آراء المجتمع المدني حول عمل المرأة في السلكين القضائي والحقوقي
صوت الأمل – سماح عملاق
تختلف وجهات النظر في بلادنا حول كفاية النساء وإمكاناتهن في القيام ببعض الأعمال ومنها المحاماة والقضاء، فبين محايدٍ ومؤيدٍ ومعارضٍ للمرأة كقاضية أو المحامية كان لصحيفة
“صوت الأمل” هذه الجولة.
حجتهم الوحيدة أنها امرأة
” مازالت نظرة المجتمع لعمل المرأة عمومًا قاصرة مع أن المرأة شريكة الرجل في بناء المستقبل والحياة” بهذه الكلمات أكَّدت حسيبة يحيى شنيف (عضوة مجلس الشورى) أهمية دور المرأة في كل مناحي الحياة.
وقالت: “إن دور المرأة في الحياة والعمل لا يقلّ أهميةً عن دور الرجل، بل إنَّ المجتمع بحاجة إلى عمل المرأة في كثير من الميادين التي يستوجب وجودها فيها، إلا أنه مازالت هناك عوائق اجتماعية وثقافية ووظيفية تحدُّ من التحاق المرأة وممارستها للعمل القضائي”.
وتُبرز حسيبة هذه العوائق بتعقيبها، قائلة: “نلاحظ أن الرافضين دخول المرأة الهيئات القضائية حجتهم الوحيدة أنها امرأة، ومن ثمَّ فهي أقلُّ كفاية من الرجل مع أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الرجل والمرأة في تولِّي المناصب بما فيها القضاء، إذ لا توجد نصوص تمنعها من العمل كقاضٍ، بل أتاحت لها الشريعة الإسلامية مباشرة جميع الأعمال والمشاركة فيها، كونها مؤازرة للرجل تخدم الصالح العام، وتتولى أمرًا من أمور الوظائف العامة.
على المجتمع المدني تدعيم مكانة المرأة
وفيما يخص دور منظمات المجتمع المدني تحضُّ حسيبة شنيف منظمات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب السياسية والنخب الثقافية والمنظمات النسوية على أن تعمل جاهدة على تدعيم مكانة المرأة داخل المجتمع وحصولها على مكانة وأدوار جديدة تتناسب مع متطلبات الحياة، وذلك عن طريق القيام بالحملات الإعلامية وبرامج التوعية عبر وسائل الإعلام والاتصال والمحاضرات، بالشراكة مع الوزارات والجهات المعنية والجامعات والمساجد، لزيادة الوعي بقضية تمكين النساء وأهمية دورهن في المجتمع، وكذلك تعريف النساء بحقوقهن القانونية وتصحيح الأفكار المغلوطة عن حقوقهن, ومقاومة التمييز داخل المجتمع .
تتحرج القاضي من الخوض في الأمور الجنسية
أما المواطن محمد الغازي (ناشط حقوقي من إب) يقول: “المرأة تكون مناسبة في المحاماة لكنها ليست مناسبة في القضاء، وهذه ليست عنصرية؛ بل لأن المرأة بطبيعتها تغلب عليها العاطفة من نظرة فسيولوجية، أما دينيًّا فحسب معرفتي لا تُقبل شهادتها إلا بشهادة امرأة أخرى معها، فمن خلقها أعلم بقصورها في هذا الجانب”.
ويضيف الغازي قائلًا: “هنالك قضايا تتعلق بأمور جنسية تتحرج المرأة القاضي أو المحامية من الخوض فيها، وقد تميل إلى بنات جنسها، وهي كأم تفكر بأولادها ولا تكون مستقرة نفسيًّا. كما أنها لا تستطيع الاختلاء بمكتبها بشخص غريب من دون وجود أحد معهما، ولا تستطيع التنقل من منطقة إلى أخرى من دون محرم معها، والمرأة القاضي ستفقد طبيعتها الأنثوية.
ويرى محمد الغازي انه : “ربما تستطيع المرأة العمل كقاضٍ في حالة واحدة وهي ألَّا تتزوج ولا تفكر فيه مطلقًا، وبذلك تتفرغ للقضاء”.
بيد المرأة أن تغدو ما تشاء
محمد الشعري (طالب قانون في جامعة إب) له رأي آخر، حيث يقول: “إن نظرة المجتمع نابعة من نظرة المرأة نفسها وإدراكها لأهمية دورها وحجمه، وقيامها بالدور المناط بها وتحديدها لمسار أفعالها، فإذا استطاعت أن تعكس صورة لائقة تؤكد بها حاجة الناس إلى دورها و ضرورة الاستعانة بها ومشاركتها في تحقيق العدالة فهي ستفرض مهابة واحترامًا وستعمل على إيجاد حلقة تأثير إيجابية في المجتمع، أما إذا تمثلت العادات السيئة فهي بلا شك ستؤثر في نظرة المجتمع لوظيفتها بوجه عام ولجنسها بوجه خاص، لذا فإن المرأة مطالبة بإثبات أحقيتها في هذا الأمر بخاصة مع حداثة دورها في هذا المجال”.
ويضيف الشعري: “أن دور المؤسسات والنخب يكمن في الإسهام في تذليل الصعوبات وتوفير كل الوسائل المناسبة التي تسهم في إعداد كادر نسائي قوي يسهم في المشاركة الفاعلة في المجتمع، كذلك الابتعاد عن رسم صورة في ذهن المرأة انها غير مقبولة وأن المجتمع لا يريد لها النجاح، خصوصًا أن مثل تلك الصورة تقوم بخلق حواجز عقلية في ذهن المرأة الأمر الذي يحدِّ ويضيِّق من إطار تفكيرها في ظل تلك الصورة بعيدًا عن التركيز على تنمية نفسها وقدراتها، واضعًا إياها في حرب لا أساس لها من الصحة”.
تقابل القاضي بالغيرة والاستهزاء
أما عمر سلام (الطالب في القانون) فيؤكِّد “أن مهنة المحاماة والقضاء من أكثر الأعمال التي تكون فيها المرأة أكثر احتكاكًا بالرجال من حولها وأكثر حاجة إلى أن تكون سليطة اللسان وكثيرة الحديث. وتحفُّظ المواطن اليمني وتمسكه بعاداته وتقاليده وعدم استساغته أن يرى قريبته تتكلم مع شخص أو تنخرط في عمل يكثر فيه اختلاط النساء بالرجال خصوصًا أن معظم المحاكم اليمنية هي محاكم يكثر فيها وجود الرجال هذا ما يفاقم الغيرة عند الرجل اليمني”.
ويواصل سلام حديثه بقوله: “قد يتفهم بعض الأقرباء كل ذلك ويسمح لقريبته أن تمارس المحاماة أو القضاء، إلا أنها قد تجد الاستهزاء والسخرية ممَّن تلاقيهم في عملها، بالإضافة إلى أنه قد يحدث في بعض الأحيان أن تتعرض لبعض الممارسات الصبيانية من بعض الأشخاص ولا تستطيع أن تعمل شيئًا أو تخبر أقرباءها بذلك خوفًا من أن تحرم وظيفتها وتمنع من ممارسة عملها”.
مجتمعنا ذكوري لا تحكمه امرأة
ويتابع سلام: “إن المجتمع اليمني تستثير أبناءه أنفة التسلط، وكثيرًا ما يرفض رأي أمه أو امرأته أو ابنته في موضوع ما، بل ويرفض مجرد عرض رأيها، فإذا كان ذلك مع قريبته فإن ذلك يزداد أكثر مع امرأة غريبة، فلا يستسيغ أن يرى امرأة تبتُّ في أمرٍ يخصه وتفرضه عليه، إضافة إلى تشبث المجتمع بالموروث والعادات والتقاليد وسيطرة بعض آراء المتشددة عليه”.
ويقول: “من ذلك الرأي الذي يحرِّم أن تتولى المرأة منصب الولاية، من ذلك كله يظهر بأن المجتمع اليمني ما زال لا يستسيغ ولا يقبل أن يرى امرأة تعمل في هذين المجالين، والقليل من الخريجات من يُسمح لهن بالعمل في هذا المجال فتتحمل ما قد تتعرض له من الاستهزاء والسخرية وتنمر البعض “.
“إن المجتمع يحتاج إلى قليل من الوعي بأهمية دور المرأة- حدِّ قول سلام- ومشاركتها في الحياة الاجتماعية وتكاتف الجميع كلٌّ في مجاله وتخصصه، والعمل جميعًا على تقبل ذلك، ليس فقط في هذين المجالين بل في جميع مجالات الحياة، وقد رأينا سابقًا عندما تكاتفت الجهود كيف تقبل المجتمع حضور المرأة في جلسات مؤتمر الحوار الوطني, وتمثيلها بنسبة 30% ، فقد كانت تلك مبادرة وبداية لتقبل أبناء المجتمع لأن يروا بلقيس تشاركهم في أعمالهم وتساعدهم في خدمة وطنهم وبنائه”.
66% من المواطنون يثقون بالتحكيم القبلي أكثر من القضاء الرسمي
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع التابع لمركز (…