أسواق القات في عدن تتحدّى كورونا
صوت الأمل – منال أمين
يواجه المواطن اليمني الكثير من الصعوبات والأزمات التي مازالت تعصف به من كل الاتجاهات، بسبب تواصل مسلسل الصراعات المستمرة في عدد من المحافظات اليمنية منذ أعوام، وقد أضاف انتشار فيروس (كوفيد – 19) أزمة جديدة لقطاع الصحة المتدهور في اليمن، وبحسب منظمة الصحة العالميَّة فقد بلغ عدد المصابين بفيروس كورونا كوفيد -19 المستجد في اليمن، حتى تاريخ 6 نوفمبر الجاري، حوالي 2067 حالة إصابة، دون ذكر عدد الوفيات، ورغم الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها في البلاد إلَّا أن أسواق القات ظلَّت تشكل حالة استثنائية، حيث انقسم الناس بين مؤيدٍ ومعارض لإغلاقها تزامناً مع انتشار فايروس كوفيد-19 في عدن.
فيروس كورونا.. أكذوبة كبيرة
وفي حديثه مع “صوت الأمل” قال أبو هشام وليد، أحد مرتادي سوق القات الدائمين في عدن، إنه لا يصدق وجود فيروس كورونا في البلاد، وتابع: “القول بانتشار هذا الفيروس في عدن هي أكذوبة كبيرة يضحكون بها على الدول الفقيرة، ولا نشعر بالخوف منه أساساً وكل من مات في عدن خلال الفترات الماضية، كان بسبب حمى الضنك، والملا ريا، والمكرفس (حمى الشيكونغونيا) التي خلفتها الأمطار والسيول”.
وأضاف: “لا يمر يوم واحد دون أن أخزن، فهو أكثر شيء يريح أعصابي بعد يوم شاق في العمل، ولا يعنيني أن أرتدي كمامات أثناء ذهابي إلى السوق فالحافظ هو الله”.
وعن اتباع إجراءات الوقاية عند الدخول للأماكن المزدحمة، قال المواطن أحمد سالم: “لقد كنت أحد الأشخاص الذين يرتدون الكمامات والقفازات أثناء ذهابي إلى سوق القات، خاصة بعد الذي حصل في عدن خلال شهر رمضان الماضي من انتشار كبير للأوبئة، وظهور فيروس كورونا، وفشل إجراءات إغلاق سوق القات، والذي جاء كإجراء احترازي للحد من انتشار الفيروس، وذلك حفاظاً على صحتي، رغم حاجتي لتخزين القات بشكل يومي”.
وأشار إلى أنه لم يعد يرتدي الكمامات مثل السابق؛ لأن الوضع الصحي في عدن أصبح مستقر نسبيًّا، رغم كل ما يقال عن احتمالية مواجهة موجه ثانية من الفيروس”.
القات يستحوذ على أكثر من 50% من دخل الأسر
قالت منظمة الصحة العالمية إن حوالي 90% من الذكور يمضغون القات في اليمن، بينما نسبة الإناث تصل نسبياً نحو 73%، وتشير دراسات وتقارير محلية ودولية، إلى أن القات يستحوذ على أكثر من 50% من دخل الأسرة اليمنية المتواضع في العديد من المحافظات اليمنية.
يقول عبده علي مقوتي (بائع) في سوق القات الواقع في مديرية خور مكسر بعدن: “رغم كل الإجراءات التي تم اتخاذها حول مواجهة فيروس كورونا، إلا أن الإقبال على شراء القات كان ومازال مستمراً، وليس عندي أي استعداد أن اخسر زبائني، ولم أتوقف يوما واحدا عن العمل، لأن القات يعد مصدر رزقي الوحيد “.
وحول الإجراءات الوقائية يضيف عبده: “في شهر رمضان، كان الوضع الصحي صعباً للغاية، خصوصاً مع انتشار الحمّيات والأوبئة، وكنت أرتدي كمامات في النهار أثناء البيع، ولكن بعد أن خفت الأزمة الصحية لم أعد أرتديها”.
سوق القات بعيد عن الإجراءات
سوق القات في اليمن، وخاصة في عدن، من ضمن الأسواق التي لم تكترث للإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها من قبل الجهات المختصة، لتجنب انتشار الفيروس، خاصة مع بداية ظهوره في شهر أبريل من العام الحالي في مدينة الشحر بحضرموت، حيث تم إغلاق المدارس والمساجد والجامعات والأسواق العامة، وحتى المؤسسات الوظيفية.. إلا أن أسواق القات لم تلتزم بهذه الإجراءات الاحترازية.
وكيل وزارة الصحة العامة والسكان في عدن الدكتور علي الوليدي قال لـ “صوت الأمل” إنه منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن انتشار جائحة (كوفيد – 19) في العالم بداية العام الحالي 2020، فإن وزارة الصحة اليمنية اتخذت إجراءات احترازية حتَّى قبل ظهور أول حالة إصابة بالفيروس في بلادنا وزادت وتيرة هذه الإجراءات بعد تسجيل أو حالة إصابة بالوباء، وذلك لمواجهة كل التحديات التي يعاني منها قطاع الصحة في مختلف المحافظات اليمنية والاستعداد لاستقبال أي طارئ”.
وأوضح أن أكثر الأماكن التي سببت مشاكل وصعوبات في تنفيذ قرار الإغلاق، هي أسواق القات في معظم المحافظات اليمنية، حيث لم تلتزم بالإجراءات الاحترازية الخاصة بوباء كوفيد -19 المستجد، بل على العكس أصبحت هذه الأسواق أكثر ازدحاما، خاصة مع تنفيذ قرارات الحجر الصحي، إذ تجاهل مرتادوها كل الإجراءات الصحية التي تمنع التجمعات في الأماكن المزدحمة، ولسان الحال يقول: “وكأنك يا بو زيد ما غزيت”.
أكثر الأماكن خطورة
وأكد الوليدي أن أسواق القات في عدن وباقي المحافظات اليمنية تعد من أكثر الأماكن خطورة بسبب الزحام الذي يؤدي إلى انتقال الفيروس بين مرتادي السوق بشكل أكبر، وهو الامر الذي دفعهم إلى التوجيه للجهات المختصة بسرعة إغلاق أسواق القات لمدة أسبوعين، كإجراء احترازي في تلك الفترة، إلا أن إغلاق الأسواق لم يستمر، وتم التراجع عنه “.
وحول الموجة الثانية من جائحة كورونا التي تم التحذير منها من قبل منظمة أوكسفام الدولية، أكد الوليدي، أن وزارة الصحة العامة والسكان تقوم بالتعاون مع الوزارات الأخرى باتخاذ كافة الإجراءات الصحية اللازمة بمرافقها الحكومية والخاصة، لتجنب انتشار الفيروس، وإلزام المواطنين بتنفيذ الإجراءات الوقائية بشكل صارم”.
معاناة عدن في شهر رمضان
كان شهر رمضان 2020 من أصعب الشهور التي مرت على مدينة عدن، حيث انتشرت في هذا الشهر الحميَّات بسبب الأمطار والسيول التي ضربت المدينة في منتصف شهر أبريل الماضي، بالإضافة إلى انتشار جائحة كورونا وإغلاق أغلب المستشفيات أمام المرضى، وانهيار المنظومة الصحيَّة.
الأمر الذي تسبب في حصد الكثير من الأرواح، حيث تجاوز عدد الوفيات 1000 حالة خلال شهر رمضان، وفقًا لبيانات مصلحة الأحوال المدنية، التي أكدت أن أعداد تصاريح الدفن التي أصدرتها المصلحة طيلة الشهر الفضيل وصلت مابين 60 إلى 90 حالة وفاة كل يوم حتى نهاية الشهر.. ورغم ذلك بقيت أسواق القات في تلك الفترة مزدحمة، والحركة الشرائية فيها مُستمرة.
وعن ذلك قال الإعلامي المصور ماجد عبد الله لـ “صوت الأمل”: “مرّت عدن خلال شهر رمضان الماضي بأسوأ كارثة صحية وبيئية لم تشهدها المدينة منذ زمن، وبالرغم من الجهود المبذولة في تنفيذ الإجراءات الوقائية لمواجهة الفيروس والأوبئة والالتزام بالتباعد الاجتماعي ومحاولة إغلاق الأسواق بالقوة، إلَّا أن كل ذلك لم يُجدِ نفعاً، حيث لم يلتزم بهذه الإجراءات الكثيرون خاصَّة مرتادي أسواق القات، بل إن قرار إغلاق أسواق القات في المدينة، أدى إلى فتح أسواق جديدة، في نواصي الشوارع، والسيارات المتوقفة، وفي أماكن بعيدة عن الإنظار في المدينة، مما سبب التزاحم على بائعي القات (المقاوتة).
أهمية فتح أسواق القات
ويضيف عبد الله: “التزاحم بأسواق القات خاصة مع تفشي فيروس كورونا، يُعدُّ مجازفة كبيرة يخوضها المواطن اليمني من أجل الحصول على القات، غير مكترث بالإجراءات الخاصة بالتباعد الاجتماعي، ومتناسيا تماما أنه قد يتعرض للإصابة أثناء عملية الشراء من بائع القات (المقوتي)، أو من الزبائن الذي يحتك بهم”. وحول التخفيف من الازدحام يشير ماجد، “إلى أهمية استمرار فتح أسواق القات، باعتبارها الملجأ الوحيد لليمنيين (رجالاً ونساءً) منذ مئات السنين، حتى مع ظهور الموجة الثانية لجائحة كورونا التي يتم تحذيرنا منها حاليا، وذلك لتجنب الأزمة القوية التي حصلت أثناء الموجة الأولى، ولكن نحن مع فرض إجراءات وقائية على الباعة والمشتريين في سوق القات، حيث يجب إلزامهم بضرورة التباعد فيما بينهم، بالإضافة إلى ارتداء الكمامات”.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…