القات يطغى على الأراضي الزراعية في اليمن
صوت الأمل – علياء الحماطي
تحتل شجرة القات مساحة واسعة من الأراضي الزراعية، وازدادت توسعاً منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ووصلت زراعته إلى المناطق التي تزرع المحاصيل الزراعية التاريخية في اليمن، مثل البن والعنب والحبوب والمانجو، وعدد من المحاصيل الاخرى في الوديان والقيعان الزراعية في ذمار وعمران وإب وغيرها من المناطق، بالإضافة إلى التوسع العمراني الذي يزحف على الاراضي الزراعية في عدد من المحافظات التي اشتهرت بزراعة المحاصيل الزراعية التي تسهم في الأمن الغذائي لليمنيين.
وقُدِّرت مساحة المحاصيل الزراعية بــ 528078 هكتاراً، وفقا لكتاب الإحصاء الزراعي للعام 2019، حيث احتلت مساحة زراعة القات المرتبة الثانية بعد الحبوب وقدرت بـ 166,891 هكتاراً، وتفوقت بذلك على المحاصيل الأخرى من الأعلاف والحبوب والخضروات والمحاصيل النقدية، واحتلت البقوليات المرتبة الأخيرة وقدرت بـ 48,037هكتاراً.
استنزاف للمياه
تنبؤات دولية عن اقتراب موعد نضوب المياه الجوفية في اليمن، بسبب الحفر العشوائي للآبار وسوء الإدارات المائية، والتوسع في زراعة شجرة القات، والتي تعتبر من أكثر النباتات استهلاكاً للمياه، حيث تستهلك 80% من المياه الجوفية.
وتتعرض المياه الجوفية في اليمن لاستنزاف سنوي، بسبب استخدام طريقة الغمر لري مزارع القات، وتنعكس هذه التأثيرات سلبا على عدد من المحاصيل الزراعية المعتمدة على مياه الآبار.
يقول عبد القوي- مزارع في منطقة بني حشيش بصنعاء: “لدينا مساحات زراعية متعددة، ونزرع فيها بعض من الخضروات والفواكه، وهناك عدد من المزارعين يزرعون شجرة القات، ولكنهم يحتاجون إلى كمية كبيرة من الماء”.. ويضيف: مزرعتي تحتاج إلى أن تصل إليها المياه مسافة 800 متر، وأحتاج لمضخات حتى يتم ضخ الماء بتكلفة باهظة الثمن، فقررت الاعتماد على مياه الأمطار، ولكن دون جدوى، لذلك اتخذت قرارا بعدم زراعة شجرة القات مرة أخرى.
من جهته يقول عبد الفتاح رزيق- مزارع في منطقة الشرفة بصنعاء: “إن القات من النباتات دائمة الخضرة طوال السنة وتملك شجرة القات قدرة كبيرة على تحمل تقلبات الطقس، وتزرع في المناطق والمرتفعات الجبلية، لأنها تتأثر بالبرودة، بقدر ما تحتاج إلى المياه بشكل مستمر.
يؤكد رزيق لــ “صوت الأمل” أن ما يتم صرفه على زراعة القات أكثر من الدخل، ونتيجة لذلك توجه العديد من المزارعين في المنقطة لاقتلاعه، وعادوا إلى زراعة محصول العنب بدلا من القات.
القات والبن
في السياق أوضح محمد قائد حارث- مدير عام البن بوزارة الزراعة والري: “أن شجرة القات توسعت رقعتها في السنوات الأخيرة نتيجة انخفاض مصدر الدخل للكثير من المزارعين، ما جعل الكثير منهم يبحثون عن الربح السريع والمردود المادي الكبير. ويؤكد لـ “صوت الأمل” أن اتساع المساحة الزراعية لشجرة القات، أحدثت تأثيرا كبيراً على شجرة البن، وتسبب بانتقال اليمن من المركز الأول في إنتاج وتصدير البن، إلى المركز الــ 30 عالمياً، نتيجة تدهور المساحات الزراعية، وإقبال المزارعين على زراعة القات. الأمر الذي استدعى ضرورة البحث عن حلول لإعادة إنتاج محصول البن.
وكشف قائد عن الإجراءات التي قامت بها الوزارة لتحسين جودة ورفع إنتاجية محصول البن، حيث تبنت الوزارة إنتاج مليون شتلة بُن للموسم الزراعي 2019- 2020 وإصدار قرار بمنع استيراد البن من الخارج، حيث شجع هذا القرار المزارعين للعودة بالاهتمام بشجرة البن وزراعتها.. مشيراً إلى أن مساحة البن المزروعة زادت أكثر من 34 ألف هكتار، وأرتفع إنتاج محصول البُن من 18 ألف طن إلى 19 ألف طن، وتم زراعة أكثر من 400 ألف شتلة بُن في عدد من المحافظات المُنتجة للبن، في خطوة إيجابية تهدف إلى مواجهة زحف شجرة القات وتفليص مساحتها على الرقعة الزراعية.
القات والتربة
تنمو شجرة القات في أنواع متعددة من التربة، ويعتمد عدد كبير من المزارعين على المبيدات والأسمدة الكيماوية، وبكميات كبيرة، اعتقاداً منهم بأنها تزيد من سرعة نمو محصول القات مرتين أو ثلاث مرات كل عام، مما يؤدي إلى مخاطر صحية وبيئية وتدهور في التربة الزراعية.
تقول الباحثة في الإرشاد الزراعي الدكتورة بلقيس العريقي: “إن هناك آثاراً سلبية لتراكم المبيدات في مزارع القات، حيث تتحول إلى مواد أخرى عالية السُمِّيَّة، بسبب تحللها بفعل عوامل الأكسدة، وبالتالي تؤدي إلى تدهور التربة التي تحتوي على معادن متعددة، وقد يختل توازنها من الناحية الفيزيائية والكيمائية.. وتؤكد لـ “صوت الأمل”: أن الري بالغمر المستخدم في زراعة القات يؤثر على التربة الزراعية ويتلفها، الأمر الذي يتطلب ضرورة ترشيد استخدام المبيدات وبرامج وانشطة الإرشاد الزراعي.
يقول محمد عيسان- مزارع: “نحن كمزارعين لا نعرف الإرشادات والتعليمات المكتوبة في نشرة المبيدات، ونستخدمها بطريقة عشوائية، ولذلك نحتاج إلى توعية المزارعين بهذه الإرشادات”.
التوسع العمراني يكتسح الأراضي الزراعية
إلى ذلك يؤكد مدير الزراعة في محافظة ذمار المهندس هلال الجشاري، زيادة التوسع العمراني الذي يكتسح المزيد من الأراضي الزراعية، حيث تلتهم التكتلات الحضرية بشكل مستمر الآلاف من الهكتارات الزراعية في توسعاتها التي لا تنتهي.
ويقول: “إن المشكلة تفاقمت بالمحافظة خلال الفترة الأخيرة، باعتبار موقعها وسط اليمن وتوفر الخدمات العامة، مما جعلها مركز جذب رئيسي لكثير من المواطنين، وأغلبهم نازحون من المحافظات المجاورة، مما أدى إلى زيادة سكانية كبير بها، ما تسبب في توسع عمراني على حساب الأرض الزراعية في الجهة الشمالية والغربية والمصنفة كأحد الوديان الزراعية الخصبة، إضافة إلى انتشار زراعة القات في أغلب القيعان والوديان الزراعية بالمحافظة.. مطالباً بتدخل طارئ من الجهات المعنية لمنع البناء في الأراضي الزراعية، وحجز المخططات العمرانية للقطاعات التي تشمل أراضي زراعية، واستغلال تلك المساحات في زراعة الحبوب والمحاصيل الزراعية الأخرى، وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي، أو تأمين جزء من الغذاء الأساسي.
وتعد شجرة القات إحدى أهم النباتات التي تدر دخلاً كبيراً لملايين اليمنيين الذين يقومون بزراعتها أو المتاجرة بها، وتزرع بشكل كبير، لاسيما في المناطق الجبلية الشمالية ومناطق الوسط.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…