أهمية دور الشباب في صنع القرار: الصراعات خلقت مشكلة انتماء وهوية لدى الشباب وأزمة ثقة متبادلة بين الشباب ومنظمات المجتمع الرسمية والأهلية
صوت الأمل – منال أمين
أصبح الشباب في اليمن يعي تمامًا أهميته ودوره في بناء السلام بخاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، كما أنه يدرك مدى قدرته على تطبيق مبادئ الحكم الرشيد في مختلف القضايا المتعلقة بالسلم والأمن على المستوى المحلي والدولي، ومع هذا لا نجد الجهات المعنية تعمل على إشراكهم في عملية السلام وصنع القرار.
ومع أن الشباب أصبحوا محور اهتمام المنظمات المحلية والدولية في الكثير من برامجها وأنشطتها، إلَّا أنهم مازالوا يعانون من عوائق وتحديات في طريق مشاركتهم في مواقع صنع القرار، لكن هذه التحديات لم تقلل من عزيمتهم وإصرارهم على أثبات أنفسهم في مختلف القضايا وخصوصًا في العملية السياسية.
العادات والتقاليد
يقول أيوب عامر (المدير التنفيذي لمؤسسة تحديث للتنمية): “إنه بسبب بعض العادات والتقاليد التي رسَّخت مفهوم أن المشاركة في صنع القرار تقتصر على كبار السن فقط وأنه ليس للشباب حقُّ في ذلك، هذا الأمر يعدُّ من أهم التحديات التي يواجهها الشباب في مشاركتهم في صنع القرار، بالإضافة إلى غياب الأنشطة الحزبية والسياسية التي تساعد على احتواء طموحات الشباب ورؤيتهم للمستقبل، خاصة في السنوات الاخيرة بسبب الأوضاع الاستثنائية في البلد منذ أكثر من ست سنوات”.
“تتنصل الأطراف المتصارعة في البلد من واجباتها ومسؤولياتها تجاه دعم الشباب وتمكينهم من صناعة القرار وبناء السلام “. هذا ما أكَّده أيوب عامر فيما يتعلق بموضوع دور الجهات المعنية في دعم الشباب ودمجهم في العملية السياسية.
الشباب محور اهتمام المنظمات
وفيما يخص دور المنظمات المحلية والدولية قال عامر: “إن في الآونة الأخيرة سلَّطت منظمات المجتمع المدني ومنظمات دولية أخرى الضوء على تنفيذ عدد من البرامج والمشاريع التي تستهدف الشباب وتركز على تنمية معارفهم ومهاراتهم وبناء قدراتهم لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبناء السلام في المقام الأول.
في السياق نفسه يقول بديع سلطان (صحفي):” من المفترض إن يكون للشباب دور كبير وفاعل في المشاركة في صنع القرار بخاصة في ظل هذه الظروف التي يعيشها اليمن منذ سنوات، فقد أصبح الشباب يدرك كيف تسير الأوضاع حاليًّا ومجريات الأمور سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا”.
وأوضح: “أن من أهم التحديات التي تواجه الشباب حاليًّا هي نقص التأهيل والتدريب والتعرف على كواليس السياسة وصنع القرار والمجالات الأخرى المرتبطة بها، الى جانب عدم ثقة الأحزاب السياسية بقدرات الشباب، حيث مازلنا نرى قيادات شاخت وهي تتسيَّد وتتربَّع على مناصب سياسية منذ عقود وليس مجرد سنوات، وعلى تلك القيادات أن تدرك بأنها لم تعد صالحة للمرحلة الراهنة وأن عليها إتاحة المجال للدماء الجديدة”.
كما شدَّد على أهمية مشاركة الشباب في صنع القرار بخاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تعاني منها البلاد، والعمل على تأهيلهم وتدريبهم حتى يصبحوا قادرين على تغيير هذا الواقع إلى الأفضل.
أزمة هوية وانتماء
من جانبها توسعت الصحفية أحلام عبد الرقيب سلام (مدير تنفيذي في منظمة سواسية للتنمية والعدالة) في حديثها عن الشباب ودورهم في صنع القرار، قائلة: “إن مجتمعات العالم تدرك أنه من الضروري إشراك الشباب في العملية التنموية وصنع القرار من أجل تطوير بلدانهم؛ لذا تقوم بعملية استثمار لعقول الشباب، لكن في بلادنا الوضع مختلف، حيث مازلنا نعاني من مشكلات وتحديات أثرت تأثيرًا عكسيًّا في الدور الذي يؤديه الشباب في الجوانب الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتعليميّة وحتى السياسيّة”.
وتضيف أحلام ” عندما نتحدث عن عملية إدماج الشباب في صنع القرار لابد من وجود مساحة توفر لهم الاستقرار النفسي خصوصًا بعد المنعطفات الخطيرة والصراعات المتعددة التي مرت بالبلاد وأثرت سلبًا في نفسية وعقول الشباب الذين أصبحوا يعانون من عدم وجود هوية أو انتماء للبلد”
وعن المعالجات تقول سلام: “يجب أن تهتم الجهات المعنية ــ الدولة ومنظمات المجتمع المدني ــ بدمج الشباب في العملية السياسية وإتاحة الفرصة لمشاركتهم لأجل صنع القرار الذي يرتقي بالمجتمع، وكذا العمل على تنفيذ برامج تأهيلية للشباب في مختلف المجالات كونهم جيل المرحلة القادمة”.
قرار مجلس الأمن 2250
ترى أحلام ان تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2250 أحد الحلول المناسبة لتوسيع المشاركة السياسية للشباب، وتستدرك بالقول: “يواجه قرار مجلس الأمن (2250) المتعلق بالشباب، صعوبة في تطبيقه على أرض الواقع في اليمن في ظل غيابٍ حقيقيٍّ لهيبة الدولة، وتقهقر العملية التنموية والاقتصادية والسياسية في اليمن”.
يذكر ان قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2250 الصادر في التاسع من ديسمبر 2015 جاء لتشجيع مشاركة الشباب في عملية بناء السلام والأمن وصنع القرار، وجعل الشباب شريكا أساسياً للمواجهة التطرف والعنف، ويتضمن خمسة بنود أساسية: (مشاركة الشباب في صنع القرار ـ وتفاعل الشباب مع الحكومة ـ تفعيل آلية لحماية المدنيين بما فيهم الشباب ـ إتاحة المجال للشباب لإقامة أنشطة لبناء بيئة تنبذ التطرف وتعزز ثقافة التسامح ـ نزع السلاح وإعادة إدماج الشباب).
ولمعرفة موقف القانون اليمني من قرار مجلس الأمن الدولي (2250) الخاص بالشباب والسلم والأمن، يوضح المحامي والناشط الحقوقي وهبي علي مرشد: “أنه وفقًا للدستور اليمني في المادة رقم (6) التي تنصُّ على أن الاتفاقيات الدولية مصدر من مصادر التشريع. فالمواثيق الدولية التي وقع عليها اليمن تعدُّ مُلزمة، وعملية تطبيق هذه المواثيق إلزاميَّة في القانون اليمني طبقًا وشرعًا، والمعاهدات الدولية يسري تطبيقها في البلاد مثلها مثل القانون الوضعي المبرم وفقًا للدستور اليمني كما نصَّت عليه المادة”.
كما أشار “وهبي” إلى أن هناك قصورًا وتأخُّرًا واضحًا في القانون اليمني يتمثل في عدم تعديله منذ 2002م بخاصة في أغلب القوانين الوضعيَّة الموجودة، مثل قانون العقوبات والإجراءات الجزائيَّة. والقانون اليمني لم يُعدَّل إلا في بعض المواد القليلة ــ القانونية والدستوريةــ التي تتأقلم مع الوضع الحالي، وهذا الأمر سبب فتورًا وركودًا في جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأثر تأثيرًا عكسيا على الشباب ومستوى تطورهم.
في رأي مختلف حول عملية تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي (2250) ـ الخاص بالشباب ـ على الواقع ومدى إلزامية العمل به، يوكِّد بديع سلطان: “لا يوجد تطبيق فعلي لهذا القرار، حتى الدول المصادقة عليه تماطل في تنفيذه بشكله الحقيقي والواقعي على الأرض، ومن بينها بلادنا، لهذا سيبقى القرار مجرد حبر على ورق حتى يُهيَّأ الشباب سياسيًّا عن طريق فرض أنفسهم على الواقع”.
حزب سياسي
واقترح “بديع” تشكيل حزبٍ سياسيٍّ خاص بالشباب ومعنيّ بقضاياهم وهمومهم، وأن يكون أعمار أعضائه تتراوح ما بين 25 ـ 45 عامًا فقط، وكلُّ من يتجاوز سن 45 عامًا عليه تقديم استقالته وإفساح المجال لغيره من الشباب، وأن يشارك في الانتخابات النيابية ويكون لديه مقعد في البرلمان، ويرى أن هذا المقترح سيجسِّد القرار الأممي (2250) بحذافيره.
إثبات أنفسهم
سحر عبد الله (عضو مشاورات شبابية في عدن) تقول:”إن وضع الشباب في اليمن مازال إلى الآن غير مستقر ولا توجد أيُّ بوادر في تحسينه من الجهات المعنية بخاصة فيما يتعلق بمشاركتهم في العمل السياسي؛ ولكن مع كل التحديات استطاع بعض الشباب إثبات أنفسهم عن طريق مشاركتهم في مبادرات وفعاليات وكيانات تنموية واجتماعية أسهمت إسهامًا غير مباشرٍ في تعزيز جهود الشباب في بناء السلام وفض النزاعات المجتمعية وإحداث تغيير إيجابيٍّ في المجتمع”.
وتابعت “نحن في المشاورات الشبابية نستهدف عددًا من القضايا المجتمعية التي تعاني منها البلد عن طريق طرحها مع ذوي العلاقة والاختصاص ومناقشتها وتحليلها، الأمر الذي أسهم في فرض رأي الشباب على مستوى المجتمع فيما يتعلق بالقضايا المجتمعية وصنع القرار”.
وبين تشريعات ناقصة، ومواقف متخاذلة للأحزاب والتنظيمات السياسية تجاه الشباب، وإهمال رسمي من قبل الدولة، يجد الشاب اليمني نفسه أمام تحدي لإثبات وجوده وفرض مشاركته في مواقع صنع القرار، ليس على الصعيد السياسي فحسب ولكن في كافة المجالات الأخرى.
في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…