جلسات القات والشيشة: طقوس وتباهي بالملابس والحُلِي بين النساء
صوت الأمل – علياء الحماطي
ارتفعت نسبة النساء اليمنيات اللاتي يمضغن القات ويدخنَّ الشيشة، في مجالسهن الخاصة، وعادة ما تكون هذه الجلسات جماعية أو فردية، يوميَّةً أو أسبوعيَّة، يرافقها عدد من الطقوس التي يتم التباهي بها والتنافس عبرها، ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما في حالات الواتس أب.
من الممنوع إلى المرغوب
بعد أن كانت عادة مضغ القات حكراً على الرجال، أصبح من المعتاد رؤية النساء في جلسة “التفرطة” النسائية، حيث أصبحت شريحة كبيرة من الفتيات والنساء في الجامعات والموظفات وربات البيوت يحضرن جلسات القات النسائية، بعد أن غدا القات بالنسبة لهن طقساً يوميّاً لا يستطعن التخلي عنه.
وعن دوافع مضغ القات لدى اليمنيات، تقول نرمين.ج. ي: “تعلمت أخزِّن القات وأدخن الشيشة وأنا في الثانية عشرة من عمري، فعندما كنت أشعر بالضيق، كنت أمضغ القات، لأن القات يشعرني بنوع من الراحة المؤقتة”. وتشعر نرمين بالسعادة لأنها تلتقي بصديقاتها بشكل مستمر في مجالس القات.
أما هناء. أ.م فتقول: “إن سبب زيادة انتشار تعاطي القات وتدخين الشيشة بين النساء اليمنيات، يرجع إلى الحالة النفسية والوضع المعيشي المزري الذي تعيشه النساء، اللواتي وجدن في تعاطي القات وتدخين الشيشة ملاذاً لقضاء الوقت والهروب من الواقع”.
وتضيف أم هناء في تصريح لـ “صوت الأمل”: “بعد سفري إلى خارج اليمن اكتشفت الفرق، فالحياة هناك مختلفة، الناس لا يهتمون إلا بعملهم وقضاء أكبر وقت مع عائلاتهم، وتشعر بأنهم مستقرين نفسياً”. وتؤكد أنها لم تجد أي صعوبة في ابتعادها عن القات، ولا تدخن إلا نادراً.
أما بالنسبة للشابة سوزان، فإنها تبرر مضغها للقات، وتدخينها للشيشة، بعدم وجود نشاطات شبابية ونسوية، أو رياضية أو اجتماعية متاحة للنساء. وترى سوزان أن مجالس القات مكانٌ للتسلية والترفيه عن النفس”.
أما لمياء، وهي ربة بيت وأم لطفلين، فتقول: “إن البيئة التي نعيش فيها تلعب دوراً كبيراً في الاستجابة لعادة مضغ القات، فعندما كنت أذهب إلى مجالس القات ولا أخزن؛ لم أكن أشعر بالاندماج إلَّا بعد أن بدأت بمضغ القات وتدخين الشيشة مع صديقاتي، ولكني لا أدخن ولا أُخزِّن عندما أكون في المنزل”.
استقلال المرأة مادياً
الكثير من النساء الموظفات يمتلكن مصدر دخل شهري ثابت، يمكنهن من تخصيص ميزانية خاصة لشراء القات وتدخين الشيشة، تقول وردة، والتي تعمل موظفة: “كنت في السابق أحصل على القات من والدي أو إخواني، ولكن اليوم أصبحت مستقلة مادياً، فأشتري القات وأحصل عليه من البائع الذي يقوم بتوصيله إلى المكان الذي أنا فيه”.
يقول الشاب أمجد محمد “إن جلسات القات النسائية مكلفة جداً، مقارنة بجلسات الرجال، فكل ما يحتاجه الرجال عبارة عن حزمة قات وقنينة ماء، بينما جلسات النساء تحتاج إلى تناول بعض المأكولات الخفيفة قبل القات، بالإضافة إلى المشروبات الساخنة والباردة أثناء مضغ القات”.
في السياق يقول وهيب- صاحب محل بيع معسلات وشيش، إن نسبة الفتيات اللاتي يترددن على محله للشراء كبيرة، وتتراوح أعمارهن ما بين 17 -50 عاماً، منهن من تأتي بشكل يومي، وأخريات بشكل أسبوعي. يضيف في تصريح لــ “صوت الأمل”: “الكثير من الفتيات يقمن بتغيير الشيشة الخاصة بهن ويصرفن مبالغ باهظة، حباً في الظهور والتباهي بين صديقاتهن”.
ميزة اجتماعية وتطور ثقافي
تعتقد الكثير من النساء أن تدخين الشيشة وتناول القات ميزة اجتماعية وتطور ثقافي يتفاخرن به، والجزء المهم لدى الكثير من النساء في مجالس القات هو تباهيهن بالظهور مرتديات أجمل الفساتين والاكسسوارات، وتقوم المرأة التي دعت صديقاتها للمقيل، بتجهيز الوجبات الخفيفة والمشروبات التي تقدمها لضيفاتها قبل البدء بجلسة مقيل القات.
وترى بسمة- خريجة جامعية، أن هناك تطورات ثقافية واجتماعية عززت شعوراً لدى المرأة بأن التخزين حقٌ من حقوقها. وتضيف: “كنت لا أخزن ولا أدخن، ولكن لجأت إلى هذه العادة لمواكبة العصر، وتغيير الروتين الممل ولشغل وقت فراغي”.
فيما تقول عنود. ق. ص- خريجة ثانوية، إنها تنتظر يوم الخميس بفارغ الصبر، لأنها تلتقي بصديقاتها لمضغ القات وتدخين الشيشة.
وتضيف: “قبل تخزين القات، يجب تجهيز الإضاءات والشموع والتحف من أجل التصوير، وننشرها في حالاتنا على الواتس أب، كنوع من الطقوس التي اعتدنا عليها في مقيل القات”.
المنتزهات العامة والكافيهات
انتشرت في الآونة الأخيرة عددٌ من الاستراحات والكافيهات الخاصة التي ترتادها الفتيات لتدخين الشيشة.
يقول ناصر- عامل في أحد الكافيهات: “يتهموننا بأننا نشجع على التدخين، لكن مالا يعلمونه أن كل من يرتاد الكافية يسأل عن الشيشة، وإقبال الفتيات والنساء على المقهى في تزايد، خاصة بعد أن وجدن في تلك المقاهي مكانا للتسلية والترويح عن النفس”. معتبراً أن هذه المشاريع تدر أرباحاً معقولة.
بين القبول والرفض
في السياق يقول الدكتور صادق الصيادي، مختص في التثقيف الصحي بعدن: “من الصعب وضع قيود تمنع المرأة من تخزين القات؛ لأن الرجل يخزن، ولا يمكن فرض قيود عليه، كما أن عادة مضغ القات في الأرياف ترتبط بعمل المرأة في زراعة القات وقطفه.
. ويضيف في تصريح لـــ “صوت الأمل” أن تدخين الشيشة عادة دخيلة على المجتمع، وهي موضة مرفوضة وغير مستحبة أبداً، لما تحمله من أضرار صحية.
فيما يقول علي العجري- كاتب وصحفي: “قناعتي الشخصية هي أن الشيء الضار يؤثر على الطرفين سواءً أكان رجلاً أو امرأةً، ولكن في مجتمعنا لا يتقبل الكثير من الأشخاص عادة مضغ المرأة للقات بسبب ارتباطها بالأسرة، وبالتالي من الممكن أن تلهيها هذه المجالس عن القيام بواجباتها”.
تأثيرات صحية يرى البعض أن ظاهرة تعاطي القات وتدخين الشيشة في أوساط الفتيات والنساء اليمنيات أصبحت مثيرة للقلق، بالنظر إلى التأثيرات الصحية التي تتعرض لها الفتاة، حيث أكدت دراسات وتقارير طبية أن التدخين وتعاطي المرأة الحامل للقات يزيد من فرص الإصابة بالتسمم الحملي، ويسبب التدخين في أحيان كثيرة امتدادا للمشيمة عند المرأة الحامل، ما يسبب موت الطفل داخل الرحم، بسبب تكلس وانسداد في المشيمة، كما أن التدخين يؤثر على صحة المرأة بصفة خاصة، حيث يُعدُّ من الأسباب الرئيسية للإصابة بسرطان عنق الرحم والأمراض الوعائية القلبية، ويؤثر سلباً في وظيفة الإنجاب، ويسبب هشاشة العظام، خاصة عند المسنات.
المرأة اليمنية والطهي.. قَدَرٌ منذ الولادة أم مجرد مهارة؟
صوت الأمل – حنين الوحش في مجتمع غلب عليه طابع الحكم على أساس الموروثات والعادات والتقاليد …