المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة: المرأة ما بين أحكام الشريعة والقانون اليمني
صوت الامل – منال أمين
أكدت التشريعات الإسلامية التي تطرقت لحقوق المرأة وواجباتها، على أن المرأة شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، وهو ما نصت عليه المادة (41) من الدستور اليمني، التي جاء فيها أن المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة.
تقول المحامية والناشطة الحقوقية أقدار مختار- رئيسة مؤسسة- “أنصار تنمية وحماية المجتمع”: “إن الصورة العامة للمرأة في العصر الجاهلي، كانت قائمة على أساس أنها كائن لا يستحق الحياة، ويحق لرب الأُسرة أن يئدها، لأنها تجلب العار له، إلى أن جاء الإسلام وكرَّم الله – سبحانه وتعالى- المرأة بمعية الرجل في قوله: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ”، كما أقرت التشريعات الإسلاميَّة، أن للجميع حقوق متساوية بمعزل عن كونهم ذكوراً أو إناثًا “.
وأضافت مختار أن “الدين الإسلامي كفل للمرأة حقوقها في الميراث، والتعليم، والعمل، فاصبحت المرأة في عهد الإسلام ممرضة، وطبيبة، ومحاربة، وشاعرة، أما فيما يخص الواجبات، فقد ساوت التشريعات الإسلامية في أحكام الحلال والحرام، بين الرجل والمرأة على حدٍ سواء”.
ولها مثل ماعليها
يقول الناشط الحقوقي والإعلامي علي النقي لـ ” صوت الأمل”: “إن مبدأ العدل والمساوة بين الذكر والأُنثى بمطلق العبادات، حق كفله الدين الإسلامي للمرأة، بل إن الإسلام أعلى من شأن المرأة وكرَّمها أعظم تكريم، بأن جعل الجنة تحت أقدام الأُمهات، وفضَّلها في الصحبة عن الأب ثلاث مرات.
وأضاف: “لقد شرع الإسلام للمرأة حقّها في اختيار زوجها، وفي امتلاكها ذمة مالية مستقلة كالرجل”.
الأعراف ومضامينها التفسيرية للدين:
يعد التعامل مع الأعراف، فيما يخص بعض قضايا المرأة، واقعاً ألفه المجتمع اليمني، لا سيما في الأرياف، حيث يسود المنظور الذكوري لحق الرجل في الوصاية الكاملة على المرأة، وكل ما يتعلق بها، وهو الأمر الذي نتج عنه حرمان المرأة من بعض حقوقها المكفولة في الدين، كحقها في الميراث، والتعليم، وحق اختيار الزوج …إلخ، ومردُّ ذلك هو الفهم المغلوط لقوامة الرجل على المرأة، وبكون النساء “ناقصات عقل ودين”.
وتقول أقدار: “إذا ما دققنا في القرآن الكريم والسنة النبويَّة، بعيداً عن التفسيرات المغلوطة لما ورد في الدين الإسلامي، فسنجد أن الدين بعيد كل البعد عن هذه الترهات التي تجد لها قبولاً في بعض الأوساط المجتمعية، والتي تسببت بعزل النساء عن دورهن الفاعل في المجتمع”.
المرأة في القانون اليمني
لقد ورد في المادة 41 من الدستور اليمني، أن المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، كما أن هناك نصوص دستورية تتعلق بمشاركة المرأة في العمل السياسي، والتي تشير إلى أن ” لكل مواطن حق في الإسهام في الحياة السياسية”، وعن ذلك تقول أقدار: “على الرغم من أن القانون اليمني قد نص في المادة 41 على حق المساواة بين الجميع أفراد المجتمع، إلَّا أنه تم اشتراط هذه المساواة في المادة 31 على أن “النساء شقائق الرجال ولهن حقوق، وعليهن واجبات، بما تكفله وتوجبه الشريعة الإسلامية، وينص عليه القانون” وأضافت: “هذا النص أعطى للمشرِّع مساحة تمكنه من تطبيق الشريعة الإسلاميَّة وفق رؤيته، وهو مما يتسبب في العديد من التناقضات، فالشريعة الإسلامية لا تفرق بين المرأة والرجل في مبدأ الثواب والعقاب، ولكن في قانون العقوبات اليمني مثلاً نجد أن عقوبة الإعدام تخفَّف على الرجال المدانين بـ ” بجرائم الشرف”، وفي الوقت نفسه تعاقب المرأة التي تقتل زوجها نظير القضية نفسها بالإعدام، وفقًا للقانون اليمني، مما يعني أن هناك تضاربا في النصوص التي أقرّها المشرع “.
اليمن والمواثيق الدولية
كغيرها من الدول، التزمت اليمن بمواثيق حقوق الإنسان التي تنص صراحةً على أن الرجال والنساء متساوون أمام القانون بالحقوق والواجبات، وذلك في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
وأوضح النقي لـ “صوت الأمل” إن القانون اليمني منح المرأة حقوقها كاملة، بل إن المشروع الدستوري اليمني يعد من أفضل التشريعات العربية التي أعطت المرأة حقها في مجالات الحياة كافة، وهو ما يتوازى تماماً مع توقيع اليمن على كل الاتفاقيات الدولية المُلزمة بحقوق المرأة”.
وعن العلاقة بين المنظور الديني لحقوق المرأة، والمواثيق الدوليّة فقد قال النقي: “لا يوجد تعارض بين الاتفاقيات الدولية والشريعة الإسلامية فيما يخص حقوق المرأة، فمعظم النصوص الدولية مُستنبطة من روح الشريعة الإسلامية” وأضاف: “المشكلة تكمن فقط فيما يتعلق بالوعي الذكوري، والذي هو نتاج للتراكمات المتوارثة في بعض تمظهراته السلبية، والتي تُصر على حصر المرأة بصورة الكائن الضعيف، وهي الصورة النمطية التي لا تزال تُلقي بضلالها على واقع المرأة في المجتمع اليمني”.
كيفية تحقيق مفهوم تعزيز المساواة الكاملة للمرأة:
يقول النقي: “إنه يمكن تعزيز قيم المساواة بين الرجل والمرأة من خلال التأكيد عليها في المناهج الدراسيَّة، وتجسيد الشراكة الحقيقية للمرأة في مواقع صنع القرار، فيما تقول أقدار: “أولاً وقبل البحث عن أدوات ونصوص، أو لوائح، يجب أن تتوفر إرادة سياسية حقيقية تعزِّز من دور المرأة ومكانتها على كافة الأصعدة وبشكل صريح لا ضمني، وأن الرجال والنساء متساوون أمام القانون، ولابد من أن يعاملوا بشكل ينطوي على المساواة من حيث الممارسة وإتاحة الفرص للطرفين في جميع مجالات الحياة”.
إن تحقيق المساواة للمرأة في الحقوق والواجبات المكفولة شرعاً وقانوناً، لا يمكن أن يتحقق إلَّا بتحييد القيم والأعراف الاجتماعية التي تحمل مضامين سلبية عن المرأة، لا سيما تلك المستمدة من العقلية الجمعية المتوارثة.
المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟
صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …