شحَّة المياه.. معاناة جديدة تضاف إلى المرأة اليمنية
صوت الأمل – منال أمين
اليمن تعاني من أزمة مياه خانقة تكاد تنهك حياة المواطن العادي خصوصًا في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد, ولعل المرأة أكثر فئات المجتمع تضررًا من تأزم هذه المشكلة مع كل مرحلة صعبة يواجهها اليمن، لدرجة أنها أصبحت متجذرة داخل الواقع اليمني منذ فترات طويلة وإلى الآن .
نورية الحميري (40 عامًا مواطنة من تعز) تستعرض ما تعانيه مدينة تعز من مشكلات كثيرة تتعلق بقطاع المياه، وتقول:” تعاني المدينة منذ فترة طويلة العديد من المشكلات التي أسهمت في تدهور الحياة العامة فيها وزيادة معاناة المرأة بوجه خاص, بسبب استمرار الصراع في المدينة “.
عبء مضاعف على النساء
وبنبرة صوت فيها الكثير من الألم والوجع تقول الحميري التي تسكن في منطقة وادي القاضي الجبلية, وتعاني من عدم وجود رب الأسرة الذي يعمل خارج البلاد منذ سنوات، حالها كحال الكثير من نساء تعز: “إنها كل يوم في الصباح الباكرـ منذ أكثر من ست سنوات ـ تسارع في الذهاب هي وأطفالها إلى منطقة بعيدة عن منزلها توجد فيها مياه سبيل لتتجنب الزحام ويسهل عليها تعبئة ما تحتاجه من المياه التي بالكاد تكفي للاستخدام اليومي”.
وتحكي :”بسبب الوضع العام في المدينة أصبحنا نتحمل مشقة الذهاب إلى أماكن بعيدة تصل إلى كيلومتر للبحث عن مصدر يوجد فيه ماء, بغض النظر عن صالحيته أو نقاوته أو حتى مصدره لعدم وجود جهة رقابة إشرافية على هذه المصادر, الأمر الذي تسبب في تفشي الكثير من الأمراض نتيجة التلوث المنتشر في بعض مصادر المياه، كما أننا نعاني من ارتفاع أسعار الوايتات (البوزات) بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية و انعدامها في بعض الأحيان, الأمر الذي شكل عبئًا مضاعفًا علينا”.
1.4 مليار متر إجمالي العجز في المياه 2025م
أوضحت الهيئة العامة للموارد المائية في مدينة تعز لـ”صوت الأمل” أن الأسباب التي أدت إلى تفاقم مشكلة المياه في مدينة تعز هي زيادة عدد السكان سنويًّا والتلوث البيئي في مصادر المياه الموجودة في المدينة وعدم الاستفادة من كل الآبار التي تمتلكها المدينة كليًّا واستخدام الموارد عشوائيًّا. كما استعرضت المعالجات التي تقوم بها السلطة المحلية ومؤسسة المياه للتخفيف من معاناة المواطنين, عن طريق التواصل المباشر مع المنظمات الدولية لتنفيذ مشاريع تسهم في عودة إنتاج الحقول المائية الموجودة خارج المدينة للاستفادة منها.
” إن إجمالي المياه العذبة المتجددة في اليمن بلغ 2.53 مليار متر مكعب /سنة, وإجمالي الاستخدام الحالي للمياه بلغ 3970 مليون متر مكعب/ سنة، كما بلغ إجمالي العجز في المياه المستخدمة والمتجددة أكثر من 1.4 مليار متر مكعب/ سنة, والمتوقع أن يصل إلى 1.7 مليار متر مكعب/ سنة عام 2025م”. جاء ذلك في تقرير خاص للهيئة العامة للموارد المائية (الفرص والتحديات) من عدن نوفمبر 2020م.
وبناء على تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2020م الذي نُشر عبر موقعهم الرسمي: “أن 22% فقط من سكان الريف و46% من سكان المدن مرتبطون بشبكات المياه العامة التي تعمل جزئيًّا, ويحصل أقل من 55% من السكان على مياه صالحة للشرب”. ولضمان حصول الجميع على مياه الشرب المأمونة وبأسعار مقبولة بحلول عام 2030م وأكَّد التقرير:” زيادة الاستثمارات في البنية التحتية وتوفير مرافق الصرف الصحي وتشجيع النظافة الصحية على جميع المستويات و حماية النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه في الجبال والأراضي الرطبة والأنهار واستعادتها للتخفيف من حدة ندرة المياه, بالإضافة إلى دعم تكنولوجيات المعالجة في المناطق الساحلية الطويلة من اليمن”.
قصص النساء ومعاناتهن
” بلغ عدد الآبار التي تغذي مدينة عدن تقريبا (114 بئرًا) من ثلاثة حقول رئيسة, تقع في قاعدة دلتا تبن, وقليل من المياه تأتي من أبين”. هذا ما أكَّده مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في عدن نجيب محمد أحمد لـصحيفة “صوت الأمل” حيث قال: “إن هناك حقولًا للمياه يجري استنزافها لأغراض زراعية بطرق عشوائية وهذا أدَّى إلى التسبب في عبث كبير بالمخزون المائي, بالإضافة إلى الاعتداءات المتواصلة على هذه الحقول وذلك بـالسيطرة على حرم الحقل(البناء السرطاني) وهذه من أصعب المشكلات التي يواجهها قطاع المياه في البلاد في الوقت الراهن”.
عدن لم تسلم من معاناة شحَّة المياه خصوصا في السنوات القليلة الماضية، حيث أصبحت تعاني من زيادة في عدد السكان وصعوبة إيصال المياه للمنازل.
أم رامي أحمد (36 عامًا من منطقة العيدروس في مديرية كريتر) تعاني الكثير بسبب انقطاع المياه لأيام وأحيانًا لأسابيع، فالماء حتى إذا وجد لا يصل إلى المنزل، لعدم وجود كهرباء لتشغيل مولد سحب المياه (الدينامو) الذي أصبح ضرورة في كل منزل.
وشكت حالها، فقالت: “لديَّ خمسة أطفال ولا أمتلك مولدًا لشفط المياه, أضطر يوميًّا إلى جمع كل العبوات التي امتلكها؛ من أجل تعبئتها من بئر قريب من منطقتنا لتوفير ما يلزمنا من الماء خصوصًا وإننا نستهلك الكثير هذه الفترة بسبب الحر الشديد وتجنب الإصابة بالأوبئة والأمراض التي تنتشر في هذه الأيام”.
وضع النازحات لا يختلف كثيرًا عن باقي نساء اليمن في مختلف المحافظات، حيث تقول النازحة أم محمد (من محافظة الحديدة، تقطن حاليا في مخيمات دارسعد): “إن المخيم لا يوفِّر الكمية التي نحتاجها يوميًّا من المياه لذا نضطر ـ نساء المخيم ـ إلى الذاهب إلى أماكن بعيده توجد فيها برك مياه أو مياه سبيل؛ لتوفير المياه بواسطة الجالونات(عبوات بلاستيكية) نحملها على رؤوسنا”.
أم جمانة (36 عامًا مدرسة من صنعاء) لم تسلم أيضًا من معاناة النساء من نقص المياه، وتقول:” ينتابنا الكثير من الإحباط جرَّاء استمرار الوضع الحالي في تردي الخدمات الرئيسة مثل المياه والكهرباء”. وتسرد ما تقاسيه قائلة :” لم أكن أفكر يومًا في كيفية جلب المياه إلى المنزل في الفترة الماضية, إلا أن الوضع الصعب الذي تمر به البلاد جعلني ومنذ أكثر من خمس سنوات أذهب يوميًّا إلى محطة مياه قريبة من منازلنا في شارع مأرب لجب المياه هروبًا من غلاء أسعار الويتات”.