الزيدية في سطور: رحلة في الجامع الكبير مع الشيخ الراعي
صوت الأمل – رجـاء مكـرد
في زيارة لـ (صوت الأمل) لأشهر معلم ديني في صنعاء (الجامع الكبير) التقينا (بالمفتي الشيخ: عبد اللّه الراعي) الذي قاد الصحيفة في رحلة للتعريف بالمذهب الزيدي، الذي تتبعه بعض المحافظات الشمالية في اليمن، فإلى تفاصيل الرحلة:
إن الزائر للجامع الكبير بصنعاء، المُزيَّن بخيوط الشمس البرتقالية، التي تعبُر زجاجات النوافذ والأبواب لتُضيء الجامع، يجدُ حلقاتٍ عدة للذكر والحفظ والدروس الدينية منها خاصة للرجال يديرها أئمة متخصصون: منهم مفتي الجامع الكبير (الشيخ عبدالله حسن الراعي) وحلقات ذكر أخرى خاصة بالنساء.
نبذه عن الشيخ الراعي
الشيخ الراعي: من مواليد صنعاء القديمة، تلقى تعليمه الديني في المعلامة (أماكن الدراسة قديمًا وتسمى: الكتاتيب) على أيدي كثير من علماء المذهب الزيدي مثل: عبدالله الحيمي، محمد حسين عامر.. ودرس العلوم الشرعية عند: المشايخ حمود بن عباس المؤيد، علي عبدالحميد الوجيه، مطهر عقبات، محمد بن محمد إسماعيل المنصور، علي بن أحمد الشامي، وأيضا عند مفتي الجمهورية السابق محمد أحمد الجرافي وإمام العلماء: محمد بن أحمد الكبسي، و بحر العلوم: أحمد بن لُطف الديلمي.
ظهر المذهب الزيدي في منتصف القرن الثاني الهجري، وهو احدى الطوائف الدينية الإسلامية التي تُنسب إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، تُسمى أحيانًا بالهادوية وهي تسمية خاصة بالفرع الوحيد المتبقي داخل الزيدية نسبة للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الرسي الهاشمي الذي حارب القرامطة وعقدت له الإمامة في اليمن.
يقول المفتي عبدالله حسن: أن المذهب الزيدي، هو المذهب الذي لا يتحجر على أقوال البشر.. وإنما هُناك قواعد، منها: من جاء كلامه على منوال هذه القواعد، تم أخذه سواء كان قول الإمام زيد أو أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد ابن حنبل، أو داوود الظاهري.
ويضيف: ان علماء المذهب الزيدي يعتمدون على قاعدة: ما وافق القرآن الكريم قُبل، وما ناقضه رُدّ كائنًا من كان مصدره: لا تعصب مع طرف دون آخر؛ لأن أول وآخر البشرية.. في محل خطأ وصواب ما عدا الأنبياء.
ويشرح الراعي: تجد مثلا في الفتاوى والمسائل والاختيارات والاجتهادات.. بعض المذاهب تجد هذا صح عنده هذا الحديث، وهذا لم يصح عنده، وهذا يستحسن الحديث، وآخر تكفي عنده (غلبة الظن) وعلى هذا المنوال، تفرعت هذه المسائل.. والمذهب الزيدي يقول: هذا رأيي، بما أستطيع وبما أقتنع بأنه الأصح: سواء كان عند أبي حنيفة أو الشافعي وهكذا، المذهب الزيدي لا يشنِّع على أحد، يقول: الكل مُصيب.
ويُمثل المفتي الراعي دور المذاهب بـ (المشروع) فمثلًا: مشروع المياه، بئر ارتوازي تضخ: هذا معه من هذه الجهة، وهذا معه من جهة ثانية.. الجميع كلهم إلى مورد واحد، وهو من رسول الله (ص) الكل مسقاه من هذا الكتاب، وما صح من أحاديث النبي محمد.. لكن التنقية للأحاديث، مرجعها القرآن الكريم.
يواصل المفتي الراعي حديثه: أن المذهب الزيدي يدعو للرحمة، إلا في ثلاثة مبادئ – يضع عليها خطوط حمراء- وهي: العدل- التوحيد – عدم الجرأة على الله فلا تمثيل ولا تشبيه.
وحول ما إذا كان الجامع الكبير خاصًّا بالمذهب الزيدي (كمعلم ديني أم لا) أجاب المفتي الراعي: المساجد لله؛ فالمسجد لتنوير الناس، سواء: للعُبّاد، لطلبة العلم، لمشايخ القرآن، لكثير من رواد المعرفة، الفكر، التاريخ، الفلسفة، والأدب، والشعر، واللغة، والأصلين أصول الفقه وأصول الدين، ولجميع الناس؛ لأن هذا الجامع بُني بأمر النبي، فهو معلم تاريخي لأهل اليمن كلهم من جميع المناطق ومن جميع الفئات، ليس محصورًا على أحد.
وعن أهم النقاط التي يتميز بها المذهب الزيدي قال الراعي: المذهب الزيدي لا يتعايش مع الظلم، كأن يتحجج أحد بشواهد من القرآن- وهو مخالف له- أو من الإسلام وهو مخالف للإسلام، ويحث الناس على أن يقولوا لا للظلم وأن يكونوا مع الصادقين القائمين بالعدل.
وعن تعايش المذهب الزيدي مع باقي المذاهب، يقول المفتي الراعي: أن المذهب الزيدي سماحته مشهود لها منذ أكثر من ألف و 200 عام.
وحول نظرة المذهب الزيدي للتعامل مع الآخرين، يقول المفتي حسن: المذهب لا يفرض على أحد قانونًا، إلا قانون العدالة المستقاة من الإسلام.. أما من الباب الشخصي مثل: الصلاة والعبادات الأخرى فكل فرد لهُ الحرية المطلقة.
أما عن عادات الزواج في المذهب الزيدي، يقول المفتي عبد الله الراعي: إن المذهب الزيدي لابد من وجود الشهود عند الزواج، والولي وأن تكون المرأة راضية، وأن تكون ممن أجاز الشرع.. هذه كلها من القرآن.
قبل المغادرة يؤكد مفتي الجامع الكبير بصنعاء: أن أكثر المذاهب شيوعًا في اليمن، هما المذهبان: الزيدي والشافعي ثم الحنفي والإسماعيلي. ويقول ان جميع المذاهب في اليمن كانت متعايشة؛ لأنهم لم يخرجوا عن الكتاب والسنة النبوية.
في استطلاع خاص (بصوت الأمل) مواطنون يؤگدون أهمية الدولة المدنية؛ من أجل حرية المذاهب!
شدد مواطنون يمنيون على «أهمية إقامة نظام دستوري، عبر تحديد قوانين معينة، تكفل حرية ممارسة …