في اليمن 195 من كل 1000 فرد يعانون من اضطرابات نفسية!
صوت الأمل – علياء محمد
يصف كثيرٌ من العلماء والباحثين عصرَنا – الذي نعيشه – (بعصر القلق) وذلك بسبب تزايد الضغوطات الاجتماعية والأسرية والاقتصادية التي توثر على الحالة النفسية.. وللصحة النفسية أهمية كبيرة – في مواجهة هذا العصر – ولهذا يتم التأكيد على ضرورة وأهمية الاهتمام بعلاج الحالات والاضطرابات النفسية..
تنقسم الاضطرابات النفسية الى (200مئتي نوع) وفقا للنظام التصنيفي، المعتمد على الملاحظات والأعراض والعلامات ومعاير التشخيص.. وتصنف الاضطرابات النفســـية الى (22 ثنتين وعشرين فئة) تشخيصية؛ حسب الدليل الإحصائي التشخيصي الخامس DSM 5 الصادر من جمعية الطب النفسي الامريكية..
أهمية الصحة النفسية
تقول (الدكتورة منيرة النمر: رئيس الوحدة النفسية في مستشفى الرسالة، لعلاج الأمراض النفسية والإدمان) الاكتئاب، والخرف، والفصام، والقلق.. من الاضطرابات النفسية الأكثر انتشارا، وهي تصيب أي شخص بغض النظر عن العمر، أو الجنس، أو الدخل، أو الوضع الاجتماعي.. والمرض النفسي، هو عبارة عن (خلل في الهرمونات العصبية) ويحتاج إلى أدوية شأنه شن أي مرض آخر.. وما يجب علينا فهمه، هو أن جميع الأمراض النفسية، أمراض عضوية.. ولكنها تظهر بشكل اضطراب في السلوك والمشاعر..
وتضيف: الحالة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وقد تكون أكثر أهمية: فالأمراض الجسدية تحتاج إلى معنويات عالية لتهزم المرض.. وأكبر مثال على ذلك، استخدام العلاج النفسي في شفاء مرضى السرطان..
(نعمة صالح: مريضة بالسرطان) تقول: تعايشتُ مع مرضي؛ لأن لدي دافعًا كبيرًا لأن أعيش وأستمر في العمل.. ولم يثنني المرض عن مواصلة حياتي كغيري من الناس.. وكل ذلك بفضل الله، وبفضل حالتي النفسية، التي دفعتني لتقبل المرض والتعايش معه..
وضع الصحة النفسية في اليمن
يعاني حوالي 17% من السكان اليمنين من الاكتئاب، و15% من اضطراب ما بعد الصدمة.. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، نقلا عن (مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية 2019)
وفي اليمن (195 مئة وخمسة وتسعون) من كل 1000 فرد، يعانون من اضطرابات نفسية؛ وَفقًا لدراسة صادرة عن (مؤسسة التنمية والإرشاد الأسري 2018) حيث تناولت الفئة العمرية ما فوق 16 عاما، وكبار السن.. ونفذت الدراسة خلال الفترة مارس 2015 – يونيو 2017 و خلصت النتائج إلى أن نحو (5.5 خمسة ملايين ونصف مليون) شخص يعانون من اضطرابات نفسية.
ويوكد مسح ميداني (لمنظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة والسكان) نُفِّذ في نوفمبر 2016 لعدد (3,507 ثلاثة آلاف وخمسمئة وسبع) منشآت صحية في (16 ست عشرة) محافظة يمنية من أصل (22 ثنتين وعشرين) محافظة، أن الخِدْمات المتعلقة بالصحة النفسية والأمراض غير المعدية، متواجدة بنسبة 21% من المرافق التي شملها المسح.
وفي السياق تقول (الدكتورة النمر) تفتقر اليمن إلى المستشفيات الحكومية، والمتخصصة بالعلاج النفسي.. وهي لا يتجاوز عددها (سبعة) مستشفيات.. ويعتبر قطاع الصحة النفسية من أقل القطاعات التي تحظى بالدعم. أما الأدوية النفسية (الفعالة منها بالذات) فهي غير متوفرة في السوق.
مضيفة: تكاليف باهظة جدا، يتحملها المريض وحدهُ في ظل غياب دور الجهات المختصة، والمنظمات الداعمة لهذا القطاع؛ إذ يقتصر دور المنظمات على تقديم مشاريع تدريبية، والدعم النفسي.. وهذا غير كافٍ، ولا هو كفيل بتلبية احتياجات المرضى النفسيين في اليمن: من مصحات، وعيادات نفسية، واستشارات، وأدوية تقدم بشكل مجاني.
وبدوره أكد الدكتور محمد عقلان ان عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من الامراض النفسية تضاف لهم معاناة أخرى خصوصا في ظل الأوضاع الراهنة فعدد من المرضى لا يستطيع مواصلة جلسات العلاج نتيجة تكاليف الجلسات النفسية والتي تعتمد عددها على الحالة المشخصة وبالتالي مع التوقف عن العلاج تدهور الحالة النفسية للأسواء.
وشدد (ٍعقلان) على أهمية الاهتمام بالمرضى النفسين وتوفير العلاجات اللزمة للمرضى وافتتاح عدد أكبر من المستشفيات، وتوفير ادوية مجانية للأشخاص ذوي الدخل المحدود.
المريض النفسي في صراع مع المجتمع
يشكل الجانب النفسي بعدًا مهمًّا في حياة الإنسان وتكوينه.. ويحتاج هذا الجانب لثقافة كبيرة، تنبع من داخل الفرد والمجتمع..
صعوبات جمة تواجه الصحة النفسية في اليمن.. وتكمن الصعوبة في مدى تقبل الناس لثقافة الصحة النفسية؛ فيجد الكثير أنفسهم في صراع، ما بين المرض النفسي ونظرة المجتمع..
(هـ.م.ح) تقول: عانيت – في سنوات ماضية – من بعض الاضطرابات النفسية, ولكنني كنت أرفض الذهاب لطبيب نفسي؛ بسبب خوفي من وصف الناس لي (بالمجنونة) وزادت بعد ذلك حالتي سوءا, وأيقنت حينها ألا حل لي، إلا بالذهاب إلى طبيب نفسي، وتلقي العلاج, وبعد الجلسات شعرت بالراحة..
أما (أم حسن) فتقول أنها أهملت ابنها؛ بسبب ثقافة المجتمع السائدة وتقول: تعرض ابني لصدمة نفسية، وأصبح وحيدًا لا يريد أن يقابل أحدًا، أو يتحدث مع أحد… ونصحني كثيرون بأن أذهب به إلى شيخ؛ ليقرأ عليه بحجة تعرضه لمس شيطاني أو سحر، سارعت بالذهاب لعلاجه، ولكنه لم يتحسن إلى أن نصحتني صديقة مقربة، بأن أذهب به لطبيب نفسي ,وفعلا فعلت ذلك، وتحسنت حالته.
وحول مدى تقبل الناس لحالات المرض النفسي تقول (نعمة مندوب: اختصاصية نفسية، في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية – عدن) عدد كبير من الناس، يخلط ما بين:
المرض النفسي العصابي، الذي يكون فيها المريض مستبصرا وبوعيه والمرض العقلي الذي يفقد معه المريض الوعي، ويفقد السيطرة على نفسه، ومن هذا الجانب، تظهر لنا مشكلة عدم تقبل الأهل، فكرة أن يكون أحد أفراد أسرتهم مصابا بمرض نفسي؛ باعتباره عارًا عليهم, ونجد كثيرًا منهم يفضل الذهاب إلى الشيوخ والمشعوذين، حسب الثقافة الشعبية عند المتأثرين بها.. وعندما لا ينفع ذلك، يتجهون للعلاج النفسي، ولكن بعد سوء الحالة.
وتضيف: يجب أن ندرك ونفهم ثقافة الصحة النفسية؛ لأن المرض النفسي من أكثر الأمراض تعقيدا.. وفي الآونة الاخيرة، ازدادت حالات المرض النفسي، وتعرض كثيرون للاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة؛ بسبب ضغوطات الحياة.
وتؤكد (الدكتورة النمر) أن نظرة المجتمع عن المرض النفسي اختلفت – إلى حد ما – عما كانت عليه من قبل.. وأصبح هناك انطلاقة كبيرة في مدى فهم وتقبل المجتمع للمرض النفسي.. إذ أسهمت وسائل الاعلام في نشر الوعي والثقافة النفسية وأهميتها..
وتضيف: نستقبل في المستشفى جميع الحالات من: نساء وأطفال وكبار في السن.. سواء كانت الحالات نفسية أو عصبية أو مشاكل أسرية وزوجية.. ونقدم لهم الجلسات، والدعم الذي نقوم به (بسرية تامة) وهذا أكثر ما يريح المريض..
الوعي بثقافة الصحة النفسية
في العاشر من أكتوبر من كل عام يحتفل العالم (باليوم العالمي للصحة النفسية) يُسلَّط الضوء في هذا اليوم على ما يعانيه مليارات البشر من اضطرابات نفسية في محاولة لإيجاد الحلول؛ للحد من معاناتهم، وإيجاد الوعي الكافي حول المرض النفسي.
وحول التوعية بثقافة الصحة النفسية، تقول (الاختصاصية نعمة مندوب) أولى خطوات علاج المرض النفسي، هي اعتراف المريض نفسه بالمشكلة، واعتراف عائلته كذلك؛ ليصل إلينا في المراحل الأولى (من المرض) حتى نستطيع مساعدته؛ من خلال عمل جلسات للمريض وجلسات للأهل، لإقناعهم بتقبل المرض واعتباره كأي مرض آخر..
وحول اتهام كثيرين بأن أدوية المرض النفسي، تزيد من الحالة النفسية سوءا تقول الدكتورة منيرة النمر: لا يوجد أي دواء – في العالم – ليس له أي مضاعفات، أو تأثيرات.. والادوية المستخدمة – في العلاج النفسي – هي الأخف ضررا، ولا تأتي المضاعفات؛ إلا لأسباب كأن تكون الجرعة عالية، أو أن المريض لا يلتزم بالجرعة بالشكل المطلوب، أو أن الأهل لا يعطون المريض الجرعة في الوقت المناسب.
وتؤكد بقولها: الأدوية النفسية تساعد بشكل كبير ولكنها تتطلب الدقة في استخدامها، ولا يترك العلاج إلا بإشراف الطبيب – حتى لو تحسنت الحالة – لأن الأدوية النفسية، تحتاج إلى سحب بشكل تدريجي.
الوضع الصحي في اليمن… إلى أين؟
صوت الأمل – علياء محمد رغم التطور في البنية التحتية للقطاع الصحي في اليمن، الا ان النظام ا…