المصالحة الوطنية في اليمن.. نظرة تاريخية
صوت الأمل – منال أمين
إن المصالحة الوطنية ليست وليدة اللحظة أو الصراع الحالي, بل لها تاريخ قديم إلى حد ما.. أسهم في رسم ملامح الدولة الديمقراطية، التي تهدف إلى تحقيق الأمن والسلام والشراكة بين أبناء البلد الواحد.. وفي اليمن دعوات المصالحة، كانت عديدة من أبرزها: المصالحة الأولى: مؤتمر حرض، الذي تم عقده تطبيقا للبيان السعودي المصري في23 نوفمبر 1965 بين جانبي الصراع في اليمن (الجمهوريين والملكيين) في أحداث (ثورة 26: سادس وعشرين سبتمبر) تحت رعاية مصر والسعودية .. إلا انه – بعد شهر من المفاوضات فقط – فشل المؤتمر، وتجدد القتال بين الجمهوريين والملكيين.. وبعد ذلك، صدر قرار جمهوري، بإنشاء (مجلس الشورى) وكان يتألف من (160 عضوًا) يمثلون محافظات اليمن المختلفة؛ بهدف حشد الجماهير، وقوى المشايخ لمواجهة التحركات والضغوط الخارجية.. المصدر: (موسوعة المحيط 2017).
المصالحة الثانية: في عام 1970، تمت مصالحة وطنية بين النظام الجمهوري الحاكم في صنعاء ورموز من مؤيدي النظام الإمامي الملكي.. تم بموجبها استيعاب عدد منهم في أجهزة الحكم الجمهوري، بشرط: إيقاف الدعم الخارجي والتمرد المسلح.. المصدر: (شيء من تاريخ المصالحة الوطنية: 2013) مقال لناصر يحيى.
اتفاقيات بين شطري اليمن
المصالحة الثالثة: توالت الأحداث بمرور العقود، وأثناءها كان لليمن تاريخ مع المصالحة الوطنية؛ إذ حدثت مناوشات بين (شطري اليمن: الجنوب: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والشمال: الجمهورية العربية اليمنية) في 1972 و1979.. تبع ذلك مصالحة وطنية، مرت بالمراحل الآتية:
المرحلة الأولى: اتفاقية القاهرة بين البلدين في (28 ثامن وعشرين أكتوبر 1972) وفيها تم الاتفاق على عدة خطوات (تأسيسية) للوحدة اليمنية.
المرحلة الثانية: اتفاق الكويت 1979 بين الدولتين، وقد نص على وحدة فيدرالية ( حكومة في صنعاء وأخرى في عدن) المرحلة الثالثة: في نوفمبر 1989، وإذ ذاك تم التوقيع على اتفاقية، تقضي بإقامة (حدود منزوعة السلاح) بين البلدين، والسماح للمواطنين – من الدولتين – بالتنقل، فقط بالبطاقة الشخصية.
المرحلة الرابعة: إعلان الوحدة رسميا في 22 ثاني وعشرين مايو 1990.
اتفاقية الأحزاب والبرلمان
استمرت في اليمن مساعٍ كثيرةٌ لتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.. فقد خاضت الأحزاب اليمنية – في الفترة (2007 – 2011) – حوارات عديدةً، تم فيها التوصل إلى عديد من الاتفاقيات، التي تهدف بالأساس: إلى تحقيق (المصالحة الوطنية الشاملة) ففي (19 تاسع عشر مارس 2007) بدأت سلسلة مشاورات وحوارات .. تم خلالها إقرار تشكيل لجنة لجدولة أعمال جلسات الحوار اللاحقة، وترتيب أولويات القضايا.. إذ وقع في 16 سادس عشر يونيو 2007 (اتفاقية) سميت (وثيقة قضايا وضوابط الحوار بين الأحزاب المشاركة في البرلمان) وتضمنت قضايا الحوار:1- الإصلاحات الدستورية 2- وتطوير نظام السلطة المحلية 3- والنظام الانتخابي 4- والقوانين الخاصة بالحقوق والحريات.. وكذلك الحوار حول المعالجات الضرورية لآثار الصراعات السياسية، والقضايا الاجتماعية التي تعيق مسيرة التطور والنمو.. وشهد عام 2008 جولات حوارية متقطعة، حول الإصلاحات الانتخابية، ومشروع التعديلات الدستورية.. وفي فبراير 2009 وقعت أحزاب البرلمان اتفاقية، عرفت (باتفاق فبراير) لإتاحة الفرصة أمام مساعي الحوار، الذي أسفر عن التمديد لمجلس النواب سنتين إضافيتين، لتتأجل الانتخابات النيابية إلى 27 سابع وعشرين أبريل 2011، على أن يتم – خلال السنتين – مناقشة التعديلات الدستورية اللازمة، والنظام الانتخابي، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات؛ وفقًا لما ينص عليه القانون.. المصدر: (موقع وزارة الخارجية اليمنية، المؤتمر والمشترك (5) اتفاقيات نسخة محفوظة 01 مايو2017).
كما شهد شهر مايو 2009 انعقاد (ملتقى التشاور الوطني في صنعاء) الذي خرج بوثيقة عرفت بـ (الإنقاذ الوطني ) التي قدمت تشخيصاً لجذور الأزمة في اليمن، وقدمت الحلول والمعالجات لها.. وخطط الانتقال إلى تأسيس الدولة ومؤسساتها.. الأمر الذي تمخض عنه اتفاق (حزب المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك) على تشكيل لجنة مشتركة مكونة من (200 عضو) لإطلاق آليات الحوار تنفيذًا (لاتفاق فبراير 2009) واستكمال التشاور مع بقية الأحزاب، والقوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني.. المصدر: موقع (مارب برس: البيان الختامي الصادر عن دورة اللجنة التحضيرية للحوار الوطني نسخة محفوظة 6 سادس مارس 2016) و نص المحضر المشترك لتنفيذ اتفاق فبراير بين المؤتمر والمشترك 17 سابع عشر يوليو 2010 نسخة محفوظة 16 ديسمبر2019).
مؤتمر الحوار الوطني
ومع استمرار كافة فرقاء اليمن لحل التحديات – التي تواجه العمل المشترك، لتحقيق التنمية والاستقرار المنشود وتعزيز الأمن والأمان – جاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي يعتبر من أهم المراحل، التي أسهمت في توحيد كافة الرؤى بين أبناء الوطن الواحد في مختلف القضايا.. فقد تم التحضير والإعداد له بعد مراحل طويلة.. وذلك بعد (ثورة الشباب) في 2011 .. إذ بدأ أولى جلساته في 18 ثامن عشر مارس 2013 بصنعاء، تحت شعار “بالحوار نصنع المستقبل” واستمر لمدة عشرة أشهر حتى 25 يناير 2014، وخلال تلك الفترة، تم إعلان (الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار ) وسط حضور دولي وعربي كبير المصدر: (موقع سبأ نت، حول قرار رئيس الجمهورية بشأن النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل تاريخ الولوج 18 مارس 2013م نسخة محفوظة 08 أغسطس 2017).
عاشت اليمن – خلال ما بعد ـ إعلان الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار، وإلى الآن – مرحلة صعبة من كل النواحي: الأمنية والاقتصادية والسياسية وكذا الإنسانية.. بسبب وقوع نزاعات بين الفرقاء.. ما أدى إلى وقوع انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان، دفع ثمنها المواطن المدني .. الأمر الذي وجب إطلاق قرارات – من كل الأطراف المتنازعة في اليمن – لضرورة تنفيذ مصالحة وطنية..
مشروع قانون العدالة
جاء مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لسنة 2013 – ضمن ما يتضمنه دستور الجمهورية اليمنية ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية – كقرار رئاسي يهدف إلى (وضع نهاية لأسباب الانقسام والصراع بين أفراد المجتمع اليمني) وإدراكًا للمعاناة التي تعرض لها كثير من أفراد المجتمع نتيجة للصراعات السياسية في الماضي والحاضر، جرى التأكيد على ضرورة قيام الانتقال السياسي في اليمن على أساس قيم التسامح والصفح.. بالإضافة إلى الإسهام في تنمية وإثراء ثقافة وسلوك الحوار.. وإرساء مقومات المصالحة وبناء الدولة المدنية: دولة الحق، والقانون، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، ومحو آثار انتهاكات حقوق الإنسان، والحيلولة دون تكرارها مستقبلا.
فريق المصالحة الوطنية
كما أصدر في العاصمة صنعاء (المجلس السياسي الأعلى: التابع لجماعة أنصار الله (الحوثيين)) ، القرار (رقم 154 لسنة 2019) “بتشكيل فريق المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي” كنموذج للمصالحة الشاملة في اليمن.. وقد نص على أن يضم (20 شخصية يمنية) بهدف تعزيز التواصل والتنسيق للعودة إلى صف الوطن الواحد.
حوالي 90% من المواطنين يؤكدون أهمية تحقيق المصالحة الوطنية في اليمن
أكد ما يقارب 90% من المواطنين اليمنيين، أهمية تحقيق (المصالحة الوطنية) لحل الأزمة اليمنية …