المصالحة الوطنية: ضرورة ملحة، أم ترف سياسي؟
(الدكتور: علي محمد الزنم: عضو مجلس النواب) يقول: لا شك أن أول الطريق – إلى إسكات البندقية، وإحلال السلام الشامل والعادل – يبدأ بالمصالحة الوطنية، التي تخدم المرحلة، وتعد من ضمن الخطوات، التي تثبت حسن النوايا لدى جميع الأطراف.
ويضيف: بمعنى أدق، فالمصالحة التي نريدها الآن – في ظل الحرب والاقتتال بين الإخوة من جهة، ودول التحالف من جهة أخرى – هي القبول بالجلوس (إلى طاولة واحدة) للحوار الجاد، والقبول بوجهات النظر المختلفة، وعمل (مقاربة) لها، وتقديم تنازلات من كل الأطراف.. كل ذلك يصب في المصالحة الوطنية؛ لخلق وطن آمن.. لأنه – لظروف معينة – قد تنتهي الحرب بدون مصالحة وطنية.. لكن الوضع يظل مرشحًا للانفجار في أي وقت؛ باعتبار أن المصالحة الوطنية غائبة تماما بين أطراف النزاع.. لافتا إلى أن نجاح المصالحة الوطنية سيكون له (تأثير إيجابي) وسيخلق مناخًا آمنًـا ومستقرّاً، وسيزيد من تعزيز الثقة بين المتصارعين، وتهيئة الوطن لمرحلة سلام مستدام.. ويؤكد: بغير المصالحة الوطنية – ونسيان الماضي أو استدعائه في خلافاتنا – فلا شك سيحدث شرخ في اللحمة الوطنية، يصعب التعافي منه.
والخلاصة: أن المصالحة الوطنية – خاصة في الوضع الراهن – ضرورة ملحة، وستفضي – في حال نجاحها – إلى إحلال السلام، وإنهاء الحرب، وإعادة بناء الدولة والمجتمع.. على أسس: التصالح، والتسامح، وطي صفحة الماضي وكفى.
الدعوة الى مصالحة وطنية تأخرت، لكنها...
(عارف عبد السلام: عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني) يؤكد: ليس لدى اليمنيين من خيار، سوى حل مشاكلهم بأنفسهم.. والرهان – على الخارج – لن يجدي.. وهو رهان خاسر.. ويجب الارتقاء بمسؤوليتنا إلى المستوى الوطني.. وبغير ذلك، فلن يتمكن الآخرون من مساعدتنا، ما لم نمتلك نحن القناعة والإرادة.. لمساعدة أنفسنا.
ويضيف: كل حوار وطني – في أي بلد – يفترض أن يكون له ثوابت وطنية (بين الفرقاء أنفسهم) بحيث يتم تمثيل إشكالياتهم وخلافاتهم الحقيقية؛ حتى يتم العمل على زحزحة الأمور، وعمل الحلول اللازمة.. لكن الإشكالية الأساسية، هي التدخل الخارجي في الحوار، ودعوات المصالحة بين الفرقاء.. وهذا التدخل، يعقد المسألة، ويطيل من أمد الصراع.
ويشير إلى أن الدعوة إلى مصالحة وطنية، قد تأخرت كثيرا.. وكان يفترض أن يكون للأحزاب السياسية موقف: في الدعوة إلى المصالحة، وإخراج البلاد من الأزمة.. والآن يجب على الأحزاب إعادة صياغة منظوماتها القيادية؛ لأنه ما زال لديها ارتباط بالمفهوم الوطني، وتقديم رؤي معينة بصدق وإخلاص.. ويواصل: المصارحة، قبل المصالحة: يتم التوافق أولا على مسميات (حقيقة) والحوار حول قضايا (أساسية) بدلا من الدوران في مسميات، تخدم الخارج أكثر، وعلى القيادات، أن تختار من يمثلها بشكل صحيح.
ويستطرد: إذا حصل توافق حول مبادئ وثوابت وطنية – يعود إليها الجميع – فهذا شيء جيد، يختصر كثيرًا من الإمكانيات، ويعيد لحمة الصف.. ولابد من اختيار قيادات – من الأطراف والأحزاب – تكون بمستوى المسؤولية، والفهم والإدراك.. من أجل إيجاد حلول للإشكاليات، واخراج البلاد من الوضع الحالي.. أما في حال وجدت المصالحة – ومن يمثل الأحزاب والأطراف غير مدركين للوضع – فإننا بذلك نكرر تجربة الحوار الوطني، التي فشلت!
ويشدد على أهمية الحوارـ وجعل مصلحة الوطن (أولا) بعيدَا عن المصالح الحزبية والشخصية.. فإن التعقيد يكمن في أن الأحزاب السياسية لم تقدم أولا مصلحة الوطن.. لافتا إلى أن هذه المرحلة الحرجة، هي التي ستفرز أصحاب (الضمائر) ومن لهم – ولو قليل – من الانتماء لوطنهم: إرادة، وفعلا، لا شعارات.. ومن الضروري الاستفادة من أخطاء التجربة الداخلية السابقة ومآلاتها.. وكذا مما يدور ويدار – في سوريا وغيرها – كي نضمن عدم تكرار ألاعيبها، ونتائجها المدمرة.. على البلاد، وعدم الخروج من الأزمة، إلا بتوافق سياسي.
ويشدد: ليس ثمة من حل سوى الوقوف بصدق، و مراجعة وتقييم حقيقين لكل المسارات السابقة، واستشراف للقادم: فالمسئولية تقع على عاتق الجميع.. والتاريخ لن يرحم أحدًا.. واليوم علينا أن نقرر: ما الذي سنتركه للأجيال القادمة، وبماذا سيصفوننا؟ ونحن من يحدد ذلك.. فهل نخرج – من ذواتنا المريضة – إلى رحاب الوطن، والأمة الأوسع؟.
في السياق (الدكتور: خالد قاسم: جامعة صنعاء) يقول: الحرب أداة من أدوات السياسة.. ولن تنتهي إلا بمصالحة، ولن تردم الشرخ الاجتماعي، إلا مصالحة (حقيقية).
ويتساءل: ترى من الذي بيده إنجاز المصالحة؟ وإلى أي مدى الأطراف اليمنية قادرة على ذلك؟ وما مدى رغبة الفاعلين الإقليميين والدوليين في إنجازها؟ ويضيف: لن تكون لُحمة وطنية؛ إلا بمصالحة عادلة، وشاملة، دون استثناء لأحد.. مالم، فلن تكون لُحمة من الأساس.. وأي تسويات (ناقصة) هي فقط ترحيل للحروب للمستقبل، أو سلام (زائف موقت).
حان الوقت لإجراء المصالح الوطنية
في السياق (الكاتب الصحفي: فتحي بلزرق) يقول: بعد ست سنوات من الحرب.. حان الوقت لإجراء المصالح الوطنية، وبدء حوار سياسي يمني _ يمني بين الأطراف المتصارعة: دون استثناء، ودون أي شروط مسبقة.
ويضيف: جميع الأطراف – بما فيها الحوثي، والإصلاح والمؤتمر والانتقالي – يجب أن تجلس لإجراء (حوار سياسي وطني) للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.. وبشرط: ألا تكون ثمة (إملاءات أو أجندات خارجية) لأن الأطراف المتصارعة – في اليمن – لن تتوصل لأي تسوية سياسية أو مصالحة وطنية.. في حال لم تصدق النوايا، وظل التدخل الخارجي قائما: فقد شهدنا مفاوضات سياسية مختلفة في: الكويت وجنيف وعُمان.. لكن لم يتم الخروج بأي نتائج، من شأنها التوصل إلى حل سياسي لإخراج اليمن من الوضع الحالي.
نحن بحاجة إلى مصالحة وطنية
ويؤكد: نحن فعلا بحاجة إلى (مصالحة وطنية) والمصالحة الوطنية، بحاجة إلى حوار سياسي (يمني _ يمني) يفضي إلى تسوية كافة الملفات، خصوصا أن – بعد ست سنوات – بات واضحًا وجليا.. أن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية.. وبالتالي فنحن بحاجة إلى انتهاج سلام جديد، ودعوة إلى حوار بين كافة المكونات السياسية اليمنية.. ونحن نرى ما أنتجت الحرب من أوضاع إنسانية صعبة، وتدهور للعملة والاقتصاد.. أما على المستوى العسكري، فلم يتحقق شيء؛ ولذلك فلا حل أمام اليمنيين، سوى (التسوية السياسية الشاملة) في اليمن دون استثناء.
ويلفت بلزرق إلى أن الحل في اليمن، لن يكون إلا بالحوار اليمني _ اليمني.. من غير تدخل أي طرف خارجي على الإطلاق.
تحقيق السلام العادل والمستدام
من جهتها ( لمياء الارياني: رئيسة منظمة مدرسة السلام) تقول: بعد ست سنوات – من الحرب والدمار للبنية التحتية لليمن، وانتهاك كرامته، وحقوق شعبه – يبدو جليا: ألا منتصر في هذا العبث، وأن جميع الأطراف تخسر – كل يوم – كثيرا من الدماء والمكاسب.
وتؤكد: المصالحة الوطنية – المتضمنة لرؤية وطنية عادلة وشاملة للبلاد، في كل القطاعات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية – هي الخلاص للشعب؛ من أجل الاستقرار، وتحقيق السلام العادل الإيجابي والمستدام.. شريطة أن تكون المصالحة الوطنية، جادة، وصادقة النوايا.. وضمن الثوابت الوطنية، وتطبيق الدستور، وسيادة القانون.. ويجب أن تجمع كل الأطراف، ولا تستثني أحدًا.
وتضيف: لكي تتحقق المصالحة الوطنية، لابد من قناعة تامة – لدى جميع الأطراف – أن اليمن للجميع.. وأن من حق باقي شرائح المجتمع – التي لم تشارك في الحرب – أن تنعُم بالسلام.. وتشير إلى أهمية أن يؤمن أطراف الصراع (بالتداول السلمي للسلطة) والاقتناع أنها ليست حكراً لأحد تحت أي مبرر: جغرافي أو حزبي أو عقائدي.
وتلفت إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية، وترك الإقصاء السياسي، ونزعة الثأر والانتقام.. وذلك من خلال (ضمانات دستورية وسياسية) والدعوة للتسامح، ونسيان تراكمات الماضي المؤلم؛ من أجل مصالحة وطنية فاعلة.
وتتمنى لليمن، الخلاص من الحرب المدمرة، والتوصل إلى السلام العادل والمستدام.
عدالة تصالحية للجميع
إلى ذلك (ثريا دماج: كاتبة صحفية يمنية) تقول: المصالحة الوطنية، مصطلح واسع فضفاض، يأتي بأكثر من معنى، وله عديد من المرادفات: كالتوفيق بين الأطراف، وإعادة العلاقات.. مثلما له صلة بعدد من المفاهيم مثل: الاعتذار، التسامح، العفو، بناء السلام، التعايش السلمي، العدالة الاجتماعية، جبر الضرر.
وتضيف: المصالحة – التي يمكن أن تطبق في دولةٍ ما – قد يصعب تطبيقها – بنفس الشكل والقدر – في دولة أخرى؛ وذلك نتيجة لاختلاف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. بين المجتمعات والدول.
وتشير إلى أن المصالحة الوطنية تُعرّف بشكل مبسط بأنها “عملية للتوافق الوطني، تنشأ – على أساسها – علاقة بين الأطراف السياسية والمجتمعية.. قائمة على: التسامح والعدل وإزالة آثار صراعات الماضي؛ لتحقيق التعايش السلمي بين أطياف المجتمع كافة.. بما يضمن الممارسة الصحيحة للديمقراطية، من خلال آليات محددة، ووفق مجموعة من الإجراءات.
وتواصل: المصالحة الوطنية، يجب أن تضمن عدالة تصالحية للجميع، تبدأ بتنفيذ اتفاقات سلمية – على الأرض – من أجل إنهاء الحرب، وإحلال السلام.. وذلك لا يتم؛ إلا من خلال حوارات سياسية، تحتكم للمرجعيات الثلاث.. وفي كل الأحوال، فإن المصالحة الوطنية، يجب أن تكون؛ لإنهاء الحروب، وتحقيق العدالة، وجبر الضرر.
المصالحة الوطنية، مشروع وطني جامع
من جهتها (مليحة الأسعدي: ناشطة وشاعرة:) تقول: المصالحة الوطنية تأتي كمشروع وطني، جامع لكافة الأطراف المتنازعة.. وهو أولوية لإيقاف الحرب في اليمن؛ إذ لا يمكن بدء هذا المشروع، قبل نزع السلاح، أو – على الاقل – خفض السلاح، ونهج سلوك الحوار.. الذي يفضي إلى المصالحة الوطنية الشاملة.. التي تحفظ للناس تعايشهم، تحت مظلة وطن واحد.
أما (الدكتور: فؤاد سعدان: جامعة صنعاء) فيقول: بدون شك، لو كانت مصالحة وطنية، ما وصلنا لهذا الحال.. ولكن للأسف، عند فرقاء السياسة في بلادنا: لا مصالحة وطنية، ولا مصالحات.. كلهم تجار حروب.
في حين (ابتسام الباشا: طالبة ماجستير) تقول: المصالحة – بين مختلف الأطراف السياسية – ضرورية لتوحيد الرؤى، وتقريب وجهات النظر.. على نحو يصب في تحقيق مصالح الشعب، والفئات التي تمثلها تلك الأطراف.. ما يؤدي – في النهاية – لتحقيق المصلحة النهائية، والغاية الكبرى.. وهي: إيقاف الحرب، وسد أي ثُغرة من شأنها أن تسمح لأي طرف – خارجيًّـا كان أو داخليًّـا – بإطالة أمد هذه الحرب، التي أصبحت آثارها السلبية، تتجاوز الداخل؛ لتمتد للخارج.
تقديم التنازلات – من كل الأطراف – لعودة اللحمة الوطنية
فيما (الناشطة المجتمعية: غناء الحميري) ترى ضرورة جلوس جميع الأطراف إلى طاولة واحدة؛ بهدف المصالحة والتصالح.. بعيدا عن المماحكات السياسية، وتقاسم المناصب.. والتفكير بهم وطن ومصالحة حقيقية؛ للخروج بنتائج مثمرة، وفق خطة استراتيجية، مبنية على المشاركة السياسية، وتقديم التنازلات من كل الأطراف.. بهذا تعود اللحمة الوطنية، كما كانت في السابق.
تجاوب كامل: من جانبه (الشيخ: محمد طاهر أنعم: عضو الهيئة العليا لحزب الرشاد) يقول: كل ما يريده الشعب: أن يكون مشروع حقيقي لمصالحة وطنية، تفضي إلى حل سياسي، لصالح الشعب اليمني، وتحت سقف السيادة اليمنية الكاملة: سيادة اليمنيين (كل اليمنيين) على أرضهم.. دون تدخل من أي قوى إقليمية أو دولية أو غيرها.
حوالي 90% من المواطنين يؤكدون أهمية تحقيق المصالحة الوطنية في اليمن
أكد ما يقارب 90% من المواطنين اليمنيين، أهمية تحقيق (المصالحة الوطنية) لحل الأزمة اليمنية …