تغيير الأدوار بين الجنسين في نيل الوظائف مؤقت أم مستدام؟
صوت الأمل – عبد الجليل السلمي
تغيرت أدوار النساء أثناء النزاع في اليمن مع توسعهن في واجباتهن، وينظر المجتمع إلى النساء بشكل متزايد على أنهن يتنافسن مع الرجال على الوظائف وفرص كسب الدخل في سوق العمل الرسمي، وحتى في القطاع غير الرسمي. ويبقى السؤال ما إذا كانت هذه التغييرات مؤقتة أم دائمة؟
بحسب احصائية أجرتها منظمة العمل الدولية في 2013-2014، كانت الفروق في عمالة الجنسين في اليمن كبيرة قبل النزاع. وبحلول عام 2014 شكلت النساء 7% فقط من اليد العاملة اليمنية، في حين شكَّل الرجال في سن العمل 66% من القوى العاملة، و6% فقط من النساء كن موظفات أو باحثات عن عمل.
فتح الصراع مهناً جديدة أمام النساء، وقد دفع تدفق التمويل الإنساني لليمن إلى التوظيف في قطاع المساعدات الإنسانية، ووفقاً لدراسة تقييم التعافي المبكر متعدد القطاعات في اليمن الصادر في 19 مارس 2019 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ فإن النساء يعملن في المنظمات غير الحكومية المحلية أكثر من الرجال.
وقالت رفيدة رشيد الصغير-موظفة في قطاع خاص- إن سبب زيادة فرص العمل للنساء في المنظمات -لا سيما القطاع الإنساني- هو أنهن يحملن شهادات عليا ويمتلكن اللغة؛ حيث اهتمت كثير من الفتيات بتطوير أنفسهن بعد تخرجهن من الجامعة بتحصيل الدورات، وهذا كان عامل حاسم في نيلهن الوظائف في المنظمات الدولية العاملة في اليمن التي تضع في خططها دعم النساء بتوظيفهن.
وأضافت: “محدودية الخيارات المتاحة للشباب، ساهم في إحباط الذكور والشعور بالمنافسة، مما يؤدي إلى عواقب سلبية على النساء”.
وتابعت الصغير: “يشعر الشباب بالتهديد من المنظمات الدولية، من ناحية توظيف الشابات وقلة فرص العمل للرجال. ومع الأزمة الاقتصادية، لا يوجد مال للزواج، فيدفع تفاقم هذا الوضع بهم تجاه أخواتهم العاملات”.
بالرغم من الأحكام القانونية لحماية المرأة في سوق العمل؛ حيث يعترف قانون العمل رقم 5 لعام 1995، المتعلق بقضايا العمل في اليمن، بحق المرأة بالمساواة في الأجر والترقية والفرص والتدريب والواجبات، ويحظر التمييز على أساس الجنس، كما يوفر ساعات عمل أقل للعاملات الحوامل أو المرضعات، وإجازة أمومة لمدة 60 يومًا بأجر كامل. ويضمن الدستور اليمني لجميع المواطنين الحق في المشاركة في الحياة الاقتصادية للبلاد، كما أن اليمن قد صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، على الرغم من ذلك كله فإن العديد من جوانب التشريعات الوطنية اليمنية لا تمتثل للمعاهدة والأحكام القانونية لا تطبق تماماً.
يرى منير طلال -كاتب روائي ومسرحي- أن التمييز ضد المرأة واضح في مختلف الوظائف بالجهات الحكومية، وكذلك في التعيينات، علمًا أن النساء قد أثبتن حضورهن القوي والنوعي بالوظيفة العامة وكن أقل فسادًا من الذكور.
وقال منير طلال لـ”صوت الأمل” إن الصراع أقصى الذكور والإناث ولم يعد هناك موظفين للدولة التي تخلت عنهم وامتنعت عن صرف المرتبات تحت مبررات سياسية واهية.
وتابع: التمييز حاليًا ليس ضد المرأة، بل هو ضد كل موظفي الدولة حيث احتكرت الوظيفة العامة من قبل أقلية فاسدة ذات سمات شللية مستغلة أجواء النزاع لنهب مقدرات البلاد فتم اقصاء الجميع حتى إن المعينين ذكورًا وإناثًا لا يخرجون من إطار الدائرة المغلقة.
وجدت دراسة تقييم المنظمات اليمنية غير الحكومية، التي أجراها الصندوق الاجتماعي للتنمية في يونيو عام 2009 على (101) منظمةَ مجتمع مدني، أن 53% من الموظفين كانوا من الإناث.
وكان لتحديات سوق العمل المدفوعة بالنزاع آثارٌ متعددة الأوجه على النساء؛ حيث أثر النزاع على النساء في القوى العاملة أكثر من تأثيره على الرجال؛ ففي عام 2015 انخفضت عمالة الذكور بنسبة 11%، فيما انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28%، وفقًا لتقييم الأضرار والاحتياجات في اليمن “تأثير الأزمة على التوظيف وسوق العمل” الذي أعدته منظمة العمل الدولية في يناير 2016م.
يشير التقييم إلى تفاوت هذه الأرقام على الصعيد المحلي، ففي حين انخفضت عمالة النساء في صنعاء بنسبة 43% -بسبب تضرر القطاع الخاص بشدة- ارتفع عدد النساء العاملات في عدن بنسبة 11%.
بالنسبة لبعض النساء، جلبت هذه الفرص الجديدة إحساسًا بالتمكين. وبالنسبة لأخريات، أدى هذا العبء الإضافي إلى خلق توترات في الأسرة، مما ساهم في زيادة عنف الشريك الحميم.
تتمثل إحدى النتائج الإيجابية للنشاط الاقتصادي المتزايد للمرأة في وجود قبول اجتماعي واسع النطاق لمثل هذه الأنشطة حاليًا، وهذا قد يكون علامة على تغيير أدوار الجنسين. ظهر هذا التطور في السنوات القليلة الماضية، وفتح نافذة من الفرص.
تقول ملاك الحكيمي -صحفية– لـ”صوت الأمل”: “كانت نسبة حصول المرأة سابقًا على فرص عمل محدودة جدًا، وضمن إطار مجتمعي يتماشى مع العادات والتقاليد المعروفة في اليمن، لكنها -في الوضع الحالي- أصبحت تحظى بفرص أكثر من الرجل لكونها -كما يرى البعض- أكثر مسؤولية والتزامًا وحرصًا على التطوير والأداء بشكل إيجابي. في حين يرى آخرون أنها وسيلة مناسبة لجذب العملاء وتساعد في زيادة الأرباح بعيدًا عن المهنية.
ثمةَّ عوامل متعددة عرقلت انضمام المرأة إلى القوى العاملة، وجاءت اليمن أسفل القائمة في التقرير العالمي عن الفجوة بين الجنسين لكل عام على مدار العقد الماضي، مما يشير إلى التباينات الكبيرة القائمة على النوع الاجتماعي في البلاد.
وحسب تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين 2018، “المنتدى الاقتصادي العالمي، 17 ديسمبر 2018″؛ فإن المعايير الاجتماعية القبلية والذكورية في اليمن تعد عاملاً رئيساً يسهم في انخفاض مشاركة الإناث في القوى العاملة، كما تمت مواجهة فكرة العمل مدفوع الأجر للمرأة باعتقادات واسعة الانتشار منها أن أدوار المرأة منزلية في المقام الأول، متضمنة الإنجاب ومسؤوليات أسرية واسعة النطاق، فضلاً عن وجود وصمة سلبية منتشرة حول النساء اللائي يعملن خارج المنزل.
وتشير بيانات البنك الدولي أن الزواج المبكر وارتفاع معدلات الخصوبة أديا إلى الحد من الفرص التعليمية للمرأة وقلل قدرتها على الانضمام إلى القوى العاملة، لافتاً إلى أنه يمكن لارتفاع معدلات إنجاب المرأة اليمنية أن يؤدي إلى ممارسات تمييزية من أرباب العمل الذين يمنعون توظيف النساء بسبب التكاليف المرتبطة بتعيين بدائل والاستثمار في موظفين جدد، كما أدت خيارات التنقل الضعيفة ومحدودية وجود مؤسسات رعاية الأطفال إلى تقييد خيارات توظيف النساء.
تقول معظم النساء إنهن لا يشاركن في قوى العمل لأسباب شخصية، كوجود مسؤوليات أسرية أو رفض الأسر لعملهن، وليس بسبب نقص الوظائف المتاحة، بحسب نتائج مسح أجرته منظمة العمل الدولية. ووجد المسح ذاته -الذي أُجري عام 2010- أن 76% من النساء اليمنيات خارج القوى العاملة غير نشيطات اقتصاديًا؛ لانخراطهن في أعمال منزلية.
وأكدت دراسة “اليمن: تداعيات الحرب على القوى العاملة من النساء” الصادرة عن مبادرة تصور اقتصاد اليمن، أن هناك افتقارًا وتناقضًا في مؤشرات انخفاض أو ارتفاع القوى العاملة من النساء بشكل عام، وبكل المقاييس، فقد ظلت مشاركة المرأة في القوى العاملة اليمنية منخفضة، حتى بالنسبة للمنطقة، تعد مشاركة الإناث المنخفضة فيها من سمات سوق العمل.
منذ عام 2015، أخذت النساء على عاتقهن مسؤوليات جديدة في منازلهن ومجتمعاتهن، لكن التغييرات الدائمة لأدوار الجنسين غير مؤكدة، بحسب دراسة تداعيات الحرب على المرأة في القوى العاملة اليمنية، الصادرة عن مشروع إعادة التفكير في الاقتصاد اليمني، يوليو 2019.
استطلاع: العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن موجه نحو المرأة بنسبة %69.9
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، بداية شهر ينا…