المرأة اليمنية في صراع اضطراري مع سوق العمل
صوت الأمل – حنين الوحش
تعدُّ معدلات مشاركة القوى العاملة النسائية في اليمن واحدة من أدنى المعدلات تبعًا لما أوضحه مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية للعام 2019م، حيث بدأت المرأة أخيرًا في المشاركة في الأعمال والمشاريع الخاصة، والمنافسة لتحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي والاستقلال الذاتي.
وقد صرَّحت كلثوم النواصري (رئيسة سيدات الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية ورئيسة اتحاد مالكات المشاريع الصغيرة – عدن) لـ “صوت الأمل” بأن دور الاتحاد يكمن في تقديم التسهيلات اللازمة للمشاريع الصغيرة والأصغر الخاصة بتمكين المرأة اقتصاديًّا عبر تشجيعهن في استغلال الموارد الطبيعية المحلية لتنفيذ منتجات متميزة تعبِّر عن التراث اليمني بطريق حديثة وتسهم في رفع المستوى المعيشي لهن .
وفي هذا الصدد توكِّد النواصري أنَّ المشاريع الصغيرة تسهم في تطوير الاقتصاد الوطني بدرجة رئيسة عن طريق خلق فرص عمل للعديد من النساء حيث إن هنالك تزايدًا ملحوظًا في عدد النساء المشتركات في الدورات التدريبة المتخصصة في تمكين المرأة من تنفيذ مشروع خاص بها.
مشيرةً إلى أن عدد المشاريع المسجلة في الاتحاد منذ إنشائه وإلى الآن بلغ أقل من800 مشروع نسائي، بالإضافة إلى الإشراف على مشاريع أخرى غير مسجلة واستقطابهن عبر فتح باب المشاركة في الفعاليات التي ينفذها الاتحاد بالتعاون مع الجهات الداعمة في المهرجانات النسوية، والمعارض لاستعراض أعمال المشاركات في العام 2020م الذي وصل عددهن إلى 700 مشاركة.
من جانبها قالت نادية حميد (مدير عام تنمية المرأة الريفية في وزارة الزراعة والري والثروة السمكية – عدن): “إن المشاريع الصغيرة تعمل بجدٍّ على تحسين الوضع الاقتصادي للمرأة الريفية إلى جانب الوضع الاجتماعي والصحي والثقافي”. وأضافت أنهم بوصفهم إدارة عامة للمرأة الريفية بكامل فروعها بالمحافظات يمثلون حلقة وصل بين المانحين والمرأة الريفية في الميدان.
وقد أوضحت حميد أن هنالك مشاريع كثيرة قُدِّمت للمرأة الريفية في عدد من المحافظات، هذه المشاريع تضم تصفية الحناء وتجفيفه وطحنه في معامل جُهِّزت لهن، إضافة إلى الخياطة والنقش والتطريز وغيرها، وذلك عبر التنسيق بينهم وبين الجمعيات، مثل جمعية تمكين للمرأة التي يتكون معظم كادرها من إدارة المرأة الريفية في لحج، بالإضافة إلى العديد من الدورات التدريبية والتنشيطية لهن ليصبحن بعد ذلك منتجات، وتشمل دورات في الصناعات الغذائية والحرف اليدوية.
وفي إطار الصعوبات التي يعانون منها أشارت نادية حميد إلى أن عدم توفر نفقات تشغيلية كافية أسهم في عرقلة عملية التوسع في التمويلات للأسر المستفيدة، وكذلك عدم إيجاد قنوات لتسويق مخرجات مشاريعهم.
كما وجَّهت هيئة الأمم المتحدة للمرأة دعوةً لتقديم مقترحات صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني لشهر يونيو للعام2021م الذي يسعى إلى تمويل المنظمات المحلية التي تعمل على قضايا الحماية الخاصة بالنوع الاجتماعي، كما تسعى إلى تعزيز الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي للنساء بتمويل مؤسسي يصل من 2.500دولار إلى 30.000دولار وتمويل برامجي يصل من30.000دولار إلى 200.000دولار .
مشاريع صغيرة ونجاحات كبيرة
خضراء الخضر (صاحبة مشروع لبيع الملابس والحقائب والإكسسوار باسم “ستايلي كخشه”) تقول خضراء: “بدأت مشروعي بالبيع عبر الإنترنت منذ أكثر من 10 سنوات عبر توفير قطع من الملابس والإكسسوار وعرضها على فيسبوك، وبدأ الطلب يزداد وبدأت أفكر بفتح مكان خاص بي لتلبية متطلبات المشتري، وبدعم من المحيط الخاص بي تمكنت من فتح المكان منذ نحو خمس سنوات” .
وتضيف خضراء أن لديها فريقًا مكونًا من أربع عاملات يعملن جاهدات لإبراز العمل على أكمل وجه مع أن هناك مؤثرات عديدة وصعوبات، فالوضع الاقتصادي العام للبلاد نتج عنه تأثيرات عديدة في سير العمل سيرًا ملحوظًا و صعوبة في الشحن لليمن وارتفاع أسعارالصرف. وكما هو متعارف أن الملابس ومواكبة الموضة لها فترة زمنية محددة ولابد من سرعة التوفير مع صعوبة الشحن الذي يمثل أكبر تحدٍّ.
“انتصار الآنسي” خريجة وفنانة تشكيلية ومالكة مشروعين أحدهما هو الرسم بالصوف برسومات توصل رسالة عن اختلاف الشعوب ومستوحاة من جمال الحضارات. تتحدث الآنسي عن مشروعها الذي كان في الأصل مشروع تخرج لها في الجامعة، حيث لقى صدًى وإعجابًا كبيرًا وواسعًا من رئيس الجامعة والحاضرين وهذا ما جعلها تتَّخذ خطوة نحو الأمام في استغلال طاقتها وشغفها بالتطريز لتنتج لوحات فنية لحضارات مختلفة منسوجة بخيوط من الإبداع والابتكار.
أمَّا عن مشروع “بردى” للقرطاسية تقول انتصار: “إن اسم البردى مأخوذ من ورق البردى وهو أول ورق صنعوه القدماء وكتبوا عليه، وفي البداية فكَّرتْ في أن تستثمر مجال دراستها في إنتاج شيء متميز غير متوفر في السوق اليمني فاتجهت إلى تصميم قرطاسية مستوحاه من التراث اليمني بأفكار جديدة استخدمتها كهواية، وبحسب رأيها “المهم إضافة روح التراث لنُعرِّف الناس على التراث اليمني”.
وفي الإطار نفسه أضافت الآنسي أنها لم تحظ بأي تمويل، بل اعتمدت اعتمادًا كليًّا على نفسها، وأول إنتاج لها كان عبارة عن دفتر باسم “السماء” كل صفحة فيها تدرج لونًا من ألوان السماء من الشروق إلى الغروب، وبِيعَت الكمية كلها إضافة إلى أعمال أخرى، كما أنها دائمًا في صدد تجهيز مجموعة جديدة ومتميزة من الدفاتر واللوحات.
وتوكِّد انتصار الآنسي كان للوضع الاقتصادي تأثيرات كثيرة تمثلت في شحِّة الموارد والمطابع، الأمر الذي تسبب في عدم توفير بعض الأشياء التي تحتاج إليها للمنتجات و ارتفاع سعر الدولار الذي تسبب في أزمة في القوة الشرائية التي أصبحت تقل، كما أنها قد تضطر إلى شراء المستلزمات بأسعار عالية وبيعها بأقل الأسعار. مضيفةً: “من أبرز الصعوبات التي مررت بها في بداية انطلاقتي في المشاريع الخاصة استغلالي كامرأة جديدة في السوق حيث لا أستطيع أخذ حقي في بعض الأحيان”.
آراء العامة:
نهى سامر (27 عامًا من حضرموت) تقول: “تواجه جميع سيدات الأعمال تحدِّيات إضافية وفريدة حيث إن أقرانها الذكور هم أقل عرضة لمواجهة هذه المشكلات، كما أن رائدات الأعمال اللاتي لديهن عائلة وأطفال يتعرضن لعقبات أكبر تستنفذ وقتهن وطاقتهن ومواردهن ومع ذلك تكافح النساء من أجل البقاء في بيئة الأعمال في ضوء التحديات التي تواجههن.
وتشير نهى إلى أن للوضع الاقتصادي تأثيرات كبيرة على المرأة فهو يخلق فجوة بين الجنسيين في الدخل والأجور خصوصًا وهذه الفجوة غير مبرر لها. الجهات المعنية تقدم الدعم للمشاريع الصغيرة ولكن ليس على الوجه المطلوب، وللحدِّ من تأثير الوضع الاقتصادي في المرأة يجب أولًا المساواة بين الجنسيين وتمكين المرأة لتستطيع أن تستشعر قيمتها وأحقيتها بالعمل الاقتصادي والاجتماعي وأن تمنح المرأة خيارات للحصول على الفرص التي تناسبها.
فيما توكِّد هناء المفلح) 26عامًا- تعز) أن أبرز التحديات التي تواجه المرأة في أثناء افتتاح مشروع تتمثل في تحديد احتياج المتطلب من الفئة المستهدفة، وكذلك الدعم المادي والمعنوي والموقع الجغرافي الذي يجب أن تراعيه، فالمرأة في المجتمع اليمني خصوصًا لا تستطيع العمل في أيِّ مكان، إضافة إلى التحديات التي تتعرض لها في ميادين العمل فتخلق لها عائقًا، و تؤثر فيها اقتصاديًّا وفي مستواها المعيشي .
وتضيف “لا تقوم الجهات المعنية بتقديم أيِّ دعم للمشاريع الصغيرة سواء كانت مادية أم معنوية، كذلك لا تقدم التراخيص لتيسير العمل وتحقيق التنمية المستدامة، إذ لابد من تيسير الميدان أمام المشاريع الصغيرة وتعريف المنظمات المانحة بالمستحقين للدعم المالي والتدريب وتأهيلهم لسوق العمل.
أدهم الغشم21) عامًا- صنعاء) يرى أن المرأة المنتجة تتعرض للعديد من الصعوبات منها ثقافة المجتمع وعدم استقرار العملة وصعوبة المعاملات الرسمية، الأمر الذي يجعلها تنتهي من حيث بدأت، وهذه مشكلة حيث إن هناك العديد من النساء يَعُلن أسر بأكملها، كما أن عدم وجود وظائف يؤثر سلبًا في نفسية المرأة المتحملة للمسؤوليات مما يجعلها خاضعة للابتزاز الوظيفي.
من وجهة نظر أدهم : “لا أرى أن الجهات المعنية تقدِّم الدعم المطلوب والكافي الذي يضمن حق المرأة في المتاجرة وحقها في أن تصبح رائدة أعمال؛ لذا يجب على المنظمات الدولية والمحلية والجهات المعنية بزيادة الأعمال ودعم الأسر المنتجة أن تكثف جهودها في التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لدعم النساء المنتجات وأيضًا تكثيف حملات التوعية والدورات التدريبية التي تمكن المرأة وتدعمها لتصبح رائدة أعمال.
إشراك النساء مع الرجال في العمل والتخفيف من معاناة المرأة وتبنِّي مشاريع النساء ذوات المشاريع الصغيرة ضرورة قصوى تتطلب تضافر الجهود والوقوف جنبًا إلى جنب سواء من أبناء المجتمع أم الجهات الحكومية الرسمية والمنظمات الدولية؛ لمساندة المرأة اليمنية العاملة وتمكينها اقتصاديًّا.
56% يؤكدون أن المشاريع الصغيرة تُساهم في مكافحة الفقر والبطالة
صوت الأمل – رجاءمكرد بيَنت نتائج إستطلاع إلكتروني أجرته صحيفة “صوت الأمل” التا…