مع كل موسم مطر صنعاء القديمة تستنجد بإعادة الإعمار
صوت الأمل – رجـاء مـكـرد
مع مرور أشهر على حدوث الفيضانات التي سببتها السيول إلا أن آثار تضرر مباني “صنعاء القديمة” ما زالت حاضرة. كثير من الأهالي يطالبون بإعادة إعمار المنازل والأسقف والشوارع وتأهيلها؛ لخوفهم من تهدم البيوت فالمنطقة معلم تاريخيٌّ وضمن قائمة التراث العالمي.
تشهدُ مدينة صنعاء القديمة أمطارًا كثيرة وسيولًا جارفة مع كل موسم مطر، مخلفة كوارث طبيعية وبشرية جمَّة، ومهددة معلمًا أثريًّا عالميًّا، وداعية لتفاقم الأزمة الإنسانية في صنعاء.
مباني “مدينة سام” التي جمعت بين الفن المعماري والحضارة اليمنية الأصيلة وعاشت قرونًا فعمرها من القرن التاسع قبل الميلاد حسب مؤرخين؛ اليوم يطالها الإهمال والتسيب من الهيئات المعنية في المنطقة والمنظمات الدولية على رأسها منظمة اليونسكو. وفقًا لأقوال أهالي المنطقة.
حجم الأضرار
في زيارة لـ “صوت الأمل” إلى “صنعاء القديمة” لمعرفة حجم الأضرار وضرورة إعادة الإعمار، وجدت أغلب المباني مشققة وأسطحها متناثرة لأن أغلبها مسقوفة بالتراب، الأمر الذي جعل أسقف المباني في مواسم الأمطار تثقل وتنهار، والكثير من المنازل قد تهدمت جزئيًّا وبعضها كليًّا.
100″ أسرة (700 شخص) مهددة بالموت أو التشرد في أي لحظة”. هذا ما أورده تقرير مشروع الأشغال العامة 2020م؛ والسبب في ذلك أن منازلهم مهددة بالسقوط جراء غزارة الأمطار في العام الماضي 2020م، وتدفق السيول التي غمرت الطوابق السفلية للمنازل، وتجاوزت -لأول مرة- الجدران الحجرية، وتسببت بخسائر مالية كبيرة للأهالي؛ نتيجة تدمير السيارات وأثاث المنازل.
عبد الحميد قعطاب (عضو المجلس المحلي بصنعاء القديمة) يفيد أن عدد المنازل المتضررة كثيرٌ، وأغلب الأضرار كانت في الخزانات السفلية للمباني الواقعة في الجهة الشرقية والجنوبية للمدينة، وأنه من الضروري إعادة تأهيل المباني.
الأهالي يناشدون بإعادة الإعمار
“الكثير من الناس يسمونها مدينة تاريخية، لكنهم في الواقع لا يسعون إلى ترميمها أو إعادة تأهيلها، ولا تحظى بأي اهتمام ولا يزورها أحدٌ، أغلب المباني تحتاج إلى ترميم وعناية، منزلي بحاجة إلى إصلاحات، لكنني لا أستطيع مع كبر سني وسوء الظروف المعيشية”. هذا ما قاله الحاج أحمد الغيثي (أحد أبناء مدينة صنعاء القديمة). مؤكدًا ضرورة إنقاذ “المدينة المسوّرة” من الدمار والحُطام الذي تشهده المدينة في مواسم الأمطار.
يقفُ الحاج أحمد علي الغيثي متحسرًا أمام ما يحصل لمباني أجداده وللتراث اليمني، فالشيء الوحيد الذي استطاعوا فعله حيال الأمطار – حسب قوله- هو الانتقال مع أسرته إلى منزل مجاور لم يكن بأحسن حال من المنزل السابق، إذ توجد فيه تشققات عديدة ولكنه على الأقل غير مهدد بالسقوط.
يقول نبيل أحمد (مهندس معماري): الضرر الكبير الذي يطال المباني سببه أن بعض المباني محاطة ببساتين فعندما تزيد نسبة المياه يتسرب الماء من البستان إلى الحجرات الواقعة أسفل المبنى، كما أن البناء تقليديٌّ وهشٌّ من الطين والجص، ولا توجد فيه مادة الإسمنت. المباني أصبحت معلقة ومحفرة بثقوب من أسفل (الطوابق السفلية)؛ مما يؤدي إلى تهدم المنزل.
مضيفًا، أنه يسكن في منزل أجَّره منذ 20 سنة، وأنه طوال هذه السنوات يعمل على صيانة البيت، ويوجه أحمد رسالة إلى الجهات المعنية بضرورة إعادة إعمار المباني السكنية، وأن الظروف الاقتصادية الصعبة، حالت دون قيامه بترميم المبنى بالكامل، لتجنب الأضرار المضاعفة مع كل موسم مطر.
منزل صادق الصباحي تهدم تمامًا وانهار السقف بالكامل، يقول الصباحي: “الحمدللًه أننا سلمنا، لكن الأثاث تلف بالكامل”. موضحًا، أنهُم بعد أن شعروا أن منزلهم على وشك السقوط لجأوا إلى منزل الجيران.
السكان في المنطقة يشكون – إلى جانب تشقق منازلهم- سوء وضعهم الاقتصادي، فبعض الأسر دخلها الوحيد يعتمد على الموتور، العمل الذي أصبح متقطعًا لأغلبهم بسبب انقطاع البترول، فإجابتهم عن إعادة الإعمار كانت طلب تحسين الوضع الاقتصادي قبل الإعمار.
مبنى آخر أيضًا مجاور لمنزل الصباحي تهدم تمامًا. السورالذي شهد أحقابًا من الزمان وهو شامخٌ تعرض هو الآخر للدمار والتشققات، خصوصًا في الجهة الغربية والجنوبية.
في منزل مجاور تقول أمٌّ محمد: “سقف المنزل من تراب، وماء المطر يتسرب من السقف إلى الحجرات والسلالم، فنظل نعمل الطرابيل (الشراع) على أسطح المنازل لحماية الفرش والأثاث، عددنا داخل البيت ثلاثة أسر كون المنزل لورثة، نتمنى إعادة ترميم المنازل”.
سمير محمد( 18 عامًا من صنعاء القديمة) يقول: إن عددهم داخل المنزل 11 فردًا، وأن المنزل شبه منهار، الجميع يشعر بالخوف مع كل موسم مطر، بعض الحجرات ثقوب أسقفها كبيرة كالحمام والمطبخ، وتمر السنوات والمبنى على هذا الحال، وأنه يسعى جاهدًا لترميم المنزل كونه عائل الأسرة، لكنه يواجه صعوبات فهو في سن يريد الالتحاق بالتعليم والحصول على عمل.
بوادر حلول
المؤسسات الحكومية متمثلة بـ (المجلس المحلي في صنعاء القديمة، وهيئة المدن التاريخية) قامت أولًا بعمل كشوفات بالعدد الدقيق للمباني المتضررة ونوع الضرر الحاصل، ثمَّ رفعت نداء استغاثة تدعو فيه المنظمات الدولية والتاريخية إلى الوقوف إلى جانب المدينة التاريخية وإنقاذها. وفقًا لعبد الحميد قعطاب عضو المجلس المحلي بصنعاء القديمة.
“مشروع الأشغال العامة” في تقريره لعام 2020م، حصلت “صوت الأمل” على نسخة منه. عمل مشروع “التدخلات الطارئة بعد الفيضانات بصنعاء القديمة للمنازل الأكثر تضررًا” بثلاثة مكونات: الأول استهدف 18 منزلًا بعملية ترميم الأجزاء السفلية للمنازل، والمتمثلة في الجدران والسقوف وأرضيات الغرف السفلية، استفاد من هذا المشروع 170 شخصًا، وفي التقرير ذاته، المكون الثاني (الحمايات أمام المنازل)، استفاد نحو 22 منزلًا عن طريق إزالة الأبواب ورفع مناسيبها، والثالث سيعمل على إنشاء بوابة أو مصد حديدي للسيول المتدفقة عند مدخل الحارة، سيقوم بحماية 120 منزلًا تقريبًا.
وفي الوقت الذي يعاني فيه اليمن من مشكلات اقتصادية، لم يسلم من الكوارث الطبيعية، كالسيول والأمطار الغزيرة اللذين كشفا عن بنية تحتية هشة لكثير من المباني، وكان من الضروري التنبيه على خطورة الوضع والدعوة إلى إنقاذ مبنى تاريخي ومعلم حضاري كصنعاء القديمة وإعادة إعماره قبل أن يتهالك بحلول موسم الأمطار القادم.
92.9% اللُّحمة المجتمعية أولوية لإعادة الإعمار في اليمن
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبانة إلكتروني أجراها ي…