السفر للعلاج: رحلة اغتراب بأجساد مُنهگة
صوت الأمل – حنين أحمد
«الافتقار إلى الأجهزة الطبية الحديثة في مستشفيات اليمن، ضعف الخدمات الطبية بشكل عام، كثرة الأخطاء الطبية والتشخيص الخاطئ، وفقدان الثقة بين المريض والطبيب… تعتبر من أهم الأسباب التي تضطر الكثير من اليمنيين إلى السفر من أجل العلاج».. بهذه الكلمات عبر (سعيد منصور – 30 عاما من أبناء محافظة أب) عن الحال السيئة التي وصل إليه القطاع الصحي باليمن.
«طائرة العيانين (الأمراض)».. هكذا يلقب المصريون الطائرات القادمة من اليمن، لكثرة الوافدين إليها للعلاج من الأمراض الذي تعسر علاجها في بلدهم، بسبب تردي القطاع الصحي المتأثر من الصراع القائم، وقلة الأجهزة الحديثة المستخدمة (للإشعاعات واستئصال الأورام..) وغيرها من الأمراض التي تحتاج إلى العناية والرعاية الطبية الخاصة.
رحلة مع المرض
يروي (سعيد منصور) الذي يعاني من (ورم في المعدة) – رحلته مع المرض: تدهورت حالتي الصحية إلى الأسوأ بسبب كثرة زيارتي لعدد من المستشفيات الحكومية والخاصة، والتشخيص الخاطئ لحالتي من قبل الأطباء في كل مرة اقوم بزيارتهم، بسبب تناول أدوية خاطئة ساهمت في تردي حالتي الصحية بشدة.
«بعد وصولي الى حالة صحية حرجة وفقداني الأمل في العلاج في اليمن، قررت ان ابيع كل ما أملك لكي اسافر للعلاج خارج الوطن»
ويضيف (سعيد): لقد بدأت حالتي بالتدهور منذ خمس أعوام، وبعد سفري استطعت تجاوز مرحلة الخطر، وتم استئصال الورم، وحاليا مستمر في تلقي العلاج، رغم الظروف الصعبة المتمثلة في زيادة تكاليف السفر المرتفعة وقيمة العلاج والسكن والمصاريف الضرورية لمواصلة العلاج.
ويحكي سعيد معاناته في بيع كل ما يملك في سبيل إنقاذ حياته، والبحث عن تذكرة سفر، بعدما عجزت مستشفيات بلادنا في علاجه، ويقول: بعد أن بعت كل ما أملك من أشياء ثمينة، وتكفل فاعل خير بالتكاليف الخاصة بتسهيل سفري، وصلت إلى مصر وبدأت بالعلاج وعمل الفحوصات اللازمة للمرض وتم تشخيصه على انه ورم في المعدة ويجب استئصاله في أسرع وقت ممكن، معبرا عن حزنه للحالة التي وصل إليه القطاع الصحي باليمن بشكل عام.
مستشفياتنا تفتقر للكفاءات
كما يروي (فهمي علي- 47عاما من محافظة تعز) معاناته من مرض الارتخاء في صمامات القلب وانسداد الشرايين.. ويقول: انه كان يشعر بألم في كتفه الأيسر، وعدم القدرة على بذل أي مجهود أو التنفس.. وذلك على مدى خمسة أشهر، وقد زار الكثير من الأطباء لتشخيص حالته، فكانت النتيجة التشخيص انه مصاب بفيروس كورونا، والبعض شخصها بمرض الملاريا، وتضخم في القلب وانه لا ضرر من ذلك وتم صرف الأدوية لكل تشخيص.
ويضيف: أن حالته بدأت بالتدهور شيئا فشيئا، مما أدى إلى تورم أطرافه كونه مريض بالسكر والضغط، فلم يكن يستطيع المجازفة أكثر بحياته، فقرر السفر للعلاج خارج البلد، رغم صعوبة التنقل وتكاليف السفر المرتفعة.
«كان لابد من السفر إلى مصر لمعرفة التشخيص الحقيقي لمرضي، ومن ثم علاجها»
وعند وصله تم عرض حالته على طبيب مختص بأمراض القلب وتبين بعد الفحوصات أن حالته خطره جدا , و يتوجب القيام بالعملية في أسرع وقت و تغيير الصمامات والشرايين المتورمة في اقل من أسبوع.
ويتحسر بقوله: «اشعر بألم شديد عندما أرى مستشفياتنا وأطبائنا يفتقرون إلى الكفاءات اللازمة وابسط الاحتياجات المطلوبة لإنقاذ مريض والتخفيف من معاناته التي زادت في السنوات الأخيرة بسبب الصراع «.
العقول المهاجرة
(ت.م.ع) أحد الأطباء في القطاع الطبي الاستشاري اليمني المقيم في مصر، يوضح: أن اليمن تتوفر فيها مراكز كثيرة للأورام.. ولكن يضطر اليمنيين إلى السفر للخارج لعدة أسباب منها نقص الكفاءات اليمنية، وعدم وجود (المسح الذري) في اليمن، وعدم وجود (اليود المشع) المهم جدا لمرضى سرطان الغدد، عدم وجود الأجهزة الحديثة للإشعاع، كما لا يوجد تقنية حديثة لاستئصال الأورام في الدماغ.
وعلل ذلك النقص: بسبب الصراع المستمر الذي ساهم في تدهور القطاع الصحي وعدم تطوره حسب المعطيات الحديثة التي تساهم في التقليل من معاناة المواطنين.. بالإضافة إلى رحيل الكثير من الكوادر الطبية خارج البلاد.
وحول آلية عمل القطاع الاستشاري.. يقول: القطاع الاستشاري يقدم المساعدة للمرضى اليمنيين في الخارج، من خلال تقديم الخصومات في عدة معامل ومختبرات يتم التعاقد معهم تصل من 30% إلى40%.. وإرشاد المريض لطبيب معروف ليقدم له المساعدات اللازمة ومتابعة حالته الصحية.
كما يبين: أن أكثر الحالات اليمنية التي تأتي إلى مصر للعلاج معظمها مصابة بأمراض سرطانية وتعتبر أكبر نسبة أمراض متواجدة في مصر، يليها أمراض القلب، الفشل الكلوي، الكبدي وزراعة القرنية.
رحلة علاجية
(سمية ناصر ـ 62عاما من تعز) تعاني من تنمل وتخدر في الكتف واليد اليمنى بسبب ضغط الفقرات على العمود الشوكي.
تحكي سمية قصتها مع المرض، وتقول: «كنت أعاني من الم خفيف بين فترة وأخرى، إلى أن اشتد الألم، ورغم ذهابي إلى الطبيب الا ان الألم استمر لمدة ستة أشهر متواصلة، وبعد عدة فحوصات قمت بها أخبروني بضرورة زرع صفائح معدنية بين الحبل الشوكي وفقرات العمود الفقري.
وتصف سمية شعورها بالخوف بقولها (يا روح ما بعدك روح) وبأنها لم تستطع إجراء هذه العملية في اليمن، لان العملية خطيرة وأبسط خطأ سيؤدي إلى إصابتها بعاهة مستديمة.. ولعدم ثقتها بالمستشفيات اليمنية التي تفتقر إلى أدنى الإمكانيات الضرورية قررت السفر للعلاج… وتحملت المعاناة أكثر أثناء انتقالها من محافظة تعز إلى عدن.
وعند وصولها إلى مصر أوضحت سمية: انه تم عرض حالتها على طبيب مختص، أخبرها انه قابل مثل هذه الحالات كثيرا واردة من اليمن.
وأكد لها الطبيب أن وضعها لا يستدعي إجراء عملية جراحية وان عليها ممارسة حياتها بشكل طبيعي مع الالتزام بإتباع الإرشادات المطلوبة للتخفيف من ألم الظهر.
واختتمت بقولها: هناك الكثير من المرضى التي اشتدت حالتهم في اليمن، وتعسر علاجهم بسبب تردي الوضع المادي لديهم، ولم يستطيعوا السفر للعلاج.. متمنية: من كل طبيب أن يستشعر المسؤولية الكبيرة التي على عاتقة في اليمن، وان يتم تحسين وضع المستشفيات والمرافق الصحية بالشكل المطلوب.
الوضع الصحي في اليمن… إلى أين؟
صوت الأمل – علياء محمد رغم التطور في البنية التحتية للقطاع الصحي في اليمن، الا ان النظام ا…