مخرجات التعليم في اليمن آمال مخيبة لطموحات الشباب في سوق العمل
صوت الأمل – علياء محمد
يؤدي التعليم الجامعي دورًا مهمًّا في نهضة المجتمع وتقدُّمه، إلَّا أنَّ واقعنا الحالي يشير إلى أن التعليم في اليمن تراجع كثيرًا عمَّا يقوم به من أدوار تنموية تسهم في خدمة المجتمع وأفراده، هذا ما أكَّده مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس” إذ أنه ذكر خروج ستِّ دول عربية عن قائمة التقييم العالمي في جودة التعليم ومنها اليمن لعدم توفر أدني معايير الجودة في التعليم.
من البديهي القول ان مخرجات التعليم الجامعي لابد ان تتواكب مع متطلبات سوق العمل، ما لم فإن مخرجات التعليم ستضيف اعدادًا جديدة الى صفوف البطالة، الأمر الذي سيفاقم من معاناة الشباب العاطلين.
رامي العماد (خريج كلية الإعلام من جامعة صنعاء) انصدم بالواقع العملي بعد تخرجه من الجامعة، حيث إنه وجد نفسه غير مؤهَّل لسوق العمل في مجال تخصصه الذي تعلمه في الجامعة، فيقول: “ما تلقيناه في الجامعة لم يكن إلا مفاتيح فقط لمعرفة قواعد التخصص، ولم يكن كافيًا لتأهيلنا وتطويرنا وتجهيزنا للواقع العملي، الأمر الذي يحتِّم علينا بعد التخرج أن نشترك في دورات تدريبية مختلفة لمعرفة الجانب التطبيقي الذي يلبي سوق العمل الحالية.
أما هبة أحمد (خريجة مختبرات من محافظة تعز) فلم تجد فرصة عمل بسبب الكم الهائل من الخريجين في نفس تخصصها، فاضطَّرت إلى العمل في محل بيع العباءات النسائية لحاجتها الملحة إلى العمل.
فجوة بين المنظومة الجامعية وسوق العمل
“يعاني 83% من القوى العاملة من غياب التطابق بين التحصيل العلمي والمهارات المطلوبة في عملهم الرئيس، بينما يمتلك 3.4% من السكان العاملين مستويات أعلى من المهارات المطلوبة في عملهم”. جاء ذلك في مسح للقوى العاملة في اليمن لعام 2013_2014 م .
هنا يؤكد الدكتور محمد عجيلي (عميد كلية الطب ومساعد رئيس جامعة الحديدة سابقًا) أن مخرجات التعليم لا تُحقِّق متطلبات سوق العمل على الوجه المرجو، فهناك فجوة ظاهرة وخلل جوهري بين احتياجات المجتمع من العمل ومخرجات التعليم الجامعي، وذلك بسبب نوعية التعليم الجامعي وطبيعته وواقعه.
مضيفًا: “نحن نواجه تحدِّيًا كبيرًا بسبب قلَّة جودة التعليم وضعف الكفاية وغياب الخطط والتصورات وغياب سياسات واضحة للقبول في الجامعات وربطها بسوق العمل، لذا نجد أنفسنا أمام أعداد مهولة من خريجي الجامعات في تخصصات نمطية ومتكررة لا يستطيع استيعابها سوق العمل”.
ويرى الدكتور عجيلي “أننا نحتاج إلى إعادة النظر في مخرجات التعليم الجامعي والتعليم الفني اللذين تعدُّ مخرجاتهما أفضل من التعليم العالي، ولكن للأسف في بلادنا التعليم الجامعي لا يلبى المطلوب من احتياجات سوق العمل ولا يتلاءم منهج الدراسة النظري والتطبيقي في المختبرات والورش مع الواقع المهني، فتكون مخرجات التعليم شهادة ورقية لا مهارة مكتسبة تسهم في دوران عجلة التنمية في المجتمع”.
المناهج الدراسية وضعف التأهيل
وأوضح نبيل الشرجبي (دكتور إدارة الأزمات) “أن النظام التعليمي في اليمن يعتمد على أسلوب نمطي تقليدي جامد يركز على سرد المعلومات وتلقينها وحفظها، وهذا ما لا يتناسب مع التطور التعليمي والتكنولوجي الذي تشهده أغلب دول العالم، الأمر الذي جعل التعليم اليمني عاجزًا عن اكساب الطلبة المهارات والقدرات والمهن التي يحتاجونها في سوق العمل”.
وتابع حديثه فقال: “لا يحصل الطالب طوال فترة دراسته الجامعية على فرص التدريب والتطبيق المناسبة بسبب غياب التركيز على الجوانب التطبيقية التي يكتسب منها الطالب المهارات المطلوبة في سوق العمل التي تختلف كثيرًا عمَّا يدرسه الطالب. كما أنه لا توجد كتب ومراجع علمية تساعد الطالب ليحصل على المعلومات الكافية”.
وفي السياق ذاته يؤكِّد علي العواضي (وكيل مساعد في وزارة التعليم العالي) أن أغلب مخرجات التعليم العالي ضعيفة ولا تحقق تطلعات سوق العمل، ويرجع السبب في ذلك إلى تقادم مناهج التعليم العالي والأجهزة المعملية والإلكترونية وعدم تحديثها بما يتواكب مع العصر، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية لأغلب الجامعات وهجرة الكثير من أعضاء هيئة التدريس والفنيين إلى الخارج بسبب سوء الأوضاع في الوطن.
تطور تكنولوجي يقابله بُطءٌ في الفهم
يرى علي الدبيش (طالب علم اجتماع من عدن): “أنه كلما تقدمت السنون وتطورت التكنولوجيا قلَّ استيعاب الطالب للمناهج المقررة، ومن هنا يبدأ تحدِّي المواجهة مع الحياة العملية ومتطلبات سوق العمل التي تتطور يومًا بعد يوم”. مؤكِّدًا “ضرورة تجديد منظومة التعليم عمومًا حسب المعطيات الحديثة التي تتناسب مع الواقع الحالي”.
وفي السياق نفسه تقول هيفاء يحيى (خريجة صيدلة): “إن التأهيل العلمي والتدريب يجعل الشاب أكثر كفاية وقدرة على تحقيق متطلبات سوق العمل، خصوصًا أن العالم يشهد تطورًا تكنولوجيًّا ملموسًا لذلك يجب أن يركز الطالب على استخدام التكنولوجيا المناسبة للقطاعات المختلفة لدعم شهادته العلمية الجامعية”.
حلول ومعالجات
يرى علي العواضي (وكيل مساعد وزارة التعليم العالي) “أنه لضمان تعليم أفضل يتناسب مع سوق العمل يجب أن تُستحدث تخصصات علمية تواكب تطلعات سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية وعمل شراكة مع جامعات محلية ودولية لتبادل الخبرات والمعارف ومواكبة المستجدات”.
ويؤكد العواضي أهمية إعادة تأهيل البنية التحتية للعملية التعليمية برمتها بما يتواكب مع متغيرات العصر، وذلك كحلٍّ أمثل يدفع بعجلة التنمية الاقتصادية المستمرة.
وبدورها شدَّدت هناء المخلافي (دكتورة في علم الأحياء) على أهمية تطبيق معايير الجودة الشاملة في الجامعات، والعمل على تحقيق المراقبة الجيدة والمستمرة لسير العملية التعليمية التي تحدُّ من عملية التسيب في التعليم، بالإضافة إلى وضع شروط صارمة لكل من يريد أن يفتتح جامعة تتلخص في اختيار الأساليب والمناهج التعليمية وفقًا لمتطلبات سوق العمل، والعمل على تحديثها وتطويرها على الوجه المناسب.
وأشارت إلى أنه على كل الجهات المعنية في اليمن أن تواكب العلم والتقدم التقني في المجالات والقطاعات المختلفة التي تزيد من الإنتاج الاقتصادي وتنمّي القدرات الشبابية، وهذا سيؤدِّي إلى زيادة في إنتاج الفرد وينعكس ايجابًا على التنمية المستدامة.
في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…