مضيًّا في تحقيق الأمن الغذائي: أقدام شبابية في درب محفوف بالأشواك
صوت الأمل – سماح عملاق
يتركز عملنا في التنسيق مع بعض المؤسسات والمنظمات وفاعلي الخير، ليعملوا وسطاء ومنظمين، في سبيل توفير الغذاء والمياه النظيفة
إن ضعف الأمن الغذائي أتى نتاجًا لدور الدولة الهش، وعدم توعية الناس بأهمية زراعة الأرض بمحاصيل الحبوب الطبيعية، واعتمادهم على أنفسهم بتوفير المحاصيل الجيدة من أرضهم
الشباب عماد الأمم؛ فهم يؤدون دورًا محوريًّا في القضاء على الأزمات التي تواجهها بلدانهم، وفي مقدمة هذه الأزمات تأتي أزمة الغذاء.
ففي اليمن وجوهٌ مشرقة لشبابٍ كُثُر تضاعفت جهودهم لتحقيق أمن المواطنين المتضررين من الصراع وذلك بالإسهام في توفير احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء، وما هؤلاء إلا غيضٌ من فيض.
خطوات أمل
أسست مبادرة “خطوات أمل” الناشطة الحقوقية صباح محمد فرحان في محافظة تعز، وركزت جهودها على منطقة الجحملية بمديرية صالة كونها المنطقة الحمراء الأكثر تضررًا من الصراع .
تقول صباح: إنها تعمل في المجال الخيري بسبب حبها لهذا العمل الإنساني، وكونها ترى دائرة المتضررين جراء أحداث النزاع في اليمن تتوسع باستمرار، فمعظم المستهدفين في مبادرة صباح لا يملكون قوت يومهم، وهناك من فقدوا رواتبهم ونزحوا بعد أن تدمرت منازلهم.
وتضيف :”قررنا التطوع لإنشاء مبادرة “خطوات أمل” بجهود ذاتية، ويتركز عملنا في التنسيق مع بعض المؤسسات والمنظمات وفاعلي الخير، ليعملوا وسطاء ومنظمين، في سبيل توفير الغذاء والمياه النظيفة لأعرض قاعدة من المواطنين الأكثر احتياجًا فأقل”.
وتطمح صباح إلى تحقيق الكفاية الغذائية ووصول الاحتياجات الإنسانية لكل مواطن متضرر ونازح بسبب الصراع. وتُعد محدودية الدعم، وبطء الاستجابة، والمحسوبيات من قبل المؤسسات الداعمة من أبرز التحديات التي تواجهها في عملها.
واختتمت صباح حديثها قائلة: “إن الوضع متأزم للغاية، فالمتضررون يصلون في تقديري الشخصي إلـى 95% من إجمالي عدد السكان في محافظة تعز، وربما تقترب النسبة مع تفاوتها من بقية المحافظات، فنتمنى من الجهات الإغاثية التركيز على الفئات الأشد احتياجًا وضعفًا كالنساء والأطفال والشيوخ والجرحى وأسر الشهداء، كما ينبغي الانتباه للمناطق التي تقع تحت خط النار.
أيادي الخير
ترأست الشابة افتخار سعيد يحيى علي مبادرة “أيادي الخير” في تعز عام 2010 م، وكانت تعمل متطوعة في العمل الخيري والاجتماعي.
تقول: “الصراع والحصار كلاهما أضعفا الأمن الغذائي في تعز؛ وبانتهاء السببين يتلاشى الجزء الأكبر من المشكلة”.
وتشرح طبيعة عملها بقولها: الدور الذي نقوم به هو مساعدة الناس المحتاجين، وذلك بتوفير السلَّات الغذائية والمياه الصالحة للشرب، ودعم التعليم بـ (محو الأمية)، ودعم المشروعات الصغيرة التي تمكّن المرأة اقتصاديًّا كالخياطة والتجميل، والأشغال اليدوية”.
وقد أصبحت افتخار عضو في اللجنة المجتمعية لمديرية صالة؛ نظرًا لنشاطها المجتمعي في هذا العمل الإنساني. وتعدّد افتخار العوائق التي تقف أمام عملها بقولها :”نعاني من قلة الدعم وكثرة المحتاجين إليه، لكنني اخترت هذا العمل انطلاقًا من شعوري بالمسؤولية تجاه مجتمعي، وأطمح في بناء مشروعات تنموية؛ حتى يصبح المجتمع مؤمَّن من ناحية الأمن الغذائي، بالإضافة إلى التركيز على المعلمين المتطوعين نظرًا لنزوح أغلب المعلمين الأساسيين من محافظة تعز إلى محافظات أخرى، فلولا المتطوعون لتوقفت العملية التعليمية”.
مزرعة المانجو والجوافة
التحق منير قاسم بالعمل في مزرعة والده منذ نعومة أظفاره، ويعد ذلك جزءًا من هويته التي تسعده وتشعره بالفخر، ومع التحاق منير بقسم الإعلام في جامعة صنعاء إلا أنه لم يترك المزرعة في قريته بـ (حزم العدين، محافظة إب) فيأتي في كل عطلة ليرعاها ويصلح ما أفسده غيابه عنها.
يقول منير :”مزرعتي تنتج سنويًّا قرابة الـ 1200 سلة من المانجو ومثلها وأكثر من الجوافة، وإذا حظيت باهتمام أكبر ستنتج أضعاف ذلك”.
ويضيف منير قائلًا: إن الأمن الغذائي لن يتحقق في اليمن إلا إذا اتَّجه الشعب نحو أرضه الكريمة، وإن مزرعته وحدها تكفي لتغطية سوق شعبي كاملًا وتبلغ مساحتها 50 قصبة تقريبًا، فكيف بالمزارع الواسعة التي تنتج غلالًا من المزروعات بأنواعها.
ويعزي منير أسباب معاناته في أرضه إلى مجموعة من الأسباب هي ضعف الإمكانات، وانشغاله بالدراسة واهتمام والدته المسنة بالمزرعة في غيابه، أيضًا شحة المياه في أثناء الشتاء؛ ما يجبره على ترك الأرض والاهتمام بها صيفًا بسبب الأمطار.
لكن منير يطمح بعد تخرجه في الجامعة أن يعود نحو أرضه ويهتم بها جوار مزارع عديدة للحبوب، تعود ملكيتها لعائلته كأجير لديهم، ويقول: “لا يهم من يعمل مع من، الأهم ألا نترك أرضنا تموت”.
مزرعة الخيار
قرر فؤاد عبدالخالق (من مديرية السياني محافظة إب) مغادرة عمله في محافظة مأرب والعودة لإنشاء محمية زراعية في إحدى أراضي عائلته المهجورة وذلك بعد تخرجه في جامعة إب.
يتحدث فؤاد عن بداياته بالزراعة قائلًا :”كنت في البداية مدينًا لنساء العائلة بالذهب، وقد زرعت أرضي بعد استصلاحها لأقضي ديوني خلال عام واحد، مزرعتي اليوم أكثر إنتاجًا من ذي قبل لاهتمامي المستمر بها”.
ويواصل سرد معاناته موضحًا: “أراني أعمل جاهدًا على تحقيق الأمن الغذائي لبلدتي بتوفير كفايتها من الخيار والطماطم، وإنتاجي السنوي يغطي حاجة كبيرة للسوق المحلية بخاصة بعد أحداث الصراع التي قلصت من الاستيراد، والإنتاج المحلي على حدٍّ سواء”.
و يأمل من الجهات المختصة أن تدعم المزارعين بالأسمدة الضرورية، وأن تخفف من حدة الضرائب المفروضة عليهم، كما يتمنى من أصحاب مشروعات المياه أن يخفضوا من أسعار مياه السقي.
مجلس الكوثر التنموي
عملت نجيبة عقلان سعيد رئيسة لمجلس الكوثر التنموي بتعز، بعد أحداث النزاع في اليمن، فقد شعرَت نجيبة بالحزن للوضع الذي وصلت إليهِ البلد، من انعدام لأي مقومات الحياة وكذلك حاجة الناس لأبسط الأشياء الأساسية؛ لذلك خرجت لتلتمس وتبحث عن المنظمات الفعالة في تعز بعد أن أعدّت قاعدة بيانات للأسر المحتاجة في منطقتها وتوجهت نحو كل المنظمات والهيئات والسلطة المحلية أيضًا.
تقول نجيبة : “تجاوَب بعضهم وصدَّني آخرون لكنّي لم أيْئَس؛ فقد حاولتُ توفير المياه الصالحة للشرب لحارتي عبر خزانات عامّة لمرتين أسبوعيًّا، وأوجدنا لهم السلَّات الغذائية التي سدّت ثغرة إنسانية عظيمة لمن عايش الوضع بيننا”.
وأفاضت في حديثها، فقالت: إن ضعف الأمن الغذائي أتى نتاجًا لدور الدولة الهش، وعدم توعية الناس بأهمية زراعة الأرض بمحاصيل الحبوب الطبيعية، واعتمادهم على أنفسهم بتوفير المحاصيل الجيدة من أرضهم.
أما ما تقدمه المنظمات – حسب نجيبة- فهو قطرة في بحر، ولا يفي بحاجة الأسرة طوال الشهر، فضلًا عن الأسر المتعففة التي لم يصلها أيُّ دعم، لكن مجهوداتها ذات قيمة ومحل تقدير.
وتشير:” واجهتُ صعوباتٍ كثيرة وتجاوزت أكثرها، منها وعود المنظمات التي لم تتحقق حتى يومنا هذا والتي تعرضني لإحراج أمام المجتمع المتأمل بي خيرًا”.
70% يؤكدون أن استمرار الصراع يعد من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في تحقيق الأمن الغذائي
أوضحت نتائج استطلاع الرأي العام التي نفذته إدارة الأعلام التابع لمركز يمن انفورميشن سنتر ل…