تأثير الشباب في التنمية المجتمعية باليمن: فجوة بين المواثيق والقرارات الدولية وتطبيقها على الواقع فيما يخص الشباب
صوت الأمل – منال أمين
من المعروف أن تنمية المجتمعات وبناءها لا تحدث إلَّا بالركون والتعويل على عقول وسواعد الشباب في المقام الأول، وذلك لأهمية دورهم في بناء الحضارات بمختلف المجالات والقطاعات، ولما يمتلكونه من طاقات هائلة وجب استثمارها استثمارًا صحيحًا.
أشار كتاب “دور الشباب العربي في التنمية المجتمعية” الذي كتبه مجموعة خبراء من المنظمة العربية للتنمية الإدارية عام 2014م إلى “أن الإحصاءات تشير إلى أن الشباب يشكلون أكثر من نصف عدد السكان في أغلبية البلدان العربية، حيث تصل نسبتهم إلى أكثر من 65 %, ووفقا لهؤلاء الخبراء فهذه الحقيقة الديمغرافية يجب أن تكون المحور الأساس لجميع الدراسات والتدابير والسياسات التي توضع لمعالجة قضايا الشباب الذين يواجهون تحديات مصيرية تستهدف وجودهم وكرامتهم بل وإنسانيتهم.
ويؤكد الخبراء: “يعدُّ الشباب من الموارد التي يجب على مؤسسات المجتمع ــ الحكومية الخاصة والأهليةــ أن توظفها وتستثمرها من أجل إحداث تنمية متكاملة ومستدامة، وتحويل طاقاتهم وإبداعاتهم الى عناصر إنتاج إيجابية تنمِّي المجتمع سياسيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا”.
فجوة بين النظريات والواقع المعيش
اليمن تعيش وضعًا خاصًا منذ عدة سنوات أدى الى تدهور الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي وأسهم إسهامًا مباشرًا في زيادة نسبة البطالة بين أوساط الشباب وانتشار الجريمة والفوضى والانتماءات إلى أطراف عديدة.
عبد المعين الحماطي (مدير عام السياسة الشبابية في وزارة الشباب والرياضة) يقول: “بدأت مهارات الشباب في اليمن تنضج منذ بداية الألفية في مختلف المجالات خصوصًا في عملية التنمية التي أسهمت في تحقيق أهداف الألفية التي أقرَّتها الأمم المتحدة المتمثلة في حقٍّ الشباب في الحصول على التعليم والصحة والتنمية وأيضًا توفير المعلومة وبناء الخطط على أساس التنمية”.
وحول ما تعانيه عملية التنمية في اليمن وارتباطها بشريحة الشباب، يوضِّح الحماطي لـ “صوت الأمل”: “أن عملية التنمية في اليمن تعاني من عدم توفير فرص عمل للشباب حسب مخرجاتهم التعليمية وظهور فجوة بين المواثيق الدولية وتطبيقها على أرض الواقع فيما يختصُّ بعملية استيعاب الشباب في سوق العمل والتنمية، والقرارات المجحفة من صناع القرار الذين لا يدركون أهمية دور الشباب عند تنفيذهم للخطط الاستراتيجية التي تستهدف الشباب بأعمال منظمة، حيث إن 70% من دعم اقتصاد البلد حاليًّا يأتي عبر القطاع غير المنظم”.
وعن التحديات التي تواجه الشباب، يقول: “إنه خلال هذه المرحلة ـ وبسبب الوضع العام في البلاد ـ واجه الشباب مشكلة البحث عن مصدر رزق سريع، الأمر الذي جعلهم ينتمون إلى أطراف مختلفة غير مدركين خطورة الأمر”.
تنفيذ البرامج الوطنية لتنمية الشباب
دور وزارة الشباب في تنمية وتطوير هذه الشريحة، يلخصه الحماطي بقوله: “إن الوزارة تنفِّذ عددًا من البرنامج التي تستهدف الشباب والمتعلقة بتطوير المهارات القيادية ومفهوم التنمية الشبابية كما تعمل بالتنسيق مع ما يقارب (11) وزارة معنية بالشباب على تنفيذ البرامج الوطنية لتنمية الشباب في مجالات التعليم والصحة ومجالات أخرى، كما تجهِّز الوزارة في الفترة القادمة ورشة عمل حول سياسيات العمل المشترك بين الوزارات ذات العلاقة فيما يخص تنمية الشباب”.
وللمعالجات طرح الحماطي حلولًا تسهم في تطوير عمل الوزارة الخاص بالشباب والتنمية، موكِّدًا ضرورة إعادة تفعيل موارد صندوق رعاية الشباب الذي مازال يعاني من عجز بسبب الوضع العام وإتاحة فرص للعمل في أنشطة جاذبة للتمويل والاستمرار بتفعيل الشراكة مع كل الجهات المعنية؛ سواء الجهات الرسمية او منظمات المجتمع المدني او المنظمات الدولية.
فجوة بين الشباب أنفسهم
من جهة أخرى يرى عمار مرشد (خبير في مجال التنمية الشبابية والمستدامة): “أنه بسبب الانقسامات الحاصلة في البلد وانعدام الثقة بين الأطراف الموجودة على الأرض وظهور فجوة كبيرة بين الشباب أنفسهم، كل هذا وأكثر ـ برأيه ـ أثر تأثيرًا سلبيًّا في عملية تبني الشباب للقضايا الوطنية والتنموية في البلد”.
ومن أسباب ابتعاد الشباب عن العملية التنموية والسياسية، يقول مرشد: ” انعدام ثقة الشباب بالأطراف الرئيسة المشاركة في الصراع في اليمن والتجارب السابقة غير المجدية في إشراكهم بعملية السلام والتنمية، وعدم ثقة الأطراف الخارجية بإعطاء فرص للشباب لتحسين الواقع، كل هذا وأكثر أدَّى إلى بقاء الشباب المستقل المؤمن بالقضايا الوطنية بعيدًا عن الساحة السياسية”.
“يعدُّ الشباب المورد الأساس في اليمن، لذا وجب العمل على تعزيز إيمانهم بأنفسهم وقدراتهم كونهم قوة فاعلة في هذه المرحلة، كما ينبغي توحيد أصواتهم بقضية واحدة تسهم في التنمية والتطوير وتغيير النظرة السلبيَّة التي ترى أنهم جزء من المشكلة ــ وهذا غير صحيح ــ إنما الشباب عنصر فاعل ومساهم في حل كل القضايا المجتمعية “. وذلك وفقًا لما أكَّده خبير التنمية المستدامة.
الشباب في ارقام
“لا شك ان الشباب هم القوة الاجتماعية والاقتصادية الأهم في المجتمع، ويطلق عليهم اسم (حاملي راية 2030م) لأنهم يلعبون دورًا محوريًّا، ليس فقط لأنهم مستفيدون من إجراءات وسياسات جدول أعمال التنمية المستدامة بل لأنهم شركاء في التنفيذ”. هذا ما أشار إليه التقرير الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية) بعنوان: المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن 2021م.
كما أوضح التقرير: “أنه لا يزال الأمل معقودًا بفئة الشباب الذين يمثلون نحو 32% من إجمالي عدد السكان في اليمن للعام 2020م، ويشكلون النسبة العظمى من القوى العاملة. فهم المستقبل الواعد الذي يمكن أن يولد من رحم المعاناة والصراع”.
وقد استعرض التقرير أهم الحقائق والمؤشرات حول نسبة معدل البطالة في اليمن للعام 2019م إذ وصلت إلى 32%, ونسبة السكان الأقل من (25) عامًا بلغ 51% من أجمالي السكان في اليمن، أمَّا نسبة الشباب الخارج عن نظام التعليم والتدريب وسوق العمل في2013م فقد بلغ أكثر من 44.8%.
حلول مقترحة لإحداث التغيير الإيجابي
وتقول وحدة عبد الرحمن (المدير التنفيذي لمؤسسة أنصار تنمية وحماية المجتمع): إن لدى الشباب القدرة على تنفيذ برامج وأنشطة تنموية تسهم في تطوير المجتمع عبر استخدام معايير حديثة تواكب متطلبات العصر والشراكة مع صنَّاع القرار في تقييم السياسات وإحداث تغييرات إيجابية بمختلف القطاعات؛ حيث يُعمَل حاليًّا على إبراز قدراتهم للاستفادة منهم واستيعابهم للمرحلة القادمة.
أمَّا سالم حاتم (عضو في المشاورات الشبابية) فـيرى:” ان الشباب المحرك الأساس لعملية التنمية في المجتمع وبخاصة في هذه المرحلة ألاستثنائية، فهم قادة التغير والتطوير لمجتمعات أكثر نهوضًا، وتمكينهم من مراكز صنع القرار وإشراكهم في عملية التنمية يسهل من مواصلة عجلة التنمية والتطوير في عدد من القطاعات ويسهم أيضًا في خلق فرص عمل محفزة للإبداع والإنجاز”. فيما يشدد الخبراء المشاركون في صياغة تقرير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن 2021م، الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي على ضرورة تنفيذ السياسات المتعلقة بتمكين الشباب في إطار بنية تنظيمية تسهم في تعزيز الدور الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئة مستقبلاً، وذلك من خلال رفع قدرات المؤسسات المعنية بتقديم الرعاية للشباب عن طريق تعزيز جوانب الشراكة مع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال التنمية، وتمكين الشباب وتوسيع برامج تمويل المشاريع الصغيرة والمبادرات الذاتية والوصول إلى مسارات التدريب الفني والتقني ورفع جودته.
في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…