‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المياه في اليمن قطاع الري في اليمن، تاريخ حافل وواقع خجول وإجمالي المياه الجوفية المخزونة في اليمن 10370 مليار متر مكعب

قطاع الري في اليمن، تاريخ حافل وواقع خجول وإجمالي المياه الجوفية المخزونة في اليمن 10370 مليار متر مكعب

صوت الأمل – منال أمين ورجاء مكرد

   ” تعدُّ اليمن من أقدم دول العالم التي أسست شبكات ري متعددة كـالمدرجات الزراعية والسدود والصهاريج … وتميزت بها عن باقي دول العالم من حيث طرق نقل المياه من مصادرها إلى الأراضي الزراعية ” هذا ما أكَّده وكيل وزارة الزراعة والري لقطاع الري المهندس أحمد ناصر الزامكي.

  وقد استعرض الزامكي لـ “صوت الأمل” مصادر المياه المتاحة في اليمن عمومًا, والمتمثلة في: مياه الامطار والسيول والفيضانات والينابيع والغيول والمياه الجوفية (الآبار) والمياه السطحية التي تتكون من أربعة أحواض رئيسة كل حوض منها يتألف من مجموعة من الوديان ومجاري المياه السطحية الفرعية وتقدر كميتها بنحو2.5 مليار م3/ سنويًّا، بالإضافة إلى المياه العادمة (مياه الصرف الصحي المعالجة )، ثمَّ ذكر أنواع الري المستخدمة في الزراعة والتي تشمل (الري بالغمر والغروز) وهذا يتمثل في جريان المياه على السطح. كما يستخدم المزارع المياه مباشرة من الآبار والسيول وتحويلها إلى الأراضي الزراعية, وطرق الري الحديثة المتمثلة بـ( الرش، التنقيط، الفقاعي، التحت سطحي ) .

طرق الري

  “طرق الري كثيرة ومتعددة, نجد أن الظروف البيئية والعوامل الاقتصادية هي التي تحدد طريقة الري التي يجب استعمالها, وتتمثل في: ( الري السطحي، الري المحسن (عبر نقل المياه بالأنابيب) ،الري بالرش، الري بالتنقيط ،الري الفقاعي (الببلرات) …” هذا ما أظهره كتاب (ترشيد استخدام المياه في الري وطرق الري الحديثة) الذي أعدَّه الدكتور أيوب أحمد المهاب استشاري ري في أبريل 2011م.

  وحول أهمية استخدام شبكات الري الحديثة في الأراضي الزراعية البالغ مساحتها الكلية 2.5% من مساحة اليمن ككل؛ تحدَّث وكيل وزارة الزراعة قائلًا: “إن وسائل الري الحديثة  تقوم على نقل المياه من مصادرها إلى الأراضي الزراعية بطرق آمنة, لتوفير عملية استهلاك المياه وتجنب استخدام القنوات المفتوحة التي تتسبب في رشح للمياه (تسرب) من خلال القناة نفسها وينتج عنه خسارة كبيرة في كمية المياه”.

   المزارع اليمني لديه طرقه الخاصة في استهلاك المياه  للأراضي الزراعية، يشرح محمد الزوار (صاحب أراضي زراعية في منطقة الحيمة بصنعاء) بعض هذه الطرق، فيقول: “إن لديه عددًا من الأراضي الزراعية موزعة على مناطق عديدة, تختلف فيها عملية الري حيث إنه يعتمد على الأمطار والآبار (اليدوية) وخزانات الماء التي يجري تعبئتها في أثناء موسم الأمطار لري مزارع (القات), أو الأراضي الزراعية الموسمية التي تزرع فيها الذرة والقمح وأحيانًا الذرة الشامية في موسم الصيف والخريف والربيع. وهناك أراضي بالقرب من الغيل أو الماجل (حفرة تتسع في الأسفل وتضيق تدريجيَّا تخزن فيها مياه الأمطار). مبينًا أنه يستخدم طريقة الغمر في أثناء عملية سقي الأراضي الزراعية”. 

استنزاف المياه الجوفية

   ذكر تقرير صادر عن السكرتارية الفنية للأمن الغذائي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، تحدث عن دور القطاع الزراعي في الإسهام في تحقيق الأمن الغذائي ـ زراعة وإنتاج القمح (سبتمبر 2020) حصلت صحيفة “صوت الأمل” على نسخة منه ،ذكر: “أن إجمالي المياه الجوفية المخزونة في اليمن تقدر بنحو 10370 مليار متر مكعب , منها 1525 مليون متر مكعب مياه متجددة أي بنسبة 0.02% من الإجمالي، وفي المكلا مساحة المحافظة + رملة السبعتين  تمتلك مخزونًا مائيًّا يقدر بـ 10 آلف مليار متر مكعب أي بنسبة 96.4% من إجمالي المياه الجوفية” .

   ” تعد اليمن واحدة من أكثر الدول العربية التي تواجه أزمة مياه خانقة، فموارد المياه العذبة تتضاءل بسبب الضخ المفرط من المياه الجوفية. ويتزايد الطلب على المياه بفعل الاستهلاك المرتفع للفرد وسوء إدارة الموارد المائية والنمو السكاني السريع الذي يتوقع أن يتضاعف إلى 48 مليون بحلول العام 2037م”. وذلك تبعًا لإدارة السكان بالأمم المتحدة، توقعات السكان العالمية: مراجعة 2010م ، اليمن.

       وهنا يستعرض وكيل وزارة الزراعة لقطاع الري أهم المشكلات التي تسببت في استنزاف المياه الجوفية في اليمن،  حيث كشف عن:

1ـ عدم وجود رقابة في عملية حفر مياه الآبار في عموم البلاد، الأمر الذي أدَّى إلى عشوائية في عملية الحفر، واستخدام المياه استخدامًا مفرطًا. وهذه العملية متراكمة منذ دخول الحفارات من نهاية الثمانينيات والتسعينيات إلى بداية الألفية, والتي أصبح الطلب عليها متزايدًا, مع عدم وجود قوانين تحدد كيفية استيراد الحفارات, وإعطاء التراخيص.

2ـ  الحفر العشوائي أدَّى إلى نضوب المياه الجوفية, وهذا ما حصل مع حوض محافظة تعز الذي نضب كليًّا بنسبة 100%,  يليه حوض صنعاء الذي يعدُّ مهددًا بالنضوب بسبب عملية الحفر التي وصلت في بعض المناطق إلى ألف متر حيث كانت الآبار في صنعاء لا تتجاوز عملية الحفر فيها ما بين 50 إلى 100 متر في القرن الماضي. ومع مرور الزمن تكاثرت الآبار وزادت من نسبة الحفر ما بين 300 ـ  800 متر وما فوق , الأمر الذي أسهم في نضوب المياه الجوفية في أغلب المناطق.

3ـ  نبتة القات تأخذ كمية كبيرة من استهلاك المياه الجوفية في البلد .

   وزارة الزراعة والري لها دور خجول في محاولة التخفيف من استهلاك المياه الجوفية للأراضي الزراعية .. حيث قال الزامكي :”إن قطاع الري في الفترات الماضية سعى إلى التقليل من نسبة الـ 90% من استهلاك المياه الجوفية في الأراضي الزراعية, بواسطة توفير شبكات ري حديثة, للتخفيف من عملية استهلاك المياه, ضمن الاستراتيجيات الخاصة بقطاع الري التي جرى على ضوئها إنشاء “مشروع البرنامج الوطني للري” ثمَّ بدأ في توزيع الشبكات على الأراضي الزراعية بكميات كبيرة على مستوى المحافظات, التي كانت موجودة قبل 2015م بتمويل من صندوق التشجيع الزراعي والسمكي؛ ولكن بسبب الوضع الحالي توقفت التمويلات ومن ثمَّ توقف المشروع.

منشآت مائية  وأهميتها

   تمتلك اليمن منشآت مائية وأنظمة ري أسهمت ــ على مر العصورــ في الحفاظ على المياه وتوزيعها توزيعًا مناسبًا على الأراضي الزراعية، حيث تناول الدكتور عبد الله عبدالقادر نعمان ( كلية الهندسة، في جامعة صنعاء)  والدكتور محمد عبدالباري القدسي (كلية العلوم، في جامعة صنعاء) في كتابهما ” المنشآت المائية وأنظمة الري في الحضارة اليمنية القديمة” المنشور في موقع منظمة المجتمع العلمي العربي بتاريخ أكتوبر 2014م؛ تناولا نماذج من المنشآت المائية التي تفردت بها الحضارة اليمنية, وأسهمت في الحفاظ على المياه، من أشهرها:

1ـ سد مأرب ووادي أذنة الذي يسمى “أذنت” في النقوش اليمنية القدمية.

 2ـ نفقا (بينون) لتحويل مياه الأمطار, اللذان يقعان حاليًّا على بعد  54 كيلومتر من محافظة ذمار, ونحو 100 كيلومتر عن صنعاء( في عزلة ثوبان ناحية الحدا), ويقومان بمهام تحويل مساقط السيول.

3 ـ نظام الري في شبوة الذي يعتمد على السيول الناشئة عن الأمطار الموسمية الجنوبية  الغربية، في شهر (إبريل وأغسطس) .

 4ـ غيول صنعاء التي تعدُّ من أقدم الشواهد التاريخية في صنعاء, يعود تاريخها إلى (النصف الثاني من القرن الثاني الهجري) .

 5ـ صهاريج عدن وتعتمد على نظام مكون من مجموعة من خزانات متلاصقة بعضها بعضًا في شكل (قنطرة) تتولى تصريف مياه الأمطار المتدفقة نحوها بهيئة شلالات من جبال شمسان.

   وحول أهمية السدود في عملية الري، أوضح الوكيل :” أن السدود ( التخزينية ) توجد في المرتفعات العليا والوسطى ويبلغ عددها نحو347 سدًّا . والسدود ( التحويلية ) الغرض منها تنظيم المياه في الوديان وتحويلها إلى القنوات لتغذي الأراضي الزراعية, وهي موجودة  في (تهامة , سد مور , سد زبيد , دلتا تبن , دلتا أبين , وادي ميفع حجر , ووادي الجزع ), كما تسهم في تغذية المياه الجوفية في تلك المناطق”.

    وأشار إلى أن السدود في اليمن لا يتجاوز ارتفاعها كحد أقصى 35 مترًا , و تعمل على إعادة تغذية المياه الجوفية وفي الري والاستخدامات المنزلية، كما أن السعة التخزينية لسد مأرب لا تتجاوز الـ 450مليون متر مكعب .

ولتحسين عمل السدود وكَّد الزامكي” أن لدى وزارة الزراعة خطة عمل فيما يخص الاستفادة من مياه السدود سيجري تنفيذها في الفترة القادمة, وذلك بعمل شبكة نقل (مياه السدود) إلى مناطق الأراضي الزراعية, و دعمها بالطاقات الشمسية مع توفير شبكات الري”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع خاص لصحيفة صوت الأمل لعدد المياه