أطفال اليمن يبحثون عن التعليم في المدارس الحكومية والخاصة
صوت الأمل – علياء محمد
مع بدء الفصل الدراسي في اليمن، تسود حالة الطوارئ لدى بعض الأُسر اليمينة، التي تقوم بالبحث المستمر عن المدرسة النموذجية التي ستقدم المفاهيم التعليميَّة الأساسيَّة لأطفالهم، لا سيما في المراحل الدراسيَّة الأولى التي يتلقى فيها الطفل مختلف العلوم.
وتتنوع المدارس، ما بين حكومية وخاصة، ويختلف كل نظام عن الآخر، فالمدارس الحكومية تتميز بأنها أكثر جدية وصرامة ومجانية وموحده مع غيرها من المدارس الأخرى، بينما تتميز المدارس الخاصة، بكونها أكثر مرونة وتنوعاً وأكثر اهتماماً بالطلاب، خصوصاً في مراحل التعليم الأولى.
وشهدت السنوات الأخيرة إقبالاً للأسر اليمنية على المدارس الخاصة، ورغم تكاليفها الباهظة، إلَّا أن أولياء الأمور يدفعونها نظير دراسة أبنائهم فيها، وقد أرجع عدد من المختصين السبب في ذلك، إلى ما وصلت إليه العديد من المدارس الحكومية من أوضاع متردية أثّرت سلبًا على سير العملية التعليمية.
كثافة طلابية زائدة في المدارس الحكومية
تُعاني المدارس الحكومية من الكثافة الطلابية، وهو الأمر الذي دفع بعض الأسر لنقل أبنائها إلى المدارس الخاصَّة؛ وذلك من أجل المحافظة على مستواهم التعليمي والذي قد يتأثر سلبًا بسبب الزحام الشديد في الفصول الدراسيَّة.
ويوكد الأستاذ خلدون خالد- “مدرس” في إحد المدارس الحكومية بعدن “أن هناك سبب مهم لإقبال الأسر على المدارس الخاصة، وهو توفر البيئة التعليمية المناسبة، وهذا ما لا نجده في المدارس الحكومية”.
ويضيف خلدون عن تجربته في مجال التدريس: “نعاني في المدارس الحكومية من مشكلة الازدحام، فعدد الطلاب في كل فصل دراسي قد يبلغ سبعين طالباً، وفي فتره من الفترات درّست في الفصل الواحد مائة طالب، فكيف سأستطيع متابعتهم والاهتمام بهم جميعا؟”.
أم ردفان- ربة منزل، تقول: “لا أستطيع إلحاق أطفالي بالمدارس الحكومية خصوصًا في المراحل الأولى، لأني أخاف عليهم من الازدحام الشديد في الصفوف، والذي يؤثر على فهمهم للمواد التعليمية التي يتلقونها”.
ويقول صالح الضالعي – صحفي “إن ارتفاع عدد الطلاب في المدارس الحكومية شكّل صعوبة في إيصال الرسالة من قبل المدرس للتلميذ، وحتى وإن تميّز المدرس بقدرات تعليمية فريدة، فهو لن يستطيع استيعاب جميع الطلاب بمختلف مستوياتهم، وبسبب هذا الازدحام أيضا نقلت كثير من الأسر أبناءها تخوفًا من جائحة كورونا، كونهم وجودوا في المدارس الخاصة مساحة للتباعد الاجتماعي.
طرق تدريس حديثة وكفاءة عالية
يُعد أسلوب وطريقة التعليم أحد أبرز الفروق بين المدارس الحكومية والخاصة، حيث تتميز المدارس الخاصة بإمكانيات ووسائل تعليم أحدث عن تلك التي توجد في المدارس الحكوميَّة، والتي تعتمد على أسلوبي التلقين والحفظ . فرغم الكفاءة العالية والمؤهلات الدراسية التي يتمتع بها المدرس في المدرسة الحكومية، إلَّا أنه في بعض الأحيان يتبع أسلوب دراسة يقوم على التلقين، وهو أسلوب لا يسهم في رفع مستوى الطالب علميًّا، وهذا الأمر لا يرتبط بقصور في المدرس نفسه، بقدر ما هو مرتبط بانعدام الوسائل التعليمية التي تمكِّن المدرس في المدارس الحكومية من الإبداع في عمليَّة التعليم، والتوسع طرق المعلومات عبر استخدام قنوات مختلفة.
يقول ناصر أحمد- أحد مدرسي المدارس الحكومية بصنعاء: “لا يجب أن نستهين بالكادر التعليمي في المدارس الحكومية، فهناك معلومة يجب على الجميع معرفتها وهي أننا في المدارس الحكومية على قدر عالٍ من الكفاءة مقارنة بمعلمي المدارس الخاصة الذين لا يمتلكون الخبرات الكافية، كون أغلبهم من الخريجين الجدد”.
وتشيد أم صدام بما تمتاز به المدارس الخاصة في عدن، والتي تدرّس اللغة الإنجليزية منذ الصف الأول، على عكس المدارس الحكومية التي تبدأ تدريس اللغة الإنجليزية منذ الصف السابع. وتضيف أم صدام: “المدارس الحكومية تفوقت سابقًا وكانت على مستوى عالٍ من التقدير، ولكن الآن تغير كل شيء، بسبب الظروف القاهرة التي تمر بها اليمن”
أما نادية محمد – ولية أمر- فتقول إن المدارس الحكومية والخاصة كلاهما يحتاج إلى اهتمام ومتابعة للتلميذ في المنزل.
وتضيف نادية: “مدارسنا البعض منها لديه قصور في إيصال الرسالة التعليمية والتربوية، فهناك معلمون في مدارس خاصه لا يؤدون رسالتهم بالقدر المطلوب”.
منهج التعليم بحاجة إلى تطوير
وكيل قطاع المناهج والتوجيه في صنعاء أحمد النونو، أكد أن مناهج الطلاب في الصفوف الابتدائية جميعها تقع تحت إشراف القطاع الذي يحرص على أن تكون المناهج مطابقة لمستوى الطالب، وهذه المناهج تعمم على المدارس الحكومية والخاصة.
وقال النونو: “قد يختلف كل معلم عن غيره فقط في شرح وتبسيط الدروس أو تلخيصها في ملازم وملخصات للكتاب المدرسي، حتى تساعد ولي الأمر والطالب على المذاكرة.
وأضاف: “هناك فرق بين المدارس الحكومية والخاصة من ناحية توفير الكتاب المدرسي، حيث أن المدارس الخاصة توفر الكتب بطريقة أفضل من الحكومية، كون ولي أمر الطالب يدفع سعرها”.
من جهته قال خلدون – مدرس في مدرسة حكومية بعدن: “إن المنهج عقيم ويحتاج إلى تحديث وتطوير، وإن الكتاب المدرسي يحتوي على أسئلة مكررة وليس هناك ما يفيد.
ويوكد خلدون: “المنهج القديم أفضل وأقوى ونحن قد تحدثنا أكثر من مرة حول هذه الإشكالية مع الموجهين والمشرفين على المناهج.
ويرى مشتاق البازلي – مدير لمدرسة خاصة في صنعاء، “أن التعليم الخاص رديف للتعليم الحكومي ولا فروق بين المناهج التي تدرّسها المدارس الحكومية والمدارس الخاصة؛ لأن الجميع ملزم بها ولا تختلف الَّا بالمواد المضافة مثل مادة اللغة الإنجليزية والحاسوب ومناهج التمهيدي، والتي تختلف من مدرسة إلى أُخرى وتكون تحت إشراف وزارة التربية والتعليم.
ويضيف البازلي “أن ولي أمر الطالب يحرص في الوقت الراهن على البحث لابنه عن المدارس التي تقدم له مناهج تواكب موجة التطور العلمي من حاسوب ومواد فنية ورياضية”.
في حين تقول أم نرمين- ولية أمر: “أواجه مشكلة مع ابنتي التي تدرس في الصف الثاني في مدرسة خاصة، وأرى أن ما يُقدم لهم من منهج صعب جدًّا ولا يتناسب مع مستويات الطلاب، ويشكل ضغطا كبيرا عليهم، فابنتي تشكو دائمًا من الواجبات المدرسية التي تكلف بها، كحفظها للكلمات، والآيات والعمليات الحسابية، وفي لحظات تقرر أن لا تذهب إلى المدرسة، ولا أعلم أين يكمن القصور، هل في المنهج أم في المدرس أم في ابنتي.
اللغة معيار للأهمية في المدارس الخاصة
تعد اللغة المعيار الأساسي الذي يميزيميزا من المدارس الخاصة في ظل التطور التكنولوجي والعلمي وتُقيم المدارس النموذجية على قدر اعتمادها على اللغة التي تُدرس بها المواد، وهذا ما أفقد عددا من المدارس الحكومية أهميتها لدى بعض أولياء الأمور.
وتعتمد بعض المدارس الخاصَّة في اليمن على اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة تدريس، تقوم على مناهج مختلفة، وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف هذه المدارس عن غيرها من المدارس الخاصة التي تدرس المناهج باللغة العربية، إلَّا أن كثيرا من الأُسر تتنازل عن الأساسيات، وتضطر للاقتراض، في سبيل إلحاق أبنائها في هذه المدارس.
مدارس حكومية بلا حصص إبداعية
تخلَّت عدد من المدارس الحكومية عن الحصص الإبداعية؛ نتيجة لتدهور العملية التعليمية فيها، وانصب اهتمام هذه المدارس على تقديم المعرفة واستغلال الوقت المحدد للحصص الإبداعية، لتقديم المواد التعليمية التي يتضمنها المنهج، وفي المقابل اعتمدت المدارس الخاصة على هذه الحصص الإبداعية وصدرتها لأولياء الأمور باعتبارها واجهة مثالية للمدرسة التي تقدم النموذج التعليمي الأمثل، وذلك عبر تخصيصها حصصاً وأياماً محددة من الأسبوع، لصقل مواهب الطلاب وتنمية قدراتهم المختلفة.
تقول ميمونه محمد- مدرّسة في مدرسه حكومية: “افتقدنا عددا من الحصص الترفيهية في مدارسنا الحكومية، بسبب الأوضاع، فلم يعد المدرّس والمدرسة قادرين على إعطاء الكثير من الأنشطة والمساحات الصديقة المساهمة في إشراك الطفل ببعض الأنشطة”
وتقول هديل محمد- طالبة في مدرسة خاصة: “تخصص مدرستنا حصصا لممارسة مواهبنا وهواياتنا، وتنظم العديد من المسابقات التنافسية بيننا نحن الطلاب، وهذا ما يجعلنا نحب المدرسة ويجعلنا نذهب إليها يوميا”.
بينما يقول محمد علي- ولي أمر نقل ابنه من مدرسة حكومية إلى خاصه: “الروتين اليومي في المدرسة الحكوميَّة، كان يتسبب في معاناة ابني، فلا أنشطة ولا حصصا ترفيهية ولا تطبيقا عملياً؛ وذلك لأن عدد الطلاب كثير، واليوم الدراسي يتم استثماره بالكامل في العمليَّة التعليمية، الأمر الذي جعل ابني يعزف عن الذهاب إلى المدرسة، مما اضطرني لنقله إلى مدرسة خاصة تهتم بالحصص الإبداعية وتخصص لها وقتًا.
تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد
صوت الأمل – هبة محمد يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…