثروته السمكية بيده. وكلُّ مسؤول يضع هذه التهديدات على شماعة الظروف التي تمر بها الدولة.
ـ إذًا ما الحل؟
هناك حلٌّ واحد إذا ما نظرنا إليه نظرة جادة، وهو تركيزنا على المنظمات، فهناك كثير منها تدعم الصيادين دعمًا غير مدروس، فإذا وجَّهنا هذا الدعم ـ وفقًا لدراسات علمية حقيقيةـ إلى دعم ذلك الصياد بما يحتاجه، ربما حينها نتدارك العمل العشوائي، وطرق الصيد التي دمرت البحر، والأسماك المهدّدة بالانقراض.
لذلك علينا إعادة النظر والإيمان بأن العمل المتكامل هو الذي سيخلصنا من هذه التهديدات، مالم سوف نصل إلى مرحلة الاستيراد بدلًا من التصدير، نتيجة لشحَّة الأسماك الموجودة معنا.
ـ ماهي العوامل التي ستساعد القطاع الخاص والمنظمات على الاستثمار في القطاع السمكي اليمني؟
إن الاستثمار في اليمن يحتاج إلى تقييمه تقييمًا علميًّا ومدروسًا، وإجراء بعض الأبحاث والدراسات، حيث إنه في المقابل سيُستثمَر في أنواع معينة ولمدة محددة ثم يتوقف الاصطياد بعد ذلك من أجل تكاثر هذه الأنواع مرة أخرى، وعند التوقف يبدأ الاستثمار في أنواع من الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، لكن للأسف الشديد هناك عدم وعي وهناك غيابًا في العمل الممنهج ليس فقط في كيفية الاستثمار الأمثل، بل حتى في كيفية الحفاظ على ما تبقى من ثروة سمكية أو لنقول الثروة البحرية التي تعدُّ من أهم ركائز الاقتصاد في البلاد. أمر مهم قد يساعد على الاستثمار في الثروة السمكية وهو الوضع الأمني، حيث إن وجود الأمن والاستقرار داخل البلاد سيساعد الشركات الأجنبية لتأتي وتستثمر استثمارًا أفضل جالبةً معها الأدوات والإمكانات الحديثة والمتطورة في مجال الاستثمار، وليس هذا فيما يخص الثروة السمكية فقط. أمر كهذا سيخلق فرص عمل لمن يملكون الخبرة والفهم في مجال تخصصاتهم المختلفة، في المقابل سيكون المردود المالي والاقتصادي كبيرًا جدًا.
ـ ما هي أبرز الظواهر الطبيعية والبشرية التي تشكل خطرا على الحياة البحرية اليمنية؟
ما يهدد الحياة البحرية عامة من أسماك، ومحار، وشروخ وغيرها عوامل طبيعية نتيجة للتقلبات المناخية التي تحصل للكثير من دول العالم، فقد بدأت مياه خليج عدن تتأثر بهذه التغيرات المناخية؛ ففي خليج عدن موسم الرياح موسم جنوبي غربي وشمالي شرقي ، هذه المواسم من الرياح الطبيعية قوية التأثير في الحياة البحرية من حيث تغيرات التيارات وارتفاع الأمواج، هذه المتطلبات المناخية عملت على اشتداد التيارات القاعية لخليج عدن؛ نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وارتفاع التيارات المائية ونتيجة البرودة المختلفة في قاع من قاع آخر، كل هذه العوامل الطبيعية غيرت من المناخ المعروف عن مياه خليج عدن الذي كان يعرف بأحد أهم مصايد الأسماك في العالم، وحاليًّا يعاني من شحَّة توليد أسماكٍ كان الكثيرون يعرفون بأنها موجودة بكميات كبيرة جدًا، لكن في الآونة الأخيرة لم تعد مصايد الأسماك متوفرة بالكميَّة التي كان متعارف عليها، أيضًا التزايد المستمر في أعداد الصيادين، كما أنَّ هناك طلبًا كبيرًا لصيد الأسماك في البحر مما أثر في وجود الأسماك؛ حيث يُصطاد السمك الصغير قبل الكبير وبهذا لا يكون هناك تكاثر ولا تزاوج ولا وضع للبيض.
ـ ماهي أبرز أنواع الأسماك المهددة بالانقراض في خليج عدن؟
كثيرة مثل الديرك والباغة وأنواع من اسماك البياض؛ لم تعد الأسماك تتكاثر وتضع بيضًا؛ حيث تُصْطاد قبل أن تضع البيض وتتكاثر، كل تلك الأمور والمشكلات تؤثر في الحياة البحرية التي هي من الأعمدة الأساسية لاقتصاد البلد والصيادين، حتى أنه إلى الآن لم تُسجَّل أنواع الأسماك النادرة والمهددة بالانقراض، كنا نتوقع أن تُسجَّل خلال السنوات الماضية إلَّا إن هناك غيابًا واضحًا من الدولة، والمخول بذلك العمل وزارة الثروة السمكية وخفر السواحل، إذ يجب عليهما أن يكونا حازمين في قراراتهما من أجل إغلاق موسم الأسماك للتكاثر والتزاوج، لكن في حال أُوقِف الصيادون عن الاصطياد فهم لايستطيعون أن يقدموا للصياد شيئًا، فإذا توقف الصياد سيموت جوعًا. هذه الأمور تحتاج إلى حلول اقتصادية علميَّة مدروسة، حتى نحافظ على ما تبقى من الثروة السمكية والحياة البحرية في خليج عدن.
ـ ما هي الحلول المناسبة من وجهة نظركم؟
الأمور الطبيعية لا يستطيع الإنسان أن يتدخل فيها كما هو معروف، لكن بالنسبة إلى الصيادين وزيادة عددهم هنا بإمكان الدولة أن تتدخل، بما أنَّ لدينا الكثير من القرارات والتشريعات القانونية من وزارة الثروة السمكية حول إغلاق مواسم معينة وفتحها لأنواع محددة من الأسماك.
فمثلًا حين تُصدِر الوزارة قرارًا بإغلاق موسم اصطياد الحبار لمدة ثلاثة أشهر، فلابد خلال هذه الفترة من تقديم التسهيلات التي تؤمن سبل العيش للصيادين كي يتوقفوا. ولكن للأسف لن نجد لهذه التهديدات أيَّ حلول في ظل غياب الدولة.
والصياد هو عدو نفسه فحين يستنزف ثروة الأجيال القادمة سيدفع الثمن غاليًّا إذ ما استمرَّ الصيد الجائر غير الواعي والمنظم.
أيضا لابد من الإشارة الى الخطر القائم حاليا والمتمثل في التهديد القادم من ناقلة صافر أو “الخزان العائم” وهو يعتبر أكبر تهديدٍ على بيئة البحر الأحمر، فالناقلة قريبة من الحديدة ومنطقة رأس عيسى فإذا تسرب النفط الخام لن تكون هناك حياة بحرية في البحر الاحمر، وسوف تموت كلُّ ما في البحر الأحمر من شعب مرجانية وأسماك قاعية ومهاجرة، نحن نتحدث عما يقرب من مليون برميل من النفط الخام، وهذا ليس بالأمر الهيّن.
وأمر كهذا لن يضر اليمن فقط، فنحن نعلم أن دولًا كثيرة تتشارك في البحر الأحمر منها السعودية ومصر وأريتيريا.
فالبحر الأحمر هو كمضيق أو قناة ومياهه ليست واسعة وفي حال حصلت تيارات شديدة قد تنتقل مياهنا الملوثة بالنفط إلى الدول الأخرى. كما يوجد قرابة الـ600 صياد يعيشون على سواحل البحر الأحمر، فمن أين لهم بمصادر للعيش إذا فقدوها؟!
ـ في الأخير.. هل من توصيات تطرحها بصدد الموضوع؟
أوصي بإيجاد أشخاص ذات كفاية ومصداقية في العمل؛ فإذا أردنا أن نحقق نهضة لابد أن نُسند المهام لمن هم أهلٌ لها، ليس فقط في مجال الثروة السمكية بل في مجالات الحياة عامة.
84% يؤكدون أهمية تأثير عائدات الثروة السمكية على الناتج القومي في اليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذ من قبل إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن …