الأعبوس.. مثالًا للجهود المجتمعية في إعادة الإعمار
صوت الأمل – رجاء مكرد
إن أول ما يتبادر إلى ذهن العامة حول عمليات إعادة الإعمار في اليمن، البنية التحتية للقطاعات الخدمية والبناء المؤسسي، وقلمّا نجد أو نسمع عن جهود إعمار مجتمعية تُرافق البرامج التنموية، وتنمي اللُحمة المجتمعية إلى جانب الإنماء.
في نهج التنمية والبناء، أبناء ( منطقة الأعبوس في مديرية حيفان- محافظة تعز)، ضربوا مثلاً في التماسك المجتمعي والتعاون المشترك لإعادة إعمار البنية التحتية للمنطقة، عبر مبادرات ذاتية وتعاون جماعي، إذ قاموا بشق وترميم الطرقات، المدارس، المرافق الصحية والخزانات المائية.
الأعبوس ومبادرات الإعمار
للحديث أكثر عن المساهمات المجتمعية كان لـ “صوت الأمل” لقاء مع (ياسر القاضي: باحث اجتماعي ومساهم في أنشطة إعادة الإعمار)، والذي أخذ الصحيفة في جولة للتعريف عن المنطقة وأهم المبادرات التي يعمل عليها أبناء عزلة الأعبوس.
يقول ياسر، يتطلع أبناء الأعبوس لتحقيق أهدافهم الاستراتيجية في البناء التنموي من خلال المبادرات المجتمعية، والتي تعزز من اللامركزية، وتدعم التنمية المحلية، وذلك بتفعيل الدور التنموي وخلق روح المشاركة المجتمعية التي تنظم المجتمع نفسه بنفسه، وتحقق الحد الأدنى من طموحاته على سبيل إعادة إعمار وتأهيل الكثير من المنشآت والطرقات وخزانات المياه.
مضيفًا، تعتبر الأعبوس إحدى عزل مديرية حيفان، تتكون من 24 قرية، و252محلة، ومساحة جغرافية 57.2كم2، وعدد أسر 5113 إسرة، وعدد سكان 24734نسمة.
إعادة تأهيل مدرسة الحرية
مدرسة البعث سابقًا والحرية حاليًا، أول مدرسة أهلية تعاونية تُقام في عزلة الأعبوس واليمن قبل قيام ثورة 1962م، قدمها المواطنون هدية لأول وزارة للتربية والتعليم، تُعتبر أول قلعة في اليمن تُنير العلم وتحطم قيود الجهل.
يقول الباحث الاجتماعي القاضي، أن مبادرة إعادة تأهيل (مدرسة الحرية التاريخية التي تأسست في عام 1954م كمدرسة نظامية)، وعملت خلال – 2018 2019م على إعادة تأهيل ثلاثة فصول دراسية، بالإضافة إلى بناء ستة فصول دراسية جديدة بالشراكة مع منظمة الأُُلفية والصندوق الاجتماعي والمجتمع المحلي الذي ساهم بثلث التكاليف(واحد وعشرين مليون ريال).
من جانبه، (اسكندر درهم: ناشط مجتمعي) يقول، أنه في (وادي الحسيمة- أعبوس) تم العمل على مشروع إعادة استكمال مدرسة الفضارم أعبوس، حيث عانى طلاب المراحل الأساسية في قرية الفضارم من توقف دراستهم بسبب الصراع الدائر بين المتنازعين في تلك المنطقة.
مضيفًا، أنه تم استكمال هيكل أربعة فصول، وإعادة ترميم الفصول وشراء الأبواب والنوافذ والكراسي بجهود مجتمعيه ومساهمات محلية، وإلى جانب المدرسة تم شق (طريق المشارع وادي الحسيمة) طولها 1200 مترًا، التي تربط بين مديرتي حيفان والقبيطة، بجهود شبابية ومساهمات مجتمعية ورصف بعض الطرق مثل: طريق دمة الفضارم، وكان الرصف حوالي 150 مترًا طول وبعرض أربعة متر.
رصف طريق
“وقد ساهم أبناء عزلة الأعبوس برصف طريق مدرسة أبي هريرة- التبيعة- أعبوس، بما يقارب 3000 كم2، خلال الفترة سبتمبر 2019م- أكتوبر 2021م، بمساهمة مجتمعية (فاعلي خير) بتكلفة 36 مليون ريالًا”، وفقًا لـ الباحث الاجتماعي ياسر القاضي.
يصف (الأستاذ طه محمد مرشد: مدير مدرسة أبي هريرة – الأعبوس) التماسك الاجتماعي الذي يعتبره أولى خطوات إعادة الإعمار بقول، تميزت الأعبوس بأرضها الطيبة المعطاءة، وبأهلها الطيبين المحبين للإعمار، رغم أن المنطقة تعاني من شحة الأمطار، ونقص حاد في الطرقات الفرعية والوحدات الصحية والسدود والحواجز المائية، إلا أن الأهالي متكاتفون لإعادة الإعمار.
ويضيف طه، لقد قمنا بعمل دراسات لبعض الطرق الفرعية في الأعبوس، وتم التواصل مع رجال الخير، ونفذت هذه الطرق بإمتياز، وكذلك قمنا _أبناء الأعبوس_ بمبادرات ذاتية من المواطنين وفتح مجموعة التبرعات (على موقع التواصل الاجتماعي واتساب)؛ لتنفيذ مبادارت لرصف العديد من الطرق في الأعبوس وأخيرًا كُللت الجهود بنجاح جيد.
ويؤكد طه مرشد، أن هناك العديد من المشاريع التي هي الآن تحت التنفيذ، مثل رصف طريق مدرسة أبي هريره بالأعبوس على نفقه فاعل خير، شق (طريق زوقر) على حساب المواطنين، وداعمين وخزان (شعبة الحرف) على نفقة فاعل خير، وكل هذا بدعم من قيادة السلطة المحلية بحيفان بقيادة مدير المديرية الشيخ عبد الرقيب الحمري، والمجلس المحلي بالمديرية و بدعم مشائخ الأعبوس.
خزان مياه وشق طريق
يعود ياسر القاضي ويضيف أن من ضمن المساهمات المجتمعية، إعادة تأهيل (خزان مياه المحداد- أعبوس) للعام 2020م بطول 12م – وعرض 12م وارتفاع خمسة أمتار على نفقة فاعل خير والذي تم تأسيسه وبناءه من قبل الصندوق الاجتماعي عام 2006م تكاليف تسعة مليون ريال.
مضيفًا، أن من المبادرات (شق طريق محلة زوقر)، على نفقة المساهمة المجتمعية بطول 800 كم2، كل هذه المبادرات تعد من أفضل وأنجح المبادرات في العام 2018م، مشيرًا إلى أن تكاليف شق وإعادة تأهيل الطريق القديم بلغت ثلاثة مليون ريال.
(رشاد إدريس الحداد: أحد المستفيدين من خزان المحداد) يقول، أن هناك استفادة كبيرة من الخزان الذي تم إعادة تأهيله، وأنه أعان الأسر في الاستخدام للمنازل، وتربية الأغنام والمواشي، والزراعة وكذلك الاستفادة منه لـ (مدرسة أبي هريرة- الأعبوس) لحمامات الطلاب؛ كون الخزان قريب من المدرسة.
من جانبه مستفيد آخر (باسم العباسي)، يؤكد على الاستفادة من الخزان _خاصة بعد تأهيله_ في المنطقة المجاورة (قرية زوقر)، يستفاد منه في الاستخدامات المنزلية بشكل عام، مياه شرب لأهالي القرية، مياه لسقي المواشي، ري المزارع.
إنشاء وحدة صحية
في عزلة الأعبوس- وادي الحسيمة (اسكندر درهم: ناشط مجتمعي) أطلع “صوت الأمل” على مشروع مبادرة (إنشاء وحدة صحية وادي الحسيمة/ أعبوس – حيفان) حيث يقول: أن المشروع في طور العمل وأن تبني مشروع بناء وحدة صحية لمناطق تنعدم فيها الخدمات الصحية، كالإسعافات الأولية والولادة، يعد انجاز للمنطقة، حثي يعتبر (مستوصف معشر الصحي- أعبوس) المستشفى الوحيد لـ مناطق (وادي الحسيمة والفضارم الذنبة) وهو بعيد جدًا عنها، ويصل إليها المواطنين بعد رحلة طويلة وجهد.
ويضيف درهم، جاءت فكرة إنشاء الوحدة الصحية؛ لأن في أغلب حالات الولادة تلد المرأة وهي في طريقها إلى المستشفى؛ بسبب حركة السيارة في الطريق لمستوصف معشر، وأنه في إحدى السنوات الماضية توفت إمراءة بسبب عدم وجود قابلة ولم يستطيعوا إسعافها للمستشفى.
مضيفًا، أن هناك حادثة أخرى، وفاة المولود وحدثت _مع الأسف_ لحرم (ع.ش)، حيث أثناء الولادة تم إسعاف زوجته بعد تعسر الولادة إلى مدينة الراهدة، وعند وصولهم ولدت الطفلة ميتة بسبب بعد الطريق.
ويشير اسكندر درهم، إلى أن الحوادث كثيرة، وأنه في البداية كانت الفكرة البدء بمبادرة لبناء وحدة صحية، وقام أحد مهندسي المنطقه بعمل دراسة، وجرى الاتفاق بين أهالي المنطقة وتم جمع التبرعات من الأهالي، والبحث عن الأرضية المناسبة، وتراخيص البناء لدى الجهات الخاصة، وكان من ضمن إخراج التراخيص أن تكون الأرض ملك للوحدة الصحية بوثيقة.
مضيفًا، أن بناء الوحدة الصحية سيعمل نقلة نوعية في المنطقة، حيث سيستطيع الأهالي توفير القابلات والعلاجات بسرعة، ولاتزال المبادرة متعثرة حتى الآن.
ويلخص اسكندر درهم المبادرات المجتمعية في (وادي الحسيمة – أعبوس) التي بدأت في 1 يناير 2015م، بمبادرة بناء مدرجات للمشاة بوادي الحسيمة، تسوية وإعادة صيانة طريق النقيل دمة، مبادرة رصف طريق العقبة الفضارم، مبادرة ترميم مسجد القيسي وبناء حمامات، مبادرة رصف طريق قبع الزوم- الذنبة، مبادرة إصلاح أبواب ونوافذ للمدرسة قبع الزوم- الحسيمة، رصف رأس نقيل المشارع- وادي الحسيمة، استكمال بناء مدرسة الفضارم أعبوس.
يردف الباحث الاجتماعي ياسر القاضي، أن هناك مبادرات متعددة، منها طريق (محلة الرام أعبوس)، إذ تم إعادة تأهيلها ورصفها على نفقة فاعل خير من أبناء المجتمع.
ويضيف ياسر، أن في هذه المبادرات تم تحقيق بعض الأهداف، التي تعتبر إعادة إعمار روح المبادرة المجتمعية والإسهام في إعادة الإعمار وتفجير الطاقات المجتمعية، التي ظهرت بمواقفها المشرفة من خلال توحيد المبادرات الذاتية.
73.3% البنية التحتية والنسيج المجتمعي اليمني مدمر كليًا
صوت الأمل – رجاء مكرد أوضحت نتائج استبيان إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر، منتصف شهر أكت…